تركيا وتوحيد الفصائل في الشمال السوري بقيادة الجولاني

أرجين ديركي

إنّ التطورات الأخيرة التي رافقت مجريات الأحداث في شمال غرب الفرات منطقة (عفرين المحتلة) أدّت إلي عدّة أجتماعات محورية غير معلنة بقيادة الأستخبارات التركية في غازي عنتاب جنوب غرب تركيا.

وضم الاجتماع المذكور أعلاه قادة الفصائل “سيف أبو بكر” قائد فرقة الحمزات و”محمد أبو جاسم” المعروف باسم “أبو عمشة ” قائد فرقة السلطان  سليمان شاه وكذلك فهيم عيسى قائد “هيئة ثائرون للتحرير” وغيرهم من الارهابيين  المتورطين  بعمليات اغتيال وخطف وتفجيرات و تجارة المخدرات في مناطق سيطرتهم، وهذا ما يدفعنا إلى توقّع   سيناريو تركي جديد محتمل يحمل طابعا عدائيا جديدا في المنطقة، وذلك  من خلال سعيها تحت ذريعة دمج الفصائل ضمن إدارة وقيادة عسكرية و مدنية واحدة، و إحياء تلك الفصائل حسب التسريبات بالاندماج العلني في هيئة تحرير الشام ( هتش ) جبهة النصرة السابقة، بعدما سيطرت على عفرين بالكامل و التي انسحبت منها جزئيا بضغوطات دولية و أقليمية.

حيث ستسمح تركيا بسيطرة الهيئة من جديد على مفاصل المنطقة الأمنية والخدمية والمحلية، كما ستشرف على هيئات الحكومة المؤقّتة المتمثلة بالإئتلاف، حيث بقيت مجموعات أمنية من ( هتش ) هيئة تحرير الشام في قرى وبلدات عدّة في شمال حلب، مستخدمين أسلوب التخفّي داخل فصائل المعارضة الموالية لتركيا المنتشرة في  مدينة عفرين  ومنطقتي ماباتا وباسوط التابعتين لها، إنّ هذه الخطة  لدمج الفصائل لن تأتي بثمارها جرّاء حالة  الانقسام  الحادّ بين الفصائل، نتيجة ظهور العشرات من أمراء الحرب وقادة المرتزقة  المدجّجين بالسلاح هناك من جهة، ومن جهة أخرى يتمثل في المساعي التركية في إعادة تأهيل هؤلاء القادة المتورّطين بجرائم حرب و إبادة وخطف  وقتل في عفرين وتلميع صورهم أمام الرأي العام والمؤسسات الحقوقية المحلية والعالمية .

 

الموقف الأمريكي من الاجتماعات وسيطرة الهيئة على الشمال السوري:

إنّ الردّ الأمريكي من الأحداث الأخيرة في الشمال السوري  جاء سريعا على لسان معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية للشرق الأدنى، حيث طالبت واشنطن أنقرة  بسحب مسلّحي هيئة تحرير الشام (هتش) من منطقة عفرين وريف حلب، محذّرة إيّاها من فتح الطريق أمام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدخول المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا، وأوضح المعهد قائلا: “الهدف من دخول الهيئة هو حلّ الجبهة الشامية والسيطرة على مناطق نفوذها في عفرين، وهذا التهديد المباشر من واشنطن أثار حفيظة تركيا وأغضبها، مما دفعها للضغط على الهيئة للانسحاب ولو شكليا من المناطق التي سيطرت عليها، خشية دخول قسد إلى تلك المناطق بدعم مباشر من التحالف الدولي المتواجد في المنطقة.

الموقف الروسي من الاجتماعات الأخيرة وسيطرة الهيئة على مناطق نفوذ الفصائل في عفرين:

فالموقف الروسي لم يكن أقلّ من الموقف الأمريكي في الشمال السوري، فقد نفّذت مقاتلات روسية سلسلة من الغارات الجوية بالصواريخ، حيث استهدفت محيط مدينتي عفرين وآعزاز ومقرّات  عسكرية  تابعة لفصائل المعارضة الموالية لأنقرة في منطقة سيطرة الفصائل  التركية (عفرين ) شمال غربي حلب، هنا أدى إلى مقتل عدد من العناصر وجرح آخرين، وذلك بعد يوم من اتفاق وقف الاقتتال بين تحالف “الفيلق الثالث” من طرف وتحالف “هيئة تحرير الشام” (هتش) من طرف آخر، ويعدّ القصف الجوي الروسي هو الأعنف خلال الأشهر الماضية  على مناطق ريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة.

فالغارات الجوية الروسية الأخيرة  هي بمثابة رسالة واضحة من قبل الروس المصمّمين  على التصعيد، وأنها ليست مهتمة باتفاقيات وقف إطلاق النار والتهدئة مع تركيا، لا سيّما أنّ المنطقة تعرضت لقصف روسي مرات عدة سابقاً، وبالمحصلة يمكننا الجزم بأنّ الغارات الجوية هي  رد فعل روسي على دخول “الهيئة” المصنفة على قوائم الإرهاب العالمي مناطق النفوذ التركي، وبات ذلك ذريعة للقصف الروسي مع توقّعات باستمراره مستقبلاً وبشكل متكرّر مادامت  الهيئة تسيطر ولو شكليا على مناطق  الفصائل  الإرهابية الأخرى والمتحالفة والمدعومة من الدولة التركية الفاشية.

فالعملية التركية هي تسويق للهيئة  للعمل على شرعنتها لتكون جزءا من الحل القادم في سوريا مستقبلا وشطب اسم الهيئة من لوائخ الإرهاب الأمريكية، ورافقت ذلك بروبوغندا إعلامية ضخمة من قبل تركيا والهيئة معا.

ولخلق وهم عند السكان المنطقة بأنّ هيئة تحربر الشام (جبهة النصرة ) سابقا اتّخذت هذه الخطوة الجريئة لرد المظالم لأهلها، وضمان الحريات ومنع التجاوزات الإرهابية على أسس أنها هيئة وإدارة إنقاذ للسكان لتلقى قبولا من أهل المنطقة وممثلة للشعب، ورافق العملية استقدام للجنود الأتراك إلى معبري “غزاوية و دير بلوط ” في ريف عفرين الجنوبي بحجّة ضبط المنطقة ونشر سبل العدل والمساواة، ولاسيّما أنّ أردوغان على أبواب انتخابات مصيرية قد تطيح به وتلحق الهزيمة المرّة بحزبه وأركان حكومته وتحالفاته مع الإرهابيين العنصريين كتنظيم الذئاب الرمادية “ألب أرسلان توركيش ) المتطرفة والذراع المسلّح غير الرسمي لحزب الحركة القومية “دولت بهجلي “الذين يرفضون وعلى نحو قاطع أيّة تسوية مع الكرد….

زر الذهاب إلى الأعلى