مَن يقف خلف هجوم حماس؟ وإلى أين تتّجه الأحداث؟
إنّ الصراع الدامي بين الحركات الفلسطينية وإسرائيل لم يعرف الهدوء طيلة سنوات، ولكن الهجوم الأخير لحماس على إسرائيل هو الأول من نوعه على الإطلاق من حيث الحجم والدقة والتأثير، ويبدو أنّه سيكون بداية لمرحلة جديدة.
بإمكاننا تناول هذا الهجوم من منظور الصراع بين القوى الدولية والإقليمية، وفتح جبهة جديدة من جبهات الحرب العالمية الثالثة؛ ففي ليلة وضحاها قُتِل حوالي 600 إسرائيلي، وأُسِر المئات من الإسرائيليين والأجانب، وهو ما فاجأ الإسرائيليين وحكومتهم، واللافت أنّ هذا الهجوم قد تم بعد الهجوم على الأكاديمية الحربية للنظام السوري في حمص، من ناحية أخرى فقد تم هذا الهجوم في الوقت الذي يجري فيه التطبيع العربي-الإسرائيلي على قدم وساق.
فهل يا ترى هناك علاقة بين الهجومَين؟ ولماذا تم اختيار هذا التوقيت بالذات؟ وما هي أسباب هذا الهجوم وبهذا الحجم والنوع؟ ومن يقف وراء هذه الهجمات؟ وما هي الرسائل المُراد إيصالها من وراء هذه الهجمات؟ وعلى الرغم من التفوّق الإسرائيلي من الناحية الدفاعية والتكتيكية، كيف تمكّنت حماس من التوغّل داخل إسرائيل مسافة 40 كم؟ وكيف يمكن الخروج من هذه الحرب؟ وما هو الحل؟
فالحصار الإسرائيلي على غزة يمتدّ لسنوات، والهجمات والصراع مستمران على الدوام، وكذلك فأن الهجمات الإسرائيلية على إيران طالت أحياناً الداخل الإيراني، ولم تتوقّف هجماتها على المواقع الإيرانية في سوريا منذ بدايات الأزمة السورية أيضاً، فمن الضربات على منشآت تصنيع الأسلحة النووية في إيران، إلى اغتيال أبرز قادتها ومسؤوليها من قبل أمريكا، فالضربات الإسرائيلية المستمرّة، واستمرار الحصار المفروض لفترة طويلة والضغط النفسي، جعلت إيران تستنزف لا سيّما في ظلّ ما يدور من حديث حول إخراج إيران من سوريا من خلال تفاهمات بين أمريكا وروسيا وإسرائيل، فاضطرّت إيران للبحث عن مخرَج من هذه الأزمة من خلال تحريك حركة حماس (ذراعها في فلسطين). فالجميع يعلم أنّ القرار الأول والأخير للملف السوري بيد إسرائيل، وأنّ أي حلّ في سوريا مستقبلاً يأخذ أمن إسرائيل في الحسبان في الدرجة الأولى، لذا فاستمرار الأزمة السورية دون حلّ يأتي من هذا المنطلَق. فالأمريكيون والإسرائيليون لا يودّون تكرار تجربة العراق مرّة ثانية (أي الولاء التام لإيران) في سوريا. فعلى مدى الأزمة السورية طوال اثني عشر عاماً يطرح المراقبون وعامة الشعب دائماً السؤال التالي: تُرى لماذا لا تحارب الجماعات الإسلامية المتطرّفة (داعش – جبهة النصرة وإخوان المسلمين وغيرهم) إسرائيل، ولم يوجّه أحدها فوّهة بندقيته باتجاهها؟ فما الذي تغيًّر في هذه الفترة؟
إنّ اللافت والذي لا تصدقه العقول هو أنّ الآلاف من أعضاء حماس استطاعوا الهجوم من عدة محاور ودخلوا إلى العمق الإسرائيلي مسافة 40 كم، وقاموا بأسر المدنيين والعسكريين الإسرائيليين وجرّهم كل هذه المسافة دون سابق إنذار أو إي إشارة من المراكز الأمنية والاستخبارات الإسرائيلية، لتنبيه مواطنيها إلى وقوع الخطر؟ فرغم التحصينات القوية للحدود الإسرائيلية والمحمية بمنظومة كاميرات المراقبة، والدوريات على مدار الساعة، كذلك منظومة “القبّة الحديدية” والرادارات الإسرائيلية التي تعمل ليل نهار، كيف لم تستطع إسرائيل أن ترصد وتستكشف الآلاف من عناصر حماس الذين قاموا بالعملية؟ هنا يتبادر إلى الأذهان جوابان: الجواب الأوّل: هو أنّ الأمن الإسرائيلي الذي كان يُمدح به ويقال بأنّ “الطير لا يستطيع الطيران فوقه”؛ لم يكن صائباً، فها قد تم اختراقه، واتضح أيضًا أنّ حركة حماس ليست بضعيفة كما تصوّرتها إسرائيل. الجواب الثاني: هو أنّ هذا الهجوم كان مخطّطاً له، حيث كانت إسرائيل على علم به أو أعطت الإيعاز لخلاياها المندسّة داخل حماس لتقوم بعمل كهذا، أو أنّ إسرائيل غضّت الطرف عن الهجوم عمدًا، لتقوم حماس بالتوغّل والقيام بما يحلو لها من قتل وإذلال المدنيين والعسكريين أمام عدسات الكاميرات، لكسب المودّة والتعاطف الدولي، وتظهر إسرائيل كضحية لهذه الحرب، وبالتالي تحصل على الدعم والموافقة الدولية كي تقوم بالهجوم على غزّة كيفما شاءت لتصفية حركة حماس.
التطوّرات الأخيرة في المنطقة بداية لمرحلة جديدة
فهجوم حماس على إسرائيل هو بداية لمرحلة جديدة من الحرب والصراع الدامي، بالطبع فإنّ إطفاء نار الحرب ليست بسهولة إضرامها. فإذا ما اعتبرنا الحرب الراهنة بين حماس والإسرائيليين على نطاق أضيق استمراراً لحرب أوكرانيا أو اتساع الجبهات من قبل حلفاء روسيا سيكون وجهة نظر صائبة. فإنّ منصة آستانا-سوتشي (روسيا – إيران – سوريا – تركيا) قد اتّخذت قراراً بزيادة الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، فمثلما تقوم الولايات المتحدة بزيادة وتوسيع جبهات القتال أمامهم؛ فكذلك تقوم كلّ من روسيا وإيران وحلفاؤهما بفتح جبهات جديدة لهذه الحرب، فروسيا وبقدر اعتبارها ليست طرفاً في حرب حماس-إسرائيل؛ إلّا أنّ هذه الحرب تصبّ في مصلحتها شئنا أم أبينا، فبالنتيجة منافسها الرئيسي (الولايات المتحدة الأمريكية) تظلّ مشغولة ومنهمكة بهذه الحرب، وبالتالي يخفّف الضغط عليها في سوريا وأوكرانيا، باستطاعتنا النظر إلى هجوم حماس على إسرائيل من ثلاثة أبعاد، وبالتالي تقييمها من خلال ثلاثة احتمالات. صحيحٌ أنّ الهجوم تمّ من قبل حماس، لكن في الحقيقة مَن يقف وراء الهجوم؟ ومَن الذي خطّط له؟ من وجهة نظرنا، هناك ثلاثة أطراف يمكن أن يكون لها يد في هجوم حماس، بالتأكيد تقف أحد الأطراف الثلاثة خلفه إذا ما ضيقنا دائرة التكهّنات، ولكن ربّما يكون طرفان أو ثلاث جهات معًا تجمعهم مصالح مشتركة يكون لها يد في تنفيذ الهجوم:
الاحتمال الأول: أن تكون إيران هي التي تقف خلف هجوم حماس، ولا يخفى على أحد أنّ إيران تقدّم دعمًا كبيرًا لحركة حماس، حيث يصرّح القيادي في حركة حماس خالد مشعل في برنامج تلفزيوني قائلا: ” كنا نطرق باب إيران على الدوام، وكانت تستقبلنا بكلّ رحابة صدر باستمرار، وتقدّم لنا الدعم المساعدة، فإيران هي التي كانت ترغب في أن تكون لدينا زيارات”. كما صرّح أحد قياديي حماس، شكر فيها مواقف إيران ودعمها لحركة حماس، فالضغط على إيران في سوريا من خلال تفاهمات بين إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة- إن صح هذا النبأ- من أجل إنهاء الوجود الإيراني في سوريا، بالإضافة إلى الانتفاضات والتظاهرات التي لا تتوقّف داخل إيران نفسها، ومسألة السيطرة على ممرّ الهلال الشيعي بين مناطق التنف وقسد، كذلك استمرار احتجاجات السويداء وتسخين المنطقة الجنوبية (سويداء ودرعا) المتاخمتين للحدود الإسرائيلية، والأهم من كل ذلك موضوع التطبيع بين العرب وإسرائيل؛ النقاط التي ذكرناها هي أسباب مهمّة تؤكّد ضلوع إيران في هجمات حماس على إسرائيل، فهي خطوة استباقية لخلط الأوراق وأخذ زمام المبادرة. أسوةً بالحرب الأوكرانية وتنصيب الفخ لروسيا للوقوع في المستنقع الأوكراني من قبل أمريكا، تريد إيران أيضًا من خلال إشعال شرارة حرب حماس أن تدفع الولايات المتحدة وإسرائيل الى مستنقع الشرق الأوسط، وتضيّق الخناق على أمريكا من خلال أذرعها في المنطقة في العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول، وذلك لإفشال مخطّطاتها. إذا كانت إيران وراء هذا الهجوم، فهذا يعني أنّ إيران تريد عرقلة مسار حلّ الأزمة السورية من المنظور الأمريكي والتغيّرات المحتملة في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام، فإيران تعرقل وتخلط الأوراق الامريكية وخططها. ومن ناحية أخرى تريد إيران منع التطبيع العربي الإسرائيلي الذي زاد من وتيرته في الآونة الأخيرة، وفي الحقيقة جهود التطبيع بين العرب والإسرائيليين كانت على قدم وساق ووصلت إلى مراحل متقدّمة، خاصة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب ومصر. فإذا ما تحقّقت عملية التطبيع على أكمل وجه بين الإسرائيليين والعرب، فإنّ الورقة الفلسطينية تخرج من أيدي الإيرانيين، وبالتالي تكون إيران أكبر الخاسرين والمتضرّر الأوّل في مسألة التطبيع الإسرائيلي مع العرب، فبسط هيمنة إيران على الدول العربية يكون من خلال الورقة الفلسطينية، فإذا ما أُخرجت هذه الورقة من يد إيران تنهار إمبراطورتيها وبالتالي تزول هيمنتها على الدول العربية، ومع تنفيذ هجوم حماس طالت يد إيران وقويت في المنطقة وتعالى صوتها، وكانت بمثابة الرد على جميع الهجمات الإسرائيلية ومقتل قادتها، فبالتالي زادت مبادرتها أكثر من ذي قبل، وذلك بظهورها كندّ قوي للولايات المتحدة وإسرائيل. وفي هذه الحال إذا لم يحسم العرب مواقفهم ويتّخذوا مصالحهم أساسًا للتعامل مع إيران بعيداً عن هيمنتها، فسوف يصطفون في الجانب الإيراني شاؤوا أم أبوا، وهذا ما ترغب فيه إيران. وفي الجانب الأخر فإنّ رصيد إيران في العالم العربي والإسلامي عامةً قد ازداد مع هجوم حماس، كذلك في تركيا التي تدّعي الإسلام، فبعدما كانت نسبة الكره والحقد لإيران شديدة وغير مرغوب بها بين الأتراك أنفسهم وكذلك لدى الائتلاف السوري والفصائل المرتزقة التابعة لأردوغان، وذلك لأسباب تتعلّق بالهيمنة والخلافات المذهبية فكانت غير مرغوبة و غير محبوبة، ولكن بعد هجوم حماس على إسرائيل تبدّلت الصورة نوعاً ما، من ناحية أخرى فقد استطاعت إيران قطع الطريق أمام معارضيها في الداخل والمتظاهرين الذين تجسّدت آمالهم في شعار “المرأة – الحياة – الحرية” في شخصية جينا أميني، فمن الآن وصاعداً مَن يتظاهر في إيران فسيتم اتهامه بالارتباط مع إسرائيل وسيتم التعامل معه بجميع أساليب العنف. بالإضافة إلى أنّها ستدّعي أنّها في حالة حرب مع إسرائيل. فهل يا ترى تستطيع الولايات المتحدة وإسرائيل إعلان الحرب على إيران، والهجوم عليها بشكل مباشر؟ من الممكن حصول ذلك في حالة واحدة فقط، ألا وهي تغيير النظام في إيران، وهذا لا يمكن حصوله بسهولة، فإذا استمرت الحرب في سوريا أكثر من اثنتي عشرة سنة، فما بالك بالحرب على إيران؟
والاحتمال الثاني: هو أن تكون لإسرائيل نفسها يد في عملية هجوم حماس، فجدير بالذكر أنّ حماس تأسست عام (1978) على يد الموساد، حيث كان الهدف منها هو إضعاف حركة فتح وشلّ نشاطاتها، فهي بعيدة عن خدمة القضية الفلسطينية وتتّخذ الأسلوب العسكري فقط كأساس لنشاطاتها. على الرغم من المستوى التكنولوجي المتقدّم الذي تتمتّع به إسرائيل والتي تنذر به قبل حدوث الوقائع وتزوّد بالمعلومات قبل فوات الأوان، فالمنظومة الاستخبارية (الموساد) وتقنياتها المتطورة، والقبّة الحديدية كيف لم تستكشف هذه العملية ولم تمنع حدوثها؟ فهذا يطرح الكثير من التساؤلات! فإذا كانت لإسرائيل يد في هذه العملية، فهذا يعني أنّ هناك خطة إسرائيلية كبيرة، فتعمدت غضّ النظر عن المهاجمين، حتى تتمكّن حماس من قتل واعتقال واختطاف الإسرائيليين والأجانب كما يحلو لهم، وبهذه الصورة، ستظهر إسرائيل كضحية ومضطهدة في نظر العالم، وستحظى بدعم دولي لضرب حماس. وإذا كان القرار فقط هو القضاء على حركة حماس، فإنّ هذه الحرب لن تتوسّع كثيراً، لكن إذا ما تدخّل حزب الله اللبناني وأذرع إيران الأخرى في اليمن وغيرها فستتوسع الحرب، بل ربّما تتحول إلى حرب إقليمية ودولية، حيث ستشارك فيها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.
الاحتمال الثالث: يمكن أن تكون جماعة الإخوان المسلمين هي التي تقف وراء تنفيذ هذه العملية. فمنذ تأسيس حركة حماس تبنّى مؤسّسوها أساليب وأفكار جماعة الإخوان المسلمين، كما أنّ المموّل الرئيسي والداعم الاكبر لحماس هي قطر، ومعروف لدى الأوساط الدولية والمحلية أنّ قطر تنفق مئات الملايين من الدولارات سنوياً في خدمة حركة حماس ومشاريع الإخوان المسلمين ذات الافكار الإسلامية، والآن تلعب قناة الجزيرة القطرية دورًا دعائيًا بارزًا لحماس، ومن خلال سياسة النشر يتبيّن أنّها داعمة ومؤيّدة لحماس وتلعب دوراً تحريضياً في الدرجة الأولى. ومن ناحية أخرى، كان لعزالدين القسام الذي سُميت كتائب حماس باسمه دورًا، حيث قام بتشكيل مجموعات صغيرة وسلّحها وخاض الحرب ضد البريطانيين، وبما أنّ العثمانيين دعموا إبراهيم هنانو وغيره من المجاهدين، بالتأكيد قدّموا الأسلحة والذخيرة لعزالدين القسام أيضًا، ومن هنا يأتي دعم أردوغان وميله نحو حماس وإيوائه لقيادتها في أنقرة. فالدعم المادّي وتقديم الأسلحة لحماس لا يخفى على أحد، وفي هذا الإطار يقول أحد مؤسّسي حركة حماس خالد مشعل في أحد البرامج التلفزيونية:” قبل حوالي ثلاث أو أربع سنوات كنت في دمشق، هل تعلم أنّ أردوغان وقبل زيارته الأولى إلى أمريكا قد أرسل أحمد داوود أوغلو إلى مكتبي في دمشق، وأخبرني بأنّ أردوغان سيذهب إلى أمريكا، ألديكم مطالب منهم؟”.
وقد ظهر نفاق اردوغان ومعاييره المزدوجة تجاه أهل غزة والشعب الكردي جلياً مع هجوم حماس على إسرائيل، فحقوق الإنسان تتغيّر عنده بين ليلة وضحاها بين الفلسطينيين والكرد، ففي وقت كان أردوغان يدمّر البنى التحتية لروج آفا بالطائرات، كان يذرف دموع التماسيح في نفس الوقت على أهل غزة ويقول: ” الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان تُنتهَك، انظروا اليوم لا يصل الماء إلى غزة، أين حقوق الأنسان؟ لا كهرباء لديهم، لقد قطعت عنهم، أين حقوق الإنسان؟ وفق البيان العالمي لحقوق الإنسان لا يمكنهم قطع الماء، لا يمكنهم قطع الكهرباء أيضاً، فهل تتصوّرون ماذا يحدث في غزة؟” وهنا السؤال موجّه لأردوغان، هل يا ترى تنطبق اتفاقية حقوق الإنسان على البعض دون البعض الآخر، أي نفاق هذا؟ وهنا يتوضّح بشكل جليّ كيف أنّ أردوغان يستغلّ الورقة الفلسطينية خدمةً لأجنداته السياسية الإسلاموية.
إنّ حركة حماس خلال السنوات العشرين الأخيرة قد تنقّلت ما بين ثلاث أو أربع عواصم، فكانت في دمشق إلى حين بدء الأزمة السورية 2012 باعتبار الحركة تتبنّى الفكر الإخواني ظهرت خلافات بينها وبين النظام السوري حيال مواقفها، ما أدى إلى الخروج من سوريا، ثمّ انتقلت إلى أنقرة، وكانت قطر وإيران بيتهم الكبير ومأواهم الرئيسي، أبوابهم دائماً مفتوحة أمام حماس، تطرق بابهما وقت تشاء، حيث تُلبّى جميع مطالبهم. لذا فإنّ منصّة آستانة لديها مصلحة في هذه الحرب أكثر من أيّ طرف آخر، وهذا الهجوم قد وضع أعداء منصّة آستانة (أمريكا وحلفاءها) أمام التحدّيات والعراقيل، إنّ جُلّ اهتمامات اجتماعات منصّة آستانة الدورية حول سوريا هي القضاء على الإدارة الذاتية وإخراج القوّات الأمريكية، فإخراج أمريكا يعني إضعاف إسرائيل.
إيران تقدّم خدماتٍ كبيرة لإسرائيل وأمريكا
إذا ما تتبّعنا علاقات إيران – پارس مع اليهود مدى التاريخ، سنجد أنّ العداء بين العرب واليهود أكبر بكثير من العداء بين إيران -پارس واليهود، فعلاقات اليهود مع دولة پارس -الساسانية حتى العهد الإسلامي كانت ممتازة، وكانت الرسولة (آستر) التي ورد ذكرها في الكتاب المقدّس لها دور كبير في قصور الساسانيين، كما يبدو أنّها كانت ذات شأن ولها مكانة كبير في الإمبراطورية، سواء في الجانبين التجاري والمالي أو في مجال التطوّر الإيديولوجي، وكذلك تحرير سبايا اليهود من أيدي “نبوخذ نصر” البابلي، وإعادة المهاجرين اليهود إلى موطنهم من قبل كيروس (كورش) مؤسّس الدولة البرسية. ومؤخّرًا في عهد الشاه محمد رضا البهلوي بلغت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية ذروتها، وهذا يدلّ على أنّ اليهود واليهودية قد تغلغلا في الداخل الإيراني بشكل كبير على مدار التاريخ. فإذا ما كانت إيران هي التي تقف خلف هجوم حماس الأخير، أو أنّ إسرائيل قد تجاهلت وغضّت الطرف للسماح بالهجوم، ففي النتيجة كلا الطرفين يقدّمان الخدمات لبعضهما، وفي الوقت نفسه يخدمان القوّة التي تقود الهيمنة العالمية؛ فلو لم تبدِ إيران عداءها لإسرائيل، فكيف لإيران أن تفرض هيمنتها على أربع عواصم عربية؟! ولو لم تكن إيران ذريعة لأمريكا، فكيف لأمريكا أن تبني قواعد لها في قطر والسعودية؟! وكيف يمكن لأمريكا أن تجد لها موطئ قدم في سوريا والعراق وأماكن أخرى؟! وفي المحصّلة فإنّ المسألة تكمن في الهيمنة، سواء أكانت إيران أو أمريكا أو إسرائيل أو تركيا.
التطوّرات المتوقّعة بعد هجمات حماس:
إذا ما ذهبنا مع الاحتمال الأوّل وقلنا أنّ إيران هي التي تقف خلف هجوم حماس، فحينها لابدّ أن تتبنّى إيران تلك الهجمات وتدعمها، ربما لا تتدخّل إيران بنفسها بشكل مباشر- لكن إذا ما شنّت إسرائيل هجومًا برّيًا على غزّة، فإنّ إيران سوف تقوم بتحريك أذرعها في (العراق، سوريا، لبنان، اليمن) لضرب الأهداف الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة. وفي هذه الحال يمكن أن تقوم إسرائيل مع حلفائها مثل الولايات المتّحدة الأمريكية وغيرها بتوسيع دائرة الحرب، فتقوم باستهداف مباشر للقوات المرتبطة بإيران، وبالتالي تقوم بجرّ إيران إلى تلك الحرب، وبالتالي تتحوّل الحرب إلى حرب إقليمية ودولية، وبهذا الشكل سوف يدخل الشرق الأوسط عامةً في أتون الحرب. فاستقدام أمريكا لبارجتَين حربيّتيَن من حاملات الطائرات، وكذلك استعداداتها العسكرية في الشرق الأوسط تندرج تحت احتمالية توسيع هذه الحرب. وإذا ما رأت إيران بأنّها في موقف ضعيف أو أنها سوف تخسر الحرب لا يستبعد أنها تفرّط بحماس.
المستجدّات الممكن حدوثها والمتعلقة بالاحتمالية الثالثة (أن تكون لإسرائيل ذاتها يد في هجمات حماس). فإذا ما كانت غاية إسرائيل القضاء على حماس كلّيا، وكأنّ الأمور تذهب في هذا الاتجاه، حينئذ ستقوم إسرائيل بتطويق غزّة من كافة الجهات وتمشيطها، لتطهيرها من حماس وهذا ما سيكلّف إسرائيل ثمناً باهظاً لاسيّما وجود الأنفاق والقنوات تحت الأرض. أمّا إذا كان الهدف من هذه الهجمات إيران نفسها وكذلك وكلاؤها في لبنان وسوريا، حينها تدخل هذه الحرب مرحلة متقدّمة إقليميًا ودوليًا. وتصريح بنيامين نتنياهو الذي أدلى به:” إنّ حرب غزّة ستكون بداية التغيير في الشرق الأوسط” يندرج إلى حدّ ما في هذا الإطار، وإذا ما كانت أمريكا وإسرائيل قد اتّخذتا القرار بإخراج إيران من سوريا ولبنان وفلسطين، فهذا يعني أنّ هذه الحرب ستتحوّل إلى حرب عالمية ثالثة، وستكون عواقبها وخيمة على شعوب المنطقة والعالم قاطبةً.
أمّا إذا ما كانت حركة الإخوان المسلمين هي التي تقف خلف هجوم حماس، فهذا يعني أنّ تلك الحركة أرادت إبراز قوّتها، وإيصال رسائل إلى جميع الأطراف بأنّ الحركة لم تضعف، وأنّ لها حضور بارز وتمتلك القوّة وأوراق الضغط لخلق الفوضى في الشرق الأوسط، خاصة بعد حالة الهذيان التي عاشتها حركة الإخوان المسلمين ابتداءً من مصر والدول الأخرى والتخبّط الذي يعانيه أردوغان وتناقضاتها مع بعض تيارات الائتلاف السوري التابع لتركيا ومجموعات المرتزقة. نعلم أنّ مشروع حركة الإخوان المسلمين قد أُجهض مع إقالة محمد مرسي من وظيفته ووضعه في السجن، ومن ثم قتله، حيث تمّ استبعادها من المشهد السياسي والسلطة في الدول العربية الأخرى مثل تونس وليبيا وغيرها، نظراً لتبنّي الحركة مسار التشدّد والتطرّف.
في الجانب الأخر، نرى أنّ جماعة الإخوان المسلمين هي أكثر الأطراف التي تستهدف وتهاجم الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وتحرّض الدول من خلال منابرها الإعلامية كقناة الجزيرة وأورينت وغيرها من القنوات الأخرى والقنوات التركية ذات الصبغة الإخوانية. فهي تقوم بنشر الأخبار المزيّفة، المفبركة والمضلّلة والتي تتضمّن الحرب الخاصة والحرب النفسية في آن معاً ضدّ مكوّنات شمال وشرق سوريا. ويعود السبب في ذلك الهجوم المتواصل إلى أنّ حركة الإخوان المسلمين تخشى أن يتحوّل نموذج الأمّة الديمقراطية (الذي أصبح حقيقة على أرض الواقع في شمال وشرق سوريا) إلى نموذج للإدارة في عموم سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط، ويصبح بديلًا عن مشروع الشرق الأوسط الكبير (الإسلام السياسي) والتي تدعمها أمريكا وإنكلترا المتمثّلة في الإخوان المسلمين، كي تبقى المجموعات والحركات الإسلامية تحت سيطرة هذه القوى. ولإفراغ نموذج الأمّة الديمقراطية من مضمونه، فإنّها تحاول وتعمل جاهدة نسف الإدارة الذاتية، لأنّها ترى فيها منافسًا وندًّا لها، فمن خلال وسائل إعلامها تقوم بالتلاعب بعقول الناس وتأليبهم على الإدارة الذاتية للتأثير عليهم. وفي هذا الإطار يعمل جناح الإخوان المسلمين المنضوي في الائتلاف (الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا، والمجلس الوطني الكردي) على تشويه الحقائق وخلق الأزمات، لحثّ الناس وتشجيعهم على الهجرة وإفراغ روج آفا، فهناك أُناس محسوبون على الأطراف الكردية المتواطئة مع تركيا، يعملون في مراكز الدراسات الاستراتيجية الإخوانية في تركيا ويقدّمون الوثائق والمعلومات الزائفة لتلك المراكز الاستراتيجية والقنوات التلفزيونية.
مقارنة بين القضية الفلسطينية والقضية الكردية
إذا ما قارنّا بين قضية فلسطين وإسرائيل والقضية الكردية بين الكرد والأتراك، فما هو الفارق بينهما؟ ليس هناك أيّ اختلاف بينهما. فاليهود جاؤوا واستوطنوا في أرضٍ فلسطينية واستولوا عليها وبنوا دولة إسرائيل، والأتراك أيضًا جاؤوا من آسيا الوسطى واستولوا على أرض الكرد وبنوا دولة باسم الجمهورية التركية، وأنكروا حقوق الكرد وشرعية قضيتهم، ولاتزال تركيا إلى اليوم تمارس الاضطهاد والسياسات الهمجية الشوفينية وإرهابًا تتخطّى داعش وأخواتها. تبيد الدولة التركية المحتلة الكرد وتقصفهم بالأسلحة المحرّمة دولياً في روج آفا وجنوب كردستان، والعالم في صمت رهيب لا يبدي أي اهتمام لما يجري في كردستان، لكن الوضع يختلف عندما نتحدّث اليوم عمّا يحدث في غزة بين حماس وإسرائيل، رأينا الدعم والمساندة ونصرة المسلمين لأهل غزة والفلسطينيين، وكذلك الاصطفافات والتعاطف الدولي الذي ناله الإسرائيليون في هجمات حماس على غزة. أليس الكرد مسلمين أيضاً؟ لماذا لم يحرّك العالم الإسلامي ساكناً حيال ما جرى لعفرين من تطهير عرقي لسكّانها من قبل الدولة التركية المحتلة؟ لماذا الكيل بمكيالين؟ لماذا لم تتّخذ الدول العظمى موقفاً حازماً اتجاه تركيا حيال ما ارتكبت وترتكب من جرائم بحق الكرد في سرى كانيه (رأس العين) وكرى سبي (تل أبيض) وعفرين؟ دعك من اتخاذ مواقف مشرّفة لردع تركيا عن احتلال المناطق في روج آفا بل أعطت الضوء الأخضر للتوغل فيها! إذاً فقانون الغاب هو الذي يحكم، وليست العدالة والمساواة والديمقراطية كما تدّعي الأنظمة، حكم القوي على الضعيف هو الطاغي في عالمنا اليوم.
الخلاصة:
إنّ الشعب الفلسطيني لم يتراجع خطوة عن المقاومة والصمود، وظلّ متشبّثًا بأرضه، واستمرّ في حربه مع إسرائيل حتى بالحجارة أيضاً، لا شكّ في شرعية القضيّة الفلسطينية، لكن لا تحلّ المسألة بالتعنت والاستمرار بإراقة الدماء والحروب التي لا نهاية له من كلا الطرفين، ولو كان بالإمكان حلّها بإراقة الدماء، لما استمرت هذه الحروب عشرات السنين دون التوصّل إلى أيّة نتيجة.
من المعلوم أنّ الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين تمتدّ جذورها إلى تأسيس الدولة الإسرائيلية، وتعود أصل الخلافات الإسرائيلية -العربية والحساسية الموجودة إلى مطلع التاريخ الإسلامي (غزوة الخندق) وتحالف قبيلة بني قريظة اليهودية مع قبيلة قريش ضدّ المسلمين، وعلى مدى التاريخ اشتدّت هذه الحرب أحيانًا، وأحيانا أخرى بقيت خامدة وساكنة، فهناك فعل وردّة فعل. وفي الآونة الأخيرة كان التعامل الإسرائيلي مع الفلسطينيين عنيفًا وفظّاً، ومع عملية حماس “طوفان الأقصى” اتجه نحو الأعنف. إنّ هجوم حماس واستهداف المدنيّين وخطف الأجانب من المخيّمات والاحتفالات قد غيّر مسار الصراع نحو العنف، وهذا ما زاد الأمر تعقيداً، بحيث يصعب الخروج منه، بل له انعكاسات خطيرة على حماس نفسها، وربّما حلها نهائياً. استهداف المدنيين اليهود والأجانب وخطفهم من المستوطنات والحفلات والأعياد قد جعل الإسرائيليين في موقف الضحية وزادت من رصيدهم في العالم.
في الطرف المقابل، فإنّ الفكرة القائلة:” شعب الله المختار” تُعتبَر مشكلة بحدّ ذاتها، وتُعتبَر سببًا للمآسي والويلات وبالتالي دفع اليهود أنفسهم إلى حافة الهاوية والزوال على مر التاريخ، كما أنّ الدولة القومية التي يُعتبَر اليهود أوّل من زرع بذرتها هي أساس جميع البلاء والمصائب. فقضية فلسطين وصراعها مع إسرائيل وكذلك القضية الكردية وصراعها مع الدولة التركية وجميع قضايا الشرق الأوسط ستبقى عالقة دون حلّ، إذا لم يتمّ تجاوز ذهنية الدولة القومية التي تنكر الطرف المقابل.
إنّ ذهنية الدولة القومية وطريقة تفكيرها غالبًا ما تكون سببًا لإراقة الدماء، كما أنّ صراع كلٍ من تركيا وإيران في فرض هيمنتهما على المنطقة بشكل مباشر أو من خلال أذرعها (حزب الله والقاعدة والجماعات الإسلامية المتشدّدة وغيرها) ضدّ إسرائيل وأمريكا وعلى روج آفا (غرب كردستان)، تسبب في خلق الفوضى وزعزعة أمن واستقرار المنطقة وتساهم في تعقيد الأمور أكثر، بحيث يصعب الخروج منها وإيجاد الحلول لها.
المداخلة الأمريكية على العراق ومزاعم قوى الهيمنة العالمية وادعائها بأنّها ” ستجلب الديمقراطية والسلام للمنطقة، وستحلّ جميع المشاكل العالقة لم تكن صائبة، والربيع العربي الذي بدأ من 2011 تحوّل إلى شتاء قارس وفتح الباب أمام استغلال بعض الدول الإقليمية على رأسها تركيا إيران للاستفادة من الفراغ الحاصل وملئه بأجنداتها، فعمّت الفوضى والفلتان الأمني من خلال حرب الدرونات والتطاول والاعتداءات على الدول الجارة الأخرى والتدخلات في شؤونها للتأثير عليها وخلق مناطق ومساحات جغرافية موالية لها، كما حصل في اليمن وليبيا وقراباخ وسوريا والعراق وغيرها. لذا على النقيض من صفر مشاكل أصبحت أكواماً من القضايا العالقة في انتظار الحلول، والمنطقة ذاهبة نحو التطرّف الديني والقوموي أكثر فأكثر. الحقيقة تحت اسم الديمقراطية وحل المشاكل يتم بسط الهيمنة من قبل قوى الهيمنة العالمية والدول الإقليمية. وهنا يتبيّن لنا بكل وضوح أنّ النظام الرأسمالي العالمي يعيش أزمة سياسية واقتصادية خانقة، إذ ثبت أنّ الأزمة بنيوية كونية وعلى صلة بالمنهج وطريقة التفكير الاستغلالي الاحتكاري السائد، جاءت الدول القومية والفكر القوموي فزاد الطين بلة وأدخلت المنطقة في دائرة العنف الإثني والطائفي والمذهبي، وعمّقت الخلافات بين شعوب المنطقة.
إنّ الحلّ الوحيد للخروج من هذه الفوضى و إراقة الدماء إنّما هو تعزيز فكر وفلسفة الأمّة الديمقراطية، والتي أصبحت نموذجًا على أرض الواقع في شمال وشرق سوريا، كما أنّ النظام الكونفدرالي هو الحلّ الأنسب لشعوب وثقافات الشرق الأوسط، فقد اختلطت ثقافات ولغات شعوب المنطقة إلى درجة كبيرة، وإنّ ذهنية الدولة القومية وسياسة التفرقة ليست سبيلًا لإنهاء أزمات المنطقة، فجميع الشعوب والمجتمعات يمكنها أن تشارك في النظام الكونفدرالي في الشرق الأوسط، وقد أشار السيد عبدالله أوجلان إلى ذلك في مجلّداته، فيقول:” إنّ الكونفدرالية هي النظام الإداري الأفضل لشعوب الشرق الأوسط، فالشعب العربي والكردي والتركي والفارسي وحتى الشعب اليهودي أيضًا يمكنه المشاركة فيه، وهذا النظام قد تمّ تجريبه ومزاولته في المراحل التاريخية السابقة، فتبنّيه وتعميمه في المنطقة سيجلب الأمن والسلام للمنطقة. إنّ هذا النموذج أو النهج جديد الذي يعتمد على المساواة والحرية والديمقراطية، وبهذه الفلسفة وحدها يمكن للمرء الخروج من هذه المشكلة الكبيرة، لأنه يحقّق السلام، ويبعد شبح الحروب”.
إنّ السبيل للخلاص من الحرب هو أن يتقبّل كل طرفٍ الآخر، كيف لهذه الجغرافيا التي حملت وحضنت هذه الشعوب والثقافات بسعة صدر عبر مراحل العصور، باتت اليوم ضائقة عليها بحيث لا يتحملون بعضهم البعض؟!! بالتأكيد يرجع السبب إلى النزعات القوموية والدينية، فهي التي أحدثت الشروخ وفرّقت ثقافات المنطقة. لو أنّنا استطعنا وضع التعصّب القوموي والتطرّف الديني جانباً، لحّل الأمن السلام والاستقرار في المنطقة. ما دام الفكر الإنكاري الـ “أنا ” طاغياً، وإلغاء الآخر مستمراً فلا يمكن تحقيق الأمن والسلام والوئام بين هذه الشعوب، فجدير بالأهمية أن تقبل إسرائيل بالوجود الفلسطيني وشرعية قضيته وأن تقر بحقوقهم في العيش بكرامة، كما يتطلّب من الفلسطينيين أيضاً إبداء المرونة في تقبّل الطرف المقابل للتوصّل إلى حل دائم يرضي الطرفين، فكلا الشعبين من الشعوب الأصلية في الشرق الأوسط، حيث باتت العقيدة السياسية العربية لا تركّز كثيراً على الخطر الإسرائيلي، فهناك سفارات وممثّليات لإسرائيل في عدد من الدول العربية والإسلامية مثل تركيا وقطر وأذربيجان ومصر والأردن، وطبعاً هناك دول أخرى مرشّحة بموجب الاتفاقية الإبراهيمية، وكلّها تعطي انطباعًا بأنّ إزالة دولة إسرائيل لم يعد من اهتماماتها.
مركز روجافا للدراسات الاستراتيجية
19.10.2023