في أروقة المجلس الوطني الكردي

عادت الخلافات من جديد بين أحزاب المجلس الوطني الكردي وبين أحزاب “الوحدة الوطنية” فمرةً أخرى تطفو على السطح أجواءً مشحونة بالتوتر وعدم قبول الطرف الآخر في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية إيجاد صيغة مناسبة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الحوار الكردي – الكردي و وأد الخلافات التي كانت قد ظهرت في وقت سابق إلا أنه ووفقاً لما يبرز على الساحة السياسية فإن هنالك مماطلة متعمدة من قبل المجلس الوطني الكردي لاستئناف الحوار الكردي – الكردي.

حملت جملة المطالب التي صرح بها قادة ومسؤولون بارزون في المجلس الوطني الكردي لإعادة استئناف الحوار الكردي – الكردي نبرة شبه عدائية بالإضافة إلى التعنت وعدم التنازل عن المطالب والتي تبرز عدم القبول بأية نسبة تمثيل ضمن الإدارة الذاتية والتأكيد على (التساوي) “فيفتي فيفتي”، وهذه المطالب تأتي في الوقت الذي لا تلتزم فيه أحزاب المجلس الوطني الكردي بالقوانيين الناظمة ضمن مناطق الإدارة الذاتية والتي تمنع عمل أي تيار سياسي أو مزاولة عمل حزبي ضمن إقليم الجزيرة قبل الحصول على تراخيص عمل رسمية من الجهات التنفيذية القائمة والتي أيضاً بموجبها تلتزم بحماية مقراتها من قبل قوى الأمن الداخلي، وقد شاهدنا مؤخراً عمليات استهداف متعمدة من  قبل “مجهولين” لبعض مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا على وجه الخصوص دون أحزاب المجلس الوطني الأخرى بالرغم من وجود ما يقارب 16 حزباً ضمن المجلس الوطني الكردي.

في السياق ذاته لقد كثف المجلس الوطني الكردي من حملاته التشويهية بحق الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي يطالب فيها بتمثيل عادل ومتساو، إذ عمد المجلس مؤخراً إلى اتهام الإدارة الذاتية بالعمالة لصالح النظام وفي تنفيذ أجندات خارجية مع العلم بأن قادة المجلس الوطني يكررون  في لقاءاتهم التلفزيونية استعدادهم للعودة إلى المفاوضات إلا أن الوسائل الإعلامية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي يكثف المجلس الوطني من حربه ومعاداته للإدارة الذاتية الأمر الذي يحمل نوعاً من التناقض وعدم التجانس في تصريحات قادة المجلس الوطني وبين خطاب المجلس لحاضنته الشعبية وللشارع الكردي.

إن هذه التحركات من قبل المجلس الوطني الكردي تأتي في ظل عواصف عنيفة تضرب الجذور العقائدية لديه, وارتباطات المجلس الوطني الكردي ويترسخ رويداً رويداً الانقسام الحاد بين صفوف المجلس الوطني الكردي وأصبح قراره يصدر عن جهتين الأولى وهي العقائدية التي تمثل الخط القومي المتشدد والذي يقوده سعود الملا سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا والذي أصبح مرتهناً بشكلٌ مباشر للحزب الأم الديمقراطي الكردستاني PDK والتيار الثاني والذي يقوده سليمان أوسو سكرتير حزب يكيتي الكردستاني – سوريا والذي أصبح مرتهناً بشكل مباشر للائتلاف الوطني السوري ويسعى إلى ترسيخ وجوده ضمن المجلس الوطني.

هذه التناقضات تعصف بجسم المجلس الوطني الكردي وتهدف إلى محاولة حزب يكيتي الكردستاني – سوريا إلى حشد الأحزاب المنضوية ضمن الهيئة الرئاسية في المجلس الوطني الكردي للوقوف في وجه سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني على مفاصل المجلس الوطني الكردي، وكما شاهدنا مؤخراً محاولات ترسيخ تمدد الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ليشمل ما يسمى بـ بيشمركة روج المؤسسين على أيدي المخابرات التركية في إقليم كردستان من خلال تعيين القائد العام للبيشمركة ابراهيم محمد يوسف، واسمه الحركي (دلوفان روباري)، عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا.

وهذا التمدد من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا بقيادة سعود الملا لم يقتصر على المؤسسة العسكرية فقط بل شمل أيضاً التيارات الشبابية والنسائية ضمن المجلس الوطني الكردي من خلال دعم وإعادة تفعيل حركة الشباب الكرد والتيارات النسائية الأخرى، وقد قوبلت باستهجان من قبل حزب يكيتي الكردستاني- سوريا والذي دفع الحزب إلى البدء بإطلاق ورشات عمل موسعة ضد قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا والعمل على تقليص الدور الذي كان يلعبه الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا في البت بالقضايا الاستراتيجية وكانت أبرز الملفات التي عمل عليها حزب يكيتي هو إطلاق حملات العودة من قبل المهجرين قسراً من “سري كانيه، كري سبي، عفرين” الأمر الذي أضعف موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ضمن المجلس الوطني الكردي ودفع بتكثيف التعاون والاتصال بين الائتلاف الوطني وبين حزب يكيتي الكردستاني وعقد الصفقات فيما يتعلق بإعادة المهجرين قسراً.

 مما سبق يمكن الاستنتاج بأن هنالك أهداف مشتركة لدى المجلس الوطني الكردي وهي المماطلة في العودة واستئناف الحوار الكردي – الكردي يبدو أن هناك تصفية حسابات داخلية ضمن المجلس الوطني الكردي والعمل على تقليص نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا واحتكار الحزب الديمقراطي لكامل الملفات وتفاصيل المجلس الوطني الكردي سواء العلاقات الخارجية أو الأمور التنظيمية الداخلية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى