ضوء خافت على اتفاق محتمل بين السعودية والحوثيين
على ما يبدو أن الاتفاق السعودي الإيراني وبالرعاية الصينية بدأ يترك آثاره على المفاوضات السعودية – الحوثية وبوساطة عمانية ، لما لإيران من تأثير كبير على الكثير من مناطق التوتر في الشرق الأوسط مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن خاصة ،في قسمه الشمالي فالاتفاق السعودي الإيراني سيخفف من التوتر في البلدان المذكورة لأن لإيران نفوذ كبير فيها يصل لحد وجود فصائل مسلحة موالية لها كحزب الله اللبناني أو السوري أو العراقي ناهيك عن قوات الحرس الثوري الإيراني وقوى فصائلية شيعية أفغانية وغيرها وقواعد تحتوي على أسلحة وذخائر ومسيرات تمد بها إيران مناصريها عبر المطارات السورية أو الموانئ اليمنية والعراقية وغيرها. بل قد يصل التخفيف من حدة التوتر إلى التطبيع وعودة الأمور إلى طبيعتها قبل تفاقم الأزمات وضرورات التدخل .
ويبدوا أن تفاهمات حصلت بين السعودية وإيران خاصة فيما يتعلق بالملف اليمني وحروبه الداخلية بأن تتعهد إيران بوقف دعم ميلشيات الحوثي بالسلاح والذخائر والإمداد ، مقابل قبول الوجود الايراني في سوريا ، ويبدو أن هذا الأمر سوف يساق على كل الدول العربية لقبول التواجد الايراني في سوريا ،وخاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي .
ومن هنا نستطيع القول أن المباحثات السرية والعلنية لم تتوقف بين الأطراف اليمنية المختلفة وكذلك الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وعلى مطارها الدولي وكذلك على ميناء الحديدة ،التي كثيراً ما كانت تتلقى الصواريخ وشحنات من الأسلحة الإيرانية المختلفة والتي ترفض إيران الاعتراف بها رغم أنها ضبطت أكثر من مرة .ويبدوا أن الوساطة العمانية تحظى بمكانة عالية من التقدير والثقة من قبل جميع الأطراف السعودية والإيرانية واليمنية وحتى الغربية ، لما لها من حيادية وتوازن فهي تقف على مسافة واحدة من الجميع بما فيها الناحية الجغرافية ،لذلك عملت عمان ومنذ أشهر على تحقيق التقارب بين الأطراف المتنازعة داخل اليمن وبين السعودية وإيران ، ويبدو أن سلطنة عمان ليست الوحيدة التي سعت للتقارب والوساطة بل هناك أطراف أممية وأوربية وأمريكية تسعى لإيقاف الحروب وحل الأزمة اليمنية ، أقلها لأسباب إنسانية وإغاثية . ومن هنا كان اللقاء السعودي والحوثي الممثل بالسفير محمد آل جابر وبين رئيس المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثي محمد المشاط، في العاصمة اليمنية صنعاء وبحضور الوساطة العمانية يبدو أنها ستأتي ثمارها وبداية انفتاح ايجابي من كل الأطراف عربياً وإقليميا ، وتناولت المحادثات سبل إحلال السلام في اليمن والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل دائم .
والغالب أن هذه المحادثات كانت موفقة ، لنجاح الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية وموافقة أممية وربما أمريكية وأوربية ، لما لها من أهمية لإنجاح جهود السلام في منطقة الخليج والبحر الاحمر ومضيق باب المندب ، ولما لجميع الأطراف من مصالح حيوية واستراتيجية في المناطق التي مر ذكرها ويساق ذلك على المصالح الروسية والأوربية وحتى العربية.
وكان لقاء الوفد السعودي والعماني مع ممثل ورئيس المكتب السياسي الحوثي ، في القصر الرئاسي في صنعاء ،والذي عبر عن امتنانه للجهود العمانية ودورهم الذي قاموا به لتقريب وجهات النظر ومن أجل تحقيق السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة . ويبنى الاتفاق الموافقة على هدنة قوامها ستة أشهر ،كمرحلة أولية لبناء الثقة ثم تليها فترة تفاوض ومحادثات مدة ثلاثة أشهر حول المرحلة الانتقالية ، التي سوف تستمر مدة سنتين يتم خلالها التفاوض على الحل النهائي بين كل الأطراف .وعلى ما يبدو أن المحادثات ستركز على الخطوات التمهيدية بين الجانبين مثل فتح الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون وكذلك فتح مطار صنعاء بشكل كامل، ودفع رواتب الموظفين العموميين في إطار من جهود إعادة البناء وإطار زمني لخروج القوات الأجنبية من البلاد ، ويتم تبادل الأسرى بين الجانبين فقد افرجت السعودية عن ثلاثة عشر أسير حوثي مقابل أسير سعودي واحد وسوف يتم تبادل الأسرى بين الجانبين بشكل أوسع كما اتفق عليه الجانبان .
بالمختصر، أن حظوظ هذا الاتفاق كبيرة في تحقيق النجاح لما له من أرضية دولية ممهدة،كما نوهنا وكذلك لما له من ظروف إقليمية مناسبة .