الصين ودورها في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية

د.أحمد سينو

منذ أكثر من سنتين  كانت المفاوضات غير المعلنة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران  في بغداد وفي مسقط بين عامي 2021م و2022م مستمرة ولعبت كلً من العراق وسلطنة عمان دوراً ايجابياً في سير العملية التفاوضية ، لتحقيق الأمن والاستقرار على ضفتي الخليج وتحقيق التنمية والتقدم لكل شعوب المنطقة ، ولعبت الصين الدور الأكبر في إعادة العلاقات بين الجانبين لما لها من نفوذ دولي وأممي كبير وتتمتع بعلاقات استراتيجية واتفاقيات مماثلة مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران كما هي أكبر مستورد للنفط الإيراني والسعودي ، وتستورد من المملكة العربية السعودية وحدها أكثر من مليوني برميل من النفط ناهيك عن الاستثمارات الاقتصادية الأخرى ،التي تستفيد منها الصين من الطرفين الإيراني والسعودي كما أن الأمر مماثل لكلا الدولتين الأخيرتين من المنافع السياسية والدبلوماسية والتقنية والعسكرية وغيرها ، ولاشك أن الدولتين العربيتين والمجاورتين لإيران على علاقة جيدة مع الصين الشعبية ولكل منهما موقعها الإقليمي والاستراتيجي الهام وتتمتعان بأفضل العلاقات الدبلوماسية مع الصين واللتين مهدتا لهذا التقارب خلال سنتين متواصلتين

 مع كل من طهران والرياض ، وتحقق العراق فوزاً في إطار الخروج من الشرنقة والعزلة والعودة لمحيطها الدولي والإقليمي .وهي القريبة من إيران بفضل الحكومة العراقية الموالية لها وصدرفي العاشر من مارس الحالي بيان مشترك ثلاثي بين الدولتين الجارتين السعودية وإيران وبمشاركة صينية وبمبادرة من الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية والذي عقد اتفاقيات بين قيادة الدولتين الإيرانية والسعودية ورغبة الجانبين بحل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية في إطار العلاقات الأخوية والالتزام بمبادئ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والمواثيق والأعراف الدولية ، وبموجب ذلك جرى لقاء في العاصمة الصينية بكين قبل أربعة أيام من مارس ولغاية 10 منه ،برئاسة وفدي البلدين بين الدكتور مساعد بن محمد العيبان وزير الدولةومستشار الأمن الوطني  في المملكة العربية السعودية والأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقد أعرب الجانبان السعودي والإيراني عن شكرهما لكل من العراق وسلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية لرعاية المباحثات وبذل الجهود لإنجاحها واستئناف العلاقات الدبلوماسية ،وإعادة فتح السفارتين بين البلدين المعنيين السعودية وإيران في مدة أقصاها خلال الشهرين القادمين ، على أساس من احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتفعيل ذلك منوط بوزارة الخارجية في كلا البلدين كمسائل تبادل السفراء وتعزيز العلاقات وتفعيل الاتفاقات السابقة الموقعة بين البلدين من التعاون الأمني واتفاقيات الاقتصاد والتجارة والثقافة والرياضة والشباب وغيرها .

كما أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن استحسانها عن عودة العلاقات بين الجانبين الايراني والسعودي وأن ذلك يحقق مزيداً من الإستقرار في المنطقة عبر وسائل الإعلام هذا من جهة ومن جهة أخرى كان وزير الخارجية السعودي في موسكو والذي التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف ، مما ينبأ بموافقة روسية على عودة العلاقات بين الجانبين الإيراني والسعودي ويؤكد على التغيرات في العلاقات الدولية والإقليمية التي هي من مفرزات الحرب الروسية الأوكرانية ، وأميل إلى التنبؤ بموافقة الاتحاد الأوربي على الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج العربي لما لذلك من أهمية كحاجتها من عوزها إلى الطاقة والنفط من الجانبين الإيراني والسعودي والخليجي عموما .

ويمكن للعلاقات الإيرانية والسعودية أن تنمو وتحقق مزيداً من الاستقرار إذا ما جرى معالجة الملفات العالقة بين الدولتين كما هو الملف اليمني والسوري واللبناني والعراقي ، على الأقل يحقق التهدئة في المناطق التي تتدخل فيها إيران مثل اليمن وسورية ولبنان والعراق وغيرها وربما سبب جنوح إيران إلى إعادة العلاقات هو تأزم الوضع الداخلي في إيران وتزايد الاحتجاجات والمظاهرات في غالبية المدن الإيرانية من طهران وزاهدان وسنندج وفي الأهواز وإعلان الولايات المتحدة أنها لا تسعى إلى تغيير النظام الإيراني ، وإنما تريد تغيير سلوكه ،وربما تسعى إيران إلى إعادة إحياء المفاوضات النووية مع الاتحاد الأوربي وربما تلعب الصين دوراً وسيطاً في التقارب والتهدئة أو ربما للضربات التي توجهها إسرائيل للحرس الثوري الإيراني ومخازنه ومستودعاته في سوريا ، وعلى أرتاله العسكرية في البادية السورية وفي البوكمال تشكل ضغوطا متزايدة على إيران ، أو ربما تأمل إيران من السعودية ودول مجلس التعاون وخصوصاً سلطنة عمان والإمارات والبحرين وقطر على تمرير الاتفاق النووي الإيراني دون أن يعترضوا  على أن ذلك يشكل تهديداً لأمن الخليج . ورغم كل ذلك فالباب مازال مفتوح على كافة الاحتمالات.

زر الذهاب إلى الأعلى