جنديرس: القادم أعظم

الزلازل المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا كان من أبرز الأحداث المتداولة محليا وعالميا وكذلك إعلاميا واجتماعيا, حيث أضحى الشغل الشاغل لما تركه من أثر عميق في النفس الإنسانية التي اصبح لها وجهان في هذا العصر المخيف، اي أنه حدث جلل، لكن كان تهجير الناس من المناطق الكردية وبكل وحشية يعادل ألف زلزال من هذا النوع، حيث لم يزلزل ضمير الإنسانية قط وهو يرى الكهل يعذب والمرأة تغتصب والشاب يقتل وآلاف الآلاف شُردوا في غضون أيام من عفرين والمناطق التابعة لها كناحية جنديرس التي تعرضت لزلزالين مدمرين في غضون خمس سنوات اللذين أنهيا حياتها بكل ما في الكلمة من معنى، الأول عندما زلزلت الأرض بأصحابها وهُجرت عن بكرة أبيها بعد احتلالها من قبل تركيا الغاشمة وتوطين المهجرين فيها من كل حدب وصوب حتى الفلسطينيين الذين يقفون ضد بناء المستوطنات في فلسطين استوطنوا فيها !؟ والثانية والتي قضت عليها زلزال تركيا المدمر الذي أنهى المدينة عمرانيا بنسبة ٨٠% فماذا يعني هذا برايك ؟ انها بالنسبة للكرد تعد كارثة وجودية بحد ذاتها، ومع ذلك فما من احد يلاحظ حجم الدمار الهائل الذي سيحل بهذه المدينة وغيرها من المدن الكردية التي تأثرت بالزلازل، فقد اصبحت لقمة سائغة بيد الأتراك العنصريين الذي يستغلون قضية تأمين السكن للمتضررين من هذا الزلازل وبالأصل ليس جميعهم من السكان الأصليين للمدينة، فبعد إزالة الركام سيكون هناك زلزال آخر لأصحاب الأرض انفسهم، فتركيا وبحجة تعويض المتضررين سوف تطلب من منظمات المجتمع الدولي والدول العربية بمساعدتها لبناء مساكن وتستوطن فيها ما يحلو لها من المرتزقة ومن تضرر من غير سكانها وستصبح المدينة بعد اعمارها مدينة اخرى لا تعرف ساكنيها الاصليين ومن حصّل على شقة وطوبت باسمه أصبح من السكان الجدد ,فلن يأبه المجتمع الدولي بسكان جنديرس المشردين بالأصل في الخيام منذ ٥ سنوات أو بالذين انتشروا في بقاع الأرض كمهاجرين، وخير دليل على ذلك المساعدات التي أرسلت الي القلة المتبقية منهم هناك، حيث سرقت أو تم مصادرتها امام مرأى ومسمع العالم، وفي ظل هذه الكارثة التي ستحل بجنديرس وغيرها من المناطق الكردية التي هُجر أهلها منها بتغييرها ديمغرافيا وبشكل جذري او ما يعرف بالتطهير العرقي الممنهج بكل معنى الكلمة، وما مدينة جنديرس إلا البداية لذلك التطهير الذي سيطال جميع المناطق السورية بحجة الأبنية المتضررة أو الآيلة للسقوط, وبالتالي لابد من التحرك على المستوى الدولي ورفع دعاوى في المحاكم الدولية ضد أي منظمة تقوم بإعادة اعمار المدينة على أنقاض أهلها وليست على أنقاض الزلزال كما يفهم وبخاصة اهل المنطقة أنفسهم, كما لابد أن يتحركوا ككرد بشكل خاص وكسوريين شرفاء في جميع مناطق العالم بمظاهرات تندد ببناء مساكن للمتضررين على حسابهم لتنبيهم إلى تلك الكارثة التي سوف تحل بالسكان الأصليين وكيف تستغل تركيا الرأي العام لتحقيق اهدافها التوسعية والعنصرية ولا تترك أي مناسبة مهما كانت أليمة لتسحق الكرد اينما كانوا فقد كانت تتحجج بأعداد المهجرين السوريين على اراضيها لتقيم منطقتها العازلة وتحتل أجزاء من سورية وتنهب المساعدات التي كانت تقدم لهم، والآن سوف تتحجج بأعداد المهجرين المتضررين من الزلزال لتقيم مستوطنات وتسكن فيها مرتزقتها وتغير معالمها من البشر وحتى الحجر لتنهي الكرد وتستخدم السوريين طعما لتحقيق تلك المآرب، فلابد للتحرك أن يكون سريعا على المستويين الدولي والعربي بشكل خاص وتنبيهم بأن أي مساعدة تقدم للشعب السوري لإعمار المناطق المتضررة لن يصبَّ في مصلحة السوريين وانما لتحقيق مآرب أردوغان السياسية والترويج لحملته الانتخابية حتى ولو قامت على جماجم السوريين، فيجب على السوريين ان يفهموا بأن أردوغان ونظامه القائم لا يعملون لصالحهم، فالزلزال المدمر أظهر قبح صورته وكيف أنه فضل الأتراك عل السوريين في عمليات الانقاذ والمساعدات، حتى أنه أغلق المعابر في وجههم ولم يفتحها إلا بعد ضغوط دولية على حكومته المقيتة، أما آن للسوريين أن يعوا بأنه لم ولن يكون سندا لهم في المحن التي ألمت بهم وسوف تلم بهم, وإن السوريين أنفسهم بغض النظر عن أي طائفة أو مذهب او قومية هم صمام الأمان لسوريا تجمعهم وليست تركيا التي أنهت ثورتهم وفرقتهم وهجرتهم وجعلت الكثير منهم مرتزقة تنهش فيهم وبغيرهم، فالحل يكمن في السوريين أنفسهم, فالسوريون الأحرار سيترفعون عن الاستيطان في أرض ليست ملكا لهم، فالحر يأبى أن يكون عبداً في أي أرض مهما كانت الظروف قاهرة فهو حر والحر يتنفس الحرية والانسانية ولا يخنقها كي يعيش هو، فيجب إعمار سوريا باهلها لا باستغلالها من قبل أردوغان ومرتزقته ليصبح دائما وأبدا سيفاً مسلطاً على رقابهم يقطعها متى تسنح له الفرصة فلا تكن تلك فرصة له ولأتباعه كن إنسانا قبل كل شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى