المرأة الثورية ومواجهة سياسة قهر الإرادة  

روزالين بكر

 المرأة الكردية من أكثر النساء في الشرق الأوسط معاناة من الظلم والاضطهاد الدولتي؛ بسبب ذهنية الدول والأنظمة القومية التي تشكّلت على أرض كردستان المحتلة من قبل الاستعمار الذي خلف وراءه آثاراً تاريخية كارثية واضحة على وضع المرأة الكردستانية بشكل عام والكردية بشكل خاص، إلى أن أضحت حالة التشوّق للحرية والمساواة حالة توريث لدى الأجيال الكردية الجديدة بسبب استمرار معاناة الكرد نتيجة عدم حل القضية الكردية وإبقائها عالقة إلى اليوم.

فخلال أزمات الشعوب المضطهَدة نرى أنّ النساء والأطفال هم أكثر من يدفع فاتورة الأزمة، كونهم الحلقة الأضعف حتى الآن ضمن فئات المجتمع، وعندما ننظر إلى واقع كردستان اليوم نجد هذا واضحاً، فالمرأة لها النصيب الأكبر من العنف في المجتمع الكردستاني.

خلال العقود الأخيرة ومع بداية تأسيس الأحزاب والحركات الكردية نجد أنّ المرأة الكردية سبّاقة في الانضمام إليها، لأنّ واقعها الحالي والتاريخي يختلف عن باقي نساء مكوّنات المنطقة، والهدف من هذه المشاركة الفاعلة هو الخلاص من واقعها المرير.

إنّ جذور قدرة المرأة الكردية وروحها الثورية مستمَدة من إرث تاريخ ميزوبوتاميا التي تشتهر بالكثير من الرسوم بحسب عمليات الرصد الاثرية والتي تشير إلى ريادة المرأة ضمن المجتمع، والدليل وجود فترات تاريخية كانت فيها المرأة تقوم مقام الآلهة، ويُعرف ذلك العصر بالعصر الأمومي.

 إنّ تاريخ ميزوبوتاميا حافل بدور النساء في إدارة المجتمعات، و هذا  الإرث التاريخي أعطى المرأة الكردية دافعاً معنوياً للانخراط في العمل السياسي والعسكري، ممّا خلق حالة من الثورة النسوية لدى العديد من الشخصيات النسوية  اللاتي تبحثن عن الحرية والمساواة، ويُشاهَد اليوم هذا على أرض الواقع؛ حيث تظهر شخصيات نسوية تنتفض بين الحين والآخر بوجه الأنظمة المستبدّة في المنطقة، ورغم اختلاف المكان والزمان ولكن الحالة الثورية للمرأة تتكرّر في كردستان بأجزائها الأربعة  بريادة نساء ثائرات مثل : ليلى قاسم وسكينة جانسيز وشيلان وهفرين وجينا أميني (مهسا)  الخ …….

ولا تزال و إلى اليوم معركة المرأة الكردية مستمرّة في سبيل نيل حقوقها المشروعة على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي تواجهها، والتي كثيراً ما تؤدّي بها إلى المعتقلات وأحيانا أخرى تدفع حياتها ثمنا لنضالها ضد الظلم ومنهن مؤخراً: “أفين غوي” في باريس و”جينا أميني” في إيران.

فخلال  العقود الخمسة الأخيرة وتزامناً مع ظهور حركة تحرّر المرأة الكردستانية تغيّر وضع المرأة الكردية بشكل لافت؛ حيث استطاعت هذه الحركة أن تلعب دوراً ريادياً في توعية المرأة ضمن المجتمع، و لم تكتفِ هذه الحركة فقط بمشاركة المرأة في الأحزاب والكيانات السياسية مثل باقي الأحزاب الكلاسيكية بالمنطقة،  بل تعمّدت استخدام أسلوب التوعية المجتمعية لتكسر بذلك النظرة النمطية للمرأة بشكل عام والمرأة الكردية بشكل خاص، و سرعان ما أثمرت جهود هذه الحركة التنظيمية؛  حيث بادرت أعداد كبيرة من النساء بالانخراط في الأعمال الاجتماعية والتنظيمية المعنية بتوعية المرأة والمجتمع لمعرفة حقوق المرأة ودورها في إدارة المجتمع بهدف حلّ كافة القضايا الاجتماعية العالقة، واليوم بعد عقود من اتباع هذه الحركة لهذا الأسلوب في عملها لذا استطاعت تحقيق نجاحات مهمّة مجتمعياً وسياسياً.

   لقد شكّل تأسيس  حركة تحرر المرأة الكردستانية نقطة مفصلية في حياة المرأة بشكل عام في كردستان،  ويُعتبَر تشكيل جيش عسكري خاص بالمرأة تجربة فريدة من نوعها  في القرن الحادي والعشرين في منطقة الشرق الأوسط، كونها معروفة أنّها بؤرة توتّر دولياً و إقليمياً و محلياً، و هذه الحركة تمتلك عقيدة أيديولوجية متكاملة خاصة بالمرأة  في كل مجالات الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وهو نهج لدمقرطة الشرق الأوسط الذي جاء كطرح لحل كافة قضايا  المجتمع وعلى رأسها  قضية المرأة من قبل المفكّر الأممي عبدالله أوجلان (هذا المفكر الذي  يدفع حتى الآن ثمن أفكاره وأطروحاته غالياً خلف قضبان سجون الفاشية التركية  في سجن جزيرة إمرالي )

   لقد تبلورت أفكار هذا المفكّر بخصوص المرأة وظهرت جلية للعيان خلال هذا العقد الأخير، فبعد انخراط  جيش المرأة (YPJ) المتأثّر أيدلوجياً بحركة حرية المرأة الكردستانية و التي بدورها تتبنّى  أطروحات المفكّر الأممي أوجلان منهجاً علمياً في تنظيم المجتمع الكردي والكردستاني؛ إذ ساهمت المرأة الكردستانية الحرّة في محاربة داعش عسكرياً وايدلوجياً، ولايزال هذا الجيش  المكوّن من آلاف المقاتلات من كافة مكونات المنطقة واللواتي يشاركن بعمليات شديدة التعقيد عسكرياً وأمنياً في سبيل تفكيك خلايا  داعش التي تنشط بشكل ممنهج إلى جانب محاربة هذه الخلايا أيديولوجياً، بهدف ترسيخ الأمن والسلم العالميين لحماية شعوب المنطقة والعالم.

 لقد حصلت المرأة ضمن قوات (YPJ) على أوسمة وثناءات من قبل أنظمة ودول عالمية تكريماً لتضحياتها في سبيل ترسيخ الديمقراطية في العالم.

ويبدو أنّ هذه الانتصارات تحقّقت بفضل خبرة المرأة الكردية من خلال نضالها ضمن حركة تحرر المرأة الكردستانية، والتي بدورها تمتلك مشروعاً  متكاملاً لكافة جوانب الحياة بهدف خلاص المرأة من عبوديّتها، ولقد ترسّخ هذا المشروع بشكل واضح ومتكامل في شمال وشرق سوريا وشنكال من خلال  تطبيق تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية التي بدورها تحتضن آلاف النساء من  مكونات وطوائف المنطقة ولها دور ريادي ضمن كافة ساحات العمل، ويظهر ذلك من خلال برامج العمل السياسي الاستراتيجي لهذا المشروع الذي يطرح في الاجتماعات الإدارية والدبلوماسية وحتى الآراء والأفكار والقوانين التي تطرح للرأي العام تماشياً مع  براديغما الأمة الديمقراطية التي تعتبر مشاركة المرأة ضمنها ركيزة أساسية من ركائز العمل؛ لذا تطبّق فكرة الإدارة المشتركة في كافة  جوانب الحياة الإدارية والاجتماعية، وهذا الطرح جديد من حيث المبدأ في المنطقة والعالم وتبدو هذه الفكرة محفّزة للمرأة من الناحية المعنوية للانخراط في العمل بشكل فاعل في سبيل إيجاد حل ديمقراطي لكافة القضايا العالقة في المنطقة وعلى رأسها قضية المرأة والقضية الكردية، لأنّهما قضيتان لا تنفصلان عن بعضمها في أرض كردستان بحسب براديغما الأمة الديمقراطية، وحلهما سيكون بداية لحل كافة المشاكل السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و يمهد بذلك السبيل أمام تحقيق حلّ العصرانية الديمقراطية في الشرق الأوسط لخلاص شعوبها من أزماتهم  الإنسانية.

ويبدو أنّ أعداء الديمقراطية وعلى رأسهم الأنظمة القومية  إلى  جانب كيانات سياسية أخرى مثل  بعض الأحزاب والحركات وبعض التيارات الدينية الراديكالية  يجدون خطورة سياسية في  أيديولوجية المشاركة الفاعلة للمرأة  ضمن مشروع الأمة الديمقراطية، لأنّه  يمهد السبيل أمام تحقيق العصرانية الديمقراطية بالشرق الأوسط (وهو مشروع حداثة ديمقراطية بديلة عن هذه الأنظمة والأحزاب والحركات الكلاسيكية ضمن المنطقة) وإنّ تطبيقه سيحقّق نوعاً من حلقات متعدّدة الأقطاب  بذهنية التضامن والصداقة الاستراتيجية لشعوب وأمم المنطقة التي تتفاعل فيما بينها من حيث الثقافات والحضارات البشرية لتتولد نتيجة هذا الاتحاد الإنساني أرقى أنواع الديمقراطية.

 لقد جاء طرح هذا المشروع عام 2010 بشكل متكامل في كتاب مانيفستو الحضارة الديمقراطية  من قبل المفكّر  عبدالله أوجلان الكردي الأصل و الأممي التفكير ، وذلك بهدف تحقيق حلّ عادل وسلمي للقضية الكردية  الذي لم ولن يتحقّق إلا بقيام العصرانية الديمقراطية كقوة حلّ بديلة لأنظمة المنطقة الحالية، وهذا الطرح  يكون قوته  بالتأسيس على تحليل واقع مساهمة المرأة في نظامها بصفتها المكوّن الأساسي للحياة، و من هذا المنطلق قامت حركة حرية المرأة الكردستانية خلال العقود الماضية بفتح قنوات اتّصال مع كافة النساء من مختلف مكونات المنطقة من عرب وكرد وترك وفرس ومن كافة الأديان والطوائف (السريان، الكلدان، الآشوريين، اليزيدين)  وحتى نساء أمميات ( من مختلف الجنسيات الأجنبية) فهذه الحركة بدأت منذ عقود بريادة المرأة الكردية ولكنها الآن تُدار كردستانياً وأممياً بجدارة منقطعة النظير في منطقة الشرق الأوسط.

 إنّ واقع المشاركة  الفاعلة للمرأة الكردية في أماكن صنع القرار الثوري الكردي بالمنطقة معروف عبر التاريخ وصولاً  إلى اليوم، و  تلعب دوراً إيجابياً في الحراك الديمقراطي بالمنطقة؛ مما يحفّز النساء من مختلف مكونات المنطقة بقبول الانخراط بهذا المشروع في كافة جوانبه الإدارية والسياسية والعسكرية.

و يبدو أن أعداء الديمقراطية بالمنطقة قد دقّوا ناقوس الخطر بسبب ما تحقّقه ثورة المرأة من إنجازات وما تسعى لتحقيقيه بحسب البرنامج المخطط له كردستانياً وعالمياً بريادة المرأة الكردية في مسعى منها إلى تحقيق حل عادل وشامل للقضية الكردية وقضية المرأة، ممّا دفع الأنظمة  المسيطرة على المنطقة إلى وضع خطط استراتيجية بهدف إبادة كاملة ضد المرأة الكردية بشكل خاص والكردستانية بشكل عام، مثال حال  ما يحدث في تركيا؛  حيث تمّ رفع  مستوى حملات الاعتقالات التعسّفية بحق المرأة، خاصة بعد انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول عام 2021بهدف الخلاص من أي عقوبات جزائية تترتّب على الدولة بسبب خرق هذه الاتفاقية ( وهي اتفاقية برعاية المجلس الأوربي  وأوّل أداة ملزمة قانونياً وهي معنية بمنع ومكافحة العنف ضدّ المرأة ومناهضة العنف المنزلي، وتم فتح باب التوقيع عليها من قبل المجلس الأوربي منذ عام 2011 )،  و ما يجري في إيران منذ عقود وحتى الآن بحق المرأة ليس بمنفصل عمّا يجري بحق المرأة في عموم كردستان، تارة تحت مُسمّى  “معاداة الدين” وأخرى تحت مُسمّى “الانتماء السياسي القومي”.

إنّ ثورة المرأة الإيرانية بوجه الحكومة الإيرانية تحت شعار  (جن ، جيان ، آزادي)والتي تعني (المرأة والحياة والحرية) وهذا ما  زاد  من  مستوى حقد نظام الملالي ضد المرأة، ليلجأ الأخير إلى استخدام كافة أشكال الحرب الخاصة لنشر الخوف بين صفوف المرأة والمجتمع الثائر ضدّه،  ونرى أنّ حكومة إيران لم تكتفِ  فقط بقمع المظاهرات وحملات الاعتقال بل تستخدم كافة أساليب الحرب الخاصة ضد المرأة الثائرة، منها على سبيل المثال ظاهرة تسميم النساء وبأعداد كبيرة،  و هناك اتّهام موجّه لحكومة إيران بأنّها تستخدم حربًا بيولوجية ضد المرأة الثائرة؛  حيث  تعرض عدد كبير من النسوة وخاصة الشابات منهن لحالة التسمّم ضمن مدارس البلاد، هذه الحادثة الغريبة من نوعها أثارت الرأي العام العالمي ضد إيران و لعبت منصّات التواصل الاجتماعي و منظّمات المجتمع المدني دوراً بارزاً في إثارة الأوضاع الأخيرة للمرأة الإيرانية ضمن الساحة الدولية، حتى  صدرت تصريحات رسمية بنبذ العنف هناك بحقّ المرأة،  حيث دعت أنالينا بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية إلى “إجراء تحقيق شفّاف بهذا الخصوص ”  كما ظهرت تصريحات من جهات أخرى مثل منظمة الصحة العالمية وأمريكا، حيث قال الناطق باسم  البيت الأبيض:”إنّ العالم يحتاج أن يعرف سبب ظاهرة تسمّم الشابات الإيرانيات “، و رغم كل ذلك لا تزال الحكومة الإيرانية ماضية في انتهاكاتها بحق المرأة وتلقي باللوم بخصوص ما يجري داخل البلاد على عاتق أعداء الأمة، وحتى هناك محاولة من خامنئي  لتسويق هذه القضية لصالحه، حيث دعا إلى التحقيق  في هذه الجريمة ومحاسبة المسؤولين في حال ثبت وجود أية جهة تقف خلفها.

 إنّ قانون الحجاب الملزم للمرأة في إيران يقابله سخط نسوي داخلي منذ عقود، ولكن هناك إصرار من قبل النظام الإيراني على هذه السياسة الممنهجة بحق المرأة، حتى أنّها مؤخراً تدرس خيار وضع كاميرات حديثة ضمن الأماكن والشوارع العامة بهدف ضبط هذا القانون، و يبدو أنّ استراتيجية إيران بحق المرأة بدأت تغزو البلدان المجاورة لها وعلى رأسها العراق التي تشهد خلال السنوات الأخيرة مهرجاناً غريباً من نوعه خاصًا بالمرأة  وهو مهرجان “التاج الذهبي” تحت رعاية منظّمة “تنمية طلبة كردستان” والذي أضحى مناسبة سنوية، حيث يحتفل فيه بارتداء شابّات في مقتبل العمر الحجاب الإسلامي، والملاحَظ أنّ هذا المهرجان يُقام في المناطق الكردية بالعراق المعروفة كردستانياً بجنوب كردستان، وعدد المشاركات بهذا المهرجان يزيد عاماً بعد عام، حيث بدأت أولى دوراته بعدد ضئيل يقارب مئتي امرأة  أمّا هذا العام الجديد ضمّت دورته  السنوية التاسعة ما يقارب  ثلاثة آلاف امرأة شابة تتراوح أعمارهن  بين 14 و 25 سنة، ويلقى هذ المهرجان الغريب من نوعه في العالم الإسلامي  تشجيعاً من قبل منصّات التواصل الاجتماعي وشكراً خاصاً  من بعض الجهات والشخصيات،  و في هذا العام أيضاً وجه الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكردستاني (صلاح الدين محمد بهاء الدين) كلمة شكر للقائمين عليه وثناءً للمشاركات، ولكن من جانب أخر  تقابله مواقف سخط داخلي عراقي  وكردستاني خاصة من قبل الشخصيات المثقّفة (كُتّاب وباحثين وناشطين)  و بعض  الجهات النسوية والشخصيات الكردستانية لأنّ فيه نوعًا  من  الاستغلال لجسد المرأة وجعلها سلعة من أجل جذب الجيل الشاب الكردستاني نحو دين معين أو مذهب تحت حجة وذريعة الحفاظ على الإرث الثقافي، وبالحقيقة  فإنّ الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة هي أسباب سياسية أكثر ممّا هي دينية أو ثقافية، وهذا المهرجان  ما هو إلا عبارة عن توجّه ديني ممزوج بالسياسة يغذّي التطرّف الديني في المجتمع، لذا تظهر الكثير من إشارات الاستفهام حول هذا المهرجان الذي يتمّ تحت رعاية ما تُسمى المنظمات الإنسانية ضمن بند  برنامج التنمية البشرية، وهي بهذا التصرّف بحق المرأة  بعيد كلّ البعد عن القيم الإنسانية.

ومن الشخصيات التي انتقدت هذه الظاهرة الكاتب الكردي بير رستم الذي كتب قائلاً رأيه بكل صراحة ووجّه اتّهامه للأحزاب القومية الكردية  في تلك المنطقة، وأكّد أنّ حالة تشرذم البيت الكردي هو من العوامل التي تساعد على فتح المجال أمام هذه الظاهرة الرجعية بحق المرأة بشكل عام والكردية بشكل خاص في بقعة جغرافية من كردستان مدارة من قبل حكومة كردية. وأكمل قائلاً:” يبدو أنّ تركيا وإيران عرفتا كيف تغزوان كردستان بهدف أسلمته وإبعاده عن الحالة القومية الكردية.

استنادًا إلى ما ذكرنا سابقاً يبدو أنه هناك سياسة ممنهجة ضدّ المرأة الكردية الحرّة بشكل خاص، كونها تقود الحراك الديمقراطي الكردي سعياً منها  لإيجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية بالمنطقة والمحافل الدولية إلى جانب  حل قضية المرأة،  حيث يحاول أعداء المرأة والديمقراطية  القيام بإعادة ترتيب أوراقهم بهدف إثارة العاطفة الدينية والغيرة الذكورية من أجل فرض أجنداتهم على المرأة أولاً والمجتمع ثانياً، من خلال إضعاف الروح الثورية للنصف الآخر من المجتمع حتى يضمنوا بذلك بقاءهم في السلطة، وهذا هو الهدف المقدس للدول القومية والكيانات والأحزاب الكلاسيكية في المنطقة من حيث البرنامج السياسي الخاص بهم  وعلى رأس هؤلاء تركيا وإيران، كونهما يعتبران نفسيهما الأقوى إقليمياً، و هما يرفضان أي حل عادل للقضية  الكردية، ويرون في قيام أي كيان كردي  ديمقراطي خطراً على بقائهم في السلطة.

و يبدو أنّ مشروع المرأة الكردستانية المرتكز على أطروحات  المفكّر عبدالله أوجلان فتح الآفاق السياسية للمرأة الكردية لتعلب دوراً ريادياً في المجتمع الكردستاني بشكل عام، وحتى أصبح لها دور ريادي في المحافل الدولية، مما سيزيد الضغط عليها أكثر من أي وقت مضى بسبب الواقع الكردي الذي يدير نفسه حتى الآن في إطار قضية وخريطة مرسومة حسب التوزيع الجغرافي للمجتمع الكردي في ميزوبوتاميا، وطبعاً من العوامل السياسية التي تزيد من معاناة الشعب الكردي واستمرار ارتكاب جرائم بحقهم هو غياب حليف سياسي استراتيجي لهم حتى الآن، وفي المحافل الدولية تجد أنّ الكرد حليف عسكري استراتيجي أكثر منه حليف سياسي  سواء في العراق أو سوريا.

 إنّ حالة النظرة الدولية للمرأة الكردية هي أيضاً تنحصر ضمن هذا الإطار، ولكن يبدو أنّ المرأة تلعب دوراً إيجابياً  في سبيل كسر هذه النمطية وتعرض مشروعها المتكامل بخصوص الحل لكافة قضايا المجتمع،  وقد لفت هذا المشروع الإنساني أنظار الشخصيات الديمقراطية و المنظّمات والمؤسّسات الحكومية والمدنية المعنية بشؤون المرأة حول العالم؛ لأنّ كل مجتمعات العالم تعاني من أزمات ومشاكل خاصة بالمرأة وتسعى لحلها ووضع خطط و استراتيجيات خاصة بها، ربّما لا نكون مبالغين عندما نقول إنّ هناك طرفاً معادياً للكرد  يحاول تسويق المرأة الكردية من المنظور الإسلامي لأهداف وغايات حزبية سياسية ضيّقة بعيدة كلّ البعد عن مصلحة الشعب الكردي بالتزامن مع هذه المرحلة التي تُعتبَر مصيرية لشعبنا الكردي وحلّ قضيته.

زر الذهاب إلى الأعلى