النظام السوري بين التمسك بإيران والعودة للحاضنة العربية

تأتي زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا في وقت تحاول الدول العربية حل الأزمة السورية وإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية. حيث شهدت العاصمة دمشق في الآونة الأخيرة حركات مكوكية وعدة زيارات من قبل وزراء خارجية الدول العربية “مصر والسعودية والإمارات”، إلى جانب الزيارات التي قام بها وزير خارجية النظام للدول العربية، وفي آخر اجتماع والذي قد يكون بداية لسلسة اجتماعات عربية فقد أكد وزراء خارجية السعودية والأردن والعراق ومصر خلال الاجتماع المنعقد في عمان 1/5 وبحضور وزير خارجية النظام على ضرورة “إنهاء الأزمة السورية عبر حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254،والعمل على استئناف أعمال اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن، وفي سياق الخطوات السياسية المستهدفة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، كما تم التشديد على إيصال المساعدات الإنسانية والطبية لكل من يحتاجها من الشعب السوري في جميع أماكن وجوده في سوريا وتعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين”. وبحسب مصادر دبلوماسية: الجامعة العربية تعقد الأحد المقبل 8/5 اجتماعين على مستوى وزراء الخارجية بشأن السودان وسوريا. يبدو أن الدول العربية قد أبدت مرونة في التعامل مع النظام السوري لحل الأزمة السورية، ولا شك أن الدول العربية المعنية بالأزمة السورية لديها مخاوف من التمدد الإيراني والتركي في سوريا وعلى النظام السوري المبادرة لإيجاد حل يساعده للعودة إلى الحاضنة العربية وينهي الأزمة ويخرج الشعب السوري من أزمته الاقتصادية التي باتت تتفاقم في الآونة الأخيرة مع انهيار الليرة السورية لمستويات تاريخية حيث تجاوز الدولار عتبة 8300  ليرة.

من جانبه فالنظام الإيراني غير راضٍ عن التحركات العربية تجاه دمشق على الرغم من وجود انفتاح دبلوماسي بينها وبين المملكة العربية السعودية، لذا قام الرئيس الإيراني بزيارة إلى دمشق تحمل معه عدة رسائل موجهة للنظام السوري وللدول العربية هذه الرسائل تتمحور حول الدعم المستمر للنظام السوري وعدم السماح للنظام بتقديم أي تنازلات للدول العربية بما يخص التواجد الإيراني العسكري والمصالح الإيرانية الاقتصادية في سوريا وتكريس للنفوذ الإيراني، فإيران إلى جانب روسيا قد وضعتا يديهما على جميع موارد وثروات سوريا بسبب تنازل النظام لهما عن ثروات الشعب السوري مقابل الحصول على دعمهما وهي من الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية في سوريا، وإن هذه الزيارة تأتي لنسف التحركات العربية وتأكيداً على العلاقات القوية العسكرية والاقتصادية والايدلوجية التي تربطها مع النظام.

إن محاولات الدول العربية لرأب الصدع مع دمشق وإعادة سوريا إلى حاضنته العربية قد تبوء بالفشل ما لم يتخذ النظام خطوات جدية من منطلق المصلحة الشعبية والعربية لإخراج الشعب السوري من المجاعة التي يقبع فيها، إلا أن النظام السوري القابع تحت الحكم الروسي والإيراني لا يملك القرار السياسي لاتخاذ خطوات تجاه المحور العربي لإنهاء الأزمة، كما لا يمكن له تقديم تنازلات تتعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا ويبرر موقفه بأن إيران وقفت إلى جانبه خلال الأزمة السورية بعكس الدول العربية، محملة الدول العربية سبب الأزمة السورية.

وفي هذا السياق لا يمكن للأزمة السورية أن تنتهي وتنهي معها معاناة الشعب السوري ما لم تتم مصالحة وطنية وأخذ المبادرات الداخلية لحل الأزمة السورية على محمل الجد ومن ثم عودة سوريا إلى حاضنتها العربية القادرة على إخراج سوريا من أزمتها وإعادة إعمار سوريا، إلا أن النظام ومن منطلق مصلحته الضيقة ومصلحة المشروع الإيراني يجعل من التحركات العربية في مهب الريح وتزيد من معاناة الشعب السوري الذي سيمر عليه أشهر وسنوات صعبة نتيجة السياسة التي ينتهجها النظام في كيفية حل الأزمة.

زر الذهاب إلى الأعلى