الزيارة السرية  للرئيس الأمريكي إلى أوكرانيا “الأسباب والدّلالات والنتائج”

المقدمة :

وصف البيت الأبيض الزيارة المفاجئة لبايدن إلى كييف بأنها غير مسبوقة في الزمن الحاضر، على عكس الرحلات الرئاسية السابقة إلى بغداد وكابول أوقات الحرب التي كانت مدعومة بحضور عسكري كبير. وقالت مديرة الاتصالات في البيت الأبيض كايد ينيفيغيلد: ” كانت تلك مخاطرة يجب ألا نترك مجالا للشك في ذهن أي أحد بأن جو بايدن قائد يأخذ تعهداته على محمل الجد “.

والحقيقة أن زيارة الرئيس الأمريكي إلى وارسو عاصمة جمهورية بولندا مساء الاثنين بتاريخ 20 شباط 2023، كانت مقررة ومعلن عنها, وحسب المعلومات أن الرئيس كان قد اتخذ القرار النهائي لزيارة كييف في يوم الجمعة الذي سبق يوم الاثنين, وقد أظهر الجدول الرسمي للبيت الأبيض أن الرئيس سيقلع إلى وارسو عند السابعة مساء يوم الاثنين، لكن في الواقع أقلعت الطائرة صباح الأحد عند الساعة الرابعة والربع حسب التوقيت المحلي, ووفقا لمستشار الأمن القومي مايك سوليفان فقد أبلغ الأمريكان الروس بشأن الزيارة قبل إقلاع طائرة بايدن بساعات قليلة  .

الرحلة من وارسو إلى كييف – الدلالات والإشارات:

استقل الرئيس الأمريكي القطار من وارسو (ربما لأسباب أمنية )، واستغرقت الرحلة الشاقة عشرة ساعات للوصول الى كييف  وهذا ليس أمرا اعتياديا باعتقادنا، وإن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الرئيس الأمريكي قرر الالتزام إلى ما لا نهاية  بدعم كييف والشعب الأوكراني ضد الاعتداء والاحتلال الروسي  ولن يسمح لبوتين تحقيق أهدافه العدوانية في أوكرانيا .

والتقى الرئيس الأمريكي في وارسو قادة دول وسط وشرق أوربا واتهم بكين صراحة بأنها تعمل من أجل دعم روسيا عسكريا من أجل مواصلة الحرب في أوكرانيا. وأكد الرئيس الأمريكي للرؤساء التسعة الأعضاء في الناتو ( وهم يمثلون الجناح الشرقي لحلف الناتو ) التزام أمريكا  تجاه حلف الناتو  بأنه ” مقدس،  وسندافع عن كل شبر من الناتو وإن أوكرانيا ليست وحدها على المحك بل الحرية  وإن الصراع في أوكرانيا لا يتعلق فقط بحرية الأوكرانيين، ولكن بحرية الديمقراطيات  في جميع أنحاء أوربا  والعالم  “.

والأمر المثير للانتباه هو زيارة وزير خارجية الصين وانغ بي إلى موسكو ولقائه بالرئيس بوتين بالتزامن مع لقاء الرئيس الأمريكي مع قادة دول أوربا الشرقية في وارسو. وأعلن بوتين أن الرئيس الصيني سيزور روسيا وأن العلاقات بين الطرفين وصلت إلى حدود جديدة وأكد لوزير الخارجية الصيني أنه يرغب في إجراء محادثات مع الزعيم الصيني بشأن الوضع الدولي الراهن الذي وصفه بـ ” الصعب “. وصرح الوزير الصيني ” بأنه لا تخضع العلاقات الصينية – الروسية لضغوط دول أخرى، وإن البلدين مستمران  بتعزيز التعاون الاستراتيجي “. وأكد الوزير الصيني  للرئيس بوتين ” معا ندعم تعدد الأقطاب  والديمقراطية في العلاقات الدولية ” .

المواجهة المحتملة :

لا شك أن الصين تدعم روسيا اقتصاديا رغم كل العقوبات الأمريكية على روسيا، وسجلت العلاقات التجارية بين بكين وموسكو رقما قياسيا بلغ 190 مليار دولار خلال عام  2202 بزياد  30%عن عام 2021 . هذا ولم تعلن الصين عن أي إدانة حتى الآن للغزو الروسي .

وتلمح أمريكا في أكثر من مناسبة إلى أن الصين تدرس كيفية  تزويد روسيا بالأسلحة والذخيرة الفتاكة وهي مزاعم تنكرها الصين بشدة, واذا ثبت أن الصين ستدعم روسيا عسكريا فإن ذلك ( حسب تصريح وزير خارجية أمريكا) سيعني عواقب وخيمة على الصين  ويمكن أن يتسبب في تبعات خطيرة.

النتائج :

لاشك إن إمدادات الأسلحة الصينية المحتملة  لروسيا سوف تهدد مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية وسوف تشكل تصعيداً للحرب الأوكرانية, ومن الممكن أن تؤدي إلى مواجهة بين روسيا والصين من جهة وأوكرانيا وحلف الناتو وأمريكا  من جهة أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى