أردوغان وسياسة الحرب القذرة

لا يتوانى أردوغان في استخدام أي طريقة مهما كانت قذرة لتحقيق اطماعه التوسعية في روج آفا وباشور كردستان وإنهاء الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، لذا يعمل على خلق الأحداث والتفجيرات وفي مناطق حساسة يذهب ضحيتها بشكل أخص مدنيين وبالتعاون مع بعض الأطراف الإقليمية والدولية لزيادة التأثير على الرأي العام واتهام جهات معينة، لكسب التأييد من قبل القوى الدولية وتغيير وجهة نظرهم حيال تلك الأطراف ووقف دعمهم لها، وخلق فتنة تمكنه من تنفيذ مخططاته الاستعمارية في المنطقة.

هذا ما برز بشكل واضح للعيان من خلال استهداف مشفى في عفرين، وارتكاب مجزرة راح ضحيتها العشرات معظمهم من المدنيين وقبلها استشهاد عناصر من البشمركة بعد أن شنت تركيا عملية عسكرية في منطقتي متينا وأفاشين، استهدفت بعض معاقل مقاتلي حزب العمال الكردستاني في باشور كردستان وفي نفس التوقيت بدأت التصريحات التركية تنهال على قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني وتتهمها بتلك المجزرة وكأن هؤلاء المسؤولين كانوا على أهبة الاستعداد للإدلاء بتصريحاتهم من دون أي أدلة يستندون عليها. فقد أفاد نشطاء المرصد السوري في عفرين، بأن عناصر من الشرطة المدنية والعسكرية وبأوامر من المخابرات التركية، انتشروا في مشفى الشفاء في عفرين ومحيطها ومنعوا الكوادر الإعلامية والناشطين المتواجدين في المدينة من تغطية اللحظات الأولى للمجزرة كون القصف كان مصدره مناطق في شمال محافظة حلب “حيث تنتشر فيها ميليشيات موالية لإيران ولقوات النظام وقربها قوات كردية”. وقد أكد مسؤول المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بأن مرتزقة تركيا قامت بتحذير قواتها قبل ارتكاب المجزرة بـ 15 دقيقة بأن هناك قصف على مشفى عفرين كما أن تركيا قامت بإخلاء قاعدة متواجدة بجانب المشفى قبل القصف بساعتين، كما أكد الكثير من الخبراء العسكرين بأن دقة استهداف المشفى يتطلب مهارات عالية وأجهزة عالية الدقة لا تمتلكها قوات سوريا الديمقراطية وأن لروسيا والنظام يد فيها خاصة أن مصدر الصواريخ كان من مناطق سيطرتهم. لذا فإن المستفيد الوحيد من مجزرة مشفى عفرين هي تركيا التي تحاول فك ارتباط الولايات المتحدة بقوات سوريا الديمقراطية، وقد يكون هناك تنسيق تركي روسي في تنفيذ هذه المجزرة فكلاهما مع النظام لهم سوابق كثيرة في قصف المشافي والمدارس والتي راح ضحيتها المئات من المدنيين.

أما بالنسبة لحادثة باشور كردستان فقد أشارت مصادر أولية في حادثة استشهاد عناصر البشمركة أن قتل العناصر جاء نتيجة غارات جوية وقصف مدفعي من قبل القوات التركية على قمم جبال متين المطلة على بلدة العمادية بمحافظة دهوك وآثار تدمير السيارة التي كانت تقل عناصر البيشمركة تدل على ذلك كما أن الكيريلا لم تمتلك حتى الآن هكذا اسلحة “الطائرات المسيرة الحاملة لصواريخ موجهة” قادرة على تتبع وتدمير الأجسام المتحركة، وليس لديها مصلحة في محاربة قوات البشمركة وخلق فتنة كردية كردية وهي في حالة حرب مع دولة الاحتلال التركي، إلى جانب اختفاء مقاتل البشمركة المصاب من مشفى دهوك بعد اعترافه بقصف عربتهم بصاروخ لطائرة التركية.

في هذا السياق يحاول أردوغان تشويه صورة قوات سوريا الديمقراطية واستغلال هذه الأحداث كورقة ضغط على الولايات المتحدة وفرنسا أبرز الداعمين لقوات سوريا الديمقراطية في اجتماعه مع ماكرون وبايدن في قمة زعماء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، إلى جانب ذلك يحاول أردوغان وبالتعاون مع روسيا والنظام لخلق فتنة كردية – كردية وكردية عربية وإفشال الحوار الكردي في سوريا. لذا فإن هذه الأحداث تندرج ضمن سلسلة عمليات استخباراتية وعسكرية تركية مستمرة منذ عشرات السنين وفي إطار الحرب الخاصة التي تنتهجها تركية في المنطقة وهي ليست بجديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى