خبايا العملية التركية ودوافعها والمواقف الدولية

عبدالرزاق علي

 كلّما اقتربت الانتخابات التركية ازدادت الطغمة الحاكمة في تركيا ضراوة وشراسة، وبدأت تكيل الاتّهامات يميناً وشمالاً، وبات معروفاً لدى القاصي والداني سياسة هذه الطغمة المضطربة والمتأرجحة دولياً وإقليميًا وداخليًا، كما لا يخفى على أحد مواقف أردوغان المتذبذبة وخطوطه الحمراء في أكثر من موقف وجهة، وما إخراج المسرحية الهزلية الأخيرة في اسطنبول إلّا خير مثال على خططه المُعَدّة مُسبقاً والممنهَجة، والغاية منها تصدير الأزمة الداخلية واستثمارها للفوز بالانتخابات، لأنّ ثمّة اعتقاد بأنّ الانتخابات المقبلة باتت محسومة النتائج في صفوف المعارضة، وإنّها بالمطلق سوف ترسم نهاية لحكم العدالة والتنمية ورئاسة أردوغان للجمهورية، ولم يعد بمقدور أردوغان أن يعيد التوازن إلى الاقتصاد التركي، ولا يمكن ضبط قيمة صرف الليرة ولا خفض مستوى التضخّم بصورة ملموسة، وكعادته بدأ يلوّح بالهجوم البرّي معلّقاً كلّ أخطائه على شماعة حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، متذرّعاً بأمنه القومي، فبدأ يشنّ حملة شعواء ضدّ مناطق الإدارة الذاتية بهذه الذريعة، واستخدم القوّة المفرطة من قصف للطائرات الحربية والمُسيّرة من أقصى الشرق إلى الغرب، مستهدفاً البنى التحتية والمنشآت النفطية ومحطّات الكهرباء، والقرى الآمنة لم تسلم من شره والمخيّمات التي تأوي جميع إرهابي داعش، وهو الإرهابي الأوّل والأخير الذي يهدف من وراء هذه الاستهدافات إحياء داعش من جديد وتهريبهم من المعتقلات أوّلاً، و زعزعة الاستقرار والفوضى وخلط الأوراق ثانياً، ونشر الهلع والذعر بين المواطنين الآمنين لدفعهم نحو النزوح ثالثاً، و نقض اتفاقية خفض التصعيد من قبل الدول الضامنة وتصعيد هجماته وهذا رابعاً.

السؤال الذي يطرح نفسه: ما موقف هذه الدول الضامنة؟ وسأدخل إلى الموضوع من هذه الزاوية، أمريكياً ، قال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية (نيد برايس) للصحفيين إنّ “الولايات المتّحدة قلقة للغاية إزاء ما يجري”، وأضاف: ندين أيّ تصعيد، ونؤيّد الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الراهنة. وتابع قائلاً: ندرك المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا على حدودها الجنوبية، لكن أي هجوم جديد سيزيد من تقويض الاستقرار الإقليمي، وسيعرض القوات الأمريكية المنضوية في حملة التحالف ضد تنظيم داعش للخطر. وكذلك حذّرت تركيا بأنّ ضرباتها الجوية في سوريا ستؤثّر عليها.

أمّا القصف التركي للعراق فهو استخفاف بالدم العراقي وخرق للسيادة ويعدّ إعلان حرب، وكذلك قال ماكفورت بأنّ “هذه الهجمات تؤثّر على حياة المدنيين وتعرضهم للخطر الشديد، وطلب من تركيا التوقّف عن التصعيد فورًا “.

وكذلك قال المبعوث الأمريكي (نيكولاس كرينجر): إنّ بلاده تعارض بشدّة الهجمات التركية على المنطقة.  ودعا إلى وقف فوريّ للتصعيد .

أمّا على الصعيد الروسي: فروسيا ترفض عملية تركية واسعة، وتحثّ تركيا على عدم استخدام القوّة المفرطة، وتريد الإبقاء على خفض التوتّر في المنطقة المستهدفة برّيًا وتفضّل الحوار السياسي وتشجّع تركيا للتطبيع مع الأسد.

وكذلك ردود الإدانة الدولية تكاد تكون متفاوتة وهزيلة والقسم الأعظم التزم الصمت.

أمّا على صعيد قوات سوريا الديمقراطية فقد أدانت التفجير الإرهابي و أوضحت موقفها منذ اللحظة الأولى بأنّها عملية مخابراتية، وكذلك علّقت تنسيق العمليات مع التحالف لإشعار آخر، وناشدت الدول الضامنة لوقف إطلاق النار، وكذلك أوضحت خطورة السجون والمخيّمات والإرهابيين في ظلّ التصعيد التركي، وأبدت استعدادها للدفاع عن مكتسباتها ضدّ أي هجوم برّي .

زر الذهاب إلى الأعلى