قمّة عربية سُداسية مُصغّرة في (أبو ظبي) وأهداف غير مُعلَنة

 

 

عُقدت في العاصمة الإماراتية (أبو ظبي) في 18يناير/ كانون الثاني قمّة عربية سُداسية مصغّرة بين أربعة دول خليجية، هي البحرين وقطر والإمارات وسلطنة عُمان إضافة إلى مصر والأردن، وُصِفت القمة في وسائل الإعلام بأنّها قمّة أخوية وتشاورية لتعزيز العلاقات العربية بين الأشقّاء، ومناقشة التحدّيات الدولية والإقليمية والتحدّيات الاقتصادية التي تعيق التنمية والازدهار، وتحقيق التعاون في العمل العربي المشترك وحُسن الجوار، وأهمية التنسيق بين الدول العربية في مواجهة التحدّيات الدولية والإقليمية وغيرها من الأهداف المعلَنة حسب وكالة الأنباء الإماراتية وغيرها من الوكالات الخليجية، هذه القمّة لم تتجاوز الدعوات البروتوكولية ولم تستغرق إلّا عدّة ساعات ، واللّافت في هذه القمّة العاجلة هو غياب المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، فمن المرجّح والغالب أنّ هناك أسبابًا واحتمالاتٍ عدّة لعقدها، ومنها: أزمات حقيقية اقتصادية تعصف ببعض الدول العربية التي سارعت لحضور القمة، كما هو الامر بالنسبة لجمهورية مصر العربية التي تمرّ بمنعطف اقتصادي خطير وهي قريبة من حافّة الإفلاس وتئنّ تحت مطرقة صندوق النقد الدولي، الذي تصل مطالباته إلى حدود 40 مليار دولار والتي يجب أن تهبها الدول الخليجية لمصر، عبدالفتاح السيسي والذي يرغب بقبض ثمن مواقف مصر المساندة لدول الخليج في مختلف المراحل والمواقف السياسية ضدّ السياسات الايرانية وتهديداتها في اليمن والخليج وسوريا، وهو يتأمّل أن يحقّق كلّ الذين حضروا القمّة السداسية في (أبو ظبي) مراده في شيء ما يخدم مصالحه وسط الخلافات العربية المتفاقمة، كما أعربت بعض الدول الخليجية أنّه لم تعد لديها منح مجّانية ودون مقابل. بمعنى أنّه إذا تمّ إنقاذ مركب السيسي من الغرق فلن يكون ذلك مجّانيًا، وفهمت مصر هذه الرسالة فباتت العلاقات المصرية السعودية تدخل مجال الترقّب؛ فقد أعلنت مصر من جهتها وقف انتقال ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية وبات الموقف يشبه الابتزاز أو البيع. وعلى هذا الأساس يمكن فهم موقف عدم حضور وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان للقمّة السداسية المصغّرة في (أبو ظبي)، والذي أبدى انشغاله بمشروع رؤية خليجي 2030م حسب مزاعمه.

أمّا دولة الكويت أيضًا فقد نأت بنفسها عن تقديم هبات ومساعدات لمصر، وبدأت بترحيل الآلاف من العمالة المصرية في الكويت، وأبدت مصر امتعاضها من هذا الموقف الذي عبّر عنه البرلمان الكويتي أومجلس الأمة الكويتي، وهذه المواقف الجديدة من السعودية والكويت ربّما تعود إلى تحسّن في مسار المفاوضات الإيرانية السعودية، وانعكس ذلك بدوره على الموقف من الازمة السورية والنظام السوري من قِبل كلّ من السعودية والكويت اللتان باتا تتقبّلان الوضع العام في سوريا والنظام السوري.

أمّا دوافع الملك الاردني عبدالله الثاني فمشكلته مزمنة من حيث الاعتماد على المساعدات والهبات الخليجية بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة في الاردن ولا يريد أن يعود خالي الوفاض من هذه القمّة، إضافة  إلى محاولة إسرائيل وحكومة نتنياهو فكّ ارتباط الاردن والإشراف الهاشمي على القدس، فقد منعت اسرائيل زيارة ممثّل ووزير أردني إلى القدس، الأمر الذي يستدعي من الدول التي قامت بالتطبيع مع اسرائيل ولاسيّما الدول الخليجية أن تضغط في هذا الاتجاه بما فيه صالح العرب والمسلمين والأردن، أمّا عن الشيخ محمد بن زايد فقد أراد أن يكون عبء الهبات والمساعدات إن حدثت يكون موزّعًا على جميع الدول الخليجية دون استثناء، ولذلك فقد أبدى اهتمامه بالازدهار والاستقرار والتنمية، وتبقى الدول الخليجية لا تستغني عن مصر ودورها في تحقيق الاستقرار؛ فقد بلغت المساعدات المقدّمة منها منذ تولّي السيسي أكثر من 90مليار دولار ولايزال الأمر متفاقمًا، فقد طلب صندوق النقد الدولي من الدول الخليجية نحو 40 مليار دولار؛ لذا فإنّ الدول الخليجية تطلب من مصر الاعتماد على ذاتها والتوقّف عن طلب الهبات والمساعدات المجانية .

أمّا الأمير القطري فيتوقّع قيام الولايات المتّحدة وإسرائيل بعمل عسكري ضدّ إيران على خلفيات الملف النووي الإيراني، وهو ما سيهدّد أمن قطر والخليج والمنطقة، وهذا غير وارد في المنظور القريب على الأقل. أمّا ملك البحرين فقد حضر القمّة ربّما من أجل تسوية خلافاته مع دولة قطر والدخول في مجال التنمية الخليجية بشكل أعمق، بينما عُمان كعادتها تسعى إلى أن تكون على مسافة واحدة من الجميع لتحسين اقتصادها وتحقيق التنمية والاستقرار بما فيها الجمهورية الاسلامية في إيران

ويبقى السؤال: هل سيتمّ إنقاذ كلّ من السيسي وملك الأردن من أزمتهما الاقتصادية والسياسية الداخلية؟ والجواب مرهون بالأحداث القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى