زيارة بايدن إلى السعودية… الأسباب والنتائج المحتملة

مرشد اليوسف

أعلنت المملكة العربية السعودية أن الرئيس جو بايدن سيزور الرياض بدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يومي 15 و16 من هذا الشهر؛ وسيلتقي الرئيس بايدن بالملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك لبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة سبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم.

 ويتضمن برنامج الزيارة في يومها الثاني، أي في 16 تموز، حضور الرئيس بايدن قمة مشتركة (دعا إليها العاهل السعودي) لكل من قادة دول الخليج العربي وملك الأردن والرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي.

والحقيقة أن العلاقات الأمريكية السعودية كانت تتميز عن غيرها من العلاقات الدولية، فالسعودية تتمتع بالثقل في أولويات السياسة الأمريكية لما تمتلكه من مقومات جيوبوليتيكية واقتصادية، وقدرات نفطية بالإضافة الى مكانتها الدينية.

والعلاقة بين الدولتين كانت على الدوام علاقة استراتيجية على جميع الأصعدة وإن تخللتها في بعض الأحيان حالات من التوتر والخلافات، خاصة في السنوات الأخيرة نتيجة اختلاف قراءة الطرفين للأحداث والتغيرات الإقليمية المتلاحقة خاصة فيما يتعلق بثورات الربيع العربي والتي ولدت مجموعة من التحديات؛ ففي بعض الملفات حدث تصادم بين الطرفين مثل التقارب الأمريكي الإيراني بشأن الملف النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عن طهران في عهد الرئيس أوباما.

والخلاف مع السعودية بدأ مع قضية الإعلامي السعودي جمال خاشقجي حيث وجه المرشح الرئاسي بايدن حينذاك خلال مناظرة رئاسية على قناة mcnbe انتقادات حادة لحكومة السعودية؛ وحين تولى الرئاسة في أمريكا وصف بايدن السعودية بأنها “دولة منبوذة ” وتجاهل الرئيس بايدن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورفض استقباله، وأدان سجل حقوق الإنسان ونظام الحكم في السعودية …. الخ.

ورغم مرور أكثر من ثمانية عشر شهراً على تولي بايدن الرئاسة في أمريكا فإنه لم يعين بعد سفيراً أمريكياً دائماً في الرياض، وهذا يدل على عمق الخلاف القائم مع السعودية.

ولكن كيف تحول بايدن من منتقد حاد لسلطات المملكة العربية السعودية إلى ساع للتصالح معها؟

لاشك أن التحول في موقف الرئيس بايدن من السعودية يأتي في سياق التحولات الإقليمية والدولية الكبرى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا بكل تداعياته الجيوبوليتيكية والاقتصادية والطاقة (الغاز والبترول) وأيضاً في سياق التصعيد الحالي بين إسرائيل وإيران، الأمر الذي أجبر بايدن على إعادة النظر في معظم مكونات السياسة الخارجية الأمريكية التي أعلنها خلال الحملة الانتخابية خصوصاً ما يتعلق منها بالعلاقة المحتملة مع السعودية ومع ولي العهد السعودي؛ كما أن الحرب الروسية- الأوكرانية  كشفت عن مدى تبعات الحرب على العالم، ومدى حاجة أمريكا لملفاتها في الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بالبترول السعودي، والبترول والغاز الخليجي. وقد نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الأحد الماضي مقالاً للرئيس بايدن حمل عنوان: “لماذا سأذهب إلى السعودية” برّر فيها أسباب زيارته المتوقعة إلى السعودية حيث قال “… منذ البداية كان هدفي هو إعادة توجيه العلاقات ولكن ليس قطعها – مع دولة كانت شريكاً استراتيجياً لمدة 80 عاما…“؛ وذكر أيضاً أنه “… عندما يلتقي بالقادة السعوديين الجمعة سيكون هدفه تعزيز شراكة استراتيجية تستند للمصالح والمسؤوليات المشتركة مع التمسك بالقيم الأمريكية…”. وأشار إلى أن زيارته المقبلة إلى السعودية والتعاون مع المملكة مهمة جداً لمواجهة روسيا والتغلب على المنافسة مع الصين، وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

بالطبع هناك حديث عن هدف آخر وهو إمكانية تشكيل حلف ” الناتو العربي ” بموافقة أمريكا للتطبيع مع إسرائيل.

وأكد الرئيس بايدن بأنه ” سيكون أول رئيس يطير من إسرائيل إلى مدينة جدة بالسعودية…” معتبراً أن ” ذلك سيكون رمزاً صغيراً للعلاقات والخطوات نحو التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي”.

وتشكل الزيارة بالنسبة للسعودية معادلة صعبة بين ما ينتظره منها الأمريكيون وبين التزاماتها تجاه الروس ضمن تكتل أوبك بلاس النفطي؛ وبالمقابل فإن الرياض ترغب في طرح عدد من القضايا يأتي في مقدمتها إيران وملفها النووي وتمدد أذرعها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وهذا الملف بالنسبة للسعودية أساسي ومن المحتمل أن تطرح الرياض الكيفية التي تدافع بها أمريكا عن المملكة في وجه إيران.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى