الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا؛ عوامل النجاح وتجاوز الإقصاء
خضر الجاسم
تُعتبَر الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا تجربة فريدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، حيث نشأت في ظل ظروف صعبة تتّسم بالصراعات الداخلية والمؤامرات الخارجية، خاصة من قبل تركيا التي تسعى بشكل مستمر لإقصاء هذه التجربة والقضاء عليها، لكن وبرغم ذلك استطاعت الإدارة الذاتية أن تحقّق نجاحات كبيرة على مستويات عدة؛ وذلك من خلال تبنّيها مشروع “الأمة الديمقراطية” الذي يهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف المكوّنات العرقية والدينية على أرضية خصبة تقوم على العقد الاجتماعي الذي يتيح تنظيم هذه التجربة، والتي تتّسم باللامركزية القائمة على المشاركة الشعبية المباشرة في صنع القرار.
هذه الدراسة تسلّط الضوء، من منظور المفكر عبد الله أوجلان، على عوامل نجاح الإدارة الذاتية، وكيف لها أن تتمكّن من تجاوز المؤامرات التركية التي تسعى لإجهاضها، وذلك بتعزيز الوحدة الداخلية، والدفاع الذاتي، والدبلوماسية المرنة.
أولاً. عوامل النجاح:
يعتمد نجاح الإدارة الذاتية على مجموعة من العوامل الأساسية التي لم تكن وليدة الصدفة، بل ترتكز على أفكار ورؤى المفكر عبد الله أوجلان التي تشكل الأساس الفكري والتنظيمي الذي تقوم عليه الإدارة الذاتية، وانطلاقاً من ذلك؛ يمكن عرض هذه العوامل على الشكل التالي:
- مشروع ثوري: تُعتبَر الإدارة الذاتية إحدى منجزات ثورة روج آفا التي اندلعت شرارتها في مدينة كوباني في 19 تموز عام 2012 كتصحيح لمسار الثورة السورية التي سقطت رغم حيازتها عوامل الشرعيّة والأسباب الموضوعيّة والذاتيّة؛ بسبب عدم بناء الشخصيّة الثورية المؤمنة بالتغيير، وكذلك بسبب عدم إيجاد الجسم الإداري السياسي البديل عن النظام السياسي المؤسساتي للدولة السورية، بل كان الهدف إسقاط النظام فحسب، وهو ما أدّى لافتقار المعارضة السورية لأية نظرية ثورية واضحة الأهداف أو أية استراتيجيات لآليات التغيير الحقيقي. وبخلاف ذلك، فقد كان هناك نجاح للإدارة الذاتية تأسّس إثر مخاض – بالأخص – للحالة الإيديولوجية السورية ولا سيّما الكردياتية، وذلك مع طرح حركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) للمشروع في 21/1/2014 مبنيّاً على أساس ثوري اشتراكي اجتماعي يتوافق مع طرح الفيلسوف كارل ماركس في أنّ الثورة التي هي التي تقود المجتمع، أمّا المفكر عبد الله أوجلان فقد رأى أنّ مشروع الإدارة الذاتية ينطلق من الحرب الشعبية الثورية للمجتمع، لكنهما يختلفان في أنّ القائد قد احتكم إلى ثورة عقلية ديالكتيكية، كما طرحها الفيلسوف ديكارت؛ من حيث قبولها للتناقضات والاختلافات ووجهات نظر وتؤسّس لثورة ليبيرالية جديدة أخرى.
2– الاستناد إلى فلسفة “الأمّة الديمقراطية”: من عوامل نجاح تجربة الإدارة الذاتية هو استنادها إلى مبدأ “الأمّة الديمقراطية” التي وضع أسسها المفكر عبد الله أوجلان؛ حيث يرى فيها إطاراً واسعاً يستوعب مختلف الأعراق والأديان والإثنيات والطوائف والمذاهب، على الرغم من تعدّد الاختلافات المجتمعية والسياسية والبنيوية داخل المجتمع الواحد. ويعرّف القائد عبد الله أوجلان الأمة الديمقراطية في المجلد الخامس بعنوان ”القضية الكردية وحلّ الأمة الديمقراطية“ على النحو الآتي: ”جماعةٌ من الناس تربطهم روابط مشتركة وتُمارس الديمقراطية لإقامة حكمها“. وبنى المفكر عبد الله أوجلان فلسفته هذه تأسيساً على طرحه القائم على المجتمع الطبيعي الأول، أي ما قبل خمسة آلاف سنة ق.م مع ظهور المدنية وبروز قيود الدولة الحديثة التي وصفها مفكرون مثل توماس هوبز بـ ”اللوياثان“ بأنّها تمثّل الوحش الذي يتحكّم في الأفراد ويضبطهم بسلطة مطلقة. هذه الدولة القوموية التقليدية، هي التي تُبنى على أسس السيطرة المركزية والقمع المؤسساتي، باتت تُعتبَر في نظر العديد بديلاً قسرياً لمجتمع ينبغي أن يكون أكثر حرية وتعايشاً. وتُعدّ الإدارة الذاتية بهذا بديلاً نظرياً وعملياً، بوصفها صورة مطوّرة لما يُطلق عليه المجتمع الطبيعي وعما يعبّر عنه المفكر عبد الله أوجلان بـ ”الحداثة الديمقراطية“، كرؤية تعتمد على اللامركزية، والتشاركية، وتمكين المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها بعيداً عن السلطة القمعية للدولة، وتعيد الاعتبار للعلاقات المجتمعية التي تتجاوز الإكراه السياسي، وتجسّد بُعداً تحرّرياً يربط بين التقدّم المدني وقيم الحرية الجماعية والتعاون الاجتماعي.
3- العقد الاجتماعي: كذلك من عوامل نجاح الإدارة الذاتية هو العقد الاجتماعي الذي يقوم مقام الدستور، حيث فاق المفكر عبد الله أوجلان طروحات جان جاك روسو في العقد الاجتماعي التي حدّدها في كتابه ”العقد الاجتماعي“، وبرغم أنّ كليهما يركّزان على فكرة إنشاء مجتمع يقوم على العدالة والحرية من خلال عقد اجتماعي يُنظّم العلاقة بين الأفراد والدولة؛ فروسو قدّم مفهوم سيادة الشعب والحرية الجماعية كجزء أساسي من الحكم الديمقراطي، بينما أضاف أوجلان رؤية تعتمد على الديمقراطية التشاركية وإشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار، وتعزيز دور الأفراد في إدارة شؤونهم بعيداً عن هيمنة الدول القومية التقليدية. واستند أوجلان إلى تحليلات عميقة ومتأنّية للأوضاع السياسية والاجتماعية التي هيمنت على المنطقة لأكثر من قرن، متتبّعاً جذور الأزمات المتكرّرة ومشاكل المجتمعات، خاصة في ظل الصراعات المستمرة عبر تفكيك تلك التحوّلات التاريخية والبنيوية السياسية والعسكرية والاجتماعية، بما في ذلك تأثير الاستعمار والتبعية، وصعود الدولة القومية، والقضية الكردية وتفكّك النسيج الاجتماعي إثر ذلك، كما هو الحال في الأزمة السورية؛ حيث رأى فيها تجسيداً لصراع طويل الأمد بين القوى القومية المركزية والمجتمعات المحلية التي تطمح إلى إدارة ذاتية وتمكين ديمقراطي حقيقي. فبفضل تحليلاته المتعمّقة، اقترح أوجلان نماذج جديدة لإدارة المجتمعات، تقوم على التعدّدية واللامركزية والمساواة بين الجنسَين، كحلول عملية للنزاعات الراهنة. وفي هذا الإطار يتألّف العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا من 134 مادة توضّح الأسس والمبادئ التي يقوم عليها بناء نظام ديمقراطي تعدّدي بعيد عن الطائفية والمذهبية والدينية، يهدف إلى تمكين المجتمع من إدارة نفسه بشكل مستقل، ويركّز العقد الاجتماعي على حل مجموعة من القضايا الجوهرية التي أفرزتها العديد من المشكلات منذ ستينات القرن الماضي، بما في ذلك القضية الكردية، وأخرى تتعلّق بالاقتصاد، وتمكين المرأة والشبيبة، والحفاظ على البيئة من جهة، ومن جهة أخرى تتوافق مع القرار الأممي 2254 المتعلّق بسوريا، والذي يدعو لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية مع الالتزام بالمواثيق والقوانين الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان، وضرورة احترام وحماية هذه الحقوق في جميع الأوقات، بما يعزّز قيم العدالة والمساواة ويضمن حرية التعبير والمشاركة السياسية لكافة مكوّنات المجتمع.
4– تطبيق اللامركزية: لابد من التأكيد على أنّ نجاح الإدارة الذاتية يرتبط بما طرحه المفكر عبد الله أوجلان حول اللامركزية من خلال تصوّراته للعلاقة بين السلطة والمجتمع؛ حيث خالف ما طرحه هيغل الذي اعتبر الدولة تجسيداً للروح المطلقة ومركز القوة والمركزية، في حين ركّز المفكر عبد الله أوجلان على مبدأ اللا مركزية؛ حيث رأى أنّ الدولة القومية، بصيغتها التقليدية، تعزّز التسلّط والاستبداد، بينما يجب أن يكون النظام السياسي في الإدارة الذاتية مرناً وقائماً على المشاركة الشعبية المباشرة في صنع القرار، ولا يكون ذلك إلّا بتفكيك السلطة المركزية وإعادة توزيعها على المجتمعات المحلية، لتتمكّن من تنظيم شؤونها بشكل مستقل، وهو ما يمثّل لبنة أساسية في مفهوم الإدارة الذاتية والحداثة الديمقراطية التي يسعى إلى تطبيقها في سياق مجتمعي تحرّري على مبدأ اللامركزية كجوهر لفلسفته السياسية، إذ يرى أنّ السلطة المركزية تؤدّي إلى احتكار القوة وإضعاف المجتمع، وهو ما تجسّد بالحالة السورية، حيث أدّت سيطرة السلطة المركزية إلى تهميش المجتمعات المحلية وإضعاف بنيتها الاجتماعية والسياسية، صاحبَت ذلك أزمات اجتماعية واقتصادية، وعمّق الصراعات الداخلية، ما أدّى إلى تآكل الثقة بين الدولة والمجتمع، وأصبح تحقيق التوازن بين السلطة والمجتمع ضرورة مُلحّة لضمان استقرار البلاد وتمكين المجتمعات المحلية من إدارة شؤونها في إطار ديمقراطي وتشاركي، وهو بذلك إنّما ينسف فكرة الدولة القومية التقليدية التي تقوم على السلطة المركزية، كما طرحها هيغل وغيره من الفلاسفة ومعمول بها في جميع بلدان الشرق الأوسط.
ثانياً. عوامل الإقصاء (المؤامرات التركية)
تستمر المؤامرات التركية في المنطقة منذ ما يزيد على القرن، بهدف الاحتلال ضمن ما تسمّى مشاريع “عثمنة جديدة” من خلال العمل العسكري المباشر أو التدخّل في الأوضاع الداخلية للدول، سواء في سوريا أو في عموم المنطقة، ولتفادي هذه المؤامرات التي تستهدف استقرار مناطق شمال وشرق سوريا خصيصاً، يمكن للإدارة الذاتية اعتماد مجموعة من الإجراءات السياسية والعسكرية والاجتماعية؛ وهي كالآتي:
1-تعزيز الوحدة الداخلية:
يعرض المفكر عبد الله أوجلان رؤية مثالية من خلال تعزيز الوحدة الداخلية للمجتمع الديمقراطي والتحرّري ضمن الإدارة الذاتية، حيث يسعى هذا النظام إلى بناء مجتمع يعطي الأولوية لاحتياجات الأفراد بدلاً من التركيز على بناء الدولة. وتأتي أهمية الديمقراطية الحقيقية، التي تستند إلى القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية، من أنّها لا تهادن الهيمنة والاستغلال بل تركّز على ضرورة إنشاء مجتمع يتيح للأفراد حرية التعبير والتطوّر الذاتي، مع التأكيد على حقوق النساء والمساواة الاجتماعية، وهو ما تسعى الإدارة الذاتية لتحقيقه من خلال التنظيم الاجتماعي الذي يعتمد على التعاون والتشاركية، ما يسهم في تعزيز الوحدة الداخلية. ويشدّد على أنّ الاعتماد على الدولة التقليدية يُعدّ إنكاراً للديمقراطية الحقيقية؛ حيث لا يمكن للأنظمة الاستبدادية أن تحقّق العدالة، كما بشدّد على أنّ المجتمعات يجب أن تكون قادرة على إدارة شؤونها بشكل ذاتي، بعيداً عن السيطرة المركزية، وفي المقابل يدعو إلى تعزيز العلاقات الأخوية بين المجتمعات المختلفة، ما يساهم في تحقيق السلام الاجتماعي، مع تأكيده على أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات لإنهاء الحروب والنزاعات، مع تعزيز القيم الإنسانية في بوتقة واحدة بين مختلف مكوّنات المجتمع، سواء كانت كردية أم عربية أم سريانية أم غيرها؛ وذلك لمواجهة أيّة محاولات للتفريق بينها؛ الأمر الذي يفسّره أوجلان بقوة المقاومة ضدّ التدخّلات الخارجية.
2-تعزيز الدفاع الذاتي:
طرح المفكر عبد الله أوجلان رؤيته للإدارة الذاتية لمواجهة المؤامرات ضدّها بالاعتماد على خاصية الدفاع الذاتي، وذلك لتجاوز فكرة الدفاع العسكري التقليدي إلى مفهوم أوسع يشمل حماية الهوية وبناء مجتمع ديمقراطي، من خلال “حرب الشعب الثورية” على أسس جديدة لتطوير استراتيجيات دفاعية مُستدامة، حتى يمكنها مواجهة التهديدات المستمرة وضمان وجودها وحريتها؛ كركيزة أساسية لحماية المنطقة من الصهر أو الإبادة والحفاظ على هويتها؛ إذ يربط بين تاريخ طويل من الصراع والهجمات التي تعرّضت لها المنطقة، والحاجة الملحّة لبناء نظام دفاعي يعزّز من قدرتها على الصمود والاستمرار. ويلفت الانتباه إلى أنّ المنطقة تعرّضت طويلًا لموجات متتالية من الهجمات عبر التاريخ، سواء من الإمبراطوريات القديمة أو القوى الحديثة، بهدف تدمير وجودها والقضاء على هويتها، وهذه الهجمات ليست بجديدة.د، ويعتبر أنّ الهجمات تستهدف الكرد أولاً، ومن ضمن هذا إجهاض مشروع الإدارة الذاتية؛ سواء كان ذلك عبر الاحتلال العسكري أو سياسات الإبادة الثقافية واللغوية، لذا؛ من الضروري تعزيز الوعي بتاريخ هذه الهجمات وفهم أبعادها لاستنباط العبر والدروس لبناء دفاع ذاتي فعّال، ويشير إلى أنّ التهديدات الحديثة التي تواجهها ليست فقط عسكرية، بل سياسية واقتصادية أيضاً، حيث تفرض الحداثة الرأسمالية أشكالاً جديدة من الهيمنة سواء من ناحية الاقتصاد حيث التضخّم والربح الأعظمي والحصار مروراً بإذابة الهوية؛ من خلال سياسات الإبادة والتصفية التي تمارسها بالطائرات المسيّرة في المنطقة واستهدافها للعسكريين أو المدنيين، حيث تمثّل تهديداً وجودياً لشعوب المنطقة، وتفرض عليهم واقعاً جديداً يحتاج إلى وسائل دفاعية جديدة ومبتكرة. كما ويفسر الحاجة للدفاع الذاتي من كونه ليس مجرد ردّ فعل على الهجمات، بل هو تعبير عن الإرادة في البقاء عبر تنظيم الشعب على أسس جديدة تتضمّن بناء هياكل دفاعية مستقلّة، قادرة على حماية الأرض والهوية من أيّة محاولات للقضاء عليها، وهو ما يتطلّب تطوير وعي سياسي وثقافي مشترك يعزّز من الصمود ويخلق مقاومة فعّالة ضدّ محاولات الإبادة التي قد لا تكون عسكرية فقط، بل حركة سياسية واجتماعية أيضا ً تهدف إلى تمكين الشعب من حقوقه وفرض وجوده على الساحة الدولية، إلّا أنّ ذلك يجب أن يُقابَل بتطوير القدرات العسكرية الذاتية، من خلال إنشاء قوات دفاع شعبية مدرّبة وقادرة على مواجهة أيّة تهديدات خارجية، تتمتّع تلك القوات بالاستقلالية وتستند إلى الإرادة الشعبية الثورية، دون الاعتماد المفرط على قوىً خارجية قد تكون لها أجندات تتعارض مع مصالح الإدارة الذاتية.
3-الدبلوماسية المرنة:
تتجلّى رؤية أوجلان في أهمية دبلوماسية الإدارة الذاتية كأداة لتحقيق السلم والتعاون بين الشعوب والمكوّنات في المجتمع، مع التركيز على الهوية الكردية وحقوقها؛ إذ يدعو إلى تشكيل دبلوماسية جديدة تتجاوز النمط التقليدي، وتعزّز من التعاون بين الإدارة الذاتية وتضمن مصالحها في سياق المتغيّرات الإقليمية والدولية، حيث يقدّم رؤية شاملة للدبلوماسية كأداة لتعزيز السلم والتعاون بين المجتمعات، بعيداً عن الحروب والنزاعات، كأسلوب أخلاقي وسياسي يساهم في بناء علاقات صداقة وتبادل ثقافي، ما يسهم في تحقيق السلم والأمن، وهو ما كانتد يدعو إليه معظم ساسة الإدارة الذاتية. ويشير إلى أنّ المنطقة، وبالأخص الكرد، قد شهدوا العديد من السياقات الدبلوماسية خلال الفترة اللاحقة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، بما تفرزه من تأثير كبير على حياة المجتمع، لكنّها بحاجة إلى أن تكون مدفوعة بالمصالح الحقيقية، وليس بالمصالح الذاتية الضيّقة التي تؤدّي إلى صراعات أو توتّرات؛ انطلاقاً من دبلوماسية جديدة، تُعرف بـ ”دبلوماسية الأمة الديمقراطية“ التي ينبغي على الإدارة الذاتية أن تأخذ في اعتبارها احتياجات سكان المنطقة والمصالح المشتركة مع جيرانهم أو مع العلاقات الدولية، وأن يكون للكرد دور مركزي في الفعاليات الدبلوماسية، كي يتمكّنوا من الدفاع عن حقوقهم وتحقيق حريتهم. ويعتبر المفكر عبد الله أوجلان أنّ الإدارة الذاتية، بما تملكه من قابلية على التغيير والتجدّد، قادرة على اتخاذ الدبلوماسية وسيلة رئيسية لإرساء السلم وتعزيز التعاون بين المجتمعات، وتجاوز العلاقات التقليدية لتحقيق الأهداف المشتركة وتطوير مجتمعات أكثر تقدّماً، والتركيز بما يخدم الشعوب ومصالحها، أمّا الدبلوماسية الحالية فهي قاصرة في تغطية احتياجات الإدارة الذاتية، ما يتطلّب تشكيل إطار جديد لفتح قنوات، حتى مع المعارضين، تتناسب مع تطلّعاتهم، وتشكيل مؤسسات دبلوماسية تكون مسؤولة عن تطوير السياسات والتعاون مع القوى الدولية ضمن المؤتمر الوطني الديمقراطي كأداة مهمة لتحقيق هذا الهدف، الذي من شأنه التعاون على المستوى المحلّي والدولي لتجاوز الاختلافات الأيديولوجية لتحقيق أهداف مشتركة.
المقالة تعبر عن رأي الكاتب