خيارات الكرد في الانتخابات المصيرية التركية القادمة
أرجين ديركي
لم يبقَ سوى شهرين للانتخابات التركية المصيرية بالنسبة لأردوغان والمعارضة على حدٍّ سواء، وكلٌّ منهم يرتّب أوراقه للفوز بها بأغلبية ساحقة من الجولة الأولى على حساب الأخر من خلال برنامجه الانتخابي أو تحالفاته مما يزيد فرص فوزه بها وبالمقابل يقف الكرد في الوسط بين الطرفين أي ما يسمونه في تركيا بـ “صانعي الملوك ” لأنّه بأصواتهم تُحسَم الأصوات والانتخابات، ولكن هذه المرة تختلف عن مثيلاتها من الانتخابات التي جرت في العقود الماضية.
حزب الشعوب الديمقراطي. تأسّس عام 2012م باندماج عدة أحزاب سياسية يسارية وأخرى تتبنّى القومية الكردية، بالإضافة لعدد من الهيئات والمبادرات المجتمعية تحت اسم التحالف الديمقراطي” العمل والحرية ” ،حيث قدّم الشعوب الديمقراطي نفسه كحزب سياسي لكل تركيا في برنامج واضح في تسلسل الأحزاب “الكردية” التي سبقته، وحقّق مفاجأة كبيرة في أول انتخابات خاضها في يونيو/حزيران” 2015″ بحصوله على 13.1% من الأصوات و80 مقعداً في مجلس الأمة التركي الكبير (البرلمان) المكوّن من 550″ “مقعدا، ثم تراجع إلى نسبة 10.7% و59 مقعدا في انتخابات الإعادة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015
أما في انتخابات”2018″ فقد حصل الحزب على نسبة 11.7% من الأصوات و67 مقعدًا في البرلمان (من أصل 600 مقعد بعد التعديل الدستوري) ليكون ثالث أكبر حزب في البرلمان بعد العدالة والتنمية الحاكم، والشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة.
وتعمّق الخلاف أكثر بين العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطي بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016 حيث تحالف الأول مع حزب الحركة القومية، الأمر الذي انعكس على خطاب الحزب الحاكم وسياساته ومعاداته للكرد، ففي العام الماضي رفع المدّعي العام الجمهوري على حزب الشعوب الديمقراطي دعوى قضائية لحظره ومنع 687 من أعضائه بمن فيهم قياداته من ممارسة السياسة بتهمة “استهداف وحدة الوطن والشعب “. بعدها وبناء على طلب المدّعي العام، قرّرت المحكمة الدستورية العليا تجميد حصّة الحزب من دعم خزينة الدولة من باب أنّها يمكن أن تستخدم لدعم الإرهاب، وسيكون على الحزب أن يقدّم دفاعه ضدّ هذا القرار خلال مدّة شهر، قبل أن تصدر المحكمة قرارها النهائي بشأنه وتعيد تمويل الحزب من جديد في خطوة مدروسة من أردوغان لدعمه في الانتخابات.
أعلنت الرئيسة المشتركة للشعوب الديمقراطي “بروين بولدان” أنّ حزبها بصدد خوض الانتخابات بمرشحه الخاص، ويدرك الحزب بالتأكيد أنّ مرشّحه لا يملك فرصة كبيرة للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبالتالي فدافعه الأساسي للإعلان عن الترشيح، ليس صندوق الانتخابات، وإنّما مكاسب أخرى وهي رسائل سياسية لعدّة أطراف من جهة ومن جهة أخرى يقوّي حملته الانتخابية البرلمانية.
خيارات الكرد:
بما أنّ الكرد أو حزب الشعوب الديمقراطي هو ثالث حزب في تركيا من حيث القاعدة الجماهيرية، فلديه عدّة خيارات في هذه الانتخابات المصيرية بالنسبة للجميع من الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” بقيادة أردوغان وحلفائه أو من قبل المعارضة الطاولة السداسية والأكراد أنفسهم، وهي كتالي:
- تفاوض مع “الطاولة السداسية” المعارضة لخلافه الرئيسي مع أردوغان وحزب العدالة والتنمية وتقاربه السياسي والأيديولوجي مع الشعب الجمهوري بشكل أساسي، ولكن هناك من يعارض التحالف فالطاولة السداسية المعارضة، التي تتجنّب حتى اللحظة وبشكل واضح اللقاء بحزب الشعوب والتعاون معه رغم حاجتها الشديدة لقاعدته الاقتراعية؛ و ذلك بسبب موقف الحزب الجيد (القومي اليميني) بقيادة ميرال أكشنار من الشعوب الديمقراطي، وهو ثاني أكبر أحزاب الطاولة السداسية وصاحب تأثير كبير فيها، ولذلك أشار الرئيس المشترك للشعوب الديمقراطي مدحت سنجار الذي قال:” قد ندعم كلشيتدار أوغلو في الانتخابات لفوزه بها من الجولة الأولى” وهذا أيضا مرهون باتفاقيات بين الشعوب الديمقراطي والطاولة السداسية وتطبيق الاتفاقيات بين الطرفين وتفعيلها من خلال إعطاء دور سياسي وإداري أكثر ما بعد الانتخابات للكرد في حال فوزه .
- التحالف مع العدالة والتنمية وحليفة الحركة القومية “MHP “
فتحالفه مع العدالة والتنمية احتمال أن يبقى قائمًا وإن كان ضعيفا، فالسياسة التركية قُبيل الانتخابات شديدة المرونة وقابلة للتحوّلات الكبيرة ولكن وجود حزب كالحركة القومية المتعصّب حليف لأردوغان لن يقبل التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والذي يعتبره عدوّه اللدود الداعم لحزب العمال الكردستاني أو قد يطبّق مقولة “لا عداوة دائمة بل المصالح هي دائمة”.
- الترشّح للانتخابات بمرشّحه الخاص من المنضوين تحت سقف التحالف الذي أُطلِق عليه تحالف “العمل والحرية والذي يضمّ تحت مظلّته عدّة أحزاب يسارية من حزب العمال التركي “TIP”وحزب العمل” EMEP” والحرية الاجتماعية TOP””والحركة العمالية EHP”” بالإضافة إلى اتّحاد المجالس الاشتراكية والانضمام للتحالفات التي تلبّي حاجة التحالف ويتساير مع مبادئه ونضاله.
والخلاصة: في الفترة القادمة سيحاول الجميع وبقدر الإمكان أن يكسب الصوت الكردي، فالصوت الكردي حاسم في أي انتخابات قادمة خاصة إن استطلاعات الرأي تشير إلى تقارب النسب بين مرشحي المعارضة والحزب الحاكم برئاسة أردوغان فالكل من جهته يبحث عن تحالف مع الكرد لكسب الانتخابات ولو بتقديم بعض التنازلات للكرد على حساب مصالحه.