القمة العربية للم الشمل وتجاهل التغييرات الدولية

القمة العربية للم الشمل وتجاهل التغييرات الدولية

لازالت الدول العربية تتباكى على وحدة الصف العربي وتعقد المؤتمرات الدولية والاقليمية لأجل تحقيق الآمال الطموحة في تحقيق وحدة الصف العربي تجاه التغيرات الداخلية العاصفة والتحولات السياسية التي أحدثت انقلابات في معظم الدول العربية التي بدأت فيما يسمى بالربيع العربي في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن والتي كانت وبالاً  على شعوبها ودولها نتيجة تدخلات إقليمية خشيت من امتداد الكارثة إلى بلدانها فأحدثت شرخاً في العلاقات العربية – العربية وشرخاً مع الدولة الإقليمية التي لم تكن خالية من الاهداف والمآرب ورغم تأخر القمة العربية التي سميت بقمة لم الشمل في الجزائر انعقدت القمة في استحياء كبير وبنسب تمثيل مختلفة تبعاً لمشاكل و مواقف كل دولة ونظرتها للوضع العربي والدولي والموقف من الدولة المضيفة التي هي على علاقة طيبة مع إيران وسورية وتسعى بكل جهدها على تمثيل سوريا في القمة رغم عدم حضورها بتنسيق سوري جزائري وإيراني وربما روسي التي ايدت مخرجات القمة رغم وهنها وبعدها عن المعطيات الدولية حاولت الجزائر توحيد الفصائل الفلسطينية واعتبارها القضية المركزية للدول العربية والشعوب العربية التي باتت رهن أزماتها الداخلية ومحاولة تسويق القضية الفلسطينية ورفع مستوى تمثيلها في الأمم المتحدة بعضوية كاملة إلا أن ذلك سيرتطم بالكثير من المعوقات الدولية لقد سعت الجزائر توحيد الصف العربي بعدم التطبيع مع اسرائيل والسير في الخطى السابقة في إطار من الفكر القوموي العربي لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في هذا المسعى، حيث غاب عن القمة كُلاً من الملك السعودي ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة ورئيس دولة عمان وأمير دولة الكويت وملك البحرين وإنما حضر القمة أمير دولة قطر تميم بن حمد وهذا يعني ترسيخ الخلافات أكثر سياسياً واقتصادياً بين الدول العربية ويعني أيضاً أن المتغيرات الدولية فعلت فعلها بعد الحرب الروسية الأوكرانية خاصة ما يتعلق بأزمة النفط والطاقة ومحاولة كل من السعودية والدول الخليجية الأخرى أن تتبع مصالحها بروح أكثر استقلالية في البعد من التوجهات الغربية والأمريكية وربما بتشجيع روسي خفي وحضر القمة الرئيس العراقي الجديد المتوافق عليه سياسيا والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وطبعا الرئيس الجزائري المضيف ورئيس القمة الذي حاول التركيز على القضية الفلسطينية كمحاولة لجمع العرب والدول العربية مجدداً حول محورها ولكنه تناسى المغرب والملك المغربي الذي بدوره لم يحضر بسبب الخلاف مع الجزائر على ما يسمى الجمهورية الصحراوية وجبهة البوليساريو بمعنى لم تحقق القمة العربية في الجزائر ادنى مستوى من التنسيق العربي بسبب ازمات الدول العربية السياسية والداخلية في كل من سوريا واليمن ولبنان والعراق وليبيا والتدخل واحتلال أراض عربية من الدول الإقليمية مثل احتلال ايران للجزر الاماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وتدخلها السافر في شؤون الجمهورية العراقية واليمن ولبنان وسوريا وتلاعب تركيا بروافد الانهار التي تزود العراق بالمياه وإقامة السدود وتدخلها السافر في شؤون الدول العربية وناهيك عن احتلالها للشمال السوري ومحاولة شرعنه احتلالها عبر الأمن القومي التركي وقضية اللاجئين السوريين وإقامة السدود المائية وحرمان سكان سوريا من حصتها المائية وتدخلها في الشؤون الداخلية الليبية ودعم حكومة الدبيبة المنتهي ولايته، والتي ترفض قمة الجزائر التنديد بها، والامر ذاته يساق على اثيوبيا وسد النهضة الذي هو مثار خلاف حقيقي مع مصر. فأين لملمة الشمل العربي والدول العربية في هذه القمة التي حملت هذا العنوان ثم أين مسعى القمة في السعي للتكامل الاقتصادي العربي واين السوق العربية المشتركة التي باتت معدومة ولم تذكر وإن ذكرت فستكون على استحياء ورفع العتب.

ثم أين هي الاصلاحات في قمة لم الشمل العربي على منظمة الجامعة العربية التي عمرها تجاوز أكثر من سبعة عقود رغم المنعطفات الكبيرة والمتغيرات الدولية الكبيرة التي وقعت في العقود الاخيرة بدأت من حرب الخليج الأولى والثانية واحتلال الكويت واحتلال العراق وسقوط الأنظمة الشمولية في الكثير من البلاد العربية وآثار الحرب الروسية الأوكرانية وآثارها من أزمة الطاقة والنفط وأزمة الغذاء واستيراد الحبوب  والهجرة .

تجاهلت القمة القيام بإصلاح منظمة الجامعة العربية وفق كل الأحداث والمتغيرات الحاصلة والتي تعصف بالبلاد العربية كما ينبغي لقمة لم الشمل اتخاذ السبل والوسائل لبحث مسائل حقوق الإنسان وفق منظمة الأمم المتحدة والمعايير الدولية وإيلاء الاهتمام بالمسائل العرقية والأثنية في البلاد العربية وفي كل الدول لتحقيق الأمن والاستقرار المستدام خاصة وإن الادارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا وجهت  نداء للجامعة العربية للتأكيد على وحدة الأراضي السورية والسعي لحل المعضلة السورية .

وأخيراً فإن القمة العربية في الجزائر المسماة بلم الشمل قد عقدت في ظروف دولية واقليمية وعربية معقدة واستثنائية وحتى تنجح القمم القادمة يجب أن تكون بمعايير جديدة وهيكلية جديدة متخذة في الحسبان كل المعوقات التي تم ذكرها .

زر الذهاب إلى الأعلى