لقاء ثلاثي مستعجل في موسكو
نذير صالح
تحاول تركيا المحتلة وعلى نحو حثيث من تهدئة وإطفاء جذوة خلافاتها المفتعلة مع الكثير من الدول العربية لصالحها وخاصة مع مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والآن مع سوريا وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات التركية والتي ستجرى في حزيران – 2023 – فالمباحثات والاتصالات الأمنية أخذت تتصاعد وتيرتها وخطورتها تدريجيا والتي لم تنقطع في يوم من الأيام رغم الجفاء والخلافات الحادة بين الطرفين سيما بعد أن أغلقت تركيا سفارتها كليا في دمشق في شهر آذار من عام – 2012 – وأعلنت تركيا عن دعمها وولائها المطلق .للمعارضة ولسائر الفصائل الإرهابية .
إن سوريا تعلم تمام العلم وتدرك تمام الإدراك أن تركيا هي التي جيشت الجيوش وأعدت العدة وعسكرت الثورة بمالها وعتادها لإسقاط النظام في دمشق فاحتلت عفرين ورأس العين وتل أبيض وجرابلس والباب وأعزاز وهجرت السكان الأصليين قسرا تحت وابل من القصف المدفعي والجوي الرهيب – 70 – طائرة حربية واليوم تحاول تركيا جاهدة لتصفير أزماتها مع الدول العربية وخاصة سوريا كدولتين جارتين متشاطئتين على ساحل المتوسط بالإضافة إلى الحدود البرية حوالي – 900 – كم وخاصة بعد تفاقم أزمة اللاجئين السوريين في الكثير من المحافظات والمدن التركية والاحساس بطعم الهزيمة المرة قريبا في الانتخابات المقبلة لذا تصر تركيا على مواصلة الحوار لإيجاد حل للأزمة السورية المعقدة
وتسريع المسارات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق عن طريق الوسيط الروسي .علما أن تركيا هي المسؤولة بشكل مباشر وغير مباشر عن مصرع أكثر من نصف مليون سوري كما ألحقت مرتزقتها دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وشردت الملايين من أرضهم وديارهم الغافية واليوم وبعد سنوات عشر من التدخل العسكري التركي السافر برا وجوا تحاول تحقيق مصالحة شكلية مع النظام والوصول إلى حل يرضي ويستجيب لمصالح النظام التركي وأجندات حزبه وحلفائه من العنصريين والفاشست وأن تتناسب مع أطماع تركيا الاستعمارية المقيتة ونواياها البغيضة.
والدليل القاطع على ذلك اللقاءات الأمنية بين – حقان فدان وعلي مملوك – ثم الدبلوماسية بين الوزيرين –جاويش ومقداد –على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز كمحاولة أخرى لاهثة للتطبيع بين الجانبين وقد تتوج هذه اللقاءات بفتح الباب على مصراعيه أمام لقاء يجمع أردوغان بالأسد إلى طاولة مفاوضات بدعم من العراب الروسي وتدرك روسيا أن الشعب السوري عربا وكردا وسريان لا يقبلون بالتطبيع مع تركيا الغازية إلا بعد عودة الأراضي السورية المحتلة كون تركيا تستهدف الشعب السوري بأكمله وخاصة الكرد وقوات سوريا الديموقراطية البطلة والتي ألحقت الهزيمة المرة الشنعاء بمرتزقة وفلذات كبد أردوغان في قلب عاصمة الخلافة المزعومة في الرقة وفي آخر معاقلهم وجحورهم في الباغوز وتكنيسهم إلى منفى سحيق وهذا ما قض ويقض إلى الآن مضجع لقيط التاريخ الطاغية المتجبر الذي يتنمر بين الفينة والأخرى على الشعب السوري .إن اللقاء الثلاثي الذي احتضنته موسكو والذي ضم وزراء دفاع الدول الثلاث – شويغو وأكار وعلي عباس – بالإضافة إلى رؤساء أجهزة الاستخبارات –فدان ونارشكين وحسام لوقا – مدير إدارة المخابرات العامة في سوريا وقد أسفر الاجتماع الثلاثي عن تشكيل لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والأمن في نهاية كانون الثاني – 2023 – وصولا إلى حل ما للقضية السورية وهذا من المستحيل في الوقت الراهن كما يتوقع الغالبية العظمى من المحللين وخبراء السياسة .إن الشعب السوري على قناعة تامة وراسخه أن تركيا لم ولن تنسحب من الأراضي السورية المحتلة بسهولة كونها لا تفقه إلا لغة القوة سيما أن العسكرية التركية لديها غرام وهيام وميل غريزي لسفك الدماء وتدمير كل آثار التقدم والعمران من هولاكو إلى أردوغان المتذبذب فبمجرد وصول وفده إلى أنقره صرح وزير الدفاع التركي قائلا- أن تركيا ستنسحب من سوريا لكن بعد استقرار الوضع في سوريا بشكل تام ونهائي أي بعد إنجاز محاربة قوات سوريا الديموقراطية بمشاركة القوات السورية وذلك لخلق فتنة رعناء دامية لا تبقي ولا تذرو أظن أن حيلة أردوغان الجديدة الباهتة لا تنسحب ولا تنطلي على أحد من مكونات الشعب السوري الذين خبروا نوايا العثمانيين فالذئاب تصول لكن السؤال اللاهب اللاهث الذي يتبادر إلى ذهن كل سوري ووطني صميم – من الذي نصب أردوغان ليكون بريمرسوريا أو وصيا وحكما على الشعب السوري لرسم مستقبله فأردوغان هو أساس المشكلة وليس جزءا من الحل .
المقالة تعبر عن رأي الكاتب