السعودية ودورها في شمال وشرق سوريا

زار وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان شمال وشرق سوريا بتاريخ الرابع عشر من حزيران المنصرم، حيث ألتقى بقيادة قوات سوريا الديمقراطية وعدد من رموز العشائر العربية في دير الزور والرقة بحضور المستشار لقوات التحالف الدولي ويليام روباك، وتعتبر هذه الزيارة الثانية لسبهان إلى المنطقة ” الأولى في تشرين الأول 2017″، حيث حملت هذه الزيارة العديد من الدلالات التي ترتبط بالتطورات والمستجدات التي تحدث في سوريا والشرق الأوسط، مع تأكيد الوزير السبهان على دعم الاستقرار في المنطقة و إعادة تأهيل البنى التحتية للمنطقة.
وتأتي هذه الزيارة بعد الاحداث التي شهدتها مدينة الرقة وريف دير الزور من توترات واحتجاجات قامت بها مجموعة من بعض العشائر التي ماتزال مرتبطة بأجندة خارجية “تركيا وإيران” أو حتى من قبل النظام، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وضرب المشروع الديمقراطي وأخوة الشعوب حيث لا ترغب هذه الاطراف بأن تنعم تلك المنطقة بالأمن والاستقرار وبإطالة الازمة السورية التي تخدم مصالحها في المنطقة. كما تأتي هذه الزيارة في فترة تشهد تدهوراً في العلاقات السعودية التركية والصراع السعودي الإيراني على المنطقة وسوريا خاصة، وتراجع الدور السعودي في الأزمة السورية وسيطرة تركيا على مجاميع التنظيمات الإرهابية وتسخيرها لخدمة مصالحها ويعود تراجع الدور السعودي في الأزمة السورية إلى:
1- التدخل الروسي المباشر في الأزمة السورية منذ 2015 والعلاقات الروسية التركية الإيرانية وعدم إشراك المملكة في العملية السياسية حول سوريا “مؤتمرات آستانة واجتماعات سوتشي”.
2- تراجع التنظيمات التي كانت تدعمها السعودية في سوريا “جيش الإسلام” وتفككها وسيطرة تركيا على مجاميع التنظيمات الإرهابية في سوريا.
3- تراجع اهتمام المملكة بالأزمة السورية بسبب انشغالها بالأزمة اليمنية وسيطرة الحوثيين على اليمن وتهديدهم للأمن القومي السعودي، والخلافات السعودية القطرية ودعم الأخيرة لجماعة الإخوان وعلاقاتها مع تركيا.
وترغب المملكة بإعادة تفعيل دورها في حل الأزمة السورية ولكن هذه المرة بالتحالف مع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية وذلك من خلال دعم مكونات المنطقة وبالأخص العشائر العربية “عشائر الرقة ودير الزور” وتقوية علاقاتها مع تلك العشائر وذلك لمنع تركيا والنظام من استخدامهم وفقاً لأجندتهما والتي ستؤثر على أمنها القومي ” التمدد الإخواني من قبل تركيا” و “التمدد الشيعي من قبل إيران “. لذا ترى المملكة في نجاح تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ونجاح قوات سوريا الديمقراطية في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وضد التنظيمات الإخوانية وخروجها من الحرب أقوى مما مضى، طريقاً للحصول على موطئ قدم لها في الأزمة السورية وإقامة علاقات مع الإدارة الذاتية وقسد خدمة للطرفين والمنطقة ضد تركيا الإخوانية وإيران الشيعية.
وثمة توافق موجود سابقاً بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية حول مسار الحل السياسي في سوريا والمتمثل أولاً بخروج المليشيات الإيرانية من سوريا وضرب الحركات الإرهابية والمتطرفة ومحاربتها سياسياً. لذا تشير هذه الزيارة إلى عدة دلالات وأهمها:
أولاً: الزيارة تحمل دلالة سياسية مهمة تفيد بالرغبة السعودية والخليجية لدعم مجلس سوريا الديمقراطية وقواتها العسكرية في ظل التهديد التركي للمنطقة، وذلك على خلفية الخلافات التركية الخليجية ودعم تركيا للإخوان المسلمين، ومن الممكن أن تؤدي العلاقات بين مجلس سوريا الديمقراطية والخليج في الوصول إلى تحالف استراتيجي برعاية امريكية
ثانياً: إن هذه الزيارة كانت بمثابة رسالة إلى إيران والنظام السوري بأن السعودية ستدعم الرؤية السياسية لمجلس سوريا الديمقراطية حول الأزمة السورية.
ثالثاً: إن تواجد المستشار في التحالف الدولي مع الوزير السعودي يشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى ممارسة الضغط السياسي على تركيا لسياستها المعادية لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وشرق الأوسط من خلال العمل على تهيئة وترتيب العلاقات بين دول الخليج ومجلس سوريا الديمقراطية.
رابعاً: تتعلق بالصراع الأمريكي والإيراني في المنطقة في إشارة من الولايات المتحدة الامريكية إلى إيران بأنها قادرة على إرساء علاقات متينة هدفها إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا.
أما بالنسبة لحضور المستشار الرئيسي للتحالف الدولي لمحاربة داعش ويليام روباك الاجتماع الذي حصل بين قوات سوريا الديمقراطية والوزير السعودي فيهدف إلى حشد الدول الإقليمية حول مجلس سوريا الديمقراطية لتقديم الدعم السياسي لهذا المجلس، وتذليل العقبات التي تعترض سياستها حول سوريا وإضعاف المسار السياسي في الأستانة وهذا يعني إرضاخ إيران وروسيا والنظام السوري في ظل مقاطعة السياسية الإقليمية لإيران والنظام السوري.
وتكمن أهمية الزيارة في أنها أول دولة إقليمية تزور المنطقة التي تشهد للتو الاستقرار والأمن، في ظل الحرب العدائية السياسية العنيفة من قبل تركيا وإيران وقطر للمملكة السعودية ومنطقة شمال وشرق سوريا وإدارتها الذاتية الديمقراطية والذي قد يؤدي إلى توافق في الرؤى بين المملكة والإدارة الذاتية في الوقوف في وجه هذه القوى المعادية للمنطقة، والتي من شأنها أن تعَزز العلاقات أكثر وتصل إلى مستوى استراتيجي.

                                                                                       

زر الذهاب إلى الأعلى