الانتخابات الرئاسية التركية والسيناريوهات المحتملة

الانتخابات التركية الرئاسية على الأبواب وقد حُدّدت في الرابع عشر من أيار القادم، وهي انتخابات تاريخية ومفصلية وأساسية لكل ّاللاعبين السياسيين على الجغرافيا التركية معارضة وموالاة لحزب العدالة الحاكم، حيث فرزت تحالفات تمثّلت بالطاولة السداسية المعارضة في مواجهة حزب العدالة والتنمية والأحزاب المستقلّة ،كل ّسيخوض معركة الانتخابات من خلال الناخبين حيث سيتوجّه ٥٦ مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار من يمثّلهم وستكون المعركة الانتخابية تنافسية بين الطرفين.

حيث تبدأ المعارضة برنامجها بإظهار الأزمات التي أوجدها حزب العدالة والتنمية داخلياً وإقليمياً ودولياً؛ فعلى الصعيد الداخلي حارب حزب العدالة والتنمية الصحافة واعتقل الكثير من الصحفيين وعمل على محاربة إبداء الرأي وأغلق الكثير من الصحف وزجّ النشطاء السياسيين في السجون وأغلق العديد من المدراس والجامعات، أمّا على الصعيد الاقتصادي فقد وصلت قيمة الليرة التركية مستويات قياسية متدنّية وارتفعت أسعار المواد الأوّلية والسلع الاستهلاكية الأساسية لحدود لا تُطاق وازدادت نسبة التضخّم واختلّ التوازن الاقتصادي في البلاد ممّا أضرّ بالعباد إضرارًا بالغاً، أمّا على الصعيد الإقليمي فقد تدهورت علاقة تركيا بالمنظومة العربية قاطبة؛ بسبب تدخّلها في كلّ من سوريا وليبيا ومصر والعراق بأجندات سياسية إخوانية غير مقبولة لشعوب المنطقة، ناهيك عن اختلاق الأزمة مع الجارة اليونان وتهديدها، أمّا على الصعيد الدولي فقد ابتزّ الأوروبيين بورقة اللاجئين كثيراً واختلف مع الولايات المتّحدة الأمريكية في أكثر من مجال لعل ّأبرزها شراء منظومة S400 كما أنّها عارضت دخول فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي تحت ذرائع مختلفة غير مقبولة؛ أي أنّها غيّرت بوصلة سياستها الخارجية من صفر مشاكل إلى خلق المشاكل، كلّ هذه الممارسات والأزمات هي أرصدة انتخابية في يد المعارضة في مواجهة حزب العدالة والتنمية.

أمّا حزب العدالة والتنمية فسيطرح برنامجه بسرد إنجازاته ما أمكن وكيف أنّه طوّر البلاد ودافع عن حقوق الشعب التركي و حمى الأمن القومي التركي، تبقى كلمة الفصل للوضع الاقتصادي الراهن الذي أرهق كاهل الشعب التركي وهذا الوضع ليس في مصلحة حزب العدالة والتنمية استناداً إلى استطلاعات الرأي والاستبيانات والمواقف الدولية والاقليمية والداخلية، والتي تشير إلى عدم قابلية حزب العدالة والتنمية على الفوز في هذه الانتخابات، والانتخابات بالنسبة لأردوغان انتخابات مصيرية لأنّه إذا فشل في الوصول إلى سُدّة الرئاسة فستنفتح عليه أبواب الجحيم داخلياً بالدرجة الأولى، لأنّ فترة حكمه تحمل في طيّاتها الكثير والكثير من ملفّات الفساد والتي ستقرّبه  من نهايته المحتومة وسيضع حدّاً لحكم أردوغان، فلذلك يحاول جاهداً استغلال كلّ فرصه واستثمارها لمصلحته في الانتخابات، وما هذه الكارثة التي عصفت في البلاد إلّا فرصة مناسبه للعزف عليها والاستفادة منها وتوظيفها بما أمكن، لكن برأيي المتواضع فإنّه  يحاول عبثًا لأنّ حجم الأخطاء المتراكمة على مدار عقود من الزمن كفيل بدحض  كلّ ما كان  يدّعيه وينادي به هو وصقوره في هيئة الرئاسة ،أمّا السيناريوهات المحتمَلة لهذه الانتخابات فلعلّ أوّلها فوز المعارضة رغم ضعفها ،وثانيها الاختلاف فيما بينهم لأنّهم ليسوا على قلب رجل واحد، لكن أردوغان وحده في جبهة واحدة ،وثالثها عدم تسليم أردوغان السلطة في حال فوز المعارضة، وإدخال البلاد في فوضى.

وفي هذا السياق وفي ضوء السياسة التي ينتهجها أردوغان داخليًا وخارجيًا فإنّ تركيا متّجهة نحو فوضى وعدم استقرار، وليس من المُستبعَد أن تشهد البلاد ما يُسمّى بربيع الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى