العلاقة الإسرائيلية – السورية في العهد الجديد

لم يكن النظام البائد يشكّل أي تهديد فعليّ لإسرائيل على الرغم من كونه أحد أطراف محور المقاومة والممانعة؛ إلّا أنّه كانت لديه ملفات تمكّنه من ممارسة الضغوط على إسرائيل، مثل احتوائه للحركات الجهادية الفلسطينية وبالأخص حركة حماس، وكذلك العلاقة القوية التي كانت تربطه بحزب الله اللبناني، بالإضافة إلى امتلاكه ترسانة من الأسلحة البيولوجية والاستراتيجية وأنظمة الدفاع الجوي وجيشاً نظامياً. إلّا أنّ الأزمة السورية قد كشفت زيف ادّعائه بأنّه في “محور المقاومة والممانعة”، وكشفت أيضاً أنّ هذا الجيش وهذه الأسلحة وجدت لخدمة النظام ضد الشعب السوري فحسب، كما كشفت أنّ سقوطه ما كان ليحدث إلّا بعد أن تأكّد الغرب وإسرائيل من عدم قدرة النظام البائد على الخروج من تحت العمامة الإيرانية وأنّه أصبح أسير أجندتها؛ وهو ما شكّل تهديداً للغرب. أمّا بالنسبة للعلاقة بين النظام البائد وإسرائيل فبقيت ساكنة دون حراك منذ آخر مفاوضات بين الأسد الأب وإسرائيل برعاية أمريكية إبان ولاية بيل كلنتون 1999 – 2000. كما أنّ المفاوضات بين الأسد الابن وإسرائيل لم تنقطع أيضاً؛ إلّا أنّها كانت بعيدة عن الأضواء وكانت برعاية أمريكية، إلى أن جاءت الأزمة السورية لتُنهي الرعاية الأمريكية للمفاوضات في عهد باراك أوباما، وقبيل سقوط النظام البائد حاول الأسد أن يتقرّب من إسرائيل لإيقاف تمدّد هيئة تحرير الشام؛ إلّا أنّ محاولاته قد باءت بالفشل بعدما اتّخذ الغرب (بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية) وإسرائيل قرار إسقاط النظام السوري.
سوريا في العهد الجديد
في عهد هيئة تحرير الشام ومنذ انطلاقتها كان أحد أهدافها – بحسب زعمها – أنّ عينها على القدس وتحريرها من الكيان الإسرائيلي؛ حيث كانت تلعب على الوتر الديني والعاطفي لتأسيس قاعدة شعبية لها ولانضمام المجاهدين والمقاتلين إلى صفوفها؛ ولكن منذ اليوم الأول بعد سقوط النظام البائد وسيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة في دمشق وتنصيب أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) رئيساً مؤقّتاً لسوريا، لم تنقطع الاتصالات بين السلطة الجديدة وإسرائيل، سواء في الداخل السوري أو في الخارج، وبرعاية خارجية (إماراتية أو أذربيجانية أو فرنسية أو أمريكية) حيث جرت فيها المفاوضات بين الطرفَين.
وتأتي الموافقة الأمريكية على حضور الرئيس السوري المؤقّت لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من أجل التفاوض مع إسرائيل ووضع اللمسات الأخيرة للملفّ الأمني بين الجانبَين، وكذلك لاعتبارات شخصية مرتبطة بالرئيس الأمريكي دولاند ترامب.
النظام الجديد، ومنذ سيطرته على السلطة في دمشق، رفع الراية البيضاء أمام إسرائيل، ولم يحرّك ساكناً تجاه تقدّم الجيش الإسرائيلي في الجنوب السوري، وسيطرته على مواقع استراتيجية في جبل الشيخ، وإقامة منطقة أمنية جديدة، إلى جانب القصف الإسرائيلي العنيف لجميع المواقع العسكرية ومخازن الأسلحة الاستراتيجية التي كان يمتلكها الجيش السوري وعلى كامل الجغرافية السورية، هذا عدا عن القصف الإسرائيلي لمبنى وزارة الدفاع السورية؛ وبالرغم من رفع النظام الجديد وأحمد الشرع الراية البيضاء، بحجّة أنّ سوريا لم تعد ترغب بمزيد من الحروب، إلّا أنّ تلك المفاوضات لم تسفر عن اتّفاق نهائيّ.
أسباب عدم التوصّل لاتّفاق أمني مع إسرائيل
لا يبدو أنّ لدى النظام الجديد وأحمد الشرع أيّ اهتمام بإعادة الجولان بقدر ما يهمّهما إنهاء الخلاف مع إسرائيل، حتى وإن كان ذلك على حساب الأراضي السورية؛ وذلك لتمكين أنفسهم في السلطة، مع وجود بعض المطالب، كالانسحاب من بعض المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي بعد سقوط النظام، وذلك من أجل إيهام الرأي العام السوري، بأنّ النظام السوري قد حقّق نوعاً من الانتصار على إسرائيل، وأنّ مقولة إنّ أي تطبيع مع إسرائيل سوف يُغضب الشارع السوري وقد يتم إسقاطه من الداخل، قد باتت من الماضي قبل انقلاب حزب البعث على السلطة في سوريا والسيطرة عليها؛ فالشعب السوري بات مغلوباً على أمره ولم يعد يهتم بالأراضي المحتلة أو حتى بالقضية الفلسطينية، نتيجة لسياسة النظام البعثي البائد، والأزمة السورية، وسيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة، إلّا أن الحقيقة هي أنّ أي تطبيع بدون موافقة بعض الدول الإقليمية ربّما تؤدّي لإسقاط النظام.
لا يخفى على أحد أنّ منطقة الشرق الأوسط تمرّ بمرحلة عسيرة من الأزمات والحروب، وأنّ جميع الدول الشرق الأوسطية باتت مهدّدة ضمن مشروع “الشرق الأوسط الكبير” وإعادة ترسيم المنطقة، خصوصاً بعد انتهاء صلاحية اتفاقية سايكس بيكو التي جزّأت المنطقة إلى دول، وأنشأت أنظمة خاضعة وأهملت حق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها. لذا؛ تسعى بقية الدول التي لم يطلها هذا المشروع بعد، لتقوية نفوذها الخارجي كأوراق ضغط في مواجهة الغرب وإسرائيل. فإيران نجحت في السيطرة على العراق ولبنان وعلى سوريا أثناء الأزمة؛ إلّا أنّها لم تستطع الوقوف في وجه الدول الغربية وإسرائيل، وبدأت أوراقها تتساقط بدءاً من حركة حماس وحزب الله، وانتهاءً بالنظام السوري، وتعرّضت لأكبر هزيمة لها بعدما خسرت كامل نفوذها في سوريا. وتحاول تركيا الآن أخذ دور إيران في سوريا والسيطرة عليها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً؛ وذلك من خلال السيطرة على جميع الفصائل المسلّحة في سوريا، باعتبار أنّه لا يوجد هناك جيش سوري بالمعنى الحقيقي حتى الآن، وإنّما هناك فصائل جهادية ومرتزقة مدعومة من قطر. إلّا أنّ إسرائيل تدرك تماماً مخاطر التمدّد التركي في سوريا؛ حيث أوقفت التوغّل التركي في العمق السوري من خلال استهداف المواقع التي حاولت تركيا إقامة قواعد عسكرية فيها.
لم تعد مسألة عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا تشكّل هاجساً لإسرائيل، وإنّما أصبح هاجسها الأكبر دولة الاحتلال التركي، التي تحاول جعل سوريا تدور في فلكها؛ وذلك من خلال تقوية أوراقها في سوريا، وإقامة قواعد عسكرية، ووضع أجهزة تنصّت، وتدريب الجيش وتزويده بالأسلحة.
فتركيا مع قطر – التي لم تطبّع مع إسرائيل حتى الآن – كانتا تشكّلان العقبة الأكبر لإسرائيل أمام التوصّل إلى اتفاق أمني مع النظام السوري الجديد، والذي لا يخدم الأجندة التركية في سوريا وخاصة تلك المتعلّقة بمناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية؛ فما كان من إسرائيل إلّا أن تضع حدّاً لسياسة قطر الداعم الأكبر للأجندة التركية في المنطقة، وبدونها لن تكون تركيا قادرة على المضي في أجندتها في سوريا؛ فالعملية التي نفّذتها إسرائيل ضدّ قطر لم تكن تهدف بشكل أساسي القضاء على حركة حماس، كما تم الترويج لها، حيث أنّ إسرائيل كان بإمكانها استهداف قادة حماس في أي دولة كانوا، كما فعلت مع زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ومع حسن نصر الله وهشام صفي الدين في بيروت، كما كان بمقدور إسرائيل استهداف هؤلاء في تركيا، خاصة إذا ما تم الأخذ في الحسبان العلاقات الأمنية والعسكرية بين تركيا وإسرائيل؛ إلّا أنّ عضوية تركيا في حلف الناتو وكونها حليفاً استراتيجياً في الوقت الحالي يمنع إسرائيل من استهداف حماس وبهذه الشاكلة على الأراضي التركية، ولكون تركيا لا تملك القوة الاقتصادية لخدمة أجندتها الخارجية، ولكون قطر الداعم الرئيسي لتركيا مالياً، لذا؛ فإنّ الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة حماس كانت ردّاً على الدور المعرقل الذي تلعبه قطر من خلال قوّتها المالية الداعمة لتركيا في سوريا؛ فتركيا بدون الدعم القطري لا تستطيع دعم مرتزقتها من الفصائل السورية لمدة طويلة، ولن تستطيع مدّ نفوذها أكثر في سوريا. وبالتالي؛ فإنّ استهداف سيادة قطر ما هي إلّا رسالة تحذيرية موجّهة للسياسة القطرية بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية لسياسة تركيا تجاه النظام السوري ومنعه من التوقيع على اتفاق أمني مع إسرائيل، دون أخذ الأجندة التركية في سوريا بعين الاعتبار؛ فتصريحات أحمد الشرع بشأن الاتفاق مع إسرائيل بعد العملية تختلف كلّياً عمّا قبيل العملية، وباتت تلك التصريحات أكثر أريحية في الحديث عن ضرورة عقد اتفاق أمني مع إسرائيل.
حيث أنّ الضربة الإسرائيلية قد مهّدت الطريق للرئيس السوري المؤقّت للتوقيع على الاتفاق الأمني مع إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية.
مكاسب كل طرف منهما من توقيع الاتفاق الأمني
بغضّ النظر عن مضمون الاتفاق الذي سيتمّ التوافق عليه، والذي سيخدم الأجندة الإسرائيلية بالدرجة الأولى في الجنوب السوري؛ إلّا أنّه لا بدّ من أخذ ظروف الطرفين بعين الاعتبار، وما قد يتم التنازل عنه وما الذي قد يجنيه كل طرف، والهواجس التي تؤثّر على الطرفين. فإسرائيل لا يهمّها انسحابها من المناطق التي سيطرت عليها في الآونة الأخيرة، باستثناء بعض المواقع الاستراتيجية في جبل الشيخ لما لها من أهمية في الحفاظ على الأمن القومي لإسرائيل، ليس بسبب النظام السوري الجديد وإنّما بسبب بعض الدول الإقليمية، كتركيا التي تحاول إقامة قواعد عسكرية ونقاط تجسس لها، ولا يهمّها أيضاً العودة إلى اتفاق 1974 (فضّ الاشتباك) مع بعض التعديلات التي تخدم الأمن القومي الإسرائيلي؛ من خلال إعادة ترسيم المناطق الأمنية في الجنوب السوري باعتبار أنّ سوريا باتت مستباحة للجيش الإسرائيلي والطائرات الحربية الإسرائيلية، ولم تعد تشكّل أي تهديد لها؛ وقد يُفضي الاتفاق إلى إنشاء منطقة حظر جوّي في الجنوب، وهو ما قد يفسح المجال أكثر أمام الطائفة الدرزية لتشكيل إدارة ذاتية خاصة بها.
إلّا أنّ التهديد الأكبر لإسرائيل في سوريا هو أن تأخذ تركيا الدور الإيراني السابق في سوريا. لذا؛ ستعمل إسرائيل على منع وقوع النظام السوري الجديد في الفلك لتركي؛ ويتحقق ذلك من خلال قطع التمويل القطري عن تركيا التي يخدم الأجندة التركية في سوريا.
أمّا بالنسبة للنظام السوري؛ فإنّ المكاسب التي قد يجنيها تتمحور في محورَين: الأول والأهم هو الحفاظ على السلطة، والاعتراف به إقليمياً ودولياً، ورفع العقوبات عنه؛ وهو ما قد يتحقّق بعد رغبة الولايات المتحدة في الانفتاح أكثر على سوريا، وهذا جزء من السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل. أمّا المحور الثاني، والذي يحاول النظام الجديد استغلاله من خلال التوقيع على الاتفاق الأمني، فهو فرض شروطه فيما يتعلّق بالسيطرة على شرقي الفرات (مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا) ودمج قوات سوريا الديمقراطية بالجيش السوري، لكن ليس ككتلة عسكرية.
وضع مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية في الاتفاق الأمني
ليس من السهل إنهاء الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية بعدما اكتسبت خبرة إدارية وعسكرية طوال الأزمة السورية، وباتت قادرة على مواجهة أي اعتداء عليها، ولديها دعم خارجي إقليمي (القضية الكردية وما تحمله روج آفا من رمزية لدى جميع القوى الكردية)، كما أنّ لديها دعماً دولياً من فرنسا والولايات المتحدة، ولديها شراكة مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، خاصة أنّ تركيا حاولت كثيراً الضغط على الولايات المتحدة لإنهاء شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية، ومنحها الضوء الأخضر لشنّ عملية عسكرية بربرية ضدّ مناطق الإدارة الذاتية. كما أنّ الاتفاق الأمني المزمع التوقيع عليه في الولايات المتحدة هو بين النظام السوري الجديد وإسرائيل؛ فالأخيرة لا تربطها أي علاقة مع قوات سوريا الديمقراطية ولا بالإدارة الذاتية، ولا حماية إسرائيلية عليها، وإنّما هي مرتبطة بالولايات المتحدة وبالتحالف الدولي؛ وبالتالي لا يمكن لإسرائيل التفاوض مع النظام حول ملفات لا علاقة لها بها.
إسرائيل تدرك تماماً أنّ أغلب الفصائل المنضوية في الجيش السوري هم من مرتزقة تركيا وتدور في فلكها، ولا يمكن لها بأي شكل من الأشكال الخروج عن الطاعة التركية. وبالتالي؛ فإنّ سيطرة الجيش السوري – إن حدثت – على مناطق الإدارة الذاتية تعني سيطرة تركيا على المنطقة؛ ولكون هذه المنطقة ذات بعد جيوسياسي، ولما تملكه من ثروات باطنية قادرة على التحكم بالنظام الجديد؛ وبالتالي وقوع سوريا في الفلك التركي؛ وهو ما لا ترغب إسرائيل في حدوثه، بل تحارب لتقليص النفوذ التركي في سوريا.
تُعَدُّ قوات سوريا الديمقراطية صمام الأمان للولايات المتحدة والتحالف الدولي والمجتمع الدولي لمنع التنظيمات الإرهابية من العودة إلى المنطقة، وبالأخص في مناطقها، إلى جانب العمليات المشتركة مع التحالف باستهداف خلايا داعش في مختلف المناطق السورية. لذا؛ قد تكون مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية خارج المعادلة (الاتفاق الأمني)، ولا يمكن للنظام الجديد المساومة عليها مقابل التوقيع على اتفاق أمني مع إسرائيل، خاصة أنّ النظام السوري الجديد لا يمكن فرض شروطه وهو في موقف الضعف. من هذا المنطلق؛ بات أحمد الشرع، الرئيس المؤقّت لسوريا، يستقوي بالخارج، ويهدّد قوات سوريا الديمقراطية والمكوّنات السورية في المنطقة بعملية عسكرية تركية إن لم تتوصّل معه إلى اتفاق نهائي؛ يتمثّل بالنظام المركزي ودمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية بالجيش السوري كأفراد وليس ككتلة عسكرية، والسيطرة على مناطق الإدارة الذاتية.
إذاً؛ وضمن هذا السياق، باتت سوريا ساحة تنافس وصراع بين إسرائيل وتركيا بعد أن كانت ساحة للتنافس بين إسرائيل وإيران. وأمام التنافس التركي – الإسرائيلي حول سوريا، وفي ظل اتفاق أمني بين النظام الجديد وإسرائيل، وبوادر إنشاء نظام لا مركزي في سوريا؛ فإنّ سوريا في العهد الجديد مقبلة على مرحلة صراع جديدة، حيث بات النظام الجديد أكثر انفتاحاً على الغرب وإسرائيل لضمان سلطته في سوريا؛ وهو ما قد يخلق فجوة بين النظام السوري الجديد وتركيا، وبالتالي؛ ستكون الأخيرة أكثر تمسّكاً بمرتزقتها من الفصائل المسلّحة (الحمزات والعمشات وأحرار الشرقية) في الشمال السوري، وستقوم بإنشاء منطقة نفوذ خاصة بها في الشمال السوري بعيدة عن سلطة دمشق، وستزعزع استقرار سوريا في حال خروج النظام الجديد من فلكها، وقد تعمل على دفع مرتزقتها لشنّ عدوان ضدّ مناطق الإدارة الذاتية وبموافقة ضمنية من أحمد الشرع (أخذ الشرعية للتدخّل العسكري)، وذلك بعد تصريح أحمد الشرع بأنّ المهلة سوف تنتهي في نهاية العام الجاري. لذا فإنّ أي عدوان ضدّ مناطق الإدارة الذاتية مرهون بموافقة أمريكية، وكذلك بالصراع الروسي – الأوكراني الذي قد يشهد تغييرات جذرية في حال انضمام تركيا إلى جانب الغرب فيما يتعلّق بفرض العقوبات على روسيا ووقف شراء الغاز والنفط الروسي؛ وهو ما قد ينعكس على العلاقة الروسية – التركية، والتي ستنعكس على سوريا، وقد تلعب روسيا دوراً محورياً في مواجهة تركيا ومرتزقتها في حال حدوث عدوان ضدّ مناطق الإدارة الذاتية، وليس من المستبعد أن تفرض روسيا حظراً جويّاً على الشمال السوري. أمّا إسرائيل فستعمل في الجنوب السوري؛ وقد تفرض حظراً جويّاً على الجنوب وتدعم الطائفة الدرزية لإنشاء حكم ذاتي في السويداء، وتقوم بمراقبة التحرّكات التركية الهادفة لجعل سوريا تدور في الفلك التركي. وبعد الاتفاق الأمني الذي قد يكون أحد بنوده مخاطر التمدّد التركي على أمن إسرائيل (عدم الانجرار نحو الفلك التركي)، فإنّ النظام السوري الجديد سوف يكون بين نارين: الأول تركيا التي تحاول فرض أجندتها على النظام السوري، وجعل سوريا منطقة نفوذ لها وتدور في فلكها. الثاني إسرائيل التي قد تمنح الشرعية للنظام مقابل التوقيع على اتفاق أمنيّ جديد ومنع سوريا من أن تدور في الفلك التركي؛ فسوريا في العهد الجديد ستكون نقطة ارتكاز لإعادة رسم ملامح شرق أوسط جديد.