تفعيل ورقة العشائر أو الفصائل المنفلتة ضدّ الإدارة الذاتية

تُعتبَر الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، وليدة الأزمة السورية، نموذجاً يختلف عن باقي المناطق السورية التي أفرزتها الأزمة السورية، أمنياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً؛ حيث تبنّت مشروعاً ديمقراطياً لكل السوريين، وقدّمت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى للوصول إلى هذه المرحلة، وقد تكون بدايةً لمشروع أكبر يشمل كامل التراب السوري في حال انفتاح دمشق على الإدارة الذاتية.

إلّا أنّه، ومنذ اليوم الأول لتأسيسها، وبحسب مزاعم كلّ من تركيا وإيران والنظام السوري (القديم والجديد)، فإنّ الإدارة الذاتية، بمشروعها الديمقراطي، باتت تشكّل تهديداً لأمنها القومي وكذلك لشكل النظام في سوريا؛ لذا بدأت تلك الأطراف بمحاربتها بمختلف الوسائل العسكرية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، لكنّ الإدارة الذاتية ما تزال صامدة سواء بسواعد أبنائها وتضامن مكوّناتها، أو بفعل التدخّلات الدولية التي منعت دولة الاحتلال التركي من القيام باجتياح بربريّ شامل للمنطقة، بعد اجتياحها لمنطقة عفرين 2018 وكري سبي وسري كانيي 2019.

بعد سقوط النظام البعثي في سوريا أواخر عام 2024 تمّ تشكيل حكومة جديدة أساسها حكومة الإنقاذ في إدلب، واعتمدت اللون الواحد والنظام المركزي، وهو مخالف لما كانت عليه حكومة الإنقاذ التي كانت تديرها هيئة تحرير الشام، وكانت تعمل كحكومة مستقلّة عن الائتلاف المعارض وحكومته المؤقتة ولا تعترف بها، إلّا أنّها اليوم باتت تطالب بالمركزية وتعمل بكافة الوسائل على إخضاع جميع المناطق لسلطتها الإسلاموية.

سياسة النظام الجديد في سوريا

منذ تأسيس النظام الجديد في سوريا عمل على بناء جيش سوري جديد، إلّا أنّ هذا الجيش الذي تم تشكيله إنّما هو أقرب ما يكون إلى جيش من المرتزقة، يضمّ في صفوفه فصائل إرهابية مرتبطة بوزارة الدفاع شكلاً؛ إلّا أنّها فعليّاً مرتبطة بتركيا وتتلقّى أوامرها حصراً من تركيا، كما أنّ وزارة الدفاع الحالية هي أيضاً ليست بعيدة عن الأجندة التركية، وأغلب الوزراء والمسؤولين في الحكومة هم من القادة العسكريين لفصائل هيئة تحرير الشام وتوابعها من مرتزقة تركيا؛ وهو ما يفسّر ارتكاب المجازر بحق المكوّنات السورية، سواء المكوّن العلوي أو الموحّدين الدروز وقبلهم الكرد. وبدلاً من انتهاج سياسة وطنية هادفة إلى توحيد سوريا ونفض الآثار السلبية التي خلّفتها الأزمة السورية عن كاهل الشعب السوري، عمل النظام الجديد على زعزعة وحدة الأراضي السورية وتفكيك المجتمع السوري من الداخل.

إنّ ما حدث مؤخّراً في السويداء، والمجازر التي ارتُكِبت بحق طائفة الموحّدين الدروز، والتي برهنت على العقلية التي يحملها هذا الجيش والنظام الجديد، قد تسبّب في الضغوط الدولية تجاه النظام الجديد بسبب السياسة العدوانية التي ينتهجها بحق المكوّنات السورية، كما قامت بعض الدول بسحب الشرعية من هذا النظام وإعادته إلى قائمة الإرهاب؛ لذا ولرفع الشبهة عنه استخدم النظام مصطلح الفصائل المنفلتة أو غير المنضبطة، وهي سياسة قد تقف خلفها بعض الدول الإقليمية، وبدأ النظام بانتهاجها على نطاق واسع.

لذا فإنّ الخطر الكبير يكمن في ما تسمّى بقوات العشائر أو بالفزعة العشائرية في هذا التوقيت، وهذا الخطر لا يتعلّق بقوة هذه العشائر؛ كونها لا تمثّل جميع العشائر العربية بل تمثّل بعضها، وإنّما الخطر يكمن في خلق فتنة إثنية بين الكرد والعرب من جهة، وبين العشائر العربية نفسها من جهة ثانية.

العشائر العربية ضمن مناطق الإدارة الذاتية

إنّ الإدارة الذاتية ومنذ تأسيسها هي نتاج التعايش السلمي بين المكوّن الكردي والمكوّن العربي وباقي مكوّنات المنطقة، وتتم إدارتها من قبل الجميع دون أي إقصاء، ويُعتبَر المكوّنان الكردي والعربي من أبرز مكوّنات الإدارة الذاتية، لكن دون وجود أي تمييز أو تفرقة عن باقي المكوّنات وفق مشروع الأمة الديمقراطية.

لا تتبنّى معظم العشائر العربية مشروع الأمة الديمقراطية، بل هناك بعض العشائر العربية – خاصة في غربي الفرات – ترفض هذه الإدارة؛ وهذا الرفض إمّا نتاج السياسة التي انتهجها حزب البعث على مدار أكثر من نصف قرن، حيث زرع الحقد والكراهية تجاه الكرد وحتى فيما بين العشائر العربية نفسها بهدف بسط سيطرته عليها، إلى جانب العلاقة الوثيقة التي كانت تربط هذه العشائر بالنظام البعثي البائد، والآن مع النظام الجديد، أو لأنّ تلك العشائر مرتبطة بأجندة خارجية. إلّا أنّ أغلب العشائر العربية ضمن مناطق الإدارة الذاتية تؤمن بالمشروع الديمقراطي وبإدارتها الذاتية؛ ولضرب هذا المشروع وتفكيك قوات سوريا الديمقراطية، لا بدّ من استخدام ورقة العشائر العربية، كونها تمثّل نسبة كبيرة ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية.

استخدام ورقة العشائر العربية لضرب الإدارة الذاتية

كانت هناك محاولات من قبل النظام البعثي والنظام التركي والإيراني لتحريك هذه الورقة وتفعيلها ضدّ الإدارة الذاتية، وذلك من خلال عقد اجتماعات عشائرية – سواء ضمن مناطق سيطرة النظام البائد أو داخل الأراضي التركية – لضرب مشروع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية؛ إلّا أنّ جميع تلك المحاولات قد باءت بالفشل، وهذه المحاولات ما تزال مستمرّة حتى بعد سقوط النظام، وكل طرف من هذه الأطراف (النظام الجديد أو بعض الدول العربية أو الدولة التركية الطورانية أو حتى إيران) يحاول استغلال هذه الورقة لتنفيذ أجندته في سوريا.

إنّ ما حدث في السويداء، وظهور مصطلح “قوات العشائر” أو “الفزعة العربية” بعد فشل قوات الأمن العام في السيطرة على السويداء، يمكن اعتباره الخطوة الأولى لتحريك هذه الورقة ضدّ الإدارة الذاتية، من خلال جَسّ نبض العشائر العربية في عموم سوريا ومدى استجابتها، أو يمكن اعتبارها مناورة عسكرية لاختبار مدى فعالية هذه الورقة وتحريكها في الوقت المناسب.

لا يمكن اعتبار ما حدث هناك مجرّد صدفة، أو أنّه نتيجة للعمليات العسكرية التي جرت بين قوات الأمن العام ومعه الجيش السوري الجديد وبين المجلس العسكري في السويداء، أو بسبب فشل النظام الجديد في السيطرة على السويداء؛ فإحياء الخلاف بين البدو والدروز جاء لرفع الشبهة عن النظام الجديد فيما يخصّ الانتهاكات بحق طائفة الموحّدين الدروز في السويداء، باعتبار مسلّحي البدو جماعاتٍ منفلتة لا سلطة للنظام عليها، إلّا أنّ الواقع والتقارير وشهود العيان والأسرى يؤكّد عكس ذلك.

لذا فإنّ أحداث السويداء ودور بعض العشائر العربية ومسلّحي البدو في مناطق سيطرة النظام، ما هي إلّا مؤشّر واضح للتحضير لأمرٍ قد يُحاك ضدّ شرقي الفرات، أي ضدّ مناطق الإدارة الذاتية.

ورغم أنّ هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار على جبهة سد تشرين شمال الرقة ولا يمكن تحريك تلك الجبهة حالياً، كما أنّ هناك اتفاقاً لوقف إطلاق النار بين قسد ودمشق، إلّا أنّه بمقدور النظام الجديد وتركيا خرق هذه الاتفاقية أو الهدنة؛ وذلك من خلال تحريك ما تسمّى بالفصائل المنفلتة لقصف ومهاجمة النقاط العسكرية والمدنية في مناطق الإدارة الذاتية، خاصة أنّ النظام الجديد يمارس عبر وسائله الإعلامية تحريضاً ممنهَجاً للعشائر العربية ضدّ الإدارة الذاتية، والمكوّن الكردي بشكل خاص.

تفعيل ورقة العشائر أو الفصائل المنفلتة في غربي الفرات

إذاً؛ ونتيجة وجود اتفاق وقف إطلاق النار، برعاية أمريكية واتفاق مع دمشق، بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة وتركيا ومرتزقتها من جهة أخرى، ولكون هذه الاتفاقيات لا تخدم كلّاً من تركيا ودمشق، تم استحداث مصطلح الفصائل المنفلتة تحت مسمّى “قوات العشائر” أو “مسلّحي البدو”، والتي تدّعي دمشق أنّه لا سلطة لها عليها، بهدف تحريك جبهة الفرات بالكامل. ونظراً لعدم قدرة النظام الجديد وكذلك الدول المعارضة للإدارة الذاتية ولمشروعها الديمقراطي على الاعتراف بالواقع الحالي وتقبُّله (الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية)؛ فإنّها تعمل على نشر الفوضى في مناطق الإدارة الذاتية، وذلك من خلال استهداف مواقع عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية واستهداف مواقع مدنية في ريف منبج، أو في ريف دير الزور الغربي بهدف تحريك الجبهات على كامل نهر الفرات من قبل ما تسمّى بالفصائل المنفلتة؛ سعياً منها لإنهاء اتفاق وقف إطلاق النار، وخلط الأوراق، وخلق واقع سياسي وعسكري جديد يخدم مصالحها.

ونتيجة للظروف العسكرية والأمنية والاقتصادية التي مرّت بها الإدارة الذاتية منذ تأسيسها، فإنّ كسر التعايش السلمي بين مكوّنات الإدارة الذاتية، خاصة بين الكرد والعرب، يبدو شبه مستحيل؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني عدم قدرة تلك الأطراف على ارتكاب انتهاكات بحق المكوّن العربي وكذلك ارتكاب المجازر لخلق الفوضى ودفع المكوّن العربي للتحرّك ضدّ قوات سوريا الديمقراطية، أو لتحريك لتلك الفصائل المنفلتة والتي تنادي باسم العشائر العربية في غربي الفرات. لكن ذلك لا يكفي؛ فالفصائل التي تمّت تسميتها من قبل النظام الجديد بالفصائل المنفلتة، والتي تضمّ قوات الأمن العام والجيش السوري الجديد ومرتزقة تركيا، لا تملك القوة على مجابهة قوات سوريا الديمقراطية؛ لذا ومن أجل أن تميل الكفّة العسكرية لصالح تلك الفصائل فإنّ الأمر يتطلّب تدخّلاً أو دعماً تركياً، وطلبُ النظام الجديد لدعم عسكريّ للجيش السوري بالمدرّعات والأسلحة والطائرات المسيّرة، إنّما يصبّ في هذا الاتجاه.

 نتائج تفعيل ورقة العشائر أو الفصائل المنفلتة ضد قسد

يمكن تقسيم القبائل العربية في سوريا إلى قسمين؛ القسم الأول – وهم الأغلبية – مرتبط بالإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، ويتواجد ضمن مناطق الإدارة الذاتية، والقسم الثاني مرتبط بالنظام الجديد وبأجندة مختلفة (عربية تركية إيرانية)؛ وهي نتاج ما أفرزته الأزمة السورية على مدار أكثر من عقد.

المسألة لا تتعلّق فقط بمَن يسيطر على المنطقة، بل بالسياسة التي سينتهجها الطرف المسيطِر، وشتّان ما بين السياسة التي تنتهجها الإدارة الذاتية، وسياسة النظام الجديد؛ وبحسب السياسة التي انتهجها النظام الجديد في الساحل وفي الجنوب السوري، فقد بات من البديهي معرفة ما ستؤول إليه الأمور في المناطق التي قد يسيطر عليها النظام الجديد في حال بدأت العمليات العسكرية في المنطقة بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام الجديد ومعه ما تسمى بالفصائل المنفلتة. هذا إلى جانب زيادة حدّة الاحتقان بين العشائر العربية نفسها وما قد ينجم عنه من قتل ونهب وسلب؛ وهو ما قد يؤدّي إلى حرب عشائرية ستؤثّر بشكل كبير على النسيج السوري، خاصة المكوّن العربي حيث ستؤدّي إلى تفكيكه بشكل كامل.

ردّ الإدارة الذاتية تجاه نوايا النظام الجديد وتركيا (كونفراس وحدة المكوّنات)

بعد مجازر الساحل والسويداء؛ تدرك الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية المخاطر التي تُحاك ضدّها وضد مكوّنات المنطقة، وتدرك أيضاً ما سينجم عنها من تفكّك النسيج الاجتماعي في مناطقها بشكل خاص وفي سوريا بشكل عام؛ ولتؤكّد على اللحمة الوطنية ولتسدّ الطريق أمام المؤامرات الخبيثة، خاصة ضد المكوّنين الكردي والعربي، تم عقد كونفرانس وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا، بتاريخ 8/8/2025 في مقاطعة الجزيرة بمدينة الحسكة تحت شعار “معاً من أجل تنوّع يعزّز وحدتنا، وشراكة تبني مستقبلنا”، حيث أكّد الكونفرانس في بيانه الختامي على أنّ التعدّد القومي والديني والثقافي في شمال وشرق سوريا هو مصدر غنى وقوة، وشدّد على ضرورة ترسيخ هذا التعدّد في البنى السياسية والإدارية، وعلى ضمان تمثيل المكوّنات كافة بما يعزّز وحدة المجتمع. معتبراً أنّ نموذج الإدارة الذاتية هو تجربة تشاركية قابلة للتطوير والارتقاء، ومثالٌ حيّ على الحوكمة المجتمعية الديمقراطية، وأنّ ما جرى بحق أبنائنا في الساحل والسويداء والمسيحيين يرتقي إلى مصاف جرائم ضد الإنسانية تحتاج إلى تحقيق حيادي، والعمل بشفافية ونزاهة لتحديد الجناة الفاعلين كائناً مَن كان، والتي نعدّها جريمة بحق النسيج الوطني برمّته.

كما دعا الكونفرانس إلى عقد مؤتمر وطني سوري جامع وشامل، تشارك فيه مختلف القوى الوطنية والديمقراطية، بما يسهم في رسم الهوية الوطنية الحقيقية الجامعة لكل السوريات والسوريين. واختتم البيان بالتأكيد على أنّ الوثيقة المنبثقة عن كونفرانس مكوّنات شمال وشرق سوريا ومضامينها، تعبّر عن إرادة حرّة، ووعي جماعي مشترك، وإصرار على بناء سوريا حرّة وموحّدة ديمقراطية، تعدّدية، لا مركزية، يسودها القانون، وتُصان فيها الكرامة الإنسانية، ويعيش فيها الجميع أحراراً متساوين.

على الرغم من أهمية هذا الكونفراس الذي جمع كلّ المكوّنات السورية تحت سقف واحد (كرد وعرب وسريان ودروز وعلويين وسُنّة….) والذي عُقد من أجل الحفاظ على وحدة التراب السوري وعلى النسيج السوري، ورؤيته لسوريا ديمقراطية تعدّدية لا مركزية؛ إلّا أنّ البيان الختامي لم يرقْ للنظام الجديد الذي ما يزال يصرّ على اللون الواحد وعلى النظام المركزي، وذلك نتيجة النفوذ التركي والضغوط التي تمارسه تركيا على النظام الجديد، ونتيجة للعقلية التي يحملها النظام الجديد؛ فقد أبدى هذا النظام رفضه للكونفراس بدلاً من دعمه، وأعلن انسحابه من مفاوضات باريس، وأكّد “أنّ شكل الدولة لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يقرّ عبر الاستفتاء الشعبي، بما يضمن مشاركة جميع المواطنين على قدم المساواة، ويحق لأي مواطن طرح رؤاه حول الدولة، لكنّ ذلك يتم عبر الحوار العام وصناديق الاقتراع، لا عبر التهديد أو القوة المسلحة”. وهذا التأكيد يتضارب مع سياسته الحالية؛ سواء في عقده لمؤتمر “وطنيّ” في شهر شباط من عام 2025 والذي لم يكن فيه أي تمثيل للمكوّنات السورية، أو في إعلانه الدستوري ذي الصبغة الواحدة، أو من خلال المجازر المرتكبة بحق المكوّنَين العلوي والدرزي، إلى جانب الآلية التي تم طرحها للانتخابات البرلمانية المزمَع إجراؤها في هذه الفترة.

إذاً؛ السياسة التي ينتهجها النظام الجديد بعد سقوط النظام البعثي ليست سياسة وطنية هادفة لإعادة بناء سوريا، وإنّما هي سياسة تقوم على تفكيك النسيج السوري وحتى تفكيك المكوّن الواحد؛ فالمجازر التي ارتُكِبت بحقّ الطائفة العلوية وطائفة الموحّدين الدروز لم تكن تهدف للسيطرة على مناطقهم، فأبناء هذه المناطق أعلنوا تمسّكهم بوحدة سوريا وبدمشق، وإنّما كانت تلك المجازر بسبب الحقد والكراهية والفكر الراديكالي الذي تحمله تلك الفصائل وهذه الحكومة؛ وهو ما قد يجرّ البلاد نحو حرب طائفية أو حرب أهلية، بدلاً من توحيد سوريا وإعادة الفسيفساء الذي كانت تتميّز به سوريا.

لا يمكن تبرئة ساحة النظام الجديد عمّا يجري في عموم سوريا من انتهاكات تطال الشعب السوري أفراداً ومكوّناتٍ، ولا يمكن الجزم بأنّ مَن يقوم بهذه الانتهاكات إنّما هي فصائل منفلتة؛ بل النظام هو مَن يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية، فإمّا أن يكون غير قادر على ضبط تلك الفصائل، وهو ما يعني فشله في إدارة البلاد، وبالتالي لا بدّ من إفساح المجال للقوى الوطنية والعسكرية (قوات سوريا الديمقراطية ومجلس السويداء العسكري) للعب دورها في بناء سوريا وإعادة الأمن والاستقرار إليها، أو أنّ للنظام اليد الطولى فيما يحدث في سوريا وأنّه يأتمر بأوامر خارجية؛ وبالتالي يعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تفكيك النسيج السوري وتقسيم سوريا إلى مناطق متناحرة فيما بينها. إنّ تأجيل لقاء باريس بين مظلوم عبدي وأحمد الشرع من قبل النظام الجديد وإعلان الانسحاب من مفاوضات باريس ما هي إلّا نتيجة للضغوط التي تمارسها أنقرة على دمشق؛ فالدولة التركية لا تريد الوصول إلى اتفاق نهائي بين الطرفَين ما لم يكن يخدم أجندتها التي تقوم على المركزية وإنهاء أي شكل للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وفي عموم سوريا؛ ومن هذا المنطلق فإنّ فشل أو تأجيل اللقاء بين الطرفَين إلى أجل مسمّى، تكمن وراءه أجندة قد تكون مرتبطة بالتحضيرات لما تسمّى بقوات العشائر أو مسلّحي البدو (الفصائل المنفلتة)، يتم التحضير لها ضد مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، وما استغلال كونفراس وحدة المكوّنات من قبل النظام الجديد سوى حجّة واهية للانخراط في العملية العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush
https://se.net.ua/ amavi5d sesetoto situs slot ollo4d slot titi4d Situs Slot Toto Slot slot gacor Situs Toto Situs Slot Situs Toto sontogel idrtoto akuntoto situs slot slot gacor situs slot slot88 leon188 naruto 88 naruto 88 Wikatogel babe138 slot login ikut4d slot Togel sgp deposit pulsa tanpa potongan sumsel toto toto togel toto macau situs toto toto slot toto slot situs toto toto togel https://id.desapujonkidul.net/ toto togel toto togel toto togel toto slot slot gacor titi4d https://fh.unvicsorong.ac.id/ karatetoto mmatoto situs gacor situs toto toto slot toto slot mahongtoto toto slot toto slot situs toto