استراحة محارب مرتزق

بهدف شرعنة وتعزيز نفوذها في المناطق المحتلة ولاسيما منطقة عفرين، قامت تركيا بإجراء بعض التغيرات والتعديلات كعمليات الدمج والعزل ضمن صفوف المجموعات العسكرية المرتزقة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
فقد تم دمج عدة فصائل مسلحة ضمن ما يسمى بالقيادة الموحدة “غرفة العزم” ضمن ما يسمى الجيش الوطني السوري”، وهم: فصيل ” العمشات”، فيلق الشام، قطاع الشمال، لواء السلام، الفرقة الثانية المشكّلة من جيش النخبة واللواء-113، فيلق المجد، الفرقة-13 المشكّلة من فرقة السلطان محمد الفاتح ولواء سمرقند” ولواء الوقاص.
فعملية تشكيل جسم عسكري تلك أدت إلى تعميق حدة الصراع بين الفصائل المسلحة، وعلى رأسها مرتزقة العمشات، ومع تزايد حجم الانتهاكات التي ارتكبت من قبك ذاك الفصيل، تم تحويل قضية “أبو عمشة” إلى لجنة قضائية مؤلفة من 7 شيوخ، وتتمتع بإصدار الأحكام الشرعية والقانونية حيال قضايا الانتهاكات والفساد التي تقوم بها الفصائل المسلحة في المناطق المحتلة، بحسب زعمهم.
وأصدرت اللجنة قراراً يقتضي بعزل المرتزق محمد الجاسم ” أبو عمشة” عن مهامه ومنعه عن تقلده أي منصب برفقة 7 قياديين آخريين ضمن ما يعرف الجيش الوطني السوري.
وفي أعقاب ذلك، شهدت ناحية شية/ شيخ الحديد (حيث يتواجد أبو عمشة) توترات وصراعات بين مرتزقة العمشات ومرتزقة غرفة ” العزم”، ورفض أحد قيادي فصيل العمشات قرار اللجنة عبر بيان جاء فيه:” بأن قرار اللجنة المفوضة غير عادلة ولا يستند إلى الأدلة والإثبات، وبعيدة عن الأحكام الشرعية، مطالبين اللجنة بإعادة النظر في قضية “أبو عمشة”، بينما أقرت ما يسمى القيادة الموحدة ” غرفة العزم” قرار اللجنة بالنزاهة، وأعلنت التزامها بالقرارات.
إن السياسة الخفية وراء هذا القرار، ترتبط مخطط التحايل على المهجرين لإقناعهم بالعودة، برعاية بعض قيادات المجلس الوطني الكردي، وفي مقدمتهم عبد الحكيم بشار، الذي دعم وروج لمخطط ذاته، وبما أن جرائم أبو عمشه كانت من إحدى العوائق في عودة المغررين بهم، لذا وجب تغييبه عن المشهد مؤقتاً، وليس محاكمته كما تقتضي هكذا حالات.
ومن المحتمل أن تبدأ دولة الاحتلال استراتيجية جديدة في إطار عمليات التغيير الديمغرافي التي تنفذها الدولة التركية مع مرتزقتها في المناطق المحتلة، لذلك قد يأتي الدور على زعماء آخرين لإظهار الدولة التركية كضامن لدى المجتمعات المحلية القابعة تحت الاحتلال.
ويذكر بأن “أبو عمشة” يحظى بدعم مباشر من قبل دولة الاحتلال التركي، واقترن اسمه بالإرهاب والتطرف، لاسيما خلال الهجوم على عفرين عام 2018 ، حيث فرضت مرتزقة “العمشات” سيطرتها على ناحية شيه/ شيخ الحديد في منطقة عفرين المحتلة، وعرف عن مجموعات أبو عمشة بأنها من أكثر الفصائل إجراماً وإرهاباً بحق الكرد بدعم ومساندة من دولة الاحتلال التركي، وتجسد ذلك في عمليات القتل والاغتصاب والتنكيل بالمدنيين والاعتقالات التي طالت الكرد في شيخ الحديد، فضلاً عن ملف الفساد، وتدمير الإرث التاريخي والحضاري عبر نبش وتهريب الآثار إلى الخارج، والمتاجرة بالأسلحة والمخدرات، وارتكاب أبشع جرائم الحربية والسطو والسرقات تنفيذاَ لأوامر الاستخبارات التركية، وهنا يبرز السؤال: هل ستجد تركيا مرتزقاً جديداً ليمارس دور أبو عمشة التركماني المخلص، أم ما هي استراحة لمرتزقها المدلل؟.

زر الذهاب إلى الأعلى