أردوغان ورقصة الموت

د.أحمد سينو

حضر الرئيس التركي قمّة العشرين، والتقى الرئيس الأمريكي (جو بايدن)، كما استمرّ بحضور لقاءات (آستانا) وقبلها قمّة (طهران)  مع دوله الضامنة المعروفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحقيق طموحاته التوسّعية، ومرّة أخرى استمرّت تهديداته باجتياح الشمال السوري والقضاء على (التنظيمات الارهابية) ،حسب زعمه، وتأمين الشريط السوري الحدودي الشمالي وتحقيق (الأمن القومي التركي) بالتوغّل في  منطقة تل رفعت ومنبج وسط التحذيرات الأمريكية والروسية، رغم تفهّمهم الواضح لأزمته الداخلية ومشروعه الانتخابي الذي بات “قاب قوسين” من  بداية العام القادم، وفي سباق حامي الوطيس مع الأحزاب المعارضة التي باتت تستخدم نفس أوراق حزب العدالة والتنمية وتقلب المجنّ على رأسه  ورأس الموالين له، كورقة اللاجئين السوريّين الذين يبلغ تعدادهم في تركيا أربعة ملايين، والذين باتوا غير مرحّب بهم من قِبَل غالبية الشعب التركي – حسب استطلاعات الرأي-  لأنّهم يشكّلون منافسة  للأتراك بسوق العمل ويزيدون من نسبة البطالة، كما يسهمون في الغلاء وارتفاع الأسعار، رغم محاولة أردوغان كسب هذه الورقة بإقامة المستوطنات وتوطين  أكثر من مليون لاجئ سوري في عفرين، بدعم من منظّمات قطرية وكويتية وفلسطينية وتركية ممنهجة للتغيير الديمغرافي، وقد بدأ بتنفيذه في عفرين ولاتزال خطّته جارية حتى اللحظة، ويسعى إلى التوسّع في الامر لكسب أصوات السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية ولكسب ودعم الموالين له وورقة لابتزاز الدول التي تسانده خاصّة الدول الخليجية.

كما لا يخفى على الشعب التركي والمقيمين السوريين تدهور قيمة الليرة التركية أمام الدولار، وتفاقم التضخّم في الاقتصاد التركي الذي بات يعاني من أزمة حقيقية.

القصف التركي مستمرّ على الشمال السوري منذ أيام عديدة، ويمتدّ من ديريك/ المالكية وحتى شمال حلب وعلى طول الشريط الحدودي، مستهدفًا القرى والبلدات والمؤسّسات والبُنى التحتية من حقول النفط إلى معمل الغاز في السويدية والمنشآت المدنية واستهداف السكّان المدنيين في عامودا والدرباسية وزركان وتل تمر وشمال عين عيسى، كما تمّ القصف التركي بالطائرات المسيّرة وسلاح الجوّ التركي بحجّة العملية الارهابية التي تمّت في ميدان (تقسيم) بمدينة إستنبول، والتي اتّضحت أنّها كانت عملية مفبرَكة من الاستخبارات التركية، لخلق المبرّرات للقيام بعملياته العسكرية وإيهام المجتمع الدولي خاصّة أمريكا وروسيا والاتّحاد الاوربي لشراء صمتهم أو تفهّمهم المزعوم، رغم البيانات الصادرة من الإدارة  الذاتية وقوّات سوريا الديمقراطية بنفيهم القيام أو المشاركة في مثل هكذا عمليات مدانة سَلفًا، خاصّة أنّ أردوغان يرغب بخلط الاوراق في سوريا وإثارة الفوضى، وهذا ما يساعد في انفلات  مخيّمات داعش في الهول واستنهاض الخلايا النائمة، وبطريقة ما فإنّ المجتمع الدولي لا يساعد الإدارة الذاتية لإغلاق هذا الملف وإعادة هؤلاء إلى بلدانهم، أو تشكيل محكمة دولية لهم لقطع الطريق على ذرائع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووضع حدّ لعبثيّته، لأنّ كلّا من الولايات المتّحدة وروسيا والاتّحاد الاوربي وكلّ الدول الإقليمية تدرك أنّ أردوغان بات ينازع ويرقص “رقصة الموت الأخيرة” في سباقه المحموم للانتخابات القادمة القريبة، وما يقوم به ليس سوى إرضاء للداخل التركي من الإسلامويّين والقوميّين الأتراك، وذرّ الرماد في العيون، بل صار يبالغ بقصفه ومُسَيّراته حتى شمل إقليم كردستان، وألحق أضرارًا جسيمه بالمدنيّين والقرى الآمنة والبنية التحتية، ويأمل الرئيس التركي بالنجاح رغم تدخّلاته وصفقاته المشبوهة في ليبيا، ومحاولاته لرأب الصدع مع الامارات والسعودية وقطر، وتواطئه مع إيران وروسيا، إلّا أنّه لن يحقّق النجاح المأمول، رغم اختياره التوقيت المناسب بانطلاق مونديال قطر لكأس العالم لكرة القدم للتغطية على عملياته الوحشية بشنّ الهجمات في سوريا وعلى مناطق الادارة الذاتية وانشغال العالم بمتابعة الحدث الرياضي العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى