الأزمة الاقتصادية في شمال وشرق سوريا

 

رابرين علي

يمر العالم اليوم بأزمة اقتصادية وبخاصة مع تفشي جائحة فيروس كورونا منذ سنتين وما تبع ذلك من آثار اقتصادية ضخمة شلت اقتصادات الكثير من دول العالم الذي لم يكد يجد طريقه للتعافي من أزمات التضخم وارتفاع الأسعار لتأتي الحرب الروسية الأوكرانية وتعرقل هذا التعافي وهو ما انعكس في زيادة أسعار الطاقة وأسعار المواد الغذائية

ومما لا شك فيه فقد انعكست تأثيرات هذه الحرب على كل دول العالم وخاصة على سوريا التي أدت الحرب فيها منذ أكثر من عشر سنوات إلى تمزيق اقتصاد البلاد وعانت لاسيما خلال السنتين الماضيتين من هزات اقتصادية عنيفة ابتداء من أزمة المصارف في لبنان وأزمة جائحة كورونا وانتهاء بفرض العقوبات الأمريكية المتمثلة بقانون قيصر والأخطر من كل ذلك منح النظام السوري قطاعات استراتيجية في البلاد لحلفائه الروس والإيرانيين مثل استثمار الفوسفات وميناء طرطوس   

كل ذلك تسبب في انهيار سريع لقيمة الليرة أمام العملات الأجنبية وبالتالي انخفضت القيمة الشرائية للرواتب وسط تراجع القوة الشرائية في ظل مستويات عالية من التضخم   لتصبح حياة المواطن أشبه بمعركة للحصول على ما يسد رمقه

وتعد مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا الأقل تضرراً اقتصادياً نتيجة للاستقرار النسبي الذي حققته الإدارة الذاتية الديمقراطية، حيث عملت مؤسساتها على إعادة إعمار الكثير مما دمرته الحرب إلا أنها لم تسلم هي الأخرى من هذه التداعيات وخاصة بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ وانهيار قيمة الليرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي خلقت حالة من عدم الاستقرار  الاجتماعي فقد شهدت مناطق في ريف دير  الزور  والرقة والحسكة احتجاجات تطالب بتحسين الوضع المعيشي.

حيث استمرت المظاهرات وعلى وتيرة أسرع مترافقة مع أعمال شغب وتخريب وقطع للطرق ورفع شعارات مناهضة للإدارة واتهامها بعد م منح العشائر العربية أية صلاحيات لإدارة المنطقة مما تبين جليا أن ثمة أياد وجهات خارجية استغلت ما حدث، لخلق فتنة بين المكونات، لا سيما من خلال شعارات قوموية. وما إلى ذلك من ذرائع طبخت في دوائر الاستخبارات التركية، والميليشيات الإيرانية والنظام السوري، وغيرهم ممن يحاربون هذه الإدارة وإنجازاتها

وقد جاءت هذه الاحتجاجات مع تصعيد تركيا لهجماتها في شمال شرق سورية وظهر هذا في  استهدافها لمسؤولي الإدارة من المدنيين والعسكريين  وكذلك استهدافها المتكرر لعين عيسى وتل تمر والقيام بحفر الخنادق في مناطق سري كانيى – تل تمر وكري سبي وعين عيسى 

تضعنا هذه الظروف والتحولات أمام مسؤوليات كبيرة في المرحلة المقبلة تتعلق بحالة الأمان التي تتمتع بها مناطق الإدارة الذاتية، فإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية يجب أن تكون مبنية على استراتيجيات جدية تضع في الاعتبار الأسباب التي أدت إليها، من هنا نرى أنه من الضرورة على الإدارة الذاتية أخذها بعين الاعتبار لتفادي نتائج قد لا تكون بالحسبان وقطع الطريق أمام المخططات التي تستهدفها، أو التي تتحين الفرص لاستهدافها.

زر الذهاب إلى الأعلى