سجن الصناعة والحرب التركية

ما إن أعلنت قوات سوريا الديمقراطية انتصارها على داعش في الحسكة، حتى شنت آلة الحرب التركية قصفها على المناطق الآمنة في ديرك “المالكية”. إذ ليس من المستغرب من دولة الاحتلال التركي أن ترد على كل هزيمة تمُّن بها تنظيماتها الإرهابية على يد قوات سوريا الديمقراطية بقصفٍ همجي أو اجتياح للمناطق الآمنة.

إن علاقة تركيا بالتنظيمات الإرهابية ليست بالجديدة، فمعظم التنظيمات الإرهابية وقادتها ” أبو بكر البغدادي وأبو عمر التركماني زعيما تنظيم داعش قتلا من قبل القوات الأمريكية في إدلب، أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة”، محمد الجاسم الملقب بـ”أبو عمشة زعيم فصيل لواء السلطان سليمان شاه”، متواجدون في مناطق الاحتلال التركي وتحت الحماية التركية، ورغم كل التقارير الدولية التي تؤكد علاقة تركيا بتلك التنظيمات وضلوعها في دعم العمليات الإرهابية. إلا أن المجتمع الدولي يتجاهل تلك العلاقة عن سابق قصد، وبدأ يتبع سياسة المعايير المزدوجة فمن جهة يشيد بدور “قسد” في محاربة الإرهاب ومن جهة أخرى يتجاهل العمليات الإرهابية التركية على مواقع قوات سوريا الديمقراطية والمناطق المدنية.

ويعتبر القصف الذي قام به الطيران التركي من أكبر العمليات الإرهابية بعد الاجتياح التركي الأخير على منطقتي كري سبي وسري كانيه، حيث شاركت 60 طائرة حربية تركية في هذه العملية واستهدفت 80 موقعاً في شمال العراق وسوريا وعلى مناطق آمنة لا تشهد أي تحركات عسكرية أو عمليات عسكرية. حيث تسبب القصف التركي على عين ديوار وديرك في مناطق الإدارة الذاتية باستشهاد عدد من المدنيين وحراس المنشآت المدنية، كما تضررت البنى التحتية العامة، بما في ذلك سد المياه ومحطة توليد الكهرباء. فالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة المتواجدة لحماية المنطقة لم يحرك ساكناً، على الرغم من توتر علاقتها مع تركيا. لذا اتهمت قيادة قسد التحالف الدولي بفتح الأجواء أمام الطائرات التركية بقصف مناطق في روج آفا وشمال وشرق سوريا. فتغاضي التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة عن القصف التركي على مناطق الإدارة الذاتية يمكن ربطها بالأزمة الأوكرانية وحاجتها إلى تركيا في أوكرانيا. كما أن القصف التركي يأتي خشية حصول تقارب بين الإدارة الذاتية وباشور كردستان والذي يخدم الحوار الكردي – الكردي. أما بالنسبة للصمت الروسي فهو ليس بجديد فالقصف التركي على مناطق الإدارة الذاتية تصب في مصلحتها للضغط على قوات سوريا الديمقراطية وتقديم تنازلات والتمدد في المنطقة.

وفي هذا السياق فإن خطر دولة الاحتلال التركي على مناطق الإدارة الذاتية سيستمر ما دامت تنظيماتها الإرهابية تتلقى الهزائم على يد قوات سوريا الديمقراطية وطالما بقي المجتمع الدولي صامتاً حيال الانتهاكات التركية على المنطقة ودورها في حماية ودعم التنظيمات الإرهابية في مناطق الاحتلال التركي.

زر الذهاب إلى الأعلى