أحداث الحادي عشر من أيلول الأمريكية ورسم جديد للسياسات الدولية

شرفان سيف الدين

كانت صبيحة الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001م استثنائية في تاريخ العالم أجمع، وفي تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص؛ تسعة عشر شخصاً يختطفون أربع طائرات مدنية ويشنّون هجوماً على مراكز العصب الأمريكي، طائرتان تصطدم كلّ واحدة منهما ببرجَي التوءم لمركز التجارة العالمي في نيويورك، والطائرة الثالثة تصطدم بمبنى البنتاغون (وزارة الدفاع) في واشنطن، أمّا الرابعة – والتي كانت متّجهة إلى البيت الأبيض – فتتحطّم في ولاية بنسلفانيا بعد مقاومة من الركاب؛ لتُقدّر الخسائر البشرية وقتها بما يقارب ثلاثة آلاف ضحية والآلاف من الجرحى. سريعاً بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه أصابع الاتهام للحركات الإسلامية الجهادية المتشدّدة والمتمثّلة بتنظيم القاعدة النشط في تورا بورا الأفغانية، والتي كانت تسيطر عليها أساساً حركة طالبان الإسلامية، التنظيم لم يتبنَّ سريعاً أو بشكل مباشر الهجمات؛ إلّا أنّ عدم نفيها وعدم قبول السلطات الأفغانية تسليم قياداتها آنذاك قد ثبت الادّعاءات والاتّهامات الأمريكية، وبالتالي؛ بدأ تداول مصطلح الإرهاب بشكله الواسع في وسائل الإعلام العالمية، وما إن بدأ تداوله حتى بدأ يتزامن المصطلح مع الإسلام الراديكالي المتشدّد والحركات والتنظيمات التي تتبنّى هذا التوجّه. ربما يُعَدّ عام 1979م عاماً استثنائياً في تاريخ الحركات الإسلامية؛ فهو عام بزوغ هذه الحركات وممارستها للإسلام السياسي، حيث أعلن خلال ذلك العام ما بات يُعرف بحسب مفهومهم بـ”الجهاد المقدّس” ضدّ الاتحاد السوفياتي الذي اجتاح أفغانستان، كما وصلت الثورة الإسلامية الإيرانية إلى سدّة الحكم في إيران بعد الإطاحة بالشاه الموالي للغرب؛ وبذلك بدأت ملامح جديدة وسياسات جديدة تتوضّح في الشرق الأوسط والأعلى.

السياسات الدولية ما بعد أحداث أيلول/ سبتمبر:

مع تشوّه صورة الإسلام لدى المجتمع المدني الغربي حاولت السياسات الغربية طرح البديل المناسب. لذا؛ تم طرح مصطلح “الإسلام المعتدل” بالتوازي مع مصطلح “الإسلام المتشدّد أو الإرهابي”، وعليه فقد كانت تجربة وصول حزب العدالة والتنمية التركي، ذي التوجّه الإسلامي المعتدل، أولى التجارب في قيادة الدولة، خاصةً مع فشلها فيما سبق مع زعيمه الروحي نجم الدين أربكان، ومع عدم وجود ممثّل حقيقي أو قيادة حقيقية، إن صحّ التعبير، للمذهب السُّنّي بالتوازي مع المذهب الشيعي الأكثر تماسكاً من حيث القيادة والالتزام بما يقوله المرشد الأعلى للطائفة؛ ففي المذهب السُّنّي لم تلعب المملكة العربية السعودية – رغم احتضانها للأماكن المقدّسة الإسلامية – الدورَ المنوط بها، ولا حتى مصر الراعية لجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي ورغم وجود الأزهر فيها، كما أنّ حركة الإخوان المسلمين العالمية – مع تشتّت أجنحتها وقياداتها – لم تستطع لعب ذلك الدور أيضاً؛ فكلّ ما سبق ساعد حزب العدالة والتنمية التركي، وبدعم غربيّ مبطّن، على تأدية الدور المنوط به على أكمل وجه، وبالفعل فقد وصل الحزب عام 2002م لقيادة الدولة التركية، وكان أول اختبار لتركيا أمام الغرب عندما لم تسمح تركيا للولايات المتحدة باستخدام قاعدة أنجرليك التابعة لحلف الشمال الأطلسي (الناتو) لضرب العراق؛ وهو ما أدّى إلى خلق فجوة بين تركيا وحلفائها في حلف الناتو.

 ضرب العراق كان من العلامات الفارقة في تاريخ الشرق الأوسط، وكان بمثابة حجر الأساس لتغيير ملامح جغرافيّته؛ كل ذلك تبيّن من خلال إطلاق مصطلح “الفوضى الخلّاقة” وطرح خارطة سياسية وجغرافية جديدة تحت مسمّى “الشرق الأوسط الجديد” على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس عام 2006م، هكذا حتى بدأ ربيع الشعوب في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والذي أسقط الرؤساء والحكومات المتجذّرة في حكم بلدانها، لدرجة أنّها كانت تفكّر في توريث الحكم لأبنائها، كما في ليبيا ومصر، وبعضها كانت قد ورثت الحكم بالفعل كما في سوريا.

النقطة الأكثر إثارة مع بداية القرن الحالي، والتي كانت تحمل نوعاً ما عنصر المفاجأة، هي قفزات الصين الشعبية في مجال التنمية الاقتصادية وغزوها الاقتصادي لأسواق العالم بشكل عام والقارة الأفريقية والشرق الأوسط على وجه الخصوص، وبدء دخولها الفعلي في منافسة حقيقية مع العملاق الغربي المتمثّل بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك تصاعد نجم روسيا الاتحادية كقوة عسكرية على أنقاض الاتحاد السوفياتي المنهار مع نهاية القرن الماضي، في ظل غياب شبه تام لأي دور أوروبي حقيقي في رسم السياسات الدولية، رغم خطواتها في مجال توحيد الجغرافية الأوروبية، وتعزيز تحالفها العسكري المتمثّل بحلف شمال الأطلسي، وتعزيز قوّتها الاقتصادية من خلال طرح عملة مشتركة؛ لكن مع تعزيز حضور الشرق الاشتراكي – الشيوعي وبدء تغلغله في السياسات الدولية، وكسر نمطية القطب الواحد في إدارة العالم؛ بدأ الغرب بالتنبّه لكل ذلك سريعاً، وحاول تفادي ذلك من خلال تطوير نفسه تكنولوجياً وعلمياً، فمثلاً خلال حرب تموز من عام 2006م ما بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في جنوب لبنان  تنبّهت إسرائيل أنّ الحرب التقليدية والتوغّل داخل الأراضي اللبنانية ستؤدّي لخسائر فادحة في صفوفه بشكل مباشر، ولكن خلال الحرب الأخيرة التي دارت ما بين الطرفَين في العام الماضي تبيّن للمراقبين لهذه الحرب مدى التفوّق الإسرائيلي الواضح؛ حيث المنظومة الهجومية التي تعتمد على الهجوم عن بعد بواسطة الصواريخ الذكية، وتفجير أجهزة البيجر، وخرق استخباراتي لصفوف الحزب وقياداته العليا، في حين بقيت المنظومة الدفاعية لحزب الله معتمدة على العقيدة وحفر الخنادق، وفي أحسن الأحوال الاعتماد على صواريخ الكاتيوشا المتوسّطة المدى، والتي لا تصيب أهدافها إلّا ما ندر. في المقابل؛ عزّزت الولايات المتحدة من قدراتها التسليحية المتطوّرة، وصنع طائرات حربية بالغة التعقيد والتركيز، وبذلك تتفوّق على منافساتها في المعسكر الشرقي، كما اعتمدت على الحرب من خلال الوكلاء؛ كما في أوكرانيا وبعض الدول الأخرى، عن طريق الشركاء المحلّيين، مستفيدة بذلك من تجاربها الفاشلة في دخول الحرب بشكل مباشر، كما في أفغانستان والعراق، وخسارة التريليونات من الدولارات في حروب عبثية لا فائدة مباشرة منها سوى حماية العالم من الإرهاب على حساب مواطنيها واقتصادها القومي والاستراتيجي.

الرؤساء الأمريكيون وسياساتهم منذ أحداث أيلول/ سبتمبر:

يتناوب على قيادة الولايات المتحدة الأمريكية رؤساء من الحزبَين الرئيسيَّين، الجمهوري والديمقراطي، وبشكل عام تتّسم فترات الرؤساء الجمهوريين بالعنف وشنّ الحروب، في حين تتّسم فترات الرؤساء الديمقراطيين بنوع من التهدئة السياسية:

جورج دبليو بوش: الرئيس الذي وقعت أحداث الحادي عشر من أيلول خلال فترته الرئاسية الأولى؛ وكانت ردّة فعله إزاء ذلك سريعة ومباغته في عدم الرحمة في كل من أفغانستان والعراق.

باراك أوباما: الرئيس الديمقراطي الذي توصّل خلال فتراته الرئاسية إلى تفاهم نووي مع إيران، وبموجبه حصل على جائزة نوبل للسلام.

دونالد ترامب1: اتّصفت فترته الأولى بالكثير من التناقضات التي كانت لها تأثير مباشر على السياسات الأمريكية وخاصةً الخارجية؛ فقد ألغى الاتفاق النووي المبرَم مع إيران، وبسَط يد حلفائه في كثير من المناطق في العالم (كما حدث مع الكرد في سوريا في مدينتي سري كانييه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض)، والتي أدّت إلى استقالة الكثير من قياداته حينها، وكانت فترته الرئاسية الأولى تتّسم بأنّها فترة رئيس أمريكي يصدر أوامره وقراراته من خلال منصّات التواصل الاجتماعي، وخاصةً (تويتر آنذاك) حتى قبل أن تصدر بشكل رسمي.

جو بايدن: اتّسمت ولايته (ولاية أكبر رئيس سنّاً في الولايات المتحدة الأمريكية) بالبطء والركاكة، وذلك رغم حدوث كثير من الصراعات والنزاعات خلالها، والتي ربما جاءت كخيار لا بديل عنه مع وجود المنافس الجمهوري دونالد ترامب الذي هبطت شعبيته بسبب التخبّط ونقص التجربة السياسية لديه ولدى مستشاريه؛ لكن – بحسب الخبراء والمتابعين – فإنّ اختيار جو بايدن أيضاً لم يكن موفّقاً، حتى أنّ تأخّره في الانسحاب من الانتخابات الماضية لصالح نائبته كاميلا هاريس كان من الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى خسارة الديمقراطيين للانتخابات الأخيرة.

دونالد ترامب2: ربّما تكون من أبرز الأوصاف التي وصفها به أحد المحلّلين السياسيين هي أنّه “الرئيس الأمريكي الوحيد الذي هزم امرأتين”؛ وبذلك يبدو أنّه حتى في المجتمع الغربي ما زالت مسألة الجندرية الجنسية تلعب دوراً رئيسياً في بعض المحافل، وخاصةً السياسية. بعد مضيّ أقلّ من عام على ولايته الثانية فإنّ المراقب يلاحظ أنّ هناك تبايُناً واضحاً في سياساته الداخلية والخارجية، مع التركيز الدائم على القطاع الأقرب إليه وهو الاقتصاد وجمع الأموال، ومقياسه الدائم في التقييم هو حساب مدى (الربح والخسارة)، بالإضافة إلى محاولاته في كسب جائزة نوبل للسلام على غرار سلفه الأسبق باراك أوباما؛ وقد تبيّن ذلك من خلال المصالحة الأخيرة ما بين أرمينيا وأذربيجان، ومحاولاته في الوصول إلى حلول وسطية ما بين روسيا وأوكرانيا، ومحاولاته الخجولة بالضغط على القيادات الإسرائيلية التي تقود الحرب منذ ما يقارب السنتين في قطاع غزة. بشكل عام؛ تتّسم فترته الثانية – لحدّ الآن – بنوع من النمطية الأمريكية المعتادة من خلال إدارة الازمات الدولية لا إيجاد الحلول الجذرية لها.

الشرق الأوسط و(سوريا) في الاستراتيجية الأمريكية:

يؤكّد السيد عبد الله أوجلان أنّ الحرب العالمية الثالثة، بشكلها وطرازها الحديث، قد بدأت بالفعل مع عملية اعتقاله في العاصمة الكينية (نيروبي) مع نهاية القرن الماضي، لتتوالى الأحداث بشكلها الزماني والمكاني، كأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية، وحرب العراق، وأحداث ربيع الشعوب التي اجتاحت الشمال الأفريقي والشرق الأوسط، والحرب الروسية – الأوكرانية، وصولاً للحرب الإسرائيلية – الفلسطينية في غزة.

في الاستراتيجية الأمريكية تكمن أهمية الشرق الأوسط في أنّه يُعَدّ عقدة وصل جغرافية مهمّة بين القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا)، وقد زاد الاهتمام الأمريكي به في خضمّ الحرب الباردة مع المعسكر الشرقي؛ فقد هيمنت أمريكا على دول إقليمية مهمة مثل تركيا والأردن ودول الخليج العربي وإيران في عهد الشاه، في حين كان المعسكر الشرقي يسيطر على كل من سوريا والعراق ومصر المتذبذبة ما بين المعسكرَين في خلق حالة توازن لحشد الحلفاء، كما تبرز الأهمية الاقتصادية من خلال التجارة والاستثمارات؛ فقد بلغت الصادرات الأمريكية للشرق الأوسط ما يقارب 52 مليار دولار، في حين بلغت الواردات 36 مليار دولار، وتتركّز في مجملها على القطاعات النفطية والطاقة والبنية التحتية والاستثمارات العقارية وخدمات الطيران والتكنولوجيا والصناعات الدفاعية كالأسلحة والخدمات المالية وغيرها.

أمّا في سوريا فقد اختلفت الاستراتيجية الأمريكية ورؤيتها مع تغيّر الرؤساء وتعاقبهم ما بين ديمقراطيين وجمهوريين؛ فمثلاً في عهد الديمقراطي باراك أوباما، ومع انطلاق الأحداث في سوريا وتسارع وتيرتها، واستخدام النظام البعثي للقوة المفرطة في قمع الأحداث؛ كانت رؤية الإدارة الأمريكية هي دعم المعارضة السياسية والفصائل العسكرية المسلّحة لإسقاط النظام، في حين أنّ الجمهوري دونالد ترامب قد ركّز، خلال فترته الأولى، على محاربة الإرهاب والقضاء عليه، ليعود الديمقراطي جو بايدين ويركّز في بداية ولايته على حصر نفوذ إيران وتقويض يدها في المنطقة، ويركّز بعد الحرب الروسية – الأوكرانية على الوجود الروسي في سوريا وأهدافها الاستراتيجية فيها، والآن مع الدورة الثانية للرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب مازالت الضبابية سيّدة المشهد السياسي؛ فالولايات المتّحدة تحاول مجاراة البديل الحالي أحياناً والضغط عليه أحياناً أخرى من خلال الوسطاء الإقليميين، وخاصةً المملكة العربية السعودية التي تحاول بشكل جدّي الإبقاء على حكام دمشق الجدد من مبدأ المذهب السُّنّي المشترك، ولإبعاد سوريا بذلك قدر الإمكان عن المحور الشيعي الإيراني وتركيا، وبالتالي؛ تتمحور الرؤية الأمريكية للمشهد السوري في خيارات هي:

–           الإبقاء على كل شيء كما هو وإدارة الملف عن بُعد، وترك الأمور تسير كما هي عليه.

–           التركيز على عدم عودة النفوذ الإيراني، وتحجيم أي دور تسلّطي لدول إقليمية جديدة وعلى رأسها تركيا.

–           حماية الحلفاء الكرد؛ ويرى أصحاب هذا التوجّه أنّ ترك هؤلاء الحلفاء لمصيرهم سوف يخلق صورة لدى باقي الحلفاء والدول بأنّ الولايات المتحدة ربّما لن تكون الحليف الاستراتيجي الذي يمكن الوثوق به؛ وبالتالي يخلق صورة مزعزعة لديهم في المنطقة.

–           حماية المصالح للحليف الإسرائيلي وإمكانية التطبيع مع سوريا تحت الضغط لتقديم أقصى قدر ممكن من التنازلات؛ وبالتالي فتح الباب أمام باقي الدول العربية.

–           التركيز على عدم عودة الإرهاب المتمثّل بداعش، خاصةً مع وجود السجون الخاصة بعناصر داعش، ووجود مخيّم الهول؛ واللذَين يُعدَّان قنابل موقوتة في شمال وشرق سوريا.

في كل الاحول؛ على الإدارة الأمريكية الجديدة تحديد موقفها ووضع رؤية واستراتيجية واضحة إزاء الملف السوري، وحتى إزاء الشرق الأوسط، خاصةً مع وجود تصريحات وتسريبات عن نيّة إنهاء اتفاقية سايكس بيكو أو انتهائها بالفعل ورسم خرائط جديدة تتماشى مع الوضع الحالي، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمعات والقوميات والمذاهب والطوائف التي تتعايش في هذه المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush
amavi5d sesetoto situs slot titi4d Situs Slot Toto Slot Situs Toto Situs Slot Situs Toto sontogel idrtoto akuntoto situs slot slot gacor situs slot leon188 naruto 88 Wikatogel babe138 slot login ikut4d slot deposit pulsa tanpa potongan toto slot situs toto toto togel https://id.desapujonkidul.net/ toto togel toto togel toto slot titi4d karatetoto situs gacor situs toto toto slot toto slot situs toto toto slot toto slot toto slot ollo4d ollo4d slot gacor sky99idn Jinhoki situs gacor OSG168 slot bonus new member sukutoto sukutoto sukutoto slot deposit 1000 gaib4d sukutoto situs toto situs toto slot gacor Toto Rans303 situs toto ollo4d link sontogel hantutogel idn33 naruto 88 situs slot gacor maxwin dvtoto dvtoto slot demo gacor sontogel slot deposit 1000 titi4d login kientoto login gaib4d xbet369 ilmutoto https://sulebet.org/ papua4d toto togel link agustoto situs toto slot 4d slot88 situs slot agustoto login togel 4d dewadora login https://one-up-life.com/cn/ dewadora login toto slot okewin agustoto login situs toto link toto slot dewadora login paten188 okewin slot togel 4d agustoto login toto slot lurus4d toto slot mayorbet kiostoto angker4d mayorqq situs toto