الاقتصاد السوري في مهب الريح

دخل الصراع السوري عامه الثاني عشر، ونجمت عنه آثار وخيمة ومدمّرة على السكان والاقتصاد، ما أدّى إلى تسريع وتيرة التدهور في البنى التحتية، وما لحق الإضرار بالممتلكات وتفكيك اللحمة الاجتماعية وتشظّي المجتمع وانقسام المنطقة، وهذا ما ساهم في خفض حجم النشاط الاقتصادي الى الربع تقريبًا كما ساعد الصراع لحدّ كبير في انهيار الأنشطة الاقتصادية وتدهور المستوى المعيشي للأسر وزادت معدّلات الفقر ازديادًا مخيفًا، وهو ما عكس فقدان القدرة على التكيّف، وما “زاد الطين بلة” هي الجائحة التي عصفت بالبلاد وقلّة الانتاج الزراعي نتيجة شحّ الامطار والظروف المناخية القاسية ودخول الإنتاج في حالة الانكماش بنسبة / 2,6/ في المئة عام / 2022 /

ويشهد الاقتصاد تراجعًا قياسيًا نتيجة هذا الصراع الدامي والمستمرّ، ووضع كافّة الموارد والثروات  تحت خدمة آلة الحرب، وبدوره أدّى الى ارتفاع معدّلات التضخّم الى مستويات قياسية في الوقت الذي لا يتجاوز دخل المواطن عشرون دولارًا، ولا يستطيع أن يلبّي أدنى المستلزمات المعيشية وهي مثل كرّة الثلج تسير من سيّء إلى أسوأ، وأصبحت الموارد الاقتصادية تحت خدمة كلّ من روسيا وإيران، وانخفضت قيمة الليرة السورية عشرات الأضعاف وهو ما ينعكس انعكاسًا مباشرًا على أسعار المواد الأساسية، والذي لامس أرقامًا قياسية، ناهيك عن التضخّم الذي نجم عن ذلك وعجز الدولة عن ضبط إيقاع التوازن الاقتصادي، وانفراده وتماديه أكثر في استغلال مواطنيه؛ بفرض الضرائب التي أثقلت كاهله المتهالك أصلًا، وهذا ما دفع الكثير من الناس إلى النزوح تارة وإلى الهجرة تارة أخرى، ممّا اضطر الناس الى بيع ممتلكاتهم وبيوتهم للخروج من البلد، وما موت الناس في قوارب الانتحار بين الفينة والفينة إلّا خير مثال على تدنّي أسباب الحياة في البلد، في حين انصرفت الثلّة الحاكمة المحكومة بأجندات الدول الخارجية كروسيا وتركيا إلى تنفيذ مخطّطاتهم، وتسليمهم الثروات والموارد ووضعها في خدمتهم بموجب اتفاقيات تنوف عن عقود، أمّا المرافئ والموانئ فتلك قصّة أخرى، لقد حبس الناس في بلدهم من الداخل والخارج ولا يزال النظام يراهن على الحلّ العسكري ويرفض الحلول السياسية والتي تمرّ من خلال القرار الأممي (2254) رغم ما يعانيه الناس من الفقر والعوز والحاجة والحرمان، ورغم ما يعانيه الاقتصاد من الجمود والركود، حيث لم يعد هناك شيء يسنده ويدعمه، وأصبح الدولار سيّد الموقف ووصل إلى سبعة آلاف ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، وإلى المزيد من التدهور والجمود حيث سُدّت الآفاق وجمدت الحياة في بلد الخيرات وأصبح الاقتصاد في مهب الريح.

خاتمة القول:

ليست هناك حلول ناجعة لأزمة الاقتصاد ومأساة المواطنين إلّا بتدخّل وتوافق الدول المتداخلة في الصراع السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى