التحشدات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وسوريا أهدافها وتداعياتها على سوريا وروج آفا

المقدمة :

بعد مرور فترة من الجفاء والقطيعة بين أمريكا والسعودية خاصة بعد الاتفاق السعودي الإيراني نرى عودة قوية للدبلوماسية والقوة العسكرية الأمريكية إلى الشرق الأوسط

وضمن هذه الاستراتيجية قام بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بالزيارة الى السعودية في الفترة من 6 الى 8 يونيو 2023  لوضع النقاط على الحروف.

 ورغم أن الصحافة السعودية أهملت الزيارة قصدا لأسباب تتعلق بعدم رضا السعودية عن بعض السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط إلا أن  الزيارة كانت مفصلية  واستثنائية  وغنية بملفاتها وتفاصيلها  ومن المفترض  أن الطرفين الأمريكي والسعودي قد ناقشا فيها  عدد كبير من القضايا المختلف عليها  وبشكل خاص  التهديدات الإيرانية في الخليج وفي شرق الفرات وخاصة  التعاون الاستراتيجي  بين البلدين في القضايا الإقليمية  والعالمية والقضايا الثنائية  مثل التعاون الاقتصادي والأمني .

ليس هذا فحسب بل أن الرئيس بايدن يريد أن يستبق الأحداث من أجل تحقيق اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل وهو إنجاز تاريخي إن تحقق سوف يغير خارطة الشرق الأوسط ويساعد الرئيس حتما في الانتخابات الرئاسية القادمة .

السعي الإيراني والروسي لإخراج أمريكا من شمال شرق سوريا :

من الواضح أن الخطر الروسي والإيراني ومعهم خطر ميليشيات النظام على الوجود الأمريكي في شرق الفرات  ازداد في الآونة الأخيرة  .

وترى أمريكا أن إيران تمتلك تاريخاً طويلاً من الأضرار بالمصالح الأمريكية .

وترى أمريكا أن روسيا تدعم إيران في عدائها للمصالح الأمريكية  كما تقوم  بخروقات بروتوكول التنسيق  الجوي بين الطرفين  .

و يمكن القول   أن تمادي الميليشيات الإيرانية  ضد القواعد الأمريكية  في حقلي العمر وكونيكو  واستخدام الطائرات المسيرة ضد القوات الأمريكية بغرض طردها من سوريا   ( وفق المنطق الروسي والإيراني والنظام السوري  ) بات واضحا  .

ونشرت صحيفة الواشنطن بوست في مطلع شهر حزيران الماضي  تقريرا تضمن  وثائق سرية  تتحدث عن  خطة إيرانية لمهاجمة الأمريكيين  في سوريا  .

وفي تقرير  صدر عن موقع المونيتور قال مسؤول أمريكي  كبير  أنه رأى مؤشرات  على أن القادة العسكريين الروس في سوريا  ينسقون بهدوء  مع الحرس الثوري الإيراني بشأن خطة  للضغط على أمريكا  وسحب قواتها من سوريا

وقالت  مديرة  الشؤون العامة للقوات  الجوية الأمريكية الوسطى  تيريز سوليفان :

“إن الطائرات الروسية  في سوريا تعمل  منذ مدة  بطريقة  غير آمنة  وغير مهنية ” .

والسؤال المهم الذي يشغل العالم  هو :

ماهي أسباب قيام أمريكا بنقل التعزيزات العسكرية  والآلاف من قوات المارينز وعشرات المدمرات والبوارج الحربية وحاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط وسوريا في هذا الوقت بالذات ؟

لاشك أن الطرف الأمريكي وحده يستطيع الإجابة على هذا السؤال !! .

 ولكن مسألة الحرب الشاملة ضد إيران وحلفائها وميليشياتها  في سوريا ليست  واردة باعتقادي  في المدى المنظور  ولن  يقدم عليها الرئيس بايدن في الوقت الحاضر لعدة أسباب  أهمها   :

– أن الرئيس  على أبواب الانتخابات  وهو معني  بتهدئة الأوضاع في سوريا والشرق الأوسط أكثر من أي وقت آخر .

– أن أمريكا منشغلة ومنخرطة في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل أساسي  .

– التحسب للخطر الصيني الذي يهدد أمن ومصالح أمريكا وهو ليس ببعيد بنظر الأمريكيين  .

وإذا كانت مسألة الحرب الشاملة ضد إيران وميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان غير متوقعة فلماذا كل هذه العسكرة وهذه التحشدات والجيوش الأمريكية إذا ؟

والجواب على هذا السؤال  ليس سهلا ولكن هناك سيناريو محتمل بخصوص إيران وأذرعها في المنطقة  بالإضافة الى مجموعة من الرسائل  الموجهة الى الخصوم والى الأصدقاء والحلفاء في الشرق الأوسط :

ا – السيناريو المحتمل بخصوص إيران : وهو أن تقوم أمريكا بضرب إيران ومنشآتها النووية  ضربات ساحقة وماحقة إذا كررت اعتداءاتها ضد القوات الأمريكية في الخليج والعراق وشرق سوريا , وقلنا أن هذا الأمر مستبعدا للأسباب التي ذكرناها سابقا  ولكن قطع أذرع إيران وميليشياتها في كل من سوريا  والعراق وربما لبنان سيكون من أهم أهداف  القوات الأمريكية المحتشدة  وهذه المسألة باتت مرتبطة ببند من  بنود اتفاق تبادل الأسرى  بين الطرفين الإيراني والأمريكي ( الذي تم قبل يومين ) و قد التزمت إيران بموجب الاتفاقية المذكورة  بوقف ضرب القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق والشرق الأوسط بشكل نهائي .

 ومن المفيد أن نذكر أنه لولا سياسية الحرب على حافة الهاوية التي مارستها أمريكا ضد إيران عبر القوة العسكرية الضخمة والأساطيل والبوارج الحربية لما وقعت إيران الإتفاقية المذكورة  .

2 – الرسائل الموجهة  للخصوم وللأصدقاء والحلفاء  :

– بالنسبة للخصوم :

أرادت أمريكا أن ترسل رسالة قوية الى روسيا  بأن تلتزم داخل الأراضي السورية ببروتوكول التنسيق  الجوي بين الطرفين  شرط ألا تتجاوز حدود الاتفاقيات الموقعة بينهما بخصوص سوريا.

– بالنسبة للحلفاء والأصدقاء  :

أرادت أمريكا أن تضغط على حلفائها وأصدقائها  القدامى في السعودية والخليج بأنها ملتزمة بتحالفاتها معهم  من خلال حماية ناقلات البترول عبر الخليج  وأن عليهم فرملة توجهاتهم التصالحية مع إيران وسوريا ….الخ .

  لكن السعودية تطلب من أمريكا مقابل ذلك اتفاقاً يتضمن التزام أمريكا بالمادة 5 على غرار حلف الناتو  أي أن تعامل أمريكا أي هجوم  ضد السعودية  مثل الهجوم ضد أمريكا  .

وفي الختام ،تؤكد التقارير الصحفية والإعلامية   تزايد اهتمام أمريكا بالوضع في سوريا وشرق الفرات .

 وتدل التعزيزات العسكرية الأمريكية المتواصلة لتأمين الحدود بين سوريا والعراق ودعمها المستمر لقوات قسد على التمسك بوجودها العسكري والسياسي في المنطقة  ورفض فكرة الانسحاب كليا .

وحسب المعلومات  فإن احتمال قيام أمريكا بفرض منطقة عازلة ابتداءً من الحدود الأردنية السورية جنوبا و مرورا بمنطقة التنف حتى البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقا  وشرق الفرات حتى القامشلي شمالا أمر وارد في المستقبل  , وهذا يعني أن لدى أمريكا استراتيجية جديدة تقوم على  توسيع نفوذها  في المنطقة .

زر الذهاب إلى الأعلى