تركيا في المعادلة السورية ومستقبلها

تُعَدّ تركيا الحديثة، التي نشأت عام 1923 على يد الثالوث البريطاني الفرنسي اليهودي بعد انهيار الدولة العثمانية على يد جمعية الاتحاد والترقيّ، الطريق المؤدّية إلى إنشاء دولة إسرائيل في فلسطين؛ فهي أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل بعد أقلّ من سنة من قيام الدولة الإسرائيلية، وأول رئيس إسلامي يعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل هو أردوغان. فالجمهورية التركية الثانية (جمهورية (AKP) بزعامة أردوغان قد نشأت على يد الثالوث البريطاني الأمريكي الإسرائيلي، ولخدمة أجندتهم.
أمّا الخلافات بين تركيا وإسرائيل حول ملفات شرق أوسطية، فما هي إلّا خلافات حول المصالح وزيادة الحصص ومناطق النفوذ؛ وما تصريحات أردوغان المناهضة لإسرائيل أو الداعمة للعرب والقضية الفلسطينية أو المسلمين إلّا بروباغندا تخدم أجندته العثمانية في المنطقة.

كما أن تركيا تُعَدّ ثاني أقوى قوة عسكرية في حلف الناتو، ورغم تدخّلها في الشؤون الداخلية للدول الإقليمية، والذي يُظهر مدى قوّة نفوذها، إلّا أنّها تُعتبَر الحلقة الأضعف في النظام العالمي لما تعانيه من هشاشة داخلية نتيجة العداء ضد الكرد وضعف اقتصادها؛ فالجمهورية التي وُجِّهت في مرحلة التأسيس صوب الحرب المناوئة للكرد على يد الإنكليز، سوف تجد نفسها في خِضمّ مأزق خانق أشدّ حدّة من خلال عدائها للكرد، والذي يُوجَّه ثانية من الإنكليز وبمعية حليفتها أمريكا.

إنّ تصريحات ترامب واللقاءات التي أجراها مع بعض رؤساء الدول، وبالأخص في الشرق الأوسط، تعكس مدى اهتمام الإدارة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط، سواء لأهميتها الاستراتيجية في مواجهة التمدّد الصيني، أو للدور الإسرائيلي الجديد بعد السابع من أكتوبر، أو لارتباطها بمشروع الشرق الأوسط الكبير، ولاعتبارات شخصية متعلّقة بجائزة نوبل للسلام.

يحاول ترامب، وفق تصريحاته، إنشاء سلام دائم في منطقة تميّزت على مرّ العصور بأزماتها التي لم تنتهِ، لكن بشكلها الجديد (انتهاء مرحلة سايكس – بيكو).
وتأتي أزمة قطاع غزة في مقدّمة هذه الأزمات، حيث طرح ترامب خريطة سلام مكوّنة من عدة بنود، وبمشاركة الدول العربية، وبإشراف لجنة برئاسة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، وهذه اللجنة ستكون تحت إشرافه بشكل شخصي. كما تشمل الأزمات السورية واللبنانية والعراقية مرورًا بإيران وتركيا.

وفي المقابل؛ نجح أردوغان، وبعد عدّة محاولات، في لقاء الرئيس الأمريكي من أجل طرح مطالبه فيما يخصّ سوريا، وخصوصًا الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية؛ إلّا أنّ اللقاء لم يكن كما توقّعه أردوغان، خاصة بعدما اتّهمه ترامب بأنّه الشخص الذي لا يتفوّق أحد عليه في تزوير الانتخابات، وهي إشارة من ترامب إلى أنّ شرعيته موضع شكّ لدى الولايات المتحدة. كما لم يتم طرح موضوع سوريا باستثناء تصريح ترامب بأنّ أردوغان نجح في تحقيق حلمه في سوريا، وأنّه لعب الدور الرئيسي في إسقاط نظام الأسد، وأنّ تركيا سيطرت على سوريا عبر وكلائها (مرتزقتها من الفصائل المسلّحة). وقد يُفهَم هذا التصريح، بشكل غير مباشر، على أنّ تركيا مسؤولة عمّا يحدث من مجازر وانتهاكات بحق مكوّنات الشعب السوري.

لكن لدى تركيا مطامع في سوريا، وهي حليفة الولايات المتحدة في حلف الناتو، ولها دور لا يمكن إغفاله؛ فقد حاولت تركيا مدّ نفوذها العسكري في العمق السوري وجعل سوريا تدور في فلكها، إلّا أنّ ذلك قد جُوبه برفض إسرائيلي كبير وقصفٍ للمواقع التي حاولت تركيا إنشاء قواعد عسكرية لها فيها؛ حيث تعتبر إسرائيل ذلك خطرًا على أمنها القومي، إذ تدرك تمامًا مخاطر التمدّد التركي في العمق السوري والسيطرة على القرار السياسي والعسكري في سوريا، والذي لا يقل خطرًا عن التمدّد الإيراني.

لكن، وبما أنّ الدولتَين (التركية والإسرائيلية) تربطهما علاقات اقتصادية وعسكرية وأمنية متينة، فلا بدّ لإسرائيل والولايات المتحدة من أخذ ذلك بعين الاعتبار ومنح تركيا جزءًا من الكعكة السورية (الشمال السوري المحتل). لكن لا يمكن الحصول على شيء من دون مقابل.

الحرب الروسية – الأوكرانية

وفي تحوّلٍ مفاجئ وملفتٍ في النهج، صرّح ترامب بأنّه يعتقد أنّ أوكرانيا قادرة على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها روسيا، والتي تبلغ مساحتها نحو خُمس الأراضي الأوكرانية؛ وهذا التحوّل المفاجئ جاء بعد فشله في تحقيق السلام في أوكرانيا، وذلك حسب تصريحات سابقة له حول إمكانية إنهاء الحرب وتحقيق السلام مقابل تنازل كييف عن المناطق التي احتلّتها روسيا في شرقي أوكرانيا.
لكن، وبالنظر إلى خريطة الحرب الروسية – الأوكرانية، فإنّ قدرة الجيش الأوكراني على تحرير كامل مناطقه الشرقية المحتلة من الروس قد تبدو مستحيلة؛ إلّا أنّ ذلك ليس مستحيلًا في حال تلقّى الجيش الأوكراني دعمًا قويًا ومستمرًّا من حلف الناتو، لتغيير موازين القوى بين الطرفَين لصالح الجيش الأوكراني، واستعادة أجزاء من مناطقه المحتلّة.
لكن بالمقابل، لا يريد ترامب – حتى وإن صدرت منه تلك التصريحات التي فاجأت زيلينسكي – زيادة التصعيد العسكري ضدّ روسيا، ويرى أنّ قطع موارد موسكو سيكون أكثر فعالية لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ترى الولايات المتحدة أنّ تركيا تمتلك القدرة على إحداث تغييرات جذرية في الحرب الروسية – الأوكرانية، سواء بدعم كييف عسكريًا أو من خلال وقف شراء النفط والغاز الروسي وقطع موارد روسيا، وهو ما يعمل عليه ترامب بإجبار تركيا على تنفيذه، خاصة بعد توتّر العلاقات بين روسيا وتركيا عقب سقوط نظام الأسد في سوريا، واتهام موسكو لأنقرة بخيانتها في الملف السوري.

تركيا لا تستطيع المضيّ في سياستها البراغماتية باستغلال الطرفَين (الروسي والغربي)، لذا؛ سيتوجب عليها العودة – مُرغمةً – إلى المحور الغربي وتنفيذ مطالبه المتعلّقة بروسيا (فرض العقوبات ووقف شراء النفط والغاز الروسي).
وبالمقابل، تمّ حل الخلافات بين بغداد وأربيل، وإعادة تصدير النفط من جنوب كردستان (إقليم كردستان العراق) عبر الأراضي التركية نحو ميناء جيهان؛ وهو ما قد يبدو بديلًا عن وقف شراء النفط الروسي.
إلى جانب ذلك، هناك احتمال لرفع الولايات المتحدة العقوبات عن تركيا، وصفقة الطائرات F-35، وغيرها من الصفقات التي ما تزال عالقة بين الحليفَين.

لكن لدى تركيا مطالب أخرى متعلّقة بالوضع السوري، والمرتبطة بالإدارة الذاتية الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية، حيث ما يزال أردوغان يحلم بالحصول على الضوء الأخضر لشنّ عدوان بربري على مناطق الإدارة الذاتية، أو على الأقل الحفاظ على النظام المركزي في سوريا ودمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري كأفراد لا ككتلة عسكرية مستقلّة.

أهمية شرقي الفرات

تختلف منطقة شرقي الفرات (مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية) عن بقية المناطق السورية؛ وذلك لما تتمتّع به من موقع جيوسياسي يؤهّلها للعب دورٍ كبير في السياسة السورية، فهي تُعَدّ سلّة الغذاء السورية، وبدونها لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي في سوريا، كما أنّها غنيّة بالثروات الباطنية من نفطٍ وغاز، وهي موارد كانت تدرّ على النظام السوري البائد أموالًا ضخمة، حتى إنّها لم تكن ضمن الموازنة العامة للدولة السورية.
كما تمتاز المنطقة بوجود طرق تجارية تربط الشرق بالغرب، مثل طريق M4) ) الاستراتيجي، وتمتاز أيضاً بإمكانية ربط أنابيب الغاز والنفط بين العراق وسوريا نحو ميناء بانياس، ومنه إلى أوروبا.
إضافة إلى التنوّع الثقافي والعرقي الذي يربطها بدول الجوار، ووجود قوة عسكرية منظّمة وذات خبرة، تُعَدّ شريكةً للتحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش.

فمَن يمتلك تلك المقوّمات يمكنه التحكّم فعليًا بالقرار السياسي في دمشق من دون التوغّل عميقًا في الداخل السوري والوصول إلى العاصمة.

تكمن أهمية مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية بالنسبة لتركيا في ارتباطها بملفين رئيسيّين:
الأول، منع حصول الكرد في غربي كردستان على حقوقهم الدستورية، بعد أن حصل كرد جنوب كردستان على حقوقهم.
والثاني، بعد فشلها في التمدّد داخل العمق السوري والتحكم بالقرار السياسي في دمشق، وجدت أنّ السيطرة على القرار السياسي السوري قد تكون من بوابة شرقي الفرات، خاصة أنّ لديها في المنطقة أطماعًا متعلّقة بما يُعرف بـ“الميثاق الملي”.

لذا؛ فقد حاول أردوغان مرارًا الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي لشنّ عدوان ضدّ المنطقة على غرار ما حدث في عفرين، وكري سبي، وسري كانيه، لكن تلك المحاولات قوبلت برفض أمريكي وحتى إسرائيلي.

مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية في ميزان القوة الإقليمية

تُدرك الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أطماع أردوغان في السيطرة على القرارين السياسي والعسكري في سوريا بعد سقوط نظام الأسد (النظام البعثي)، وسعيه لأخذ الدور الذي كانت تلعبه إيران في سوريا قبل سقوط النظام، وأي توسّع جديد لتركيا سيؤثّر على المعادلة القائمة في سوريا.
فكلتا الدولتين (أمريكا وإسرائيل) لديهما أجندة مرتبطة بالنظام السوري الجديد، وعلى رأسها أحمد الشرع (وتُطرح تساؤلات كثيرة حول الدور الذي أُسنِد لهيئة تحرير الشام وتسليمها السلطة في دمشق). وقد تكون هذه الأجندة مرتبطة بسوريا بشكل عام، وبالتطبيع السوري الإسرائيلي بشكل خاص، ولا يُستبعَد أن يكون لها دور إقليمي من ناحية الفكر السُّنّي السلفي.
أمّا الدور التركي الجديد في سوريا فقد يكون له تأثير مباشر على تلك الأجندة؛ فمثلًا، تُعَدّ تركيا من أكثر المعرقلِين للتوصّل إلى اتفاق أمني بين النظام الجديد وإسرائيل؛ إذ تضغط على النظام السوري الجديد وتمنعه من الوصول إلى أي اتفاق أمني لا يأخذ المطالب التركية بعين الاعتبار، وهي المطالب المرتبطة بقوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية وشكل الحكم في سوريا وحتى بالدستور السوري.

وبعد فشل أردوغان في التوغّل في العمق السوري وإنشاء قواعد عسكرية ومراكز تجسّس والتحكّم بالقرار السياسي في دمشق، بدأ يتّجه نحو شرقي الفرات، مطلقًا التهديدات ومحدّدًا المُهَل الزمنية لتنفيذها، بالاشتراك مع النظام السوري الجديد في حال لم تُذعِن قوات سوريا الديمقراطية لمطالبه.
فشرقي الفرات هو البديل التركي عن العمق السوري، إلى جانب ما يُسمّى “الميثاق الملّي”، وربط ضفّتَي الفرات ببعضهما وربطها بنفوذ تركيا في باشور كردستان (إقليم كردستان العراق).
وفي حال سيطرت تركيا على شرقي الفرات، فستتمكّن من السيطرة على القرار السياسي في دمشق من خلال تحكّمها بالثروات الباطنية التي يحتاجها النظام السوري الجديد لتثبيت أركان حكمه، كما سيكون وضع شرقي الفرات مشابهًا للوضع في الشمال السوري المحتل؛ بحيث لن تكون هناك سلطة فعلية للنظام السوري الجديد على تلك المناطق.
وهذا بدوره قد يشكّل تهديدًا كبيرًا على أمن إسرائيل وعلى استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة.

إذًا، تشكّل مناطق الإدارة الذاتية ثِقَلًا جيوسياسيًا في المعادلة السورية ولدى الدول الفاعلة فيها.

وضع مناطق الإدارة الذاتية في المعادلة السورية

يرتبط استمرار الأزمة السورية، حتى بعد سقوط النظام البعثي، بالتدخّل التركي المباشر في الشؤون الداخلية السورية. حيث تنشط الحركة الدبلوماسية بوتيرة متسارعة بين الطرفين تجاه أي قرار أو حدث مرتبط بالوضع الداخلي السوري؛ كون النظام السوري الجديد ما يزال تحت تأثير النفوذ التركي، ولا يمكنه اتخاذ أي قرار من دون الحصول على الضوء الأخضر من أنقرة.

هناك ضغوط تركية على النظام السوري الجديد لإدراج مناطق الإدارة الذاتية في المفاوضات السورية – الإسرائيلية كشرطٍ للتوقيع على الاتفاق الأمني أو حتى التطبيع مع إسرائيل، بحيث تُمنَح الأخيرة الضوء الأخضر للجيش السوري الجديد، وبدعمٍ تركي، لتنفيذ عملية عسكرية على المنطقة.

ومن ناحية الضوء الأخضر الإسرائيلي، فإنّ الوضع في السويداء لا يشبه الوضع في مناطق الإدارة الذاتية من حيث مستوى التدخّل الإسرائيلي؛ إذ لا يوجد أي ارتباط أو علاقات أو دعم إسرائيلي لمناطق الإدارة الذاتية، ولا لقوات سوريا الديمقراطية، ولا حتى حماية إسرائيلية يمكن لإسرائيل التنازل عنها للنظام السوري الجديد، باعتبار أنّ قوات سوريا الديمقراطية مرتبطة بالتحالف الدولي وبالولايات المتحدة، ولا شأن لإسرائيل فيها.
وبالتالي؛ فإنّ أيّة مطالب من قبل النظام الجديد متعلّقة بشرقي الفرات وقوات سوريا الديمقراطية لن يكون لها وزن في المفاوضات، لأنّها مرتبطة بالولايات المتحدة وبالتحالف الدولي.

حتى وإن استغلت تركيا دورها الجديد في الحرب الروسية – الأوكرانية ونفّذت مطالب الولايات المتحدة، فإنّ الأخيرة لا يمكنها المساومة مع تركيا على مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية؛ لسببين:
الأول، مرتبط بالنظام السوري الجديد الذي يحمل الفكر السلفي الجهادي، حتى وإن غيّر أحمد الشرع هيئته ومظهره وبدا أكثر انفتاحًا على الغرب، فإنّه يبقى في نظر الغرب ذاك الشخص المُدرَج اسمه على قوائم الإرهاب، هو وفصائله المسلحة ومقاتلوه الأجانب الذين ما يزالون يحملون الفكر الجهادي.
أمّا السبب الثاني، فمرتبط بالدرجة الأولى بأمن إسرائيل؛ إذ لا يمكن للولايات المتحدة منح تركيا أوراق ضغط قوية ضد إسرائيل، بحكم الأهمية الجيوسياسية التي تتميّز بها مناطق الإدارة الذاتية.

إلى جانب ذلك، هناك استقلالية القرار التي تتميّز بها قوات سوريا الديمقراطية عن باقي الفصائل المسلّحة في سوريا، خصوصًا تلك التي يرتبط مصيرها بمناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، وبحماية مكوّناتها من مرتزقة تركيا ومن الجيش السوري الجديد وقوات الأمن العام، التي باتت تمتلك سجلًّا حافلًا بالانتهاكات والمجازر في وقتٍ قصير.

إذًا؛ فجميع التحرّكات التركية والمؤشّرات حول حصولها على الضوء الأخضر قد تبقى ضمن نطاق التكهّنات والضغوط التي تمارسها أنقرة على الولايات المتحدة وإسرائيل.

هل تحقّق حلم تركيا في السيطرة على سوريا

إنّ تصريح الرئيس الأمريكي بأنّ تركيا قد حققت حلمها في السيطرة على سوريا قد لا يشمل كامل الجغرافيا السورية، فقد يكون مرتبطًا فقط بالشمال السوري المحتل؛ فأردوغان يسيطر فعليًا على الشمال السوري، ولا سلطة لدمشق عليه، ويعمل على تثبيت وجوده العسكري في الشمال السوري المحتل من خلال نقاطٍ وقواعد عسكرية، كسيطرته على مطار كويرس العسكري وتحويله إلى قاعدة عسكرية تركية، إلى جانب اتباعه نهج أسلافه في استكمال عملية التغيير الديمغرافي التي بدأها كمال أتاتورك عام 1925 (قانون إصلاح الشرق)، والقائمة على إفراغ الشمال السوري من سكانه الأصليين (الكرد)، وحتى من بعض المكوّن العربي، تمهيدًا لدمجها بالولايات التركية.

أو أنّ تصريح ترامب يندرج ضمن منحه، وبشكل غير مباشر، الضوء الأخضر للقيام بعملية عسكرية ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، ليس لإنهاء الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، كما يظن أردوغان، وإنّما قد تكون خدعة لتوريط تركيا أكثر، كما حدث مع النظام السوري الجديد في السويداء عندما ظنّ أحمد الشرع ونظامه أنّه حصل بالفعل على الضوء الأخضر من إسرائيل، وكانت النتيجة وضع النقاط على الحروف في ملف الدروز بعد المجازر التي ارتكبها الأمن العام والجيش السوري وما تسمّى بـ«الفزعة العشائرية»، حيث خطت السويداء خطوات كبيرة نحو إنشاء إدارة ذاتية في الجنوب السوري.

فالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية باتت حقيقة في المعادلة السورية، لكن ذلك لا يعني أنّ مناطق الإدارة الذاتية بمنأى عن أي عدوان عسكري، سواء من تركيا ومرتزقتها أو من قبل النظام السوري الجديد.
وهذا العدوان – في حال حدوثه – قد يهدف فقط إلى تحقيق مكاسب معيّنة قد تكون مرتبطة بسد تشرين وبحيرة الأسد (للسيطرة على المياه والكهرباء)، أو بالريف الشرقي لدير الزور (للسيطرة على آبار النفط والغاز).

الوجود العسكري الروسي أيضًا قد يكون له دور في هذا السياق؛ فمن المعلوم أنّ النفوذ الروسي قد تقلّص بشكل كبير، ولم يبقَ لروسيا سوى قواعدها العسكرية في حميميم وميناء طرطوس ومطار القامشلي.
وعلى الرغم من أهمية وجودها بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل محاولات التمدّد التركي في الساحل السوري، وفي ظل الأجندة الإسرائيلية التي ترى في روسيا دولة عظمى، إلّا أنّ سيطرة تركيا على المنطقة – في حال حدوثها – قد تهدّد الوجود العسكري الروسي، خاصة مع تدهور العلاقات بين الطرفَين ورغبة الولايات المتحدة في إعادة تركيا إلى المحور الغربي.

لذا؛ في حال وقوع عدوان من قبل تركيا ومرتزقتها على المنطقة، فقد تلعب روسيا دورًا محوريًا بالوقوف إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، ودعم الساحل لإنشاء إدارة ذاتية هناك، بهدف الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا.
ويُرجَّح أنّ زيارة رئيس هيئة الأركان العامة، علي النعسان، في حكومة أحمد الشرع إلى العاصمة الروسية موسكو، جاءت لتقديم ضمانات لروسيا مقابل تحييدها وعدم وقوفها إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية في حال وقوع العدوان.

فالانتصارات التي تحقّقها دول الشرق الأوسط داخليًا أو خارجيًا في ظل أنظمتها القوموية الفاشية ما هي إلّا انتصارات مؤقّتة تخدم الغرب في المقام الأول، وما تلبث أن تتحوّل إلى انتكاسات تنعكس سلبًا على أوضاعها الداخلية؛ وهذا ما أثبته التاريخ الحديث (القضية الفلسطينية، والتمدّد الإيراني في المنطقة، والنظام السوري البائد وحتى الجديد، وجميع الدول المتأزّمة في المنطقة)، وما تزال عجلة الانتكاسات مستمرّة لتطال إيران من الداخل، وقريبًا الدولة التركية.

مستقبل سوريا في ظل الظروف الراهنة

إنّ مستقبل سوريا مرتبط بعدّة عوامل تؤثّر عليها؛ منها ما هو داخلي مرتبط بالسياسة التي ينتهجها النظام الجديد، ومنها ما هو إقليمي مرتبط بإسرائيل بشكل مباشر، والتي تقوم على عقد اتفاق أمني يخدم مصالح إسرائيل واعتراف النظام السوري بسيادتها على الجولان، والحفاظ على النقاط الاستراتيجية في جبل الشيخ والمناطق التي سيطرت عليها، وإقامة منطقة عازلة تسيطر عليها بشكل فعليّ، وبالأخص محافظة السويداء، لجعل سوريا تدور في فلكها. كما يرتبط الأمر بتركيا، التي سيتم ذكرها في سياق الحديث، ومنها ما هو دوليّ مرتبطًا بشكل مباشر باستراتيجية الولايات المتحدة في سوريا والشرق الأوسط.

أولًا: السياسة الأمريكية الحالية قائمة على عدم الانخراط في الحروب بشكل مباشر، والاعتماد على الدعم والسلاح الجوّي لضرب أعدائها.

ثانيًا: لا بدّ من التفريق بين القوى العسكرية المحلية من حيث أهمية وجودها، بين قوات سوريا الديمقراطية شريكة التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش على الأرض، وبين مرتزقة تركيا الذين يعملون لخدمة الأجندة التركية، وأغلب عناصرهم من تنظيم داعش، وقادتها مصنّفون على لوائح الإرهاب، وهؤلاء هم وكلاء أردوغان في سوريا حسب تصريح دونالد ترامب، وبين الجيش السوري الجديد الذي يضمّ فصائل هيئة تحرير الشام ومقاتلين أجانب، وجميعهم يحملون الفكر الجهادي.

لذا؛ فمن البديهي وجود قوات عسكرية يمكن للمجتمع الدولي الاعتماد عليها في محاربة التنظيمات الإرهابية كتنظيم داعش وأخواته. لذلك تُعَدُّ قوات سوريا الديمقراطية، بتنظيمها وخبرتها وتجهيزها العسكري، صمام الأمان في سوريا والمنطقة، وهي حقيقة بات يدركها المجتمع الدولي.

بالرغم من وجود خلافات داخلية بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق، إلّا أنّ التدخّل التركي، وبدعم قطري، في الشؤون الداخلية لسوريا سيجعل المفاوضات الجارية صعبة، وقد تؤدّي إلى صراع داخلي تستفيد منه الدول الإقليمية كإسرائيل وتركيا على المدى القريب.

ما يحدث على جبهة دير حافر وسد تشرين مؤشّر واضح على أنّ الأوضاع الداخلية تتّجه نحو مزيد من التصعيد العسكري من قبل النظام السوري الجديد وتركيا، خاصة بعد عودة أردوغان وأحمد الشرع من نيويورك، وكأنّهما يعتقدان أنّهما حصلا على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة.

لكن الحقيقة أنّ وجود نفوذَين كبيرَين في سوريا، النفوذ التركي والإسرائيلي، سيؤدّي إلى خلافات كبيرة بين الطرفَين، إلى جانب تنامي الفكر الجهادي في سوريا. لذا فإنّ النفوذ التركي قد يتراجع في سوريا كما تراجع النفوذ الإيراني؛ كونه مرتبطًا بالأمن القومي الإسرائيلي، وهذا التراجع مرتبط بعملية السلام التي أطلقها السيد عبد الله أوجلان.

ونتيجة السياسة التي انتهجها النظام الجديد تجاه المكوّنات السورية، والإصرار على لونٍ واحد، ونتيجة للنتائج التي أفرزتها تلك السياسة في الساحل والجنوب السوري، فإنّ سوريا متّجهة نحو نظام لا مركزي، مع بقاء قوات سوريا الديمقراطية كقوة مستقلّة حتى بعد انضمامها للجيش السوري؛ كون خلايا داعش ما تزال تنشط ويتنامى خطرها بوتيرة كبيرة في ظل النظام السوري الجديد.

تركيا وفرصها في النجاة من مشروع الشرق الأوسط الكبير

في المجلد الخامس، ص492، يؤكّد المفكر عبد الله أوجلان أنّ الجمهورية العَلْمانية والقوموية (الجمهورية الأولى (CHP) كانت في الأساس الطريق المؤدّية إلى إسرائيل خلال عشرينيات القرن العشرين. ومع حلول أعوام الألفين، تأسست الجمهورية الثانية (AKP) على يد الثالوث أمريكا–إنكلترا–إسرائيل، ويراد اتباع الراديكالية الإسلامية بغية تحويلها إلى جمهورية إسلامية معتدلة، تهدف إلى إخراج القومويتين الإيرانية والعربية من كونهما خطراً يهدّد إسرائيل، وفي تطويع القوموية الشيعية الإيرانية والإسلاموية الراديكالية العربية والقوموية العَلْمانية العربية وإرفاقهما جميعًا بالنظام المهيمن.

كما أنّ تركيا تُعَدُّ الحلقة الأضعف في النظام القائم (عدم حل القضية الكردية)، إلّا أنّ قوتها تكمن في قدرتها على تحديث التحالفات التي سادت الجمهورية أثناء حرب الاستقلال، بناءً على أرضية الأمة الديمقراطية. إلّا أنّ العقلية الشوفينية العنصرية أنهت تلك التحالفات وقطعت الأواصر التي كانت تربط الترك بالكرد على مرّ التاريخ، محاولاتها لصهر الكرد في البوتقة التركية وإنهاء القضية الكردية، وتنفيذ عمليات عسكرية بمختلف مسمّياتها جميعها باءت بالفشل، خاصة بعد نشوء حزب العمال الكردستاني، ولم تستطع إركاعه.

بالرغم من محاولات الحزب عقد اتفاقية سلام مع النظام التركي، سواء في تسعينيات القرن الماضي أو في العقد الثاني من القرن الحالي، وآخرها مبادرة القائد عبد الله أوجلان لتحقيق السلام في تركيا وإنهاء الصراع المسلّح، إلّا أنّ العنصرية التركية والفكر الطوراني الفاشي يجعل من عملية تحقيق السلام أمرًا صعب المنال.

تركيا تدرك مخاطر مشروع الشرق الأوسط الكبير، كما تدرك أنّ تركيا ليست مستثناة من هذا المشروع حتى وإن كانت منخرطة ضمنه، وهو ما جاء على لسان أردوغان، لكنّها ليست طرفًا مسيطرًا، بل كبيدق بيد الغرب لتنفيذ أجندته في المنطقة؛ وهو ما دفع زعيم الحركة القومية العنصري دولت باهجلي، بعد السابع من أكتوبر والدور الإسرائيلي، لإعادة فتح صفحة الأخوة التركية–الكردية، وإنهاء الصراع المسلّح، وتحقيق السلام، والتوجّه للقائد عبد الله أوجلان لتحقيق ذلك.

فالقيادة التركية، وبالأخص دولت باهجلي، تدرك تمامًا قوة الأخوّة الكردية–التركية في الوقوف في وجه الأجندة الخارجية، حينما لعبت دورًا محوريًا في حرب الاستقلال وتحرير الأراضي التركية من الاحتلال الغربي (1919–1922)، وقبلها في معركة ملاذ كرد 1071، ومعركة جالديران 1514، ومعركة مرج دابق 1516، والريدانية 1517.

إلّا أنّ الانقلاب على هذه الأخوّة، والإصرار على إنكار حقيقة الكرد، وتقديس القومية التركية، واستخدام سياسة الترهيب والعنف والصهر؛ قد جعلت من تركيا دولة ضعيفة من الداخل، وسهّلت التحكّم بها من قبل الغرب.

إنّ مبادرة السيد عبد الله أوجلان تعتمد على الأخوّة الكردية–التركية، والكردية–العربية، القائمة على فكر المجتمع الديمقراطي التعدّدي، التي تحضن كل الثقافات، وتشكّل ضمانة للاستقرار والسلام الإقليمي، وتجنّب المنطقة المآسي والمجازر والحروب الدموية التي لا تنتهي.

فالسياسة التي انتهجتها الأنظمة الشرق أوسطية، سواء في محاربة شعوبها ومحاربة الديمقراطية وعدم منح مكوّناتها حقوقها الدستورية، أو تمسّكها بأنظمتها المركزية التي تم إنشاؤها على يد الثالوث البريطاني–الفرنسي–اليهودي في بداية القرن العشرين، وكأنّ النظام المركزي هو الضامن الوحيد للحفاظ على الدولة، هذه السياسة منحت الدول الغربية المبرّرات للتدخّل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط واستغلالها لخدمة أجندتها، بحجّة نشر الديمقراطية.

كما أنّ مبادرة السيد أوجلان للسلام تحتاج إلى شخصيات تركية وطنية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تخدم شعوبها، لا أنظمتها الحاكمة التي بدورها تخدم الأجندة الغربية، وتدرك تمامًا مخاطر المشاريع الخارجية على المنطقة. إلّا أنّ الدولة التركية ستكون جزءًا من هذا المشروع، وهي التي لعبت دورًا بارزًا في تحقيق أهداف الغرب، وما تزال تسير في هذه الخطى لاستكمال دورها المتبقّي في سوريا، في منع التحوّل الديمقراطي، وخلق الأزمات التي ستنعكس سلبًا عليها على المدى القريب.

لن تتحقّق أحلام الدولة التركية القائمة على الإنكار والصهر في إنهاء القضية الكردية، كما أنّ استمرارها في تعنّتها بعدم الانفتاح على الكرد ورفض تحقيق السلام المنشود، أملاً بحدوث تغيّرات سياسية أو عسكرية تخدم سياستها العنصرية، لن يخدمها، وعندما تجد نفسها في قلب الأزمة، حينها سيكون الغرب قد اتّخذ القرار تجاه تركيا.

تصريح المبعوث الأمريكي، توماس برّاك، بشأن الشرق الأوسط، بأنّ الدول لم تُنشأ إلا كبُنى قبلية وعشائرية من قبل بريطانيا وفرنسا في بدايات القرن العشرين، لا يختلف عن تصريحه بشأن اتفاقية سايكس–بيكو، ويعني ذلك إنشاء أنظمة لا مركزية ضمن هذه الدول بحجّة منح شعوب المنطقة حقوقها الدستورية.

قيام الأنظمة الحاكمة بهذا الدور (الدور الذي يلعبه الغرب) في تحقيق الديمقراطية المنشودة كان سيختلف جذريًا عن الدور الغربي في المنطقة، وكان سيضع الشرق الأوسط في مكانته الحقيقية على الساحة الدولية.

لكن، تبقى الأنظمة الفاشية والعنصرية التي زرعتها الدول الغربية سبباً لكل هذه الأزمات والحروب التي شهدتها المنطقة، وأداة بيد الغرب للتحكّم في مصير شعوبها، وبعد انتهاء دورها خلال القرن العشرين، ستبدأ مرحلة سقوط هذه الأنظمة كما تسقط أحجار الدومينو، فلم تعد الأنظمة المركزية قادرة على لعب الأدوار المطلوبة منها تجاه المتغيّرات الدولية الحديثة، بل أصبحت عبئًا ينعكس سلبًا عليها.

لذا؛ بات لزاماً على مَن أنشأها أن يقوم بإنهائها وتشكيل أنظمة جديدة، وقد بدأ ذلك بالفعل بسقوط النظام العراقي، ثم الليبي واليمني والتونسي والمصري، وبعد السابع من أكتوبر بدأت مرحلة جديدة محورها دولة إسرائيل، مرورًا بحماس، وحزب الله، وإسقاط النظام البعثي في سوريا، وإنهاء النفوذ الإيراني فيها وتحييد إيران، لتستكمل في لبنان، العراق، مرورًا بإيران وتركيا.

تركيا حتى الآن ما تزال أداة رئيسية ضمن هذا المشروع؛ سياستها الفاشية وأحلامها العثمانية أداة لتنفيذ المخطّط، كون النظام الحاكم بقيادة حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان قد تشكّل على يد الثالوث الأمريكي–البريطاني–الإسرائيلي. وسينتهي دورها عندما يحين وقته، والذي قد يكون مرتبطًا بإيران وإخراجها كلّيًا من المعادلة الشرق أوسطية.

سياساتها الخارجية القائمة على التدخّل في شؤون الدول المجاورة على مدار عقدين، واعتبارها انتصارات، سينعكس عليها سلبًا، وستتفتّت تركيا إلى أجزاء مثلها مثل حال جميع الدول التي تمّ تفتيتها في المنطقة، وإن كانت عضوًا في حلف الناتو. وستظل في نظر الغرب دولة منبوذة، لا يمكن الوثوق بها أو الاندماج معها، ويجب إنهاؤها لتبقى إسرائيل الدولة المركزية في الشرق الأوسط، وجميع الدول تدور في فلكها.

ما لم تغتنم تركيا آخر فرصة تاريخية في إعادة الأخوة التركية–الكردية، وتطبيق الديمقراطية المنشودة في تركيا، التي لا تنهي الدولة بل تقوّيها من الداخل، فإنّ استمرار سياستها العنصرية سيؤدّي إلى فقدان مكانتها.

في الختام؛ جميع الاتفاقات التي وقّعتها تركيا سابقًا مع إيران وسوريا والعراق، سواء لإنهاء القضية الكردية أو محاربتها، تشكّل تهديدًا لإسرائيل حتى ولو كان الهدف مجرد معاداة الكرد. تركيا تحاول زيادة وزن أوراقها أمام التحالف الأمريكي–البريطاني–الإسرائيلي، لكنها غير قادرة على تحقيق هذه الآمال بسبب السياسات التي مارسها النظام العالمي خلال القرنين الأخيرين.

لذلك، على تركيا إمّّا الإذعان للنظام العالمي، أو تحمّل عواقب ممارساتها، كما حدث في إيران والعراق؛ فمطاوعتها التامة للنظام تقتضي تحقيق الوفاق مع الكرد وفتح المسافة في علاقتها مع سوريا وإيران. أمّا في حال رفضها وبحثها عن محاور جديدة، فعليها أن تضع في حسبانها تعرّضها لتمشيط شبيه بما حصل في العراق.

وعليه؛ يجب على تركيا الاقتناع بحل قضيتها الكردية بالسبل الديمقراطية السلمية والمنفتحة، مضمومًا على الاستقلال الذاتي كحد أدنى، وهذا سيعني العودة لإبرام تحالف صادق ومدروس على غرار ما كان سائداً في مرحلة التحرّر الوطني (1923)، ومعارك تاريخية مثل ملاذ كرد 1071، جالديران 1514، ومرج دابق 1516؛ للتحوّل من دولة خاضعة للنظام العالمي المهيمن إلى دولة إقليمية قوية، مؤهّلة لأن تغدو قوة عالمية قادرة على الوقوف في وجه هيمنة إسرائيل وأمريكا وبريطانيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush
amavi5d sesetoto situs slot titi4d Situs Slot Toto Slot Situs Toto Situs Slot Situs Toto sontogel idrtoto akuntoto situs slot slot gacor situs slot leon188 Wikatogel babe138 slot login slot deposit pulsa tanpa potongan toto slot situs toto toto togel https://id.desapujonkidul.net/ toto togel toto togel toto slot titi4d karatetoto situs gacor situs toto toto slot situs toto toto slot toto slot toto slot ollo4d Jinhoki slot deposit 1000 gaib4d situs toto slot gacor Toto situs toto sontogel hantutogel naruto 88 situs slot gacor maxwin sontogel slot deposit 1000 gaib4d ilmutoto https://sulebet.org/ toto togel link agustoto situs toto slot 4d slot88 agustoto login togel 4d dewadora login https://one-up-life.com/cn/ dewadora login toto slot okewin agustoto login situs toto link toto slot dewadora login paten188 okewin slot togel 4d agustoto login toto slot lurus4d toto slot mayorbet kiostoto angker4d mayorqq situs toto slot gacor hari ini toto ib88 situs toto situs togel slot gacor toto toto slot toto sbctoto https://injectcare.com/ situs toto link slot situs toto toto slot rp888 situs slot gacor maxwin https://es.sumal.com/ CONGOR4D situs toto togel slot PEWE4D toto slot https://toto228.com toto slot toto slot situs toto dewadora login situs toto situs toto cheat slot dentoto RP888 toto situs togel naruto 88 toto login roma77 tribun62