العملية العسكرية لتعزيز الأمن في دير الزور

ما إن بدأت قوات سوريا الديمقراطية عملية تعزيز الأمن أو الإصلاح الأمني في عموم مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وبالأخص في منطقة دير الزور، حتى بدأت الماكينة الإعلامية للأطراف المعادية للإدارة الذاتية استغلال القتال ضد عناصر داعش لتعزيز الأمن فيها لتحويلها إلى فتنة طائفية تهدف لإحداث اقتتال كردي عربي في المنطقة تصب في خدمة أجنداتهم الضيقة في المنطقة.

كانت منطقة دير الزور “الباغوز” آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي وفيها تم القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لذا فإن المنطقة والبادية السورية تكثر فيها خلايا التنظيم الإرهابي، كما تعتبر منطقة دير الزور ذات الأغلبية العربية خليط متنوع من الانتماءات السياسية فالقسم الأكبر يدعم قوات سوريا الديمقراطية ويؤيد عملية تعزيز الأمن في مناطقهم، وأطراف مرتبطة بالأجندة التركية ولها ارتباطات قوية بخلايا تنظيم داعش الإرهابي، وأطراف مرتبطة بالنظام وبإيران خاصة بعد عملية التشييع الكبيرة التي تحدث في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في دير الزور وريفها الغربي. هذه الأطراف عدا المؤيدة لقوات سوريا الديمقراطية تحاول توجيه البوصلة نحو اقتتال كردي عربي أو لحرب طائفية في المنطقة، تستطيع من خلالها إضعاف الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية قسد وتمكنها من فرض أجندتها في المنطقة.

إن العملية العسكرية التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور معظم مقاتليها من عرب المنطقة ومعظم شيوخ العشائر العربية مؤيدة لها، لذا فإن قيادة مجلس سوريا الديمقراطية كرداً وعرباً وآشوريين وسريانيين يدركون تماماً خصوصية المنطقة وإن الأطراف المعادية لها لن تتوانى لإحداث فتنة طائفية في المنطقة، خاصة إن النظام قد نجح إلى حد ما في خلق فتنة عربية كردية بعد أحداث 2004 وما تزال الأطراف المعادية تلعب على هذا الوتر، ولا يتوقف الأمر عند خلق فتنة كردية عربية بل تسعى تلك الأطراف المعادية للإدارة الذاتية لخلق فتنة عربية عربية “فتنة عشائرية” في المنطقة.

إن الانتهاكات التي قامت بها بعض الأطراف المؤيدة للنظام وإيران وتركيا “فرض اتاوات وعمليات تهريب للأسلحة والمخدرات واغتيالات بحق شخصيات مؤيدة أو مرتبطة بالإدارة الذاتية إلى جانب تنامي خلايا داعش” أثرت على الوضع الأمني في المنطقة، ما دفع بشيوخ العشائر العربية لتأييد قوات سوريا الديمقراطية لعمليتها بتعزيز الأمن في مناطقهم وتطهيرها من تلك الآفات. لذا فإن قوات سوريا الديمقراطية ما تزال مستمرة بعمليتها الإصلاحية حتى يتم تطهير المنطقة واعتقال جميع من يحاول المساس بالنسيج الاجتماعي وقطع الطريق أمام أي محاولات من أي جهة تحاول لخلق فتنة في المستقبل وموقفها ثابت في هذا الخصوص بحماية المنطقة ومواجهة أي محاولة لخلق فتنة.

فالنظام الذي ينوء تحت أعباء ثقل الأزمة الاقتصادية الخانقة والاحتجاجات التي بدأت تظهر في مختلف مناطق السورية القابعة تحت سيطرته وما يحدث في السويداء احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية والمعاملة السيئة لأجهزة النظام، والتي تحولت إلى دعوات للتغيير النظام، يرى إلى جانب روسيا وإيران بأن إثارة فتنة طائفية بين الكرد والعرب عبر عدد من الشيوخ المؤيدين له في دير الزور، سيخفف الضغط الشعبي عليه وبالتالي فإنه يعتقد بأن أي حرب طائفية في مناطق الإدارة الذاتية كردية عربية إلى جانب تحريك ميليشياتها مما يسمون بالدفاع الوطني لزعزعة استقرار المنطقة ستمنحه القوة للعودة إلى المنطقة والسيطرة عليها وإجبار الولايات المتحدة للانسحاب من سوريا.

أما بالنسبة لتركيا فلم تتوانى في استغلال ما يجري في منطقة دير الزور لشن عمليات عسكرية إرهابية ضد مجلس منبج العسكري ومحاولات لاحتلال بعض القرى في منطقة منبج وتوسيع نطاق عملياتها العسكرية الإرهابية في مناطق الإدارة الذاتية لصرف انتباه قوات سوريا الديمقراطية عن عمليتها لتعزيز الأمن في دير الزور وباقي المناطق من جهة، ومن جهة أخرى لصرف أنظار العالم عن عمليات التغيير الديمغرافي التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة لضم الشمال السوري لدولة الاحتلال التركي بشكلٍ كامل.

وفي هذا السياق الضيق إن نجاح قوات سوريا الديمقراطية في عمليتها الإصلاحية ستجنب منطقة دير الزور بشكل خاص وعموم مناطق الإدارة الذاتية من فتن مستقبلية كردية عربية – وعربية عربية، فالأطراف المعادية للإدارة الذاتية لن تتوانى لخلق فوضى أمنية في المنطقة والخاسر الأكبر هم مكونات المنطقة “عرباً وكرداً وسرياناً وآشوريين” وتفسح المجال لدولة الاحتلال التركي وخلاياها من تنظيم داعش لاحتلال مناطق جديدة أو تسمح للنظام والروس والإيرانيين من فرض وصايتهم على المنطقة ونهب خيراتها كما حدث في عموم مناطق سيطرة النظام، كما أن سقوط شهداء من المدنيين في ريف دير الزور دليل على أنَّ لتلك الأطراف المعادية يد فيها لاستجرار المدنيين للانخراط في القتال لتسريع إحداث فتنة عربية كردية وعربية عربية في المنطقة. لذا فإن استقرار مناطق شمال وشرق سوريا ونجاح عملية تعزيز الأمن التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية هو استقرار لكامل الأراضي السورية وتمنع من دخول سوريا في أزمة جديدة تزيد من معاناة الشعب السوري الذي يئن تحت سياط الفقر المتقع وسد منيع أمام الأطماع التركية في تقسيم سوريا وضم الشمال السوري للأراضي التركية.    

     

زر الذهاب إلى الأعلى