أطماع أردوغان وأهدافه

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 9/ 10/2019 بدء العدوان التركي على شرقي الفرات، وذلك بعد يومين من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب عدد من جنوده من نقاط المراقبة على الحدود السّورية التّركية.

جاء هذا العدوان بعد تهديداتٍ تركيةٍ متواصلة بشن هجوم على شرقي الفرات متذرعة بحجج واهية لا يقبلها أي عاقل لأنها كانت غطاءً لأسباب بعيدة وعديدة سنحاول ذكر أبرزها.

أولى هذه الأسباب هي محاولة أردوغان إلهاء الشارع التّركي عن إخفاقاته المتواصلة ومنها التدهور الاقتصادي المتمثل بانخفاض قيمة الليرة التركية بسبب تدخلاته المخفقة في قرارات البنك المركزي مما أدى إلى إضعاف البنية الاقتصادية التركية.

ثاني هذه الأسباب: الطبيعة التوسعية التي قامت عليها الدولة التركية. فالجميع يدرك أن تركيا هي دولة غزو واحتلال لا حدود ثابته لها. والميثاق الملّي الذي صدر عام 1920 يحوي خريطة تركية يعمل أردوغان الآن على تحقيقها والتي تشمل شمال كل من سوريا والعراق بحيث تشمل حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا ومنابع النفط في الجزيرة السورية إضافة إلى الموصل وكركوك في العراق. وقبرص وجزر بحر إيجة

هذا الميثاق (الملي) لاقى رفضاً دولياً آنذاك فما كان من حكومة أتاتورك وقتها إلا التوقيع على معاهدة لوزان عام 1923 والتي ترسم الحدود الحالية لتركيا. هذه المعاهدة التي ينتهي العمل بها عام 2023 مع انتهاء ولاية أردوغان.

لذا نلاحظ أن أردوغان يحاول وبكل الأساليب والسبل العمل على تهيئه الظروف لإعادة إحياء الميثاق الملي مع انتهاء معاهدة لوزان وذلك بتهيئة الظروف الملائمة لبعثها من جديد وما العدوان على شمالي سوريا والتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص وقصفه المتواصل على باشور كردستان إلا مؤشرات على نواياه التوسعية الحقيقية. ويوضح أردوغان ذلك من خلال الحديث عن الخدمات التي سيقدمها للسكان بعد انتهاء العملية. وكأنها ستصبح أرضاً تركية.

والسبب الثالث وهو من الخطورة بمكان. فهو إحداث تغيير ديموغرافي في شمال شرق سوريا من خلال بث الإرهاب والرعب في نفوس الأهالي وإخلاء المنطقة من سكانها الكرد الأصليين وتوطين المرتزقة وعائلاتهم إضافة إلى اللاجئين السوريين من مناطق أخرى في شرقي الفرات. وهذا يبدو واضحاً من خلال حديث عمدة عينتاب آمنة التي أيّدت العملية التركية لإنشاء منطقة حسب زعمها لينتقل إليها نصف اللاجئين المتواجدين في عينتاب ويبلغ عددهم ما يقارب النصف مليون لاجئ.

كل هذه الأسباب غلفها أردوغان ووضعها أمام المجتمع الدولي بذريعة حماية بلده من الإرهاب رغم أن الجميع يدرك تماماً أنه لم تطلق رصاصة واحدة من الأراضي السورية باتجاه تركيا.

إن تنديد وشجب العالم لهذا العدوان لا يكفي، فدول العالم مطالبة الآن باتخاذ موقف حاسم تجاه هذا العدوان، وليس بشعارات وتصريحات خجولة لا ترقى إلى ما تفعله تركيا بشعب ضحى بزهرة أبنائه لسلامة المجتمع الدولي.

د. أحمد سينو

زر الذهاب إلى الأعلى