موقف السويد من الإدارة الذاتية

يبدو موضوع انضمام كل من السويد وفنلندا إلى حلف الناتو أمراً ذا أهمية كبرى للغرب والاتحاد الأوروبي وعلى رأس القائمة الولايات المتحدة الأمريكية بسبب موقعهما الجيوسياسي وهذا الأمر ينبري على ثلاث  اتجاهات:

– الاتجاه الأول: الانضمام بالنسبة لكل من السويد وفنلندا بات أمراً ملحاً وتحديداً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الأمر الذي يهدد سيادة الدولتين روسياً كما الحال في أوكرانيا حيث لم يعد سياسة عدم الانحياز مجدية فلذلك سارعت كل من الدولتين للانضمام، لما لهذا الطلب من فوائد جمة لهما وأول مزاياه الدفاع والحماية والاقتصاد والمبادلات التجارية والعسكرية.

أما الاتجاه الثاني: أوروبياً وأمريكياً فيعود عليهما وعلى الحلف بفائدة قصوى كقواعد متقدمة ومتاخمة للحدود مع روسيا,

 أما الاتجاه الثالث: روسياً وتركياً- أبدت روسيا استياءها الشديد تجاه هذا الموقف لأن عملية الانضمام يعني بأن الحلف أصبح على تخوم الحدود الروسية وعلى تماس مباشر معها، الأمر الذي أثار حفيظتها واستيائها. أما تركيا أرادت أن تستثمر هذا الانضمام بجملة من الشروط ومن أهمها بأنها غير موافقة لأن السويد وفنلندا أصبحتا دور ضيافة (للمنظمات الإرهابية) على حد زعمها وتقصد بذلك حزب العمال الكردستاني وأنصار فتح الله غولن ولم تكتف بذلك فقط بل طالبت بتسليم المطلوبين وعددهم ثلاث وثلاثون شخصية للدولة التركية وكذلك بقطع العلاقة مع الإدارة الذاتية وعدم دعمها ومتابعة إرسال قطع الغيار وشحنات الأسلحة لتركيا وأشترط على عملية الانضمام بخطوات ملموسة وبالتزامات مكتوبة. بهذا الصدد قال /بول ليفين/ مدير معهد الدراسات التركية في جامعة ستوكهولم أن تبديد الاعتراض التركي في الأيام المقبلة ممكن لكنه سيكون صعباً لأن الأمر منوط بتقديم تنازلات من الطرفين ليصار إلى التسوية. وعلى صعيد السويد وفنلندا باتت المصالح هي سيدة الموقف وهي التي تثبت المواقف وتغيرها فلذلك لجأت السويد وفنلندا إلى التفاوض والدخول في صفقات مع تركيا وبرعاية الأمين العام للحلف كتسريع عملية الانضمام وتوصلت الأطراف الثلاثة إلى مذكرة تفاهم تنص على أخذ مخاوف الأمن القومي التركي بعين الاعتبار وكذلك عدم تقديم أي دعم لوحدات الحماية ( YPG)وحزب الاتحاد الديمقراطي /PYD/ وما يعرف في تركيا بمنظمة /فيتو/ أو القيادة المتنفذة في جماعة غولن وتتعهد الدولتان وفق مذكرة التفاهم بمنع أنشطة حزب العمال الكردستاني وجميع المنظمات الأخرى وامتدادها والأشخاص الموجودين في المؤسسات المرتبطين بها والأشخاص المرتبطين بهذه المنظمات وستباشر الدولتان التحقيق في أنشطة جمع المال وحشد الأنصار من قبل هذه المنظمات وكذلك رفع منسوب الحوار كما اتفقت الدول الثلاث على التعاون فيما بينها لمنع هذه الأنشطة.

ويبدو الأمر جلياً بأن السويد وفنلندا استجابتا للضغوط التركية والشروط المنصوص عليها في مذكرة التفاهم وتجلى ذلك بوضوح في سلوك وتصريحات المسؤولين الكبار من الدولتين بأنهما رضختا تماماً لتركيا وتخلتا عن مبادئهما الديمقراطية أما موقف الإدارة الذاتية إزاء ما جرى ويجري فقد جاء على لسان (شيار علي) ممثل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في الدول الاسكندنافية: نحن ضد تسليم أي سياسي في أي بلد كان كمفهوم ومبدأ . معتبراً أن هذا القرار غير عادل وتراجعاً عن المبادئ الديمقراطية وحقوق الأنسان . وإن تنفيذ هذا القرار سيؤثر على المجتمع السويدي والفنلندي بشكل خاص ويؤثر على الجالية الكردية الكبيرة جداً لما لها من دور سياسي وثقل اجتماعي في كل من الدولتين.

وتابع (علي) بأن هذا القانون خطر وغير إنساني ويفضل الإدارة التركية على هاتين الدولتين حيث تراجعت السويد وفنلندا عن بعض مبادئهما كدول ديمقراطية تستقبل الناس والأشخاص السياسيين والهاربين من ويلات الحرب والإرهاب والاضطهاد السياسي والديني.

زر الذهاب إلى الأعلى