عفرين: 6 سنوات من بدء الهجمات واستمرار المقاومة
وليد حسين
عفرين التي كانت تتميز بتنوعها وتعايش كافة المكونات وتشكيلهم لإدارتهم الذاتية التي كانت تمثلهم جميعاً، عفرين التي احتضنت الآلاف من اللاجئين الذين هربوا من بطش حكومة دمشق والذين وجدوا في هذه الإدارة وهذه المنطقة الوجهةَ الآمنة. لم يَرُقْ للاحتلال التركي ما تشهده هذه المدينة من التطور الديمقراطي والازدهار الاقتصادي وتكاتف الشعوب، حيث وضع المخطط لاحتلالها مستغلاً المصالح والتوافقات الدولية كي يهيّئ الأرضية للبدء بالعملية العسكرية البربرية على مدينة عفرين الآمنة، والتي بدأت في العشرين من شهر كانون الثاني لعام 2018 حيث استباحت طائرات الاحتلال التركي سماء عفرين حاملة معها حقد وغلّ الاحتلال التركي على مدينة السلام، وعملت على صبّ جام غضبها على المدنية وأحرقت الشجر و الحجر، واستهدفت المدنيين ودمّرت البنية التحتية والمنشآت الخدمية في ظلّ مقاومة بطولية لقوات سوريا الديمقراطية والتي كان اسهما خير معبر عنها (مقاومة العصر).
ارتكب الاحتلال التركي خلال العملية البربرية أفظع الجرائم التي ترقى الى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، هذه الجرائم البعيدة كلّ البعد عن الأخلاق الإنسانية والضمير الذي بات في سبات وهو ينظر إلى ما يحصل في هذه البقعة الجغرافية ولم يُحرّك ساكنا حيال تلك الفظائع المرتكبة في ذلك الوقت، والمستمرة حتى هذا اليوم، فمنذ اليوم الأوّل لاحتلال عفرين من قبل تركيا ومرتزقتها بدأت سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي بحقّ مواطني مدينة عفرين وفرض اللغة التركية والعمل على توطين أناس من غير أهل عفرين في المنطقة والذين تمّ استقدامهم من المحافظات السّورية الأخرى على حساب الوجود الكردي في منطقة عفرين بهدف تقليل نسبة الكرد في عفرين حيث أصبحت نسبة الكرد بعد ستة سنوات من الاحتلال بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين 35% مقارنة مع نسبة المكونات الأخرى، بالإضافة إلى بناء أكثر من 35 مستوطنة في عفرين بتمويل إخواني (خليجي وفلسطيني) واختطاف الآلاف من المدنيين ومصادرة مزارع الزيتون و بيع المنتج، وقطع الأشجار، وبيعها في الأسواق، فمدينة عفرين منذ الاحتلال وإلى اليوم تتعرض لأكبر عملية تغيير ديمغرافي وسرقة في التاريخ ويعيش سكانها الباقون في ظروف سيئة نتيجة السياسات المفروضة من قبل الاحتلال ومرتزقته الذين يحاولون وبشتّى الوسائل دفع من تبقى من أهالي عفرين إلى الهجرة. فمنذ ستة سنوات ولازالت عمليات الخطف والاغتصاب والسرقة والنهب وقطع الأشجار وسرقة الآثار وتدميرها وفرض الثقافة التركية والظروف المعيشية المهينة التي يفرضها الاحتلال التركي على الأهالي مستمرة. فالتتريك يُفرضُ بالقوة على المدنيين لجعل المنطقة تركية بامتياز من البشر إلى الحجر والشجر وتحويل المدينة إلى ولاية تركية، ومع مرور كل هذه السنوات لازالت منطقة عفرين تعيش في حالة من انعدام الأمن وفوضى السلاح نتيجة الصراعات بين المجموعات المرتزقة. ولكن حتى الآن لم يكّلف المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية نفسيهما عناء التنديد بتلك المجازر أو محاسبة الاحتلال التركي والمجموعات المرتزقة التابعة له أو حتى دعوة الاحتلال التركي إلى الكفّ عن تلك الممارسات التي تنافي القوانين والأعراف الدولية بالرغم من كل ذلك لازالت إرادة العودة الكريمة وإنهاء الاحتلال والمقاومة مستمرة في الداخل والخارج، هذه الإرادة التي تتجدد في كل لحظة ودقيقة، ومع إشراقة يوم جديد يولد معه أملُ العودة، وتكبرُ معه إرادة المقاومة.
المقالة تعبر عن رأي الكاتب