قسد قوة موازنة لضمان ما بعد المرحلة الانتقالية

بعد سقوط النظام البعثي تفاءلت جميع المكوّنات السورية بالخلاص من الحكم الاستبدادي الشمولي الذي كانت تُدار به البلاد لمدة ستة عقود من الزمن، إلّا أنّ نظرية الاستئثار بالسلطة ( مَن يحرّر يقرّر) وإعادة الحكم الطائفي لم تُنسَ لدى العديد من السوريين، بمن فيهم هيئة تحرير الشام التي تبدو أنّها لم تنل ثقة المكوّنات السورية؛ وذلك بسبب السياسات التي تتّبعها إبان سقوط النظام البعثي، والتي ساهمت في إحداث شرخ وتشكيل حالة من الخوف والغموض لدى المكوّنات من المستقبل السياسي والعسكري للبلاد، فمثلا تمّ إعلان مؤتمر النصر دون مشاركة القوى الفاعلة على الأرض كالفصائل في السويداء وقوات سوريا الديمقراطية والتي كان لها دور كبير في إضعاف النظام البعثي، ثم قامت بتنظيم مؤتمر الحوار الوطني الذي كان أقرب إلى مهرجان خطابي أكثر من كونه حواراً يشمل جميع التيارات والحركات السياسية التي كان لها تاريخ سياسي ونضالي ضدّ النظام البعثي؛ وما أثار المخاوف وسبّب الغموض أكثر لدى المكوّنات في سوريا هي المجازر التي بدأت في 7 آذار ضدّ العلويين، والتي راح ضحيتها في حصيلة غير نهائية 1614 مدنياً، بحسب إحصائية المرصد السوري لحقوق الإنسان([1])، هذه السياسات وغيرها، كالإعلان الدستوري الذي يعيد إنتاج نظام البعث ولكن هذه المرّة بصبغة إسلامية جهادية، لاقت ردوداً غاضبة من قبل المكوّنات السورية في إقليم شمال وشرق سوريا ومناطق الجنوب السوري، ووصلت إلى حدّ وصف السلطة الحالية من قبل الشيخ حكمت الهجري بالمتطرّفة والمطلوبة دولياً([2]).

السياسات الغامضة والطائفية التي تتّبعها السلطة الانتقالية أكّدت أهمية قوات سوريا الديمقراطية وجناحها السياسي والإداري في مستقبل البلاد والمرحلة الانتقالية؛ وذلك نظراً لقدرتها على تعزيز حالة الأمن والأمان – ليس في مناطقها فحسب بل في سوريا عامة – استنادا إلى تهيئتها لأرضية متينة تسمح من خلالها لجميع المكوّنات بالمشاركة في العملية السياسية، وتجريمها لخطاب الكراهية والفتن الطائفية في مناطقها، كما أنّها تتمتع بعلاقات جيّدة مع الدول الغربية والعربية وتُعتبَر القوة الرئيسية في محاربة تنظيم داعش؛ إلى جانب ذلك تحظى الإدارة الذاتية بقبول من الدول المذكورة نظرا للتنوّع الموجود فيها ومشاركة مختلف الفئات وعلى رأسها المرأة والشباب؛ هذه الأمور تزيد من أهمية دور قوات سوريا الديمقراطية في تصحيح المرحلة الانتقالية التي قد تتّجه لأزمة جديدة في حال عدم مراجعة السلطة الانتقالية لقراراتها على مختلف الأصعدة.

  • سياسة إبعاد قسد عن الوضع السوري بعد سقوط النظام البعثي:

بالتزامن مع قيام هيئة تحرير الشام بعملية “ردع العدوان”، والتي انتهت بسقوط النظام البعثي، قامت مجموعة من الفصائل المرتزقة التابعة لتركيا بعملية أخرى تحت مسمّى “فجر الحرية”، وكان هدفها النهائي السيطرة على كامل مناطق شمال وشرق سوريا، بما فيها مناطق غرب الفرات، والتي كانت تتمركز فيها جبهة الأكراد ومجلس منبج العسكري، خلال فترة وجيزة، كونها كانت تراهن على حدوث فوضى في البلاد، وبالتالي الاستفادة من تلك الفوضى واحتلال المنطقة، إلّا أنّ المرتزقة اصطدموا بمقاومة كبيرة من قبل الطرفَين اللذَين دافعا عن مناطق تمركزهما واستمرّا في الدفاع عن المدنيّين الذين تعرّضوا لتهديدات بالإبادة الجماعية؛ الأمر الذي أجبر القوات المدافعة على الموافقة على تفاهم يقضي بانسحاب العسكريين والمدنيين بمراقبة أمريكية، حيث لعبت أمريكا دور الضامن بين الطرفَين،( علماً أنّ المرتزقة ارتكبوا العديد من الانتهاكات بحق المدنيين على الرغم من الضمانة الأمريكية، وقد وثّق مركز روج آفا هذه الانتهاكات وقام بنشرها على موقعه الالكتروني وصفحاته الرسمية). لم تنفّذ تركيا ومرتزقتها بنود التفاهم المبرَم، بل شنّوا هجمات أكثر وحشية، وظهر ذلك أثناء قصفهم بالطائرات المسيّرة للحشود الشعبية المساندة لقوات سوريا الديمقراطية، وارتكابهم لعدّة مجازر بحقّ المدنيين نتيجة فشلهم العسكري وعدم قدرتهم على التقدّم في معظم جبهات القتال.

     في الوقت الحالي أيضا تستمر تركيا ومرتزقتها في شنّ الهجمات وتحاول محاصرة قسد على مختلف الأصعدة؛ فدولياً: قامت وتقوم بالضغط على الدول الغربية – وعلى رأسها أمريكا – لإيقاف دعمها لقوات سوريا الديمقراطية عبر كَيل اتّهامات زائفة عليها، وتربط تعاونها ومستقبلها السياسي والعسكري مع الغرب بضرورة إنهاء علاقاته مع قسد وإيقاف دعمه لها، بالتوازي مع تقديمها لمقترحات بخصوص ملف داعش ولعلّ أبرزها؛ تشكل آلية تضمّ كلّاً من الأردن والعراق والسلطة الانتقالية في دمشق من أجل إحداث شرخ بين قسد والتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. إقليمياً: تعمل تركيا على تشكيل تحالف مع كل من السلطة العراقية وإيران من أجل محاربة الكرد وبالأخص في مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب تشويه صورة الإدارة الذاتية وقسد لدى الدول العربية وربط علاقاتها الاقتصادية والسياسية معها برفضها لإقامة علاقات رسمية مع مناطق شمال وشرق سوريا؛ أمّا محلّياً فتعمل تركيا على تشكيل وصاية على السلطة الانتقالية في دمشق من أجل التأثير على المفاوضات التي تجري بينها وبين قسد عبر فرض مطالبها عليها، ومن جهة ثانية تعمل مع مجموعات المرتزقة في شنّ الهجمات ضدّ المدنيين والعسكريين وبالأخص في سد تشرين وجسر قرقوزاق، كما أنّها تقوم بالعمل على تأجيج خطاب الكراهية، الذي يُعتبَر من أخطر الأدوات، وخاصة في المناطق التي شهدت معارك دامية كمدينة منبج؛ حيث تعمل بشكل مستمر على خلق توتّرات وفتن بين الكرد والعرب، وتسعى لتكرار الأحداث والمجازر العرقية التي وقعت في مناطق الساحل السوري.

  • عوامل القوة والضعف لدى قسد في إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا:

على الرغم من العمليات التآمرية والحروب التي خاضتها تركيا ومرتزقتها، إلّا أنّها لم تحقّق أهدافها الاستراتيجية المتمثّلة في القضاء على قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية؛ وقد يكون فشلها نابعاً من عوامل ذاتية وموضوعية، فالعوامل الذاتية تتعلّق أوّلاً بقدرة قسد على حماية جميع المكوّنات دون استثناء، وانخراط شبابها في قواتها العسكرية بموجب عقد اجتماعي يضمن ويصون حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ثانياً الدعم الشعبي المتزايد لها في مناطق إدارتها بمعزل عن بعض الجماعات المدعومة من قوى خبيثة تحاول العبث بأمن المنطقة؛ ثالثاً تطويرها لاستراتيجيتها العسكرية وقدرتها على توجيه ضربات موجعة لمرتزقة تركيا؛ ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المعارك الدائرة في محيط منبج وسد تشرين (سد الشهداء). أمّا العوامل الموضوعية فمرتبطة بدرجة كبيرة بالدعم الغربي المتواصل لقسد بخصوص ملف محاربة داعش، وعدم السماح لتركيا ومرتزقتها بغزو مناطق جديدة؛ هذه العوامل المذكورة وعوامل أخرى تجعل من قسد بمثابة “بيضة القبّان” ولا سيّما بعد سقوط النظام البعثي وتغيير المشهد السياسي والعسكري للبلاد التي قد تلفّها الفوضى في حال حدوث غزو تركي جديد، أو بروز تفاهمات جديدة بين كل من السلطة الجديدة في دمشق وتركيا من أجل ممارسة الضغوط السياسية والعسكرية على قوات سوريا الديمقراطية التي أصبحت من أبرز القوى الفاعلة في المشهد السياسي الإقليمي وليس المحلّي فقط؛ لذا فإنّ مسألة القضاء على تلك القوات وإخراجها من المشهد السياسي باتت صعبة نسبياً استنادا إلى عدة نقاط وعوامل:

  • لدى قسد قوات منظّمة ومدرّبة وتخضع لعقيدة عسكرية ثابتة ومتماسكة، ولديها هدف محلّي واضح وهو القضاء على إرهاب داعش، أمّا الفصائل والجماعات التي تسيطر على دمشق فلديها أهداف محلّية وإقليمية ودولية بعيدة تتمثّل في تشكيل نظام سلطوي تحت مسمّى “الدولة الإسلامية” وإدارتها وفقاً لأيديولوجيتها، لذا؛ قد يكون تفكيك هذه الفصائل بشكل كلّي أمراً صعبا لأنّ كل فصيل لديه أيديولوجية وتوجّهاً معيّناً، لا سيّما أنّ بعضاً من قاداتها قد تسلّم قيادات وألوية عسكرية في وزارة الدفاع الحالية وهم جنسيات مختلفة، ولعل أبرزهم من؛ تونس والجزائر والأردن والمغرب ومصر والسودان وكوسوفو وألبانيا والشيشان والسعودية والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا الشمالية وتركستان الشرقية وفرنسا وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان([3])، فالجماعات الشيشانية مثلاً تُكِنّ العداء الشديد لروسيا وتريد أن تستفيد من خبراتها المكتسَبة في سوريا للقيام بعمليات ضدّ الجيش الروسي في إقليم الشيشان في حال بروز توتّر بين كل من الغرب وروسيا مستقبلاً، ونفس الأمر ينطبق على الحزب التركستاني الإسلامي الذي يتمتّع بنفوذ كبير داخل هيئة تحرير الشام ويُكِنّ العداء الشديد للصين التي تصنّفها كجماعات إرهابية، وهناك أيضا جماعة “حُرّاس الدين” التي تُكِنّ العداء للغرب، ولأمريكا التي اغتالت قواتها الجوية، في أواخر كانون الثاني([4]) وفي 15شباط أيضاً، قياديَّين من تلك الجماعة في منطقة إدلب التي لا تزال تضمّ عناصر وقياداتٍ تشكّل خطراً كبيراً على أمن أوروبا والغرب.
  • المشروع السياسي التي تتبنّاه قوات سوريا الديمقراطية يحظى بقبول محلّيّ وإقليميّ ودوليّ؛ كونه لا يتعارض مع مفهوم الدولة السورية الوطنية الديمقراطية، كما أنّه لا يحمل أجندات خارجية أو انفصالية، (كما تروّج لها بعض القوى وعلى رأسها التنظيمات القومية والدينية المتطرّفة الموالية لتركيا، وكذلك بعض الدول الإقليمية المعارضة للديمقراطية والتعدّدية في المنطقة)، وقد ساهمت الاتفاقية بين كل من القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية ورئيس السلطة الانتقالية أحمد الشرع في إضعاف الحرب النفسية التي كانت تُشَنّ ضدّ المجتمعات المحلّية في إقليم شمال وشرق سوريا.
  • الإشادة([5]) والثقة الكبيرة التي تتمتّع بها قسد لدى القوى الغربية في مهمة محاربة داعش، علماً أنّ العديد من الدول والقوى قد عرضت خدماتها وجيوشها للقيام بهذه المهام، إلّا أنّها لم تنل ثقة التحالف الدولي لعدم صدق نواياها ولوجود أجندات خاصة بها (كالدولة التركية)، كما أنّ قوات سوريا الديمقراطية أصبحت شريكاً وحليفاً فعليّاً للتحالف الدولي وأخذت صفة دولية شبه رسمية بعد توقيعها في الأمم المتحدة في عام 2019م.
  • التزام قسد بمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك بمبدأ حُسن الجوار؛ فحتى الآن لم تحدث أيّة خلافات أو توتّرات أمنية وعسكرية بينها وبين العراق، حيث أكّده العديد من المسؤولين العسكريين العراقيين بأنّه ليست لديهم أيّة خلافات مع قسد ولا تمثّل أي خطر عليهم، بل على العكس تماماً؛ فعلاقاتهم جيّدة وينسّقون مع بعضهم بعضاً بخصوص ملف داعش والمخيّمات، أمّا تركيا فتتذرّع بأنّ قسد تشكّل تهديداً لها، علماً أنّ الأخيرة لم تأخذ أي موقف هجومي ضدّ تركيا، بل إنّ تركيا هي التي تحاربها منذ تأسيسها إلى اليوم، ويبدو أنّ موقف الدولة التركية الحاليّ قابل للتغير في حال التوصّل إلى تفاهم ما بخصوص القضية الكردية في باكور كردستان.
  • تراهن العديد من المكوّنات والفصائل العسكرية في سوريا على قسد، وترى حلّها أو القضاء عليها بمثابة سقوط مفهوم الدفاع الذاتي المحلّي وناقوس خطر حقيقي يهدّد الجميع، ولا سيّما بعد أحداث الساحل والمجازر المرتكَبة ضدّ العلويّين، إلى جانب ذلك؛ فقدت بعض المكوّنات في سوريا ثقتها بالسلطة الحالية بعد القرارات والمراسيم الصادرة عنها، كالإعلان الدستوري الذي يكرّس السلطة بيد فئة وطائفة معيّنة، ويهمّش دور المكوّنات الأصلية والتاريخية في سوريا في العملية السياسية وبناء بلادها.

هذه العوامل المذكورة، بالإضافة إلى عوامل أخرى كالفوضى التي قد تخلّفها أية عمليات عسكرية تهدف للقضاء على قسد نظراً لوجود الآلاف من عناصر تنظيم داعش في سجون مناطق شمال وشرق سوريا، وأي عملية أو رغبة في حلّ قوات قسد ستكون لها عواقب ومخاطر كبيرة على الأمن الدولي والإقليمي والعالمي، كما أنّ العديد من الدول الغربية والمكوّنات السورية أيضاً تنظر إلى إقليم شمال وشرق سوريا كنموذج يعبّر عن سوريا الحقيقة؛ نظرا لمشاركة جميع المكوّنات والفئات في العملية السياسية والعسكرية والاقتصادية، بما فيها المرأة والشباب، وهو ما من شأنه الاعتماد بشكل أكبر على قوات سوريا الديمقراطية التي تواجهها عدد من التحدّيات؛ ومنها: استمرار السياسة العدائية التركية في المستويات المحلّية والإقليمية والدولية تجاهها وعدم الوصول إلى توافقات وتفاهمات من شأنها التخفيف من حدّة التوتّر في المنطقة، إلى جانب عدم وضوح موقف الدول العربية منذ تشكّل قوات قسد إلى حدّ الآن؛ حيث بقيت العلاقة بينهما في إطار محاربة الإرهاب ولم تتطوّر إلى علاقات سياسية واقتصادية، علماً أنّ لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) ممثليّات في بعض الدول العربية، كما أنّه لا توجد موافقة دولية على فتح طرق الاستيراد والتصدير الدولية مع شمال وشرق سوريا، والاستثمار الاقتصادي فيها؛ وهو ما من شأنه أنعاش مناطقها بشكل أكبر، وهنالك تحدٍّ آخر؛ ألا هو السلاح الموجود مع خلايا النظام البعثي وإمكانية تحالفها مع داعش، وشنّ هجمات ضدّ الأعيان المدنية والعسكرية التي ازدادت مؤخّراً؛ حيث تُعَدُّ هذه التحدّيات بمثابة عوامل ضعف يتعيّن على قسد التعامل معها ومعالجتها.

  • أهمية دور قسد في المرحلة الانتقالية:

استنادا إلى ما تم ذكره وإلى المشهد الإقليمي الحالي والدعم والثقة المتواصلة من قبل الغرب والتحالف الدولي بقسد في ملف محاربة الإرهاب، سيكون إخراج قوات سوريا الديمقراطية من المشهد السياسي والعسكري للبلاد شبه مستحيل؛ وما يشير إلى ذلك هو التوسّط الغربي بين كلّ من قسد والسلطة الانتقالية للوصول إلى تفاهمات مشتركة بخصوص مستقبل البلاد التي سيكون لقوات سوريا الديمقراطية دور كبير وفعّال فيها؛ وتشير معظم المعطيات السياسية والأمنية على أرض الواقع إلى أنّ تهميش دور قسد في المرحلة الانتقالية التي تشهدها سوريا أو إقصائها من عملية إعادة بناء الدولة السورية سيؤدّي إلى أزمة وطنية جديدة في سوريا، وستتّجه البلاد مرة أخرى إلى الهاوية، وتبدو أنّها تسير في هذا الاتجاه. لذا؛ يتوجب على المهتمّين بتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا أن يأخذوا بعين الاعتبار مجموعة من الخصائص التي تمتاز بها قسد عن باقي الهياكل العسكرية في سوريا، ومنحها الدور الرئيسي لإدارة المرحلة الانتقالية في سوريا؛ ومن أبرز هذه الخصائص:

  1. تحظى بالقبول الإقليمي والدولي: تُعَدُّ قسد القوة السورية الوحيدة المقبولة إقليمياً ودولياً، باستثناء تركيا وحلفائها، فقسد منخرطة في التحالف الدولي لمحاربة داعش، وتمنع تحوّل مناطق شمال وشرق سوريا إلى مصدر تهديد إقليمي ودولي من خلال رفضها تواجد التنظيمات والأحزاب المتطرّفة، بالإضافة إلى محاربتها لأعمال الجريمة المنظّمة.
  2. لدى قسد خبرة في تحقيق الاستقرار في مناطق ذات التداخل الديمغرافي: على غرار قدرتها على ضمان الاستقرار في شمال وشرق سوريا، بإمكان قسد المساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن في باقي المناطق السورية؛ حيث نجحت في التنظيم العسكري للمجتمعات المحلّية الكردية والعربية والسريانية والأرمنية، وساهمت في عدم تأثّر هذه المجتمعات بالدعاية المتطرّفة وخطاب الكراهية الذي ينتشر كالوباء في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أنّها القوة الأكثر قبولاً لدى الطوائف السورية.
  3. تُعَدُّ قسد القوة الرئيسية المدافعة عن الديمقراطية: حيث تنتهج قيادة قسد مقاربة موضوعية تجاه أزمات البلاد، وتطرح الديمقراطية كوسيلة للتعايش بين المجتمعات السورية وترميم الانقسام الاجتماعي الذي تسبّب به نظام الدولة القومية والتنظيمات المتطرّفة، لذا؛ يعتبرها الكثيرون كقوة موازنة أو كابحة لتنامي نفوذ الجماعات المتطرّفة، وكمصدر ثقة لكافة المكوّنات السورية خاصة بعد السياسة الإقصائية التي اتّبعتها السلطة الانتقالية في دمشق من خلال مؤتمرها الوطني، الذي لم يكن وطنياً، ومن خلال دستورها الشمولي.
  4. تُعَدُّ قسد ضمانة لمنع خضوع سوريا للهيمنة الإقليمية: كانت ولا تزال قسد العائق الرئيسي الذي يمنع خضوع سوريا بشكل كامل لسيطرة الدول الإقليمية، وحاولت تلك الدول تقويض الإدارة الذاتية بشتى الوسائل، إلّا أنّها فشلت في تحقيق أهدافها؛ حيث أنّ تمتّع قسد بالقبول الإقليمي والدولي، وخبرتها في إدارة الاستقرار داخل المناطق ذات التداخل الديمغرافي، ومقاربتها الديمقراطية في إدارة الشؤون العسكرية والأمنية في شمال وشرق سوريا قد ساهم في تعزيز مقاومتها للتدخّلات الخارجية.

في المحصلة: تقف سوريا أمام مفترق طرق؛ فإمّا أن يتم استنساخ تجربة النظام البعثي، ولكن بعقلية طائفية متطرّفة، أو الاتّجاه في مسار توحيد البلاد والانفتاح على المجتمع الدولي وتحقيق الازدهار، من خلال اعتماد الديمقراطية التوافقية في تشكيل نظام الحكم للبلاد، وعلى الرغم من أنّ المرحلة الانتقالية تتّجه في المسار الأول، إلّا أنّ الوقت لم ينفد لتصحيح الأوضاع من خلال الحلّ الذي يكمن في إشراك قسد بفعالية ومسؤولية كبيرة في إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة.

[1] المرصد السوري لحقوق الإنسان، آلاف المفقودين ومئات الجثث المجهولة.. مجازر وانتهاكات الساحل لم تنتهي، مارس 22 -2025، الرابط الالكتروني: https://www.syriahr.com/%d8%a2%d9%84%d8%a7%d9%81-

%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d9%82%d9%88%d8%af%d9%8a%d9%86-%d9%88%d9%85%d8%a6%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%ab%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%87%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%85/754056/

[2] روسيا اليوم، السوريون الدروز والعلاقة الشائكة مع دمشق، تاريخ النشر14-3-2025م، الرابط الالكتروني:

https://arabic.rt.com/middle_east/1655132-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B2-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82/

[3]  موقع الحرة، محمد الناموس، 6 فبراير 2025،”عقدة” المقاتلين الأجانب في سوريا.. وخريطة توزعهم، الرابط الالكتروني؛

https://www.alhurra.com/syria/2025/02/05/%D8%B9%D9%82%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%B2%D8%B9%D9%87%D9%85

[4] صحيفة العرب، مقتل مسؤول في تنظيم حراس الدين بسوريا في غارة أميركية، تاريخ النشر الجمعة 2025/01/31، الرابط الالكتروني؛

https://www.alarab.co.uk/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9

[5]  تصريح ماكرون في مؤتمر باريس “أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي لعبت دورًا بارزًا في هزيمة تنظيم داعش في مناطق واسعة من شمال سوريا، لن يتم التخلي عنها، مشدداً على ضرورة دمج هذه القوات في الجيش السوري. وأوضح ماكرون أن هذا الدمج يعد خطوة حيوية نحو تحقيق الاستقرار في سوريا، موضحًا أن قوات “قسد” قدمت تضحيات كبيرة في مكافحة الإرهاب ولا بد من ضمان دمجها بشكل يتماشى مع المستقبل السياسي للبلاد”.

North Press Agency- Macron Calls for Integration of Kurdish-led SDF into Syria’s National Forces- Feb 13, 2025– https://npasyria.com/en/122083/

زر الذهاب إلى الأعلى
RocketplayRocketplay casinoCasibom GirişJojobet GirişCasibom Giriş GüncelCasibom Giriş AdresiCandySpinzDafabet AppJeetwinRedbet SverigeViggoslotsCrazyBuzzer casinoCasibomJettbetKmsauto DownloadKmspico ActivatorSweet BonanzaCrazy TimeCrazy Time AppPlinko AppSugar rush