النظام التركي والحسابات الخاطئة

مرشد اليوسف

 

 

اعتقد أنَّ القاصي والدّاني  يدرك أن التدخل التركي في الأزمة السورية  كان تدخلا سافرا منذ البداية  و لم يكن يوما لمصلحة الشعب السوري كما يزعم أردوغان, وجلّ هم الأخير كان  استغلال مفردات الأزمة السورية من أجل تحقيق أهدافه الحزبية و إيصال حلفائه من حزب الإخوان المسلمين السوري إلى الحكم في سوريا, وحاول تحقيق ذلك بالتفاهم مع دمشق  وعندما رفضت الأخيرة  قلب  أروغان رأس المجن  وقرر أن يسقط الحكم في سوريا بالقوة والإرهاب  عن طريق دعم المعارضة العسكرية السورية الإخوانجية و الأصوليين الراديكاليين والإسلاميين المتطرفين  كداعش وجبهة النصرة الخ .. وعندما عجز عن تحقيق  الهدف عبر هؤلاء  قرر أن  يلعب بورقة المعارضة بشقيها السياسي والعسكري والقوى الاخرى من أجل تحقيق أهدافه القديمة والجديدة  و أهمها احتلال اجزاء من شمال سوريا بموجب الميثاق الملي التركي  وتحقيق الحلم الطوراني  في احتلال شمال سوريا حتى حلب  ومن ثم وأد إرادة مكونات الشعب السوري الساعية إلى حكم ديمقراطي تعددي وتشاركي ، ودخل أردوغان  في مقايضات هنا  وهناك وجمع المعارضين  المزعومين والإرهابيين في إدلب  وشمال سوريا  واحتل جرابلس والباب ومن ثم عفرين وكري سبي وسري كانيه  من أجل تحقيق أهدافه العدوانية

لا شك أن مؤامرات أردوغان ضد الشعب السوري لم تنته بعد  فهو يريد أن يخلق أزمة في عفرين من أجل  نقل الراديكاليين والإرهابين  إلى شمال حلب وتل رفعت عبر شكل من أشكال المقايضة  مع الروس وذلك  من أجل تحقيق هدفين أساسيين:

1 –  احتلال شمال حلب و  تل رفعت ومنبج وضم المنطقة  مع جرابلس والباب إلى الأراضي التركية بشكل نهائي .

2 – محاربة قسد في شرق الفرات  بالوكالة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو:

– هل سيوافق الروس على طلب أردوغان ومقابل ماذا؟

اعتقد أن الروس ليسوا مضطرين لقبول مقايضة إدلب مع تل رفعت ومنبج والاثنتين ليستا غوطة دمشق ولا درعا ولا الزبداني وبلودان وعملية القضاء على جبهة النصرة وبقية الإرهابيين  في إدلب من قبل الجيش السوري والطيران الروسي أمر ممكن.

ثم إنَّ تركيا في وضعها الرث  لن تستطيع  فرض رأيها على الروس في الوقت الحاضر, كما أن الظروف مختلفة أيضا  في هذه المرة.

والحقيقة أن أردوغان يتحرك  تحت هاجس الانتخابات وهاجس الخسارة فيها  في هذا الوقت  , وخطواته السياسية في الداخل والخارج  تدل على أنه في صراع مع الزمن من أجل تحقيق نصر هنا أو هناك أو اختراق ما يعينه على تجاوز محنة الانتخابات وجاء تفجير اسطنبول بالأمس ليخلط الأوراق من جديد

وتصريحه الهادئ بعد حادثة إسطنبول الإجرامية حيث قال:

” ربما يكون من الخطأ أن نجزم بأن انفجار شارع الاستقلال عمل إرهابي ”

وهدؤه و تريثه ( على غير العادة ) يدل على أمر جلل فهل هو هدوء ما قبل العاصفة أم أنه إشارة إيجابية عن  المباحثات التي تجري مع حزب الشعوب الديمقراطي خاصة وأنه ( حسب مصدر  في الحزب الحاكم  ) يشعر أن برنامجه السياسي والانتخابي الشخصي  هو الهدف  من تفجير اسطنبول .

سوف لن نستبق الأحداث  ولكن تصريحات سليمان صويلو وزير الداخلية ذو الميول العنصرية ( بالتزامن مع تصريحات أردوغان السابقة ) واتهامه لحزب العمال الكردستاني  وقوات سوريا الديمقراطية بارتكاب الجريمة ربما يكون محاولة لإفساد حالة التقارب المفترض  بين حزب العدالة والتنمية  وحزب الشعوب الديمقراطي  أو يكون رسالة إلى أردوغان بالكف عن الاتصال مع حزب الشعوب الديمقراطي، واذا صحت هذه الفرضيات سيصبح التحالف بين حزب العدالة والتنمية و الحزب القومي التركي بزعامة بهجلي على المحك.

 

زر الذهاب إلى الأعلى