‘‘مهجري عفرين‘‘  عودة إلى المستوطنات ‘‘وشرعنة الاحتلال‘‘

بعد أن شنت تركيا ومرتزقتها من الفصائل المسلحة حرباً على مقاطعة عفرين كانون الثاني/ يناير من عام 2018م، تم تهجير أغلبية السكان قسراً، لينزحوا فيما بعد إلى منطقة الشهباء ضمن مخيمات التي تم إنشاؤها هناك إبان النزوح القسري، وحسبما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن مجموع الذين هُجِّروا بعد الاحتلال العسكري التركي قدر بـ 300،000 شخص بحلول أيار/مايو من نفس العام، كما قدر أن 40,000 مستوطن قد نُقلوا إلى عفرين مكان السكان الأصليين، بعضهم من مهجّري الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ومعظمهم من عائلات الميليشيات العربية والتركمانية التابعة للاحتلال التركي.

الممارسات التي مارسها المرتزقة في عفرين:

منذ أن سيطرت تركيا وعصاباتها المسلحة على مقاطعة “عفرين” تفاقمت الأوضاع سوءاً في تلك المدينة، حيث قامت بارتكاب أبشع أنواع الانتهاكات بحق المدنيين، من قتل وخطف واغتصاب، كاختطاف الفتاة القاصرة // ملك نبيه خليل جمعة // والتي اختطفت على يد فصيل النخبة المنضوي تحت راية فرقة السلطان مراد ليتم فيما بعد العثورعلى جثتها في إحدى الأراضي الزراعية بعدما تم قتلها رمياً بالرصاص بطريقة وحشيةً.

كما قامت بتغيير ديمغرافي إذ جلبت عوائل المرتزقة وعائلات تركمانية واستوطنتهم في بيوت أهالي عفرين، وقطع الأشجار وبحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين فقد أتلف المرتزقة منذ احتلال عفرين لعام 2019م ثلاثة وأربعين ألف شجرة مثمرة وحراجية، كما استولت على الأراضي والمحاصيل الزراعية وصادراتها للخارج تحت منشأ وصناعة تركية كالزيت العفريني، وعكفت على إعادة تسجيل العقارات بغية حرمان المهجرين الكرد من ملكية أراضيهم، بالإضافة إلى سرقة الآثار التي امتدت لآلاف السنين.

الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على احتلال مقاطعة عفربن والتهجير القسري والتغيير الديمغرافي الذي مورس بحقها، بدأت وثائق الانتهاكات التي ارتكبتها تركيا ومرتزقتها تخرج للعلن، حيث ظهر العديد من التقارير المحلية والدولية التي توثق تلك الممارسات والتي اتهمت تركيا علنيةً بارتكابها جرائم حرب من جعلها في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، لذا بدأت غرف الاستخبارات التركية باتباع سياسية جديدة كمحاولة لتحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي وتبييض وجه المرتزقة وشرعنة احتلالهم، فقامت مؤخراً بالترويج لعملية عودة مهجري عفرين القاطنين في مخيمات الشهباء إلى مناطقهم بعد أن باءت محاولاتها السابقة بالفشل وبالاعتماد على قيادات المجلس الوطني الكردي( ENKS)، فالوثيقة التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي تثبت حصول لقاءات عبد الباسط سيدا حمو وإبراهيم برو مع مسؤول الملف السوري في الخارجية التركية بمدينة اسطنبول بتاريخ 21/6/2021م، حيث تم الاتفاق على إعادة مهجري عفرين والذي يقتضي بإعادة إدخال العوائل الكردية إلى مقاطعة عفرين من خلال تكثيف الدعوات عبر الوسائل الإعلامية التابعة للمجلس الوطني الكردي، وقد تم تخصيص مبلغ قدره 25 ألف دولار أمريكي من قبل الجانب التركي إعلام المجلس للدعاية حيال مسألة عودة المهجرين، وهذا ما رأيناه جلياً عندما طالب عبد الحكيم بشار مهجري عفرين ‘‘بالعودة‘‘ زاعماً بأنه لا انتهاكات هناك كما يتم الترويج له على الوسائل الإعلامية.

ترافقت هذه المعطيات مع معلومات تفيد بأن عناصر الفصائل المسلحة، طالبوا الأهالي وعبر مكبرات الجوامع، بتشجيع مهجري عفرين على العودة. وأكدت المصادر أن هذا الأمر تزامن مع لقاءات جرت بين قادة الفصائل المسلحة وعدد من أعضاء المجلس الوطني الكردي تحت مسميات المجالس المحلية والمخاتير وأعيان المنطقة، وركزت هذه اللقاءات على التواصل مع مهجري عفرين في مخيمات الشهباء وتشجيعهم على العودة إلى مناطقهم.

 والعوائل العائدة يقدر عددهم حوالي 37 عائلة تم توزيعها على المستوطنات التي شكلتها تركيا مؤخراً بأموال قطرية وكويتية، ومن بين المستوطنات التي تم فرز العوائل عليها هي “مستوطنة متينا، مستوطنة بعرافة، مستوطنة بافلون، مستوطنة عفرين”، يتبين اقتصار هذه العودة على إدخال الأهالي عفرين في المستوطنات التي بناها المنظمات الإخوانية دون إرجاعهم إلى بيوتهم وقراهم، وهذا يعتبر فصل آخر من فصول التواطؤ والعمالة للمجلس الوطني الكردي. والأمر الأخر يثبت أن هم المجلس الوطني الكردي هو إحراق الورقة التي تؤرق تركيا وسياساتها الفاشية والعنصرية بحق الكرد، وهي مسألة التهجير القسري وجرائم الحرب المرتكبة التي لا تسطيع تركيا التهرب منها، (فأنكسي) وبحكم ارتباطه العضوي بسياسات تركيا المعروفة للجميع تريد إزالة هذه الصبغة عن الفاشية التركية.

 ويعود فرز العوائل على المستوطنات إلى عدم رغبة تركيا وجود تجمعات كردية على بقعة واحدة داخل مدينة عفرين.

ويضاف إلى ذلك، ممن غُرر بهم وعادوا تعرضوا للاعتقالات وقد تجاوزت حصيلة المعتقلين منذ مطلع آب حتى الوقت الحالي ما يقارب 30، بالإضافة إلى اعتقالات طالت النساء اللواتي كانوا من ضمن العائدين.

 فهذه الخطوات والدعوات التي يتم إطلاقها من قبل قيادات المجلس الوطني الكردي بوجوب عودة المهجرين رغم كل هذه الانتهاكات الشاهدة للعيان وبدون تقديم أي ضمانات دولية لعودتهم ماهي إلا ترويج للسياسات العنصرية التركية، وتأتي بحسب مراقبين للشأن الكردي إلى إفراغ مناطق الشهباء والمخيمات التي تتواجد فيها الأسر النازحة والتي تريد تركيا من خلال المجلس الوطني الكردي الذي أصبح أداة طيعة بيدها رفع صبغة التغيير الديموغرافي عن نفسها والتغطية على جرائمها المرتكبة هناك بمساندة فصائلها المرتزقة وشرعنة احتلالها لعفرين، إضافةً إلى تشويه صورة الإدارة الذاتية أمام الرأي العام العالمي والداخلي، ومحاولة زيادة الشرخ بين الأطراف الكردية وخلق عراقيل تحول دون استىناف جولات الحوار وتوحيد الصف الكردي.

زر الذهاب إلى الأعلى