التقارب المشروط بين أردوغان والأسد

أرجين ديركي

إنَّ استمرار الأزمة السورية دون تحقيق أيّة نتائج كانت تعوّل عليها تركيا مجدّدًا، وبعد حرق كافّة أوراقها على الأرض السورية، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي تشهدها تركيا، و قرب الانتخابات ورغبة  الحزب الحاكم المتمثّل بحزب العدالة و التنمية الحاكم بقيادة أردوغان البقاء في السلطة، كلّ ما سبق دفع تركيا إلى دقّ باب دمشق من جديد، ومدّ يدها لحكومة دمشق في محاولة للتقرّب منها،  ظنًا منها أنّها ستكون سفينة النجاة بالنسبة لها.

بيد أنّ هناك قضايا عديدة وشروطًا ربّما تكون مستحيلة بالنسبة لتركيا، وقد تقف عائقًا أمام هذه المصالحة بين الطرفين، ومن بين هذه الشروط التي تفرضها حكومة دمشق:

1- انسحاب الجيش التركي من المناطق المحتلّة في الشمال السوري بالكامل في مدّة أقصاها سنة، ووفق جدول زمني بالاتفاق بين الأطراف الثلاثة (تركيا وروسيا وحكومة دمشق)، وإنّ أيّ تحرّك عسكري في الشمال السوري يتوجّب أن يكون بالتنسيق مع دمشق ضمن  بنود اتفاقية أضنة .

2- تفكيك تركيا للفصائل المسلّحة التابعة لها  والتي تأتمر بأمرها مع وعود سوريا  بإصدار عفو عام عن جميع المرتزقة وإعادتهم إلى حضن الوطن عبر تسويات المصالحة.

3- إيقاف أنشطة الائتلاف السوري المعارض وإغلاق مكاتبه على الأرض التركية، ومنع قيامهم بأيّ عمل سياسي على الأرض التركية ضدّ سوريا.

4- تفكيك مخيّمات اللاجئين السوريين من الجانب التركي، مع وضع جدول زمني وبرنامج لعودة اللاجئين من الأراضي التركية وبرعاية روسية.

5- إلّا أنّ أعمق الخلافات بين الطرفين تتمثّل بالارتباط العضوي التركي الوثيق مع “جماعة ( الإخوان المسلمين ) التي تصنّفها سوريا وعدد من الدول العربية كتنظيم إرهابي، والتي لا تزال أنقرة متمسّكة بها من خلال الدعوة إلى إشراكهم في العملية السياسية والسلطة، وهذا ما تتخوّف منه حكومة دمشق والتي تدرك بأنّ تركيا لا تزال تريد إسقاط نظامها، ولكن هذه المرّة من الداخل وليس من الخارج كما فعل عبر عقد من الزمن من تاريخ الأزمة السورية، عن طريق لعبة “المصالحة “هذه، حيث تهدف من وراء ذلك إنشاء نظام وحكومة موالية لها للسيطرة على المنطقة وإعادة إحياء سلطنة أجداده العثمانيين.

6- والسبب الأخير هو محاولة تركيا التعاون فيما بينهم لضرب قوّات سوريا الديمقراطية ( قسد )، ولإعطائها الشرعية لضرب المنطقة بكافة مكوّناتها، عبر القصف المتكرّر على ممتلكات المدنيين وقصف البنى التحتية بدءًا من منبج ووصولًا إلى ديرك .

فالمشهد في الشمال السوري معقّد جدًا، مع توعّد أنقرة بعملية برّية واسعة النطاق ضدّ المناطق الشمالية من سوريا والتي تضمّ ملايين المدنيين من كافّة الأطياف والأعراق، عقب حملة قصف جوية وبرية نفّذتها القوات التركية والفصائل المرتزقة المسلّحة المنضوية تحت عباءتها، والتي طالت المرافق الحيوية والبنية التحتية الأساسية ومحطّات الكهرباء و الغاز إلى جانب آبار النفط والممتلكات العامة والخاصة.

فهذه الأسباب وفشل تركيا في الحصول على الضوء الأخضر كما كان يحدث في السابق وعدم نجاحها في تمرير مخطّطاتها في (آستانا) دفعت بتركيا إلى الجنون، وصبّ جام غضبها على شمال وشرق سوريا (مناطق الإدارة الذاتية )،لأنّ الانتخابات قادمة والاقتصاد التركي في الحضيض، وحظوظ أردوغان في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة تكاد تكون معدومة أمام فرص المعارضة، وهو ما يدفعه إلى التعلّق بـ” قشّة الغريق” ومدّ يده إلى ألدّ أعدائه على حساب ( الكرد) وعلى حساب جميع مكوّنات المنطقة، وهو مستعدّ اليوم للتحالف مع الشيطان في سبيل تحقيق مكاسبه وخططه المستقبلية وإمبراطوريّته المزعومة.

زر الذهاب إلى الأعلى