ثورة المرأة الكردية

كُرديار دريعي

خروج الشعوب الإيرانية الى الشوارع ضد نظام الملالي ليس سببه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المزرية , وإن كانت من الأسباب التي لا نستهين بها , وانما هناك سبب جوهري يختصر في  كلمة واحدة ( الحرية ) , هذه الكلمة التي يدرك الشعب الإيراني مثله مثل عموم شعوب الشرق الأوسط والشعوب المقهورة أن فقدانها تعني الموت حيا ونيلها ليس بالامر الهين في ظل الة القتل والبطش والقوانيين والشرائع التي جعلتها الأنظمة الديكتاتورية والنهابة لخيرات شعوبها سيوفا على رقابهم , وعندما يخرج الشعوب الى الشوارع ضد حرمانهم من الحرية , فعلينا ان ندرك بانهم ماعادوا يتحملون ذلك وماعادوا يفرقون بين الموت والعيش من دون الحرية فكلاهما سواء , لذلك فأن كل صرخة حرية في وجه تلك الأنظمة بحد ذاتها تعد جرأة كبيرة وتحد لجبروتهم , وبما أن اغلب تلك الأنظمة تدرك ان مجرد  تحطيم  الشعوب لحاجز الخوف منهم سيعني انهيار انظمتهم وبالتالي دفع ثمن كل عهرهم السياسي ومماراساتهم القمعية وتشيئهم لشعوبهم واعتبارهم حاشية وعبيد لخدمة رفاهيتم وراحتهم ومصالحهم . وبعيدا عن كل الأمثلة التي لا ذلنا نعايش بعضها من الأنظمة القمعية وذهنياتهم الدموية وخروج الشعوب ضدهم وتقديم الالاف من الضحايا لنيل حريتهم , فاننا سنسلط الضوء على ايران وما تشهده اليوم من ثورة أو بداية لثورة ربما لم تألفها الأنظمة الإقليمية وحتى الدولية , وهي ثورة المرأة عامة وثورة المرأة الكردية خاصة التي نشهدها اليوم في ايران حيث نظام حكم الله على الأرض .  ليس في كردستان الشرقية فحسب وانما في عموم أجزاء كردستان ومنذ التقسيم الأول  لجغرافيته  بعد معركة جالديران 1514 ومن ثم سايكس بيكو 1917  لم يستكن الشعب الكردي للعبودية التي فرضتها الامبراطوريات والدول والأنظمة المتعاقبة عليه بغية القضاء عليه ثقافة ووجودا و انما خاض تمردات وثورات اغرقت في الدماء وتعرض نتيجة لذلك للابادات والقمع والصهر حتى باتت كردستان ارضا للموت والقتل اليومي على يد تلك الانطمة , سواء في باكور او باشور او غرب او روجهلات كردستان  . فبالنسبة لكردستان الشرقية (روجهلات )   يعتبر الكرد ثاني مجموعة عرقية بعد الفرس والأذربيجانيين وعددهم يتراوح مابين  10 -15 مليون نسمة   وتعرضوا للمجازر والابادات  منذ الحكم الصفوي  ففي (1514 – 1576) قام الصفويون  بتدمير معظم القرى الكردية، وتهجير ساكنيها  للقضاء على اية محاولة للاستقلال بشؤونهم واماراتهم وتعد “ملحمة دمدم” واحدة من أهم المعارك التاريخية الموثقة ووقعت عام 1609 على اطراف بحيرة اورمية. وغيرها من المقاومات والتي تواصلت حتى يومنا هذا من ثورة سمكو شكاكي بعد الحرب العالمية الأولى وحتى ثورة مهاباد 1945 وما تلاها من ثورا ت ومقاومات  حتى اندلاع ثورة  1979 ضد نظام الخميني الذي اعلن الجهاد المقدس ضد الكرد  والذي قمع بالحديد والنار.

لماذا هي ثورة المرأة الكردية؟

الواقع الكردستاني المقسم بين الأنظمة الإقليمية وكما ذكرنا لم يكن من الممكن قبول الكرد بها لذلك  قامت الثورات والانتفاضات في عموم أجزاء كردستان وتشكلت الأحزاب الكردية التي سعت دائما الى إيجاد حل للقضية الكردية  ولكن اغلب تلك الثورات والأحزاب التي تشكلت كانت ذو سمة ذكورية على الاغلب قيادة وأعضاء رغم مشاركة النساء في بعضها , غير انها لم تشارك وفق طابعها الانثوي وخصوصيتها أو كطرف أساسي ومستقل وانما كاي عضو اخر  وفق سياق الثورة او الحزب غير أن التغيير الذي حدث في واقع الأحزاب الكردية هو ظهور حزب العمال الكردستاني في شمال كردستان وفق نهج ماركسي بزعامة  أسير الحرية في امرالي عبدالله اوجلان وهي شخصية كاريزمية سرعان ما تحول الى ملهم لجيل جديد من الثوريين الكرد سنة 1978  ، واهتم كثيرا بقضية المرأة وتحررها واهمية دورها الريادي في الثورة , اذ لم يكتفي بمجرد مشاركتها في الثورة وانما قيادة الثورة وتحولها الى كيان سياسي وعسكري وفقا لخصوصيتها واستقلالها حتى باتت السمة الأساسية لحركة التحرر الكردستاني والتي انعكست على ثورة 19 تموز في روجافاي كردستان لتكون الثورة ثورة المرأة سياسيا وعسكريا واجتماعيا ولتتحول المرأة الكردية الى نموزج لنساء العالم , وباعتقادي ان ما شهدته التطورات في روجافاي كردستان على مر السنوات الماضية وبروز المرأة الكردية محليا وعالميا كقوة ثورية رائدة وطليعية وقائدة للمرحلة , الهمت  الثورة الحالية في روجهلات كردستان وايران ويكفي أن نتأمل شعار ثورتهم ( جن ,جيان , ازادي  ) وهو من صلب أفكار وفلسفة اسير الحرية  عبد الله اوجلان  وثورة روجافا  , فالعالم يتقدم والجيل الجديد سواء في ايران عامة أو في كردستان الشرقية يتابعون التغييرات والتطورات في الشرق الأوسط وما حولهم وما أنجزته المرأة في غرب كردستان وبعض المناطق الأخرى من حولنا , وما عادوا يرضون بغير الحرية بعيدا عن ذهنية القرون الوسطى وحكم الملالي المتخلف , لذلك نشهد اليوم بان اغلب المنتفضين في عموم ايران وكردستان هم من الفتيات والشبان من الجيل الجديد  جيل ثورة المرأة , جيل فلسفة القائد اوجلان ( جن جيان أزادي )في وجه الة الموت لنظام الملالي الذي يعد كل معارض لتخلفه وقمعه وسطوته معارضا لله وعدوا لله ومحاربا ضد الله ، نعم انها ثورة المرأة وبقيادة المرأة الكردية الحرة  وهن يحاربن  من اسموا انفسهم ظلال الله على الأرض.

المقالة تعبر عن رأي الكاتب

زر الذهاب إلى الأعلى