“الحوار الجادّ ” مع الإدارة الذاتية طوق النجاة لدمشق لتجاوز أزمتها الخانقة

أرجين ديركي

منذ الأسبوع الفائت تعيش المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق أزمة خانقة وشللًا كاملًا في مناحي الحياة، وخاصّة (النقل) الشريان الحيوي في المدن مع انعدام الكهرباء والمياه وتوقّف الاتّصالات في عدّة مدن سورية، ويُضاف إلى ذلك الانهيار والسقوط التاريخي للعملة المحلّية السورية المتمثّلة بالليرة، وسط أنباء عن إفلاس مصرف سوريا المركزي، هكذا تبدو الأوضاع في مناطق حكومة دمشق في الفترة الماضية.

وهو ما ينذر بانهيار اقتصادي حادّ خاصة مع إعلان  الحكومة عن تعطيل كافّة المؤسّسات والدوائر الحكومية لمدّة يومين  قابلة للزيادة؛ بسبب أزمة المحروقات التي تعاني منها المناطق التي تسيطر عليها دمشق، من هنا بدأت التقارير تخرج للعلن وتتحدّث عن كارثة  كبيرة قادمة سوف تحلّ بالملايين من السكان السوريين في المناطق الخاضعة لحكومة دمشق، حيث كشفت وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية بأنّ مصرف سوريا المركزي بات مفلسًا، الآمر الذي دفع المصرف لطلب قرض من روسيا والتي ردّت بالرفض؛ نتيجة الحرب الشرسة التي تخوضها روسيا في أوكرانيا والتي أرهقتها هي أيضا ماديًا وعسكريًا، ولذلك قد تعجز دمشق عن دفع رواتب موظّفيها العاملين لديها خلال فترة وجيزة قد تصل إلى  ثلاثة أشهر قادمة.

من جهته رفض المصرف المركزي السوري ما نشرته وكالة (“أسوشيتد برس) الأمريكية قائلًا بأنّه “يمتلك السيولة المالية اللازمة لدفع رواتب جميع الموظّفين والعاملين لديها، كما أكّد وجود مخزون كافٍ من القِطع الأجنبي والعملة الصعبة المتمثّلة بالدولار الأمريكي وغيرها.

فما بين الحديث عن عجز اقتصادي أصاب حكومة دمشق وتأكيد الأخيرة بأنّ الوضع على ما يرام، تبقى معاناة ملايين السوريين في الواجهة، مع افتقار المناطق الحكومية للخدمات الرئيسية والارتفاع الجنوني للأسعار، المترافق مع انهيار كبير لسعر صرف لليرة السورية التي تجاوزت عتبة ستة آلاف ليرة سورية للدولار الأمريكي  الواحد، حيث يبلغ متوسّط الراتب الشهري للموظّف (مئة ألف) ليرة أي حوالي (ستة عشر) دولارًا أمريكيًا، هذا ما يثير تساؤلات  لعلّ أبرزها: هل حكومة دمشق على أبواب انهيار اقتصادي بعد أكثر من عقد على عمر الثورة السورية؟ وثانيًا الاحتجاجات الأخيرة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، والتي قامت على خلفية سوء الأوضاع المعيشية والخدمية التي تعاني منها كافّة مناطق حكومة دمشق.

ومن هنا يأتي التساؤل مرّة أخرى عن “طوق النجاة” للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والخدمية الخانقة، والتي لم يعد يتحمّلها ملايين السوريين في مناطق سيطرة الحكومة، ما دفع الكثير من السكّان للجوء إلى المناطق الشرقية أو شرق الفرات التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والتي تتمتّع بوضع معيشي أكثر رفاهية مقارنة مع المناطق الأخرى التي تسيطر عليها الفصائل المسلّحة وتركيا من جهة، و حكومة دمشق من جهة أخرى.

وبحسب جميع المعطيات والوقائع، فإنّ الحلّ يكمن في الحوار بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، والجلوس على طاولة المفاوضات للوصول إلى حلّ يرضي الجميع، خاصّة ونحن نشهد أوضاعًا دولية مضطربة بشكل عام، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص، وجميع المكوّنات السورية بحاجة ماسّة اليوم إلى الخروج من هذه الأزمة التي عصفت بالجميع، وهذا ما يتطلب تغييرًا في الذهنية من قبل حكومة دمشق للحفاظ على ماء الوجه قبل فوات الأوان.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى