قرار عودة سورية للجامعة العربية ، حل أم فخ

تداولت وسائل الاعلام الرسمية والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، عقب اجتماعات جدة وبيان عمان واللقاء المغلق لوزراء خارجية العرب في القاهرة وتصريحات رئيس الجامعة العربية أحمد أبو الغيط عن إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية إذا أرادت ذلك، وسبق ذلك زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي إلى دمشق ومنطقة السيدة زينب، وتوقيعه اتفاقيات شملت الكهرباء والنفط والفوسفات وشراء أراضٍ سورية مقابل تحصيل الدَّين الإيراني، إلى جانب اتفاقيات تتعلّق بالمراقد وتوسيعها تحت شعار العلاقات الثقافية، وتفعيل السياحة الدينية بين سوريا وايران وزيادة الزائرين الإيرانيين باسم الحج إلى المراقد الدينية الشيعية في دمشق وحلب، خاصة بعد التقارب السعودي الايراني برعاية جهورية الصين الشعبية، واحتمال تفاهم سعودي إيراني حول مبادلة نفوذ بين الدولتين المتقاربتين، فتكون سوريا منطقة نفوذ إيراني مقابل نفوذ سعودي في اليمن وتقارب سعودي وحوثي في اليمن، وكأنّ لسان حال إيران يريد لجم النظام السوري وتقييده، وذلك قبل الانجرار والتجاوب مع الانفتاح العربي وقممه التمهيدية للعودة إلى الصف العربي والجامعة العربية، خاصة بعد قمة عمان والبيان الذي صدر عنه الذي يبدو أنّ هذه العودة مشروطة بتنفيذ قرارات اجتماع عمان الوزاري بحضور كلّ من الأردن ومصر والسعودية والعراق وسوريا على أساس خطوة مقابل خطوة مع سوريا ونظامها السياسي لحضور وزير خارجيتها فيصل المقداد، بعد ما تعرّف على المطالب العربية، وفي مقدّمتها عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم الأصلية والتوصّل لحل سياسي للأزمة السورية بما يتوافق والقرار الصادر من الامم المتحدة 2254 وفق الصيغة التي خرج بها قرار الجامعة العربية، وكذلك بيان عمان للوصول إلى حلول يتوافق عليها الجميع، إضافة إلى قرار وقف التهريب وصناعة المخدّرات (الكبتاغون)، التي تعدّ سوريا ولبنان المصدر الرئيسي لها ودور كبير لحزب الله اللبناني في صناعته وترويجه إلى المعابر الحدودية خاصة الجنوبية مع الاردن والعراق ومن ثم إلى السعودية والخليج، والغالب يعد هذا من المطالب الرئيسية والهامة لكل من الاردن والسعودية والدول الخليجية، لوضع حد لهذه التجارة المربحة للنظام والكارثية على الاردن والسعودية وربما الغارة الأردنية على الداخل السوري لضرب التجار والمروجين لهذه التجارة غير المشروعة مبعثها ما ذكر آنفاً حول هذه التجارة، كما أنّ هذه التجارة تنشط في مناطق الحدود السورية مع لبنان التي تكثر فيها الفصائل المختلفة التي تنشط تجارتها عبر الزوارق في المتوسط لتصل إلى مناطق المعارضة والفصائل الموالية لتركيا كجبهة النصرة وغيرها.

والجدير ذكره أن حزب الله وحده يسيطر على الحدود السورية واللبنانية بطول 80كم وعمق يصل 15 كم بين الجانبين تستخدم لصناعة المخدرات وتوزيعها وتنظيم عمل العصابات فيها، ومن الصعوبة بمكان القضاء على هذه الصناعة والتجارة دون توافق عربي وإقليمي وحتى دولي؛ لأنّ لها علاقة بأجندات سياسية للدول الإقليمية والميليشيات التابعة لها، ونميل إلى الاعتقاد أنّ قرارات الجامعة العربية لحلّ الازمة في سوريا باتت مشروطة؛ لأنّها ارتبطت بالقرار الاممي 2254 الذي تصرّ الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوربي على تنفيذه لحلّ الازمة في سوريا يعني المطالب العربية دمجت مع المطالب الأممية، وقد شكّكت الولايات المتحدة الامريكية في رغبة النظام السوري لقبول المبادرة العربية ولكنّها أيّدت المساعي العربية حول الأهداف النهائية حول القرار الأممي المذكور 2254 وهذا ما عبّر عنه وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية أنتوني بلينكن لنظيره الاردني أيمن الصفدي أنّ النظام السوري لا يستحق العودة للجامعة العربية، كما أنّ النظام السوري أيضا لا يهمّه كثيرًا مقعد الجامعة العربية بقدر ما يأمل من الدول العربية والخليجية الحصول على المعونات والمساعدات بحجة عودة اللاجئين، والدول العربية بدورها على علم بمراوغات النظام السوري ولكنها تريد سحب آخر الاوراق منه فيما يتعلق بحل الازمة السورية، الملفت في الامر أيضا غياب ما تسمّى بالمعارضة السورية عن الاجتماعات المذكورة والتي كانت ذات حظوة لدى بعض الدول الخليجية كقطر مثل الائتلاف وجماعات الإخوان والفصائل وغيرها، وهناك الكثير من الأحزاب التي قيّمت عودة سوريا بإيجابية للجامعة العربية مثل حزب الإرادة الشعبية وحركة التجديد الوطني وتجمّع شباب سوريا الأم وغيرها من القوى (الوطنية والديمقراطية)، كما رحّب مجلس سوريا الديمقراطية بقرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية من أجل إحاطة عربية بالدور السوري ومتابعة كل الفعاليات التي تجري من أجل وحدة سوريا وتقوية بناها التحتية والسير قدماً من أجل  تحقيق التقدم والتنمية المستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى