المناطق المتنازع عليها
كمال محمد
حاولت القوى الكردستانية في العراق العودةَ الى المناطق المتنازع عليها بين العراق وإقليم كردستان التي حدّدتها المادة 140 من الدستور العراقي من خلال الانتخابات المجالس المحافظات، وكانت النتائج وبالرغم من تراجعها بنسبة 24 % من الانتخابات الماضية كفيلة بأن يخرج الكرد وخاصة في كركوك للاحتفال متأملين العودة الى إدارة مدينتهم.
وبالخوض في نتائج الانتخابات وأخذ مدينة كركوك كعيّنة لباقي المناطق المتنازع عليها، فقد أثبت الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل جلال الطالباني من خلال حصوله على 5 مقاعد بأنّه من يعبر عن إرادة الشعب الكردي في كركوك مقابل حصول الديمقراطي الكردستاني على مقعدين والتركمان على مقعدين والعرب -بتحالفات مختلفة- على ستة مقاعد.
وربما أستطاع الاتحاد الوطني الكردستاني أنْ يردّ من خلال نتائج الانتخابات في كركوك اتهامات الخيانة بحقه من قبل الديمقراطي الكردستاني ومؤسسته الإعلامية أعقاب الاستفتاء العام الحاصل في 2017 والتي أدّت الى نتائج كارثية، من انتزاع المدينة من محافظها الراحل نجم الدين كريم وتعيين راكان سعيد الجبوري من قبل حيدر العبادي رئيس الحكومة آنذاك وانسحاب البيشمركة واستلام الجيش العراقي زمام الامور في المدينة ونزوح الآلاف من الكرد نحو أربيل والسليمانية.
وبكل تأكيد أنه كان للشعب الكردي في كركوك أسبابه ودوافعه في اختيار مرشحيه لتمثيله في مجلس المحافظة، الإرث الكبير الذي تركه الراحل جلال الطالباني ونجاح الاتحاد الوطني في إبقاء مجلس المحافظة بيدها منذ 2005 الى 2017.
وربما يكون التقارب بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التحرر الكردستانية إحدى تلك المعطيات والأسباب، فمعارك 2014 في كركوك وهجمات داعش عليها وانضمام قوات الدفاع عن الشعب للمعارك بجانب بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني دون شرطٍ أو تأخير لاتزال حاضرة في ذاكرة اليوم ونتائج الانتخابات.
كما كان التقارب بين الاتحاد الوطني والادارة الذاتية الديمقراطية في روج أفا ومدّ يد العون من الأسباب التي قد تجعل الناخب الكردي في كركوك يدلي بصوته للاتحاد الوطني الكردستاني.
قد يكون كلّ هذا دليلاً على أنّ الكرد في كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها كانوا قادرين على العودة والمشاركة بقوة ودخول الانتخابات بقائمة موحدة، فالأصوات المهملة لتحالفات ضعيفة وأحزاب صغيرة مثل الجيل الجديد والاتحاد الإسلامي وجماعة العدل الإسلامية والحزب الاشتراكي كانت كفيلة بقيادة المجلس دون السّعي واللجوء الى تحالفات مع القوى الأخرى، فعلى سبيل المثال ستطاع الحزب الشيوعي الاستفادة من أصوات ناخبيه من خلال تحالفه مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وإضافة مقعد مقابل إهمال آلاف الأصوات للأحزاب الكردية الصغيرة التي ذكرناها.
كما نستطيع إسقاط كل ذلك على النتائج في نينوى إلّا أنّه في نينوى كان لعامل عدم الاستقرار وبالإضافة إلى محاربة الإدارة الذاتية المعلنة في سنجار من قبل الداخل والخارج الصوت الأقوى في نتائج الانتخابات وكان سببا في تشتت أصوات الكرد وبالتالي سببا في تشتت مقاعد الكرد بين القوى المختلفة بالرغم من التشابه بين النتائج الحالية مع الانتخابات السابقة، مع العلم بأنّ الديمقراطي الكردستاني تحالف مع قوى أخرى وأجبر مقاعد الاتحاد الوطني العمل كمعارضة في الانتخابات السابقة
ستبقى الكلمة الفصل لتحالفات جديدة في ظل الانقسامات الحاصلة بين القوى العراقية وبروز تحالف (تقدم) بقيادة الحلبوسي رئيس مجلس النواب السابق في بغداد في المرتبة الاولى ودولة القانون بقيادة المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق في المرتبة الثانية، إلّا أنّ التحالفات اللاحقة ربما ستجعل من مقاعد الحلبوسي الأقليّة في مقابل تحالفت القوى الشيعية في بغداد.
أما في كركوك سيكون للمقعدين التركمانيين الأهمية الكبيرة كونها ستكون بيضة القبان لصالح التحالف الذي سيشكل المجلس، وربما نتفاجأ بتحالف أحد الحزبين الكرديين مع الأحزاب العربية المتناقضة ضمن تفاهمات معينة وتوزيع معين، فيكون لنينوى التعقيد الأكبر في ظل التشتت الكردي هناك وبالرغم من تشابه النتائج الحالية مع النتائج الانتخابات السابقة، إلّا أنّ التباعد بين القوى الكردية في نينوى سيؤدي الى تهميش مقاعدهم وإنْ تحالفت مع القوى الأخرى.
المقالة تعبر عن رأي الكاتب