الأهداف التركية في شمال وشرق سوريا

الأهداف التركية في شمال وشرق سوريا

 

إن الأزمة الاقتصادية والسياسية التي باتت تعصف بحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة أردوغان  من خلال سياساتها القمعية الداخلية والتوسعية الخارجية أدت إلى انهيار حاد في صرف  الليرة التركية التي وصلت إلى مشارف عشرين ليرة تركية مقابل الدولار الواحد والاستعداد لهجمات جديدة على سوريا بذريعة تفجير إسطنبول الذي راح ضحيته العشرات ما بين قتيل وجريح و اتهام قوات سوريا الديمقراطية (QSD) بالوقوف خلف هذا التفجير عبر تصريحات متناقضة من وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الذي تحدث بأن منفذة الهجوم تلقت تدريبات على يد قوات سوريا ديمقراطية  في كوباني ودخلت عبر عفرين المحتلة وتارة أخرى تحدث بأن المسؤولة عن التفجير تلقت تدريبات في منبج ودخلت الأراضي التركية من الباب أو إعزاز الخاضعة لسيطرتها أصلا.

فتركيا تطمح من خلال هذه العملية العسكرية الجديدة التي سمتها (مخلب السيف) في تحقيق عدة أهداف تعتبر استراتيجية لها من الناحية السياسية والاقتصادية ولتوظيفها في الانتخابات القادمة.

1- الهدف الأول: طالما أعلن أردوغان عن هدفه بإنشاء ما يسمى بمنطقة عازلة “منطقة آمنة ” بعمق 32كيلومتراً في شمال وشرق سوريا لحماية أمنها القومي وينظر إلى قوات سوريا الديمقراطية بأنها قوات إرهابية وتحمي كيان إرهابي(حسب زعمه) وتشكل خطراً على أمن تركيا ويجب إبعاد هذه القوات عن طول حدودها مع شمال السوري.

2- الهدف الثاني المعلن هو إعادة توطين مليون لاجئ سوري قسريا في تلك المنطقة ،حيث  يعيش ما يقارب 3 مليون لاجئ سوري على الجغرافية التركية وتوطينهم على أراضي غيرهم بعد ترحيل سكانها الأصليين كما حدث في عفرين المحتلة عندما قامت تركيا بتهجير سكانها الأصليين و استقدمت المرتزقة وعائلاتهم وتم توطينهم في منازل المهجرين قسراً من عفرين.

3- الهدف الثالث أن القيام بحملة جديدة على شمال وشرق سوريا يدعم موقفه في الانتخابات المقبلة والتي تكشف استطلاعات الرأي بأن شعبية حزب العدالة والتنمية في تركيا هي في أدنى مستوياتها  مقابل المعارضة التي تزداد أصواتها يوميا .

ولذلك في هذا التوقيت ومع تفجير إسطنبول وجدت تركيا ضالتها  بالهجوم على شمال وشرق سوريا، حيث هددت بتدمير كل شيء وشن عملية برية جديدة  ضد ملايين السوريين في تلك المناطق  وبدأت باستهداف البنية التحتية والمرافق الحيوية ومحطات الكهرباء إلى جانب آبار النفط والغاز والممتلكات العامة والخاصة ، بالرغم من إعلان بعض الدول رفضهم للتصعيد في الشمال السوري ولا سيما الدول الفاعلة ، و في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والتي أعلنت عن رفضها لأي عمل عسكري على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية  بقوله : “نعارض بشدة أي عمل عسكري جديد في شمال وشرق سوريا وأي عمل عسكري يهدد حياة جنودنا المتواجدين على الأرض والسكان للخطر وستقوض الجهود المبذولة في محاربة داعش وتهدد حياه المدنيين”.

فالموقف الأمريكي جاء بالتزامن مع مواقف مماثلة لكل من الاتحاد الأوربي وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى روسيا وإيران وحتى الأمم المتحدة.

وهذا ما أكده القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي ” بقوله: ” إن واشنطن وموسكو أعربتا عن رفضهما للمخططات التركية الجديدة وأكّدت في الوقت نفسه عن استعدادات عسكرية كبيرة لقوات سوريا الديمقراطية ، وتوعد بمقاومة كبيرة ومعارك مختلفة عن سابقاتها بمشاركة كل أطياف ومكونات المجتمع السوري وإشعال كامل شمال وشرق سوريا  في وجه الاحتلال التركي”.

ومن هنا يمكننا القول أو الجزم ووفقاً للمعطيات المذكورة بالإضافة إلى تعقيدات الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على المنطقة بشكل عام وسوريا وأزمتها بشكل خاص فإن العملية العسكرية التركية قد لا تحدث أو بعبارة أدق لن تسمح بها الولايات المتحدة الأمريكية مما قد يدفع بأردوغان إلى ممارسة المزيد من الانتهاكات عبر المسيرات والقصف المدفعي على بعض المناطق  مما يمهد الطريق أمام أردوغان للابتزاز في الخارج واستغلال مواقف بعض الأحزاب في المعارضة في الداخل مع اقترب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، فالعملية العسكرية التركية في الشمال السوري والمسماة ( مخلب السيف ) لن تنجح إلا بالحصول على ضوء أخضر من الأطراف الدولية الفاعلة ويبدو أن تركيا لم تحصل عليه حتى اللحظة رغم محاولاتها المستميتة واستخدامها لكل الأوراق بغية البدء بعمليتها .

 

زر الذهاب إلى الأعلى