القمة الصينية الروسية  في مواجهة أمريكا

القمة الصينية السعودية (والصينية الخليجية والصينية العربية )  للتعاون والتنمية التي عقدت في الرياض من 7 إلى 10 / 12 / 2022 عززت أواصر التعاون المشترك والارتقاء بعلاقات  الشراكة الاستراتيجية  بين الجانبين الصيني والعربي ومهدت لدخول الصين إلى منطقة النفوذ الأمريكي التقليدي في الشرق الأوسط.

وضمن هذه الاستراتيجية نجحت الصين في تحقيق مصالحة تاريخية  بين إيران والسعودية (عبر المباحثات التي جرت بين الطرفين  بين 6 و10 آذار 2023 ) وبهذه الخطوة الأخيرة  استطاعت الصين أن تؤمن لنفسها مكانا كبيرا في الشرق الأوسط  كوسيط وضامن ذو نفوذ كبير.

والحقيقة أن الاتفاق بين السعودية وإيران كان إنجازا كبيرا للدبلوماسية الصينية , تقول كاميله لونس وهي باحثة في  المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية : “الاتفاق  يمثل تحولا كبيرا في السياسة الخارجية الصينية التي ظلت حتى الآن تنأى بنفسها عن مناطق الصراع “.

لا شك أن هذه التطورات تحدث في فترة تخلت فيها أمريكا عن التزاماتها تجاه حلفائها في السعودية والخليج وفي بعض البلدان العربية, بيد أن أمريكا ترفض فكرة تخليها عن حلفائها وشركائها في الشرق الأوسط إذ يقول جون كيربي المتحدث باسم المجلس القومي الأمريكي حول الاتفاق السعودي الإيراني :” لا يتعلق الأمر بالصين نحن ندعم  أي جهد لتهدئة التوترات في المنطقة ونعتقد أن هذا في مصلحتنا”.

وضمن الاستراتيجية الصينية الجديدة جاءت القمة الصينية الروسية  في موسكو بين الزعيم الصيني بينغ والرئيس الروسي بوتين بتاريخ20 / 3 / 2023  وهو لقاء يعتقد أنه يهدف إلى تعزيز التحالف بين بكين  وموسكو في مواجهة أمريكا وإن كان  يهدف ظاهريا لحل الصراع في أوكرانيا من خلال مقترحات تقدمت بها بكين لموسكو. وحسب وكالات الأنباء فقد أطلع الرئيس بوتين على المقترحات وقال لنظيره الصيني أنه ينظر إليها بعين الاحترام  والاهتمام  وأن بلاده منفتحة  دائما على عملية التفاوض  وتحترم الخطة الصينية بشأن أوكرانيا.

ولكن الجانب الأمريكي وعلى لسان بلينكن وزير الخارجية شكك بمقترحات بكين للسلام وقال :

 “على العالم ألا ينخدع  بأي قرار تكتيكي من جانب روسيا بدعم من الصين أو أية دولة أخرى”. وأضاف بلينكن: ” أن الولايات المتحدة ترحب بأي مبادرات دبلوماسية من أجل سلام عادل ودائم “.

 وأردف الوزير بلينكن: ” أن الدعوة  إلى وقف إطلاق النار لا يشمل إخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ستكون عمليا دعما  للمصادقة على الغزو الروسي …….وإذا كانت الصين  ملتزمة بدعم إنهاء الحرب على أساس ميثاق الأمم المتحدة…….  فإن عليها استخدام نفوذها لإجبار موسكو على سحب قواتها “.

والحقيقة أن القمة الروسية الصينية  في موسكو جاءت لتؤكد وقوف الصين إلى جانب روسيا  في ظل الاحتدام السياسي والعسكري  والاقتصادي  والثقافي  بين روسيا  من جهة  وحلف الناتو  بقيادة أمريكا  من جهة أخرى الأمر الذي أطاح بمراهنات الغرب على استمالة الصين وإبعادها إلى منطقة الحياد. والمقترحات الصينية لحل الصراع الروسي الأوكراني ليس سوى ذر الرماد في العيون .

زر الذهاب إلى الأعلى