الائتلاف الوطني وإعادة التدوير

تتواصل المعطيات على أرض الواقع والتي ترسخ فكرة عدم وجود قوة سياسية معارضة قادرة على تحقيق آمال وتطلعات الشعب السوري وبلا شك فإن هذه المعطيات تدفع بالغرب في البحث ودراسة المقومات المناسبة لإيجاد خطط وأجسام بديلة تكون قادرة على تمثيل إرادة الشعوب المعارضة السورية والتي ارتدت ثوب الإسلام السياسي فشلت وانحرفت عن المسار الذي كانت تسير عليه بسبب الخضوع الكامل لتركيا وقطر الراعيين الأساسيين للمعارضة وفيما تحاول الأطراف الراعية لها المتمثلة بـ قطر وتركيا لاحتوائها ومحاولة إعادة تدويرها بشكل يتقبله الغرب.

إن الوثيقة التي جرى تسريبها في وقتٍ سابق حول تغيير الائتلاف الوطني من الاستراتيجية التي يتبعها في سوريا دفعت بتشكيل صيغة حول إمكانية تغيير الائتلاف الوطني المسار الذي كان ينتهجه، إذ تضمنت الوثيقة المتداولة إحدى أهداف الائتلاف وهي تغيير سلوك النظام مخالفةً بذلك الأهداف التي كان قد تأسس من أجلها والتي كانت تتمحور حول إسقاط النظام، و ترافقت هذه التغييرات في الوقت الذي شهد فيه ميناء اللاذقية غارة إسرائيلية حيث غارة أحد مكونات الائتلاف الوطني استنكار هذه الهجمة وهو تنظيم الإخوان المسلمين، وبالطبع فإن هذا التغيير المفاجئ في توجه الإخوان المسلمين من خلال مغازلة التيار الإيراني في الداخل السوري يعود لانسداد الأفق أمام الائتلاف الوطني.

من جانبٍ آخر جاء الاجتماع الذي عقده مسؤولون بارزون في الحكومة التركية مع سالم المسلط رئيس الائتلاف الوطني لتبين الوثيقة المسربة من الاجتماع مدى الشرخ الذي قد أصاب الائتلاف والانقسام الذي يعانيه الائتلاف الوطني بين مستعدين للتفاوض والرافضين رغم المعوقات التي يظهرها النظام وطرف آخر متعصب يرفض كل أشكال التغير وبالطبع فإن هذا الانقسام أدى بشكل كبير إلى التأثير على الحكومة المؤقتة للائتلاف وفشل المؤسسات التي تديرها في المناطق المحتلة من الشمال السوري.

وتأكيداً على مدى الانقسام الذي بدأ يظهر للعيان داخل صفوف الائتلاف الوطني المعارض أظهرت التصريحات التي كانت تبديها شخصيات محسوبة على الائتلاف الوطني حيال المبادرة التي طرحها المبعوث الرسمي للشأن السوري “غير بدرسون” حول مبادرة “خطوة بخطوة”  عدم تجانس واضح في صفوف الائتلاف حول ، ناهيك عن محاولات بعض الشخصيات التأكيد على الرغبة في الاستمرار فيما يتعلق باللجنة الدستورية بالرغم من التصريحات القاسية من قبل الجانب الروسي في التشبث ببعض الخطوط الحمراء والتي كان يرى فيها الائتلاف متطلبات لضمان سير المفاوضات مع النظام السوري.

وعلى أثر الامتعاض الذي أبداه الغرب من التخبط الذي تعاني منه المعارضة السورية وبما فيهم الائتلاف الوطني في الوقت الحالي جاء التلويح الغربي بوجود بديل حي من الممكن أن يكون النواة لمعارضة بديلة للائتلاف الوطني وللمعارضة السورية حيث تناولت بعض الشخصيات الغربية صيغة من الممكن أن يتم تحقيقها وهي توحيد الشمال الشرقي من سوريا والشمال الغربي في ظل الانفتاح الدبلوماسي الذي أجراه الغرب في التعامل مع الإدارة الذاتية  فيما كان قد نوه الباحثان أحمد طرقجي الذي عمل سابقا رئيسا لتحالف الإغاثة الأميركي من أجل سوريا، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها واشنطن، ومحمد بكر غبيس رئيس منظمة “مواطنون من أجل أميركا آمنة وسالمة” في الولايات المتحدة، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية، لإمكانية حدوث تقارب سياسي أو اقتصادي يكون تمهيداً لتشكيل جسم بديل للمعارضة السورية من خلال توحيد الشمال السوري .

وبهدف تدارك حالة الاستياء في الغرب تجاه المعارضة السورية في عدم قدرتها على التأثير ومحاولة لحفظ ماء الوجه جاء الاجتماع الذي نظمته شخصيات معارضة وبتنسيق تركي قطري في الدوحة وكانت من أبرز التوصيات التي نتجت عن الاجتماع تبني الخطاب الروسي التركي الإيراني حيال المناطق الساخنة في سوريا وبشكل خاص شمال شرق سوريا ومحاولة أيضاً لإرضاء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من خلال التأكيد على دور المعارضة السورية في تطبيق القرار 2254.

زر الذهاب إلى الأعلى