التقارب المصري – الإيراني.. تموضعٌ جديد أم تحالفات قادمة

د. أحمد سينو

د. أحمد سينو

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

بدا واضحاً للعيان إهمال الدور المصري في الكثير من المسائل الهامّة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد تولّي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية وزيارته للمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات؛ وقد نتج عن إهمال الدور المصري من قبل الدول الخليجية، خاصة المملكة العربية السعودية، التوتّر الأخير بين الجانبين بعد أن كانت مصر الدولة العربية الأولى التي تتقرّب منها الدول العربية، خاصة الخليجية منها، وقد كانت مصر بمثابة الأخ الأكبر لمعظم الدول العربية، كما جاء الإهمال مُتعمَّداً من قبل الولايات المتحدة؛ وذلك على خلفية الرفض المصري استقبال اللاجئين من غزة بعد المعارك المستمرّة والتدمير الشامل الذي طال البنية التحتية في غزة نتيجة رفض حماس تسليم الرهائن الأحياء وجثث الموتى لإسرائيل.

القلق الذي انتاب الرئيس السيسي، ومحاولته الخروج من الشرنقة السعودية والأمريكية قد دفعته لاستقبال وزير الخارجية الإيراني، وذلك على هامش المفاوضات النووية الإيرانية التي أعلن خلالها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية رفض الشروط الأمريكية؛ ورغم استمرار الولايات المتحدة في سياسة الضغط الأقصى إلّا أنّ المفاوضات لاتزال شبه متوقّفة رغم السعي الحثيث الذي تبديه سلطنة عمان، ورغم أنّ الرئيس المصري يؤكّد على ضرورة التهدئة ومنع حرب شاملة، وطالب بوقف إطلاق النار في غزة والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة؛ وذلك في محاولة من السيسي إظهار نوع من التوازن بتلميع صورته إقليمياً ودولياً، لكن دون جدوى؛ فالتهميش الأمريكي والسعودي قد طاله في الآونة الأخيرة؛ وقد أشاد وزير الخارجية الإيراني بالدور المصري والسعي إلى التهدئة والحوار لحل كافة القضايا العالقة في المنطقة؛ وكأنّ ذلك كان ردّاً على السعودية عندما قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بالصلاة في الجامع الأموي، فردّ وزير الخارجية الإيراني، عراقجي، بالصلاة في مسجد الحسين في القاهرة، وهذا ما قد يدفع الجانبين الإيراني والمصري لمراجعة وتقييم علاقاتهما مجدّداً، خاصة أنّ المملكة العربية السعودية قد تململت من تقديم المساعدات المالية لمصر، في الوقت الذي كانت فيه السعودية كريمة جدّاً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فوهبته تريلونات الدولارات.

ولعل من دواعي تقارب مصر مع إيران هو: أنّ السعودية قد جمّدت المفاوضات مع مصر دون حتى أن تقدّم مبرّرات لذلك؛ وهو ما دفع بمصر لأن تبحث عن بديل عن المملكة العربية السعودية، ولعل الأمر ذاته كان مع دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة فيما يتعلّق بسدّ النهضة الإثيوبي؛ وذلك لعمل دولة الإمارات على بناء سدّين آخرين بجانب سدّ النهضة الإثيوبي في اتفاق جديد وبتمويل إماراتي يعمل عليه الحانبان الإماراتي والإثيوبي؛ وهذا ما يلحق ضرراً كبيراً بالأمن المائي المصري.

ليس هذا فحسب، بل إنّ الخلاف المصري – الإماراتي يمتدّ إلى السودان؛ إذ تصرّ دولة الإمارات على تقديم الدعم لقوات الدعم السريع في السودان، وبعد لقاءات متعدّدة طلبت الإمارات على أن تكون التسوية مناصفة بين الجانبين، بمعنى أن تكون الخسارة مناصفة بين الجميع، ناهيك عن خلافات الجابين الإماراتي والمصري حول الملف الليبي؛ حيث جاءت التحرّكات الإماراتية معاكسة للرغبات المصرية في ليبيا.

ولعلّ  من دوافع التقارب المصري – الإيراني هو أنّ مصر هي التي دعت وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى القاهرة على خلفية مفاوضات الملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تلقّت مصر تطمينات إيرانية حول الملاحة في البحر الأحمر بحيث لا تضرّ بالملاحة المصرية في قناة السويس عبر الحوثيين وبتعليمات إيرانية؛ بمعنى مراعاة الوضع الأمني في البحر الأّحمر بما يخدم المصالح المصرية عن طريق الحوثيين؛ وفي المقابل رفضت مصر أيّة حلول عسكرية تطال إيران فيما يتعلّق بالملف النووي الإيراني؛ وهذا يحدث تقارباً أكثر بين مصر وإيران، ويؤدّي إلى رفع مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وإيران إلى حدّ يقارب تطبيع العلاقات بين الجانبين؛ وربما يكون هذا هو ما دفع الرئيس الأمريكي ترامب لأن يطلب تدخّل روسيا وبوتين للضغط على إيران للوصول إلى اتفاق حول الملفّ النووي الإيراني، وذلك مقابل مفاوضات حول الملف الأوكراني لصالح روسيا؛ بمعنى أنّ هناك علاقات واتفاقات بين إيران وروسيا، وبين إيران والصين، وبين كوريا الشمالية وإيران؛ ما يعني أنّ إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية في محور واحد في مواجهة أمريكا والاتحاد الأوربي وتركيا مع الدول العربية الخليجية التي مرّ ذكرها، وهو ما يعني أيضاً أنّ مصر تتقارب مع إيران، فلا يستبعد أن تنتقل من محورها إلى المحور الإيراني فيما لو تخلّصت من التهميش وتلقّت الدعم المالي والاقتصادي الكافي للعمل على حلّ مشاكلها الداخلية والاقتصادية، وأنّها بصدد قيام الرئيس الصيني بزيارة مرتقبة إلى مصر، وكأنّها ردّ مصريّ على زيارة ترامب للسعودية والإمارات وقطر، كما يُعَدُّ ردّاً مزدوجاً على كلّ من أمريكا التي تجاهلت مصر في زيارتها للخليج، وردّاً على الدول العربية الخليجية التي لم تدعُ مصر لقممها ومنتدياتها الاقتصادية ولا للقمّة الخليجية أثناء زيارة ترامب لبعض دول مجلس التعاون.

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush