اتفاق قسد والنظام لفتح معبر تل كوجر

لا يُخفى على أحد الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها النظام السوري نتيجة استفحال الأزمة والفساد المستشري في مفاصل الدولة، وللخروج من هذه الأزمة تحاول روسيا تعويم النظام، ومن طرق تعويمه: السيطرة على المعابر الحدودية وإدخال المساعدات الأممية عن طريق المعابر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. لذا فإن روسيا لن تتوانى في استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن ضد أي مشروع يهدف إلى فتح المعابر الخارجة عن سيطرة النظام، وذلك لإجبار المجتمع الدولي التعامل مع النظام مقابل إيصال المساعدات الأممية إلى المتضررين من الأزمة.

معظم المعابر الحدودية خارجة عن سيطرة النظام عدا معبر نصيب مع الأردن ومعابر لبنان الخمسة التي تشهد حركة تجارية خفيفة، أما المعابر في الشمال السوري فهي تخضع لسيطرة الفصائل الجهادية معبر “باب الهوى” المخصص لإدخال المساعدات الأممية إلى الداخل السوري بعد توصل روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق في شهر تموز من عام 2021.

 وفي شمال وشرق سوريا هناك معابر واقعة ضمن مناطق الإدارة الذاتية، فقد تم تداول معلومات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بحصول تفاهمات حول فتح معبر تل كوجر والتوصل إلى اتفاق بين الإدارة الذاتية والنظام وبرعاية روسية لفتح المعبر ورفع علم النظام “أي تسليم المعبر للنظام مقابل إدخال البضائع إلى الداخل”. هذه البروباغندا التي تمارسها روسيا تأتي في وقت تشهد فيه مناطق الإدارة الذاتية حصاراً اقتصادياً من جميع الأطراف في محاولة منها لتجويع المنطقة وإحداث أزمات اقتصادية لتأليب الداخل على إدارتهم الذاتية وخلق فوضى وعدم ثقة لإنهاء مشروع الإدارة الذاتية، وفرض الأمر الواقع على الإدارة الذاتية لإجبارها على تسليم معبر تل كوجر للنظام لإدخال المساعدات لإخراج المنطقة من الأزمة. وفي سياق متصل فقد رفضت روسيا مشروع القرار الذي اقترحته إيرلندا والنروج العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المسؤولان عن الملف الإنساني السوري في العام الماضي الذي ينص على توسيع نطاق آلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا بحيث تشمل معبر تل كوجر الحدودي مع العراق. بالإضافة إلى اقتراح قدمه “مسد” ضمن لقاءاتها مع الروس في موسكو العام الماضي لفتح معبر تل كوجر ضمن صفقة تتعلق بالنفط والثروات الباطنية في شمال وشرق سوريا، لكن لم يتوصل الطرفان إلى أي اتفاق موقع. وبالتالي فإن مصالح تلك الأطراف “روسيا والنظام” فوق جميع الاعتبارات الإنسانية، ما لم يتمكن المجتمع الدولي في الضغط على روسيا لفتح المعبر، أو تقوم بإدخال المساعدات الإنسانية بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دون الرجوع إلى مجلس الأمن.

فروسيا لها أهداف واضحة منها تعويم النظام وإعادته إلى مناطق الإدارة الذاتية والسيطرة الكاملة على المعابر وتقويض الإدارة الذاتية، ولن تدخر أي فرصة للضغط على الإدارة الذاتية مستغلة الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة جراء موجة الجفاف وإغلاق المعابر مع استمرار القصف التركي الذي يؤثر على استقرار المنطقة، فروسيا تريد الحصول على تنازلات كبيرة من الإدارة الذاتية وتسليم المعبر بالكامل للنظام وهو ما ترفضه الإدارة الذاتية لأن ذلك سيخدم مناطق النظام بالدرجة الأولى على حساب مناطق الإدارة الذاتية. ومن هنا فلا روسيا ولا النظام لديهما أية نية لخدمة شعوب المنطقة مهما كان حجم التنازلات، إنما هدفهم خدمة مصالحهم ونهب ثروات المنطقة والحفاظ على مصالحهم وأجندتهم وإنهاء أي مشروع ديمقراطي في المنطقة يقوض سلطتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى