هل خدع ترامب إسرائيل؟ … وهل كسبت إيران الحرب؟

د. مرشد اليوسف

في تطوّر دراماتيكي للصراع الإقليمي، بدت ملامح خديعة كبرى تلوح في الأفق، حيث انتهت الجولة الأخيرة من التصعيد بين إسرائيل وإيران إلى “لا غالب ولا مغلوب علنًا”، ولكن في الجوهر؛ خرجت إيران بمكاسب استراتيجية، في حين أنّ إسرائيل قد وجدت نفسها وحيدة في مواجهة نيران أطلقتها أمريكا، لكنّها لم تطفئ تلك النيران حين اشتعلت في تل أبيب نفسها.

فما الذي حدث؟

ولماذا يمكن اعتبار أنّ الولايات المتحدة قد خدعت إسرائيل؟

حين تصاعدت المواجهة بين إسرائيل وإيران، ظنّ صانع القرار الإسرائيلي أنّ واشنطن ستمنحه الغطاء الكامل، وربّما ستشارك في الضربات ضدّ إيران أو ستضمن التصعيد الدبلوماسي والاقتصادي على الأقلّ. إلّا أنّ الإدارة الأميركية، بقيادة ترامب، قد مارست لعبة مزدوجة تركت إسرائيل تتلقّى الضربات الانتقامية، وضغطت على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار تكتيكياً بما لا يخدم أهداف تل أبيب.

ورغم الخسائر الميدانية، فقد خرجت إيران بمكاسب استراتيجية، ورسّخت معادلة الردع عبر ضرب العمق الإسرائيلي مباشرة، وعزّزت أوراقها في المفاوضات النووية والإقليمية.

والخطأ الذي ارتكبته إسرائيل هو اعتمادها المطلق على واشنطن، بينما الأخيرة تنظر للأمر من المنظار الأوسع لترتيب تسوية في المنطقة تحمي مصالحها النفطية والاستراتيجية، وتحتوي إيران لا تسقطها؛ وخسرت إسرائيل المصداقية الردعية جزئياً، بينما إيران كسرت حاجز الردّ، وأثبتت أنّ الحرب معها مُكلِفة، وكسبت واشنطن الجاه والوقت وأبقت الجميع تحت سيطرتها.

والسؤال الأهم هنا هو:

هل خسرت إسرائيل المعركة مع إيران؟

من المبكر جدًا القول إنّ قد إسرائيل خسرت المعركة مع إيران؛ فإسرائيل قد نجحت في بعض الجولات، وإيران في جولات أخرى.

وفي خضمّ المواجهة المستعِرة التي كادت أن تُشعل حربًا إقليمية شاملة بين إسرائيل وإيران، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليعلن وقفا أحادياً لإطلاق النار، دون أن يُرفِق ذلك بأي التزامات إيرانية واضحة، أو أي ضمانات استراتيجية لإسرائيل. والحقيقة أنّ ترامب، وبهذا الإعلان الذي بدا وكأنّه محاولة من ترامب لفرض إيقاع سياسي يتوافق مع أجندته الخاصة أكثر من كونه نابعًا من رؤية استراتيجية بعيدة المدى، قد مكّن إيران من تحقيق انتصار لم تكن تحلم به في ظل الضغوط القصوى التي مورست عليها طيلة سنوات، وحين نُحلّل سلوك ترامب من زاوية المصالح الأمريكية الإقليمية، يتّضح أنّه قد انسحب من موقع القيادة الحازمة في اللحظة التي كانت تل أبيب تنتظر دعمًا أمريكيًا لا لبس فيه.

بل إن واشنطن، وبفعل حسابات ترامب الشخصية، قد تحوّلت من طرف داعم لإسرائيل إلى وسيط يفرض التهدئة عليها، تمامًا كما لو أنّها طرف في نزاع يجب احتواؤه، لا دولة تبحث عن ضمانات أمن وجودي لحليفتها إسرائيل.

وهذا يعطي طهران شرعية جديدة كقوة تُفاوَض لا تُعزَل، ويُنظَر إليها كندّ، لا كتهديد يجب استئصاله.

ولا نبالغ إذا ما قلنا إنّ ترامب يُدير السياسة بين إسرائيل وإيران بعقلية “رجل الصفقات” لا بعقلية استراتيجية؛ حيث يمكن للتنازلات أن تُقدَّم مقابل لا شيء، ما دامت تُسوَّق على أنّها إنجازات السلام (عين ترامب على جائزة نوبل السلام).

وما حدث بالأمس بين إسرائيل وإيران ليس مجرّد إعلان وقف لإطلاق النار، بل هو إعادة تشكيل للمشهد الإقليمي، وكتابة أول سطر في سردية جديدة تقول إنّ إيران تُثبت أنّها عصيّة على السحق وإسقاط النظام، وأمريكا تُظهر أنّها لم تعد تملك الإرادة السياسية للمواجهة الحقيقية، بينما إسرائيل تكتشف أنّها، في لحظة الحقيقة، قد تكون وحيدة؛ ولهذا من المحتمَل أن تستغلّ إسرائيل أزمات الشرق الأوسط، فتُعيد النظر في سياساتها الاستراتيجية الإقليمية، وفي تحالفاتها المقبلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush