تماسك “قسد” رغم الهجمات والحملات  الإعلامية الضخمة عليها من كل الجهات

خبات عثمان

من الملاحظ أنَّه على الرغم من المحاولات العديدة لقوى إقليمية ودولية، وعلى الرغم من الهجمات البرية والجوية على مناطق شمال وشرق سوريا إلا أنه لم يحدث أي انشقاق أو عصيان ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية حتى خلال المعارك الكبرى التي خاضتها تركيا ضد هذه القوات فهناك عدة أسباب وعوامل أدت لتماسك قسد ككيان واحد ، ويعود أهم أسبابها إلى العلاقة الوثيقة بين الكرد والعرب يأتي هذا الارتباط باعتقاد كافة المكونات وضمنها العربي بأن هذه القوات هي البديل لقوات الحكومة السورية والقوى الظلامية والهيمنة الإقليمية على سوريا و بالمقابل فإن هذا التحالف لم يكن محبباً لدى المنظمات السياسية والعسكرية السورية الأخرى التي ترتبط بأجندات خارجية لا تخدم القضية السورية بل هي متحالفة وبشكل خاص مع تركيا، والتي بدورها تحرّض مجموعات من العشائر وبعض الشخصيات العشائرية في المنطقة على معارضة قوات سوريا الديمقراطية لأغراضها السياسية الخاصة بها .

وكذلك الحكومة السّورية التي تعمل على ترويج الدعايات وبشكل مستمر لتأجيج الزعماء القبليين والمحليين والمدنيين ضد الإدارة الذاتية وقسد متهمة إياها بمحاولة الانفصال والتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا اختارت المكونات السورية وبشكل خاص المكون العربي الأنضمام إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية “قسد”؟

إنَّ سرَّ نجاح قسد كل هذه السنوات رغم الحروب الطاحنة التي خاضتها ترجع إلى أنها قوات تتألف من تشكيلات عسكرية ومن مختلف مكونات المنطقة وهذا يعني بأن هناك قوات عربية تعمل داخل صفوف قوات سوريا الديمقراطية  منها “جبهة ثوار الرقة – قوات الصناديد –مجلس دير الزور العسكري – مجلس منبج العسكري – مجلس الرقة العسكري وغيرها …” التي يديرها ويشرف عليها قادة عرب بالكامل وكما تلتزم قسد التزاماً  كاملا بهويتها السورية ، وتعمل بنشاط لإيجاد حلول شاملة لجميع القضايا السورية  بما في ذلك القضية الكردية عبر مجلسها السياسي “مسد ” ، وإيجاد أو تحديد وضع إداري مناسب لمنطقة شرق الفرات بالتعاون مع السلطة المركزية في دمشق والمناطق السورية الأخرى فاللغة العربية هي لغة رسمية في صفوف قسد للمناطق ذات الغالبية العربيّة ،وكذلك في جميع المؤسسات العسكرية والأمنية  المرتبطة بها إذ لا يوجد تمييز على أساس العرق أو اللغة أو المنطقة داخل صفوفها حيث يتم توزيع الحقوق والمسؤوليات بشكل عادل بين جميع أفراد القوات وكذلك تنفذ الإجراءات القانونية والمحاكمات العسكرية ضد الأفراد الذين ينتهكون هذه المبادئ.

انتساب المكوّن العربي إلى  صفوف قوّات سوريا الدِّيمقراطيَّة

شهد انتساب المقاتلين من  المكون العربي ضمن صفوف قسد تحولات مختلفة ، والتي ترتبط ارتباطا وثيقاً بالتطورات السياسية والعسكرية في سوريا  لا سيما خلال السنوات  الأولى للثورة  السورية بين عامي “2011و 2015م ” ويمكن أن تعود هذه التحولات إلى أربعة عوامل رئيسية :

أولاً – تأثير فصائل المعارضة المتطرفة  في المناطق الشرقية منذ منتصف عام ” 2012م ” حيت فرضت إجراءات أمنية صارمة  وأحكام شمولية وأنظمة اجتماعية  مما شكل انقساماً نفسياً و سياسياً  وطائفياً بين السكان العرب المحليين و الفصائل الحاكمة .

ثانياً-  شكل مشاركة وحدات الحماية الشعبية “Ypg” في محاربة الفصائل المتطرفة دوراً  حاسماً في بناء الثقة بين المكونات وبقوات سوريا الديمقراطية قسد والتي يشكل عمودها الفقري وحدات الحماية الشعبية ypg”” ووحدات حماية المرأة ” ypj” و بجهودها تم تأسيس مؤسسات بديلة عن الحكومة السورية من خلال تأسيس الإدارات المحلية المدنية في المناطق ذات الغالبية العربية  لإدارة شؤونها خدمياً واقتصاديا من خلال مجالس منتخبة محلياً.

ثالثا – شكلت  معركة كوباني  خريف  عام “2014” نقطة تحول كبيرة حيث أظهر فيها القوات الكردية قدرات قتالية منقطعة النظير وإمكانات عسكرية ملحوظة  من خلال إلحاق هزيمة كبيرة بتنظيم “داعش” ، و زاد هذا الانتصار الثقة بشكل كبير بهذه القوات التي يقودها الكرد والتي عززها الدعم العسكري واللوجستي والمالي من الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي ضد داعش وفي ذلك الفترة وصل عدد قوات وحدات الحماية الشعبية 30 ألفاً ربعهم من المكون العربي ضمن صفوف سوريا الديمقراطية حسب التصريحات الرسمية من بعض قاداتها .

رابعاً- في أواخر عام 2015م اكتملت التحضيرات لتحرير آخر معاقل التنظيم الإرهابي” داعش” وعاصمتها المزعومة الرقة والتي بدورها تلقت دعماً من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي ونتيجة لذلك أنضم آلاف المقاتلين من المكونات الأخرى إلى  قسد مما أدى إلى تعميق الشعور بالانتماء إلى هذه القوات والقتال في صفوفها لتحرير كل جزء من الجغرافية السورية من القوى الظلامية التي عجزت أعتى القوى العالمية الوقوف في وجهها .

بالمحصلة ، فكما قال قائد الشعب الكردي المفكر عبدالله أوجلان “إذا امتلكنا أقوى قوة بالعالم فلن نهاجمَ أحداً وبالمقابل إذا هوجمنا من جميع القوى في العالم فسوف ندافع عن أنفسنا أمام هذا الاعتداء”، فقوات سوريا الديمقراطية هي قوات تضم في صفوفها كل مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان وتركمان، وهذا التنوع هو سر قوتها ومجابهتها للهجمات من كافة الجهات وهي قوات دفاعية تدافع عن مكونات المنطقة في شمال وشرق سوريا وهي ليست قوات هجومية أوانفصالية  كما يدّعي البعض.

زر الذهاب إلى الأعلى