أردوغان واستغلال كارثة الزلزال في حملته الانتخابية
أرجين ديركي
إنّ منطقة عفرين الواقعة في شمال غربي سوريا والتي تمّ طرد وتهجير أكثر من نصف سكانها الكرد الأصليين منها في العام 2018م، عندما احتلّتها تركيا وهجّرت سكانها منها وقامت بتوطين عوائل الفصائل المسلّحة والهاربين من ريف دمشق وحمص والجنوب السوري، عبر تسويات في أكبر عملية تغيير ديمغرافي ممنهج ومدروس تشهدها المنطقة منذ احتلال عفرين.
فهل من المعقول أن تقوم الفصائل المسلحة التابعة لأردوغان بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للكرد الذين ما زالوا موجودين في تلك المناطق المحتلة من قبلها، بعد تعرّضهم لأكبر كارثة (زلزال) إنسانية تُعتبَر الأفجع منذ أكثر من عقد من تاريخ الثورة السورية؟! هذا شبه مستحيل في الوضع الراهن، فالنظام التركي متمثلاً بأردوغان كان يبحث عن فرصة أتته على طبق من ذهب، ألا وهي الكارثة الهائلة “الزلزال ” لكي يلعب على أوتارها ويكمل ما خطّط له منذ احتلال عفرين التي تتألّم بحُرقة وتصرخ لمن يمدّ يد العون لها ولمئات العائلات التي ما تزال تحت الأنقاض في جنديرس دون أن نحرّك ساكناً، فالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أرسلت قافلة من عشرات الشاحنات وصهاريج الوقود إلى منطقة منبج، بغية العبور إلى مناطق سيطرة الفصائل المسلّحة المدعومة من تركيا بغية تقديم المساعدة الإغاثية والطبية للمناطق المنكوبة في شمال غرب سوريا، ولكن إلى الآن هذه الفصائل تمنع دخول هذه المساعدات لأنّها إن عبرت فهي اعتراف منها بشرقي الفرات حسب مفهومها السياسي، متناسية بأنّه في وقت الصراعات هناك هدنة بين المتصارعين لإغاثة الجرحى والمتضرّرين في هذه الصراعات .
فنظام أردوغان منذ تولّيه السلطة الذي امتهن القتل والتضييق والاعتقال ليس في شمال غرب سوريا والمناطق التي احتلّتها فحسب بل داخل أراضيها أي شمال كردستان التي تعرّضت للزلزال أيضاً، فقد تقاعس في عمليات الإنفاذ وتقديم المساعدة العاجلة للمناطق المنكوبة ذات الغالبية الكردية في المدن مثل “مرعش – ملطية – آمد وغيرها“ وملايين المتضرّرين الذين تُرِكوا في أوضاع مأساوية وفي العراء بدون مأوى أو طعام، فيما تقوم السلطات التركية بسرقة المساعدات المقدّمة من الدول الاوربية والعربية والاسلامية عبر مدّ جسور جوية لتوصيل المساعدات المادية والإغاثية والطبية .
فبالرغم من إمكانات تركيا الكبيرة والمساعدات الهائلة التي قُدّمت لها في اليومين الماضيين من أكثر من عشرين دولة أوربية وعربية بعشرات الطائرات المحمّلة بالمواد الإغاثية والطبية العاجلة وعشرات الطواقم الإغاثية والطبية المرافقة لها، ومع كل هذا الدعم فأردوغان لم يحرّك ساكنا بل على العكس من ذلك يقوم بتخزين المساعدات الإنسانية لكي يجعلها في خدمة حملته الانتخابية وتعبئة صندوقه المتهالك من انهيار اقتصاده وتدهور ليرته.
فقد كتب مايكل روبن السياسي الأمريكي السابق في عنوان (لا تدعوا أردوغان يستخدم مساعدات الزلزال لتركيا كسلاح) معنيا بالانتخابات حيث قال” نظرًا لاستعداد أردوغان لممارسة السياسة حتى في أكثر الاوقات غير المناسبة يجب على وزارة الخارجية الامريكية التأكّد من أنّ جميع الأتراك يمكنهم الوصول إلى مساعداتها وفقاً لاحتياجاتهم لأنّ أردوغان قد يميل إلى التلاعب بها وفقاً لعِرقهم أو سياساتهم.
فالكثير من المراقبين وحتى المعارضة التركية تتخوّف من تحويل هذه الكارثة والمساعدات المقدّمة إلى وسيلة لتحقيق غاياته في الانتخابات القادمة.
فقد رجّح العديد من العلماء والباحثين المختصين بأنّ أحد أهم أسباب الكارثة التي حصلت في تركيا والشمال السوري يعود إلى قطع مخصّصات سوريا والعراق حسب الاتّفاقيات الموقّعة بينهم من المياه وتخزينها في أكثر من مئتي سدّ على نهري الدجلة والفرات، حيث في سد أتاتورك وحده يتمّ تخزين أكثر من “48” مليار متر مكعب من المياه، ما أدّى إلى نشاط زلزالي في صفيحة أناضول الزلزالية التي تسبب بالكارثة والتي تُعتبَر أحد أنشط الصفائح التكتونية في العالم.
فالخلاصة يجب وجود مراقبين من الأمم المتّحدة أو المنظمات الانسانية المستقلّة على الأرض في كلّ من تركيا وشمال غرب سوريا؛ للتأكّد من أنّ أردوغان لن يحوّل المساعدات والأموال في الترويج لحملته الانتخابية، والتأكّد من أنّ المساعدات سوف تصل إلى كلّ المناطق المنكوبة بشكل عادل دون التفريق بين عرق أو مذهب على هذه الخريطة الجيوسياسية.