التحالف الدولي واحتمال فرض حظر جوي على المنطقة

تدخل الإدارة الذاتية عامها العاشر بإنجازات عسكرية “الانتصار على تنظيم داعش الإرهابي وملاحقة خلاياه واستمرار الشراكة مع التحالف الدولي” وسياسية، الانفتاح على الدول الإقليمية والعالمية وافتتاح ممثليات لها على أراضيهم إلا أن التهديدات التركية المستمرة أثرت على الوضع الاقتصادي والأمني في المنطقة بالرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية والأسايش في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. فالمجتمع الدولي ما يزال متردداً في الاعتراف بالإدارة الذاتية ككيان سياسي ذو خصوصية معينة ومردُّ هذا التردد هو نتيجة رفض الدولة التركية إقامة نظام فيدرالي في شمال وشرق سوريا يتمتع بمزايا سياسية وعسكرية واقتصادية بعد فشل النظام التركي في إسقاط النظام السوري وإقامة نظام إخواني موالي له وفشل التنظيمات الإرهابية في السيطرة على المنطقة.

اليوم يحاول أردوغان تغيير البوصلة والتودد إلى النظام  بدلاً من محاربته، ويأتي ذلك بعد اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التركية فهو يحاول إنهاء ملفين أساسيين تخدمه في الانتخابات، الأول ملف اللاجئين السوريين وترحيلهم إلى الأراضي السورية والثاني إفشال الإدارة الذاتية من خلال وضع يدها في يد النظام وروسيا لمحاربة الإدارة الذاتية وإعادة المنطقة إلى النظام أو احتلال المزيد من الأراضي. وبالمقابل فالنظام يطالب بسحب جيش الاحتلال التركي من الشمال السوري وتسليم ملف المعارضة له أما بالنسبة للمطلب الأول فمن المستبعد أن تقوم دولة الاحتلال التركي بسحب جيشها من الشمال السوري الذي ينافي الميثاق الملّي باحتلال الشمال السوري وإنما تسليم بعض المناطق مثل تسليم شمال طريق M4  للنظام وتسليم بعض المعابر الحدودية التي تخدم التجارة بين الطرفين، أما بالنسبة للمطلب الثاني فليس من المستبعد على دولة الاحتلال التركي تسليم بعض الشخصيات المعارضة للنظام خاصة التي تشكل مصدر قلق لها لذلك نرى تكالب الكثير من المعارضة السياسية والعسكرية على تبرير الموقف التركي الجديد على حساب شعوبها في الشمال السوري المحتل. وفي المجمل كل ما يحدث يدخل في صالح روسيا فمن جهة إنهاء الائتلاف سياسياً ومن جهة أخرى إضعاف الفصائل المسلحة من خلال تسلم ملف قادة الفصائل وأماكن تواجدهم وتحركاتهم. وبالتالي حصر الملف السوري بين روسيا وتركيا وكلاهما يقومان بمساومات على سوريا لخدمة مصالحهم العليا.

ومن النتائج المتوقعة لهذا التقارب، ازدياد الخطر العسكري على الإدارة الذاتية وعودة داعش وخلق الفتن في المنطقة مما سينعكس سلباً على الولايات المتحدة والتحالف الدولي لذا نجد الرفض الأمريكي لأي انفتاح على النظام السوري “تطبيع العلاقات” خاصة أن هذا التطبيع يخدم روسيا بالمقام الأول وهيَّ في حالة صراع عسكري “غير مباشر” معها في أوكرانيا وإن هدف الطرفين التركي والروسي والذي يتمحور في إخراج القوات الأمريكية والسيطرة على مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا سواء عن طريق المقايضة أو عودة النظام إلى المنطقة مما سيضع المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام في دائرة الخطر، وإخراج الولايات المتحدة من الملف السوري، لذا تحاول الولايات المتحدة والتحالف الدولي من إعادة انتشارها العسكري في المنطقة والعودة إلى قواعدها العسكرية التي انسحبت منها أثناء الاحتلال التركي لمنطقتي كري سبي وسري كانيه، والوقوف في وجه أي اتفاق تركي روسي يؤثر على تواجدها في المنطقة. ومع تطور اللقاءات بين النظامين التركي والسوري وبرعاية روسية  وتغريد تركيا خارج السرب الغربي “حلف الناتو” ستجعل الولايات المتحدة تحت الضغط الروسي التركي مما قد يدفع بالإدارة الأمريكية لاتخاذ خطوات وقائية أو رادعة كإقامة حظر جوي على أراضي الإدارة الذاتية لإفشال المفاوضات بين روسيا وتركيا التي تتمحور حول فتح روسيا للمجال الجوي أمام الطائرات الحربية التركية ومنع الطيران التركي من قصف البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية للإدارة الذاتية، ومن ثم قد تتجه الولايات المتحدة نحو الخطوة الأهم وهو الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية، في حال بقي النظام التركي متعنتاً بسياسته المعارضة للسياسة الأمريكية في سوريا، فالولايات المتحدة حاولت التقريب بين الإدارة الذاتية والنظام التركي إلا أن الموقف التركي ما زال يرفض التقرب من الإدارة الذاتية على الرغم من انفتاح الإدارة الذاتية على أي حوار أو تقارب يخدم الأمن والسلم في المنطقة. وتبقى نقطة أخرى والتي قد تخدم السياسة الأمريكية في سوريا هو الرفض والغضب الشعبي في الشمال السوري المحتل لأي مصالحة مع النظام ورغبتهم بالانضمام أو التصالح مع الإدارة الذاتية وفقدان ثقتهم بإدارتهم السياسة والعسكرية، وقد تستغل هيئة تحرير الشام الرفض الشعبي  وانعدام الثقة في التمدد في الشمال السوري.

وفي هذا السياق وعلى الرغم من ازدياد الخطر على مناطق الإدارة الذاتية سواء من جهة تركيا أو من جهة النظام وروسيا أو من خلال توحيد جهودهما عن طريق المصالحة لضرب الإدارة الذاتية، سيزيد من الضغط على التحالف الدولي بما يخص السياسة التركية التي ستؤدي لعودة التنظيمات الإرهابية وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي وخلق الفتن الطائفية في المنطقة، بالإضافة إلى الأطماع التركية التي ستؤثر على تواجد التحالف الدولي ووظيفتها في منع احياء الإرهاب من جديد وفي تحقيق الأمن والسلم في المنطقة لذا من هنا ولتفادي أي سيناريو يؤثر عليها سلباً قد يتجه التحالف إلى فرض حظر جوي خلال الأشهر القادمة في حال أصر النظام التركي على سياسته الجديدة المناوئة للولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى